الحوثيون يعاقبون السكان برفع أسعار غاز الطهي 70 ‎%‎

الجماعة منعت دخول الشحنات القادمة من مأرب

يمنيون ينتظرون الحصول على حصتهم من الغاز المنزلي (روتيرز - أرشيفية)
يمنيون ينتظرون الحصول على حصتهم من الغاز المنزلي (روتيرز - أرشيفية)
TT

الحوثيون يعاقبون السكان برفع أسعار غاز الطهي 70 ‎%‎

يمنيون ينتظرون الحصول على حصتهم من الغاز المنزلي (روتيرز - أرشيفية)
يمنيون ينتظرون الحصول على حصتهم من الغاز المنزلي (روتيرز - أرشيفية)

رفض أحمد الذي يسكن في مدينة إب أخذ حصته من غاز الطهي بسبب رفع الحوثيين سعر الأسطوانة بنسبة تزيد على 70 في المائة، بعدما قاموا بمنع مقطورات الغاز من العودة إلى محافظة مأرب لنقل الحصة المقررة من غاز الطهي للمناطق الواقعة تحت سيطرتها، بغرض زيادة مواردهم المالية وفق ما أكدته شركة الغاز الحكومية.

يشرح الرجل أسباب قراره ويقول إن الأسطوانة من الغاز المحلي كان سعرها لا يزيد على 4500 ريال يمني (الدولار حوالي 550 ريالا يمنيا) بينما يمنع الحوثيون وصوله الآن، ويقومون ببيع الكمية التي يستوردها تجارهم بسعر بين 7200 إلى 7600 ريال، مضافا إليه مبلغ ألف ريال أجور نقل، والوقوف في طابور لمدة ساعة، على أن يعود لتسلم الأسطوانة بعد أسبوع من دفع المبلغ، ويقول إن هذه الحصة تصرف كل شهرين.

وفي حين يقول أحمد إنه سوف يقوم بتعبئة أسطوانته من المحطات التجارية بسعر 8 آلاف ريال ويوفر على نفسه عناء الانتظار والذهاب والعودة، يؤكد عبد الله وهو أحد سكان صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين رفعوا أسعار الغاز بشكل جنوني وغير مبرر حيث كانت الأسطوانة تباع بسعر 4500 لكن سعرها في العاصمة يتجاوز الآن مبلغ 7200 ريال يمني.

يذكر أن هذه الكمية استوردها التجار الذين يدعمون الجماعة التي يحتكر أتباعها تجارة الوقود بشكل كامل منذ بداية الحرب، وبعد أن أوقفوا نشاط الشركات التي كانت تعمل في هذا الجانب طوال العقود الأربعة الماضية.

ويضيف أن الناس كلها تعرف أن سبب هذه الزيادة هو رد الجميل للتجار وزيادة الدعم الذي يقدمونه للجماعة، بعد أن تكدست هذه الكمية المستوردة في الأسواق وزيادة الجانب الحكومي الكمية المخصصة لمناطق سيطرة الحوثيين، مؤخرا.

ويبين عبد الله أن الجماعة الحوثية كانت استوردت كمية كبيرة اعتقادا منها أنها ستتمكن من بيعها خلال شهر رمضان حيث يزيد استهلاك السكان، لكن زيادة إنتاج الشركة اليمنية للغاز أفشل ذلك المخطط، ولهذا أقدمت على منع دخول غاز الطهي المنتج محليا حتى تتمكن من بيع تلك الكمية.

يمنيون يصطفون في طابور للحصول على حصتهم من غاز الطهي (فيسبوك)

هذه الزيادة في سعر غاز الطهي، ترافقت وتأكيد مصدر مسؤول في غرفة العمليات المشتركة للغاز أن ميليشيا الحوثي أقدمت منذ أكثر من أسبوعين على إغلاق المداخل البرية للمحافظات والمدن التي تسيطر عليها ومنعت دخول المقطورات المحملة بمادة الغاز المنزلي من الشركة اليمنية للغاز (صافر) ومقرها في مأرب غير مكترثة بمعاناة نحو 25 مليون مواطن في تلك المحافظات، بعد أن حولتها سجنا مفتوحا يمارس فيه كل أساليب القمع وأنواع الظلم.

مضاعفة الأعباء

أفاد تصريح وزعته الشركة بأن الميليشيات قامت بمنع دخول المقطورات من مداخل محافظة الجوف والمحملة بمادة الغاز المحلي المصدر من صافر الذي يباع للسكان بالمحافظات التي تقبع تحت سيطرتها بمبلغ 4500 ريال للأسطوانة الواحدة واستبدلت به الميليشيا الغاز المستورد عبر ميناء الحديدة الذي يباع للوكلاء بسعر 7200 ريال للأسطوانة الواحدة.

الشركة الحكومية وصفت الخطوات التي أقدم عليها الحوثيون بأنها تهدف «لإثراء قيادات ومشرفي الميليشيا على حساب مضاعفة الأعباء على أبناء الشعب الصابر الذي عبثت بكل مقدراته وتفننت الجماعة بكل الأساليب من أجل تجويعه بعد أن نهبت مرتباته خلال سنوات الحرب».

ورأت الشركة أن ذلك «تأكيد على سعي الميليشيات ومضيها في مسيرة التجويع والتضييق لإخضاع كل فئات الشعب لمشروعها الطائفي».

شركة الغاز اليمنية حملت ميليشيا الحوثي كامل المسؤولية القانونية والإنسانية المترتبة على منع دخول مقطورات الغاز المنزلي إلى المواطنين في المحافظات التي تسيطر عليها ودعت إلى «وقف المتاجرة بمعاناة الشعب وخدماته الضرورية والأساسية».

يمنيان ينامان في طابور بصنعاء انتظاراً للحصول على أسطوانة غاز منزلي (فيسبوك)

الشركة طالبت السلطات المحلية في تلك المحافظات بالتحرك العاجل لدى المجلس الرئاسي والحكومة والسير في خطوات عملية لرفع الظلم عن أبناء الشعب وإفشال هذا العمل الذي وصفته بـ«الإجرامي»، والعمل على إيقاف استيراد الميليشيات للغاز والمشتقات النفطية عبر ميناء الحديدة، لأنه أصبح مصدرا لتمويل الجماعة التي حولت فتح الميناء «من منحة إلى محنة أضافت أعباء أثقلت كاهل المواطن المغلوب على أمره».

البيان طالب المنظمات الحقوقية المحلية والإقليمية والدولية «بإدانة هذا الحصار الخانق الذي يفرضه الحوثيون على السكان والتعسفات التي يمارسونها في منع تدفق المواد الأساسية والضغط عليهم لفصل الجوانب الإنسانية والخدمية عن دائرة وحسابات الحرب التي تشنها على الشعب للعام الثامن على التوالي ولا تزال».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

العالم العربي جانب من سلسلة مبانٍ تتبع جامعة البيضاء الخاضعة لسيطرة للجماعة الحوثية (إكس)

الحوثيون يخضعون 1000 طالب وأكاديمي وموظف لتدريبات عسكرية

الجماعة الحوثية تجبر طلاباً وأكاديميين وموظفين في جامعة البيضاء على التعبئة القتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي النيران تشتعل في الناقلة «سونيون» بالبحر الأحمر بعد هجوم سابق من قبل الجماعة الحوثية (رويترز)

هجمات حوثية على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر

الحوثيون يعلنون عن هجمات على إسرائيل واستهداف سفينتين في البحر الأحمر بالتزامن مع تولي قوات أسترالية قيادة قوات البحرية المشتركة لحماية الأمن البحري في المنطقة.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

تعرُّض سفينتين لأضرار في هجمات قبالة ميناء الحديدة اليمني

أفادت وكالة أمن بحري بريطانية، الثلاثاء، بأن طائرة مسيَّرة أصابت سفينة قبالة سواحل اليمن، حيث يشنّ المتمردون الحوثيون منذ أشهر هجمات على سفن.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي احتمالات ضعيفة جداً أن تتولى الجماعة الحوثية سد الفراغ الناتج عن تحجيم قوة «حزب الله» (رويترز)

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

يناقش خبراء وباحثون سياسيون تأثير اغتيال حسن نصر الله على الجماعة الحوثية، وردود فعلها بعد الضربات الكبيرة التي يتلقاها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي الدكتور رشاد العليمي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني خلال كلمته (سبأ)

اليمن يسترد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية

في لحظة وصفت بـ«التاريخية»، أعلنت الحكومة اليمنية استرداد 14 قطعة أثرية ثمينة تعود للحقبة القتبانية، ووضعها بمتحف المتروبوليتان للفنون بمدينة نيويورك بشكل مؤقت…

عبد الهادي حبتور (الرياض)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
TT

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)
مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة وزيادة معدل الاحتباس الحراري، وقال إن هذه المواقع تشكل مخاطر تلوث بيئية كبيرة عبر الهواء والماء والتربة، فضلاً عن المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة.

ووفق دراسة لمرصد الاستشعار عن بُعد، فإن الحرب في اليمن أثرت بشكل عميق على إدارة النفايات الصلبة، مما أدى إلى زيادة الإغراق والمخاطر على البيئة والصحة العامة، وقالت الدراسة إنه يتم استخدم الأقمار الاصطناعية في تحديد مواقع الإغراق، وبالتالي المساعدة في إيجاد التدابير العلاجية وسياسات إدارة النفايات.

إحراق النفايات في اليمن يؤدي إلى إطلاق الغازات فضلاً عن المواد المسرطنة (إعلام محلي)

وأوضح المرصد أنه رغم تراجع حدة الصراع الذي دام قرابة عقد من الزمان في اليمن، فإن البلاد لا تزال بعيدة عن السلام، إذ احتلت في بداية الصراع بالفعل المرتبة 160 من أصل 177 على مؤشر التنمية البشرية، مما عزز مكانتها بوصفها واحدة من أكثر دول العالم فقراً.

وأثناء الصراع أشار المرصد إلى نشوء عديد من تحديات إدارة النفايات، ما أدى إلى انتشار مواقع الإغراق غير الرسمية وتفاقم المخاطر البيئية والصحية، كما أدت الحرب إلى إجهاد الموارد الاقتصادية، وتعطيل البنية التحتية للنفايات، وتحويل الانتباه بعيداً عن إدارتها.

وأكدت الدراسة أن مواقع النفايات غير الرسمية المليئة بالنفايات الخطرة تسبب تلوث الهواء أثناء إحراقها، ما يؤدي إلى إطلاق غازات مثل ثاني أكسيد الكبريت، فضلاً عن المواد المسرطنة والمعادن الثقيلة، ورجحت أن يكون تفشي الكوليرا في اليمن عام 2016، الذي أسفر عن وفاة 3000 شخص، مرتبطاً بالنفايات الطبية غير المعالجة التي تلوث المجاري المائية.

100 حريق سنوياً

وأوضح المرصد أنه استعمل الأقمار الاصطناعية لتحديد ومراقبة مثل هذه المواقع باستخدام نظام معلومات الحرائق التابع لوكالة «ناسا»، وكشف عن تسجيل 1350 حريقاً بين أكتوبر (تشرين الأول) 2014، وأكتوبر2023، وقال إن هذه الحرائق تتركز في المناطق الحضرية على طول السواحل الغربية والجنوبية المكتظة بالسكان في اليمن.

ووفق ما جاء في دراسة المرصد فإن الصور أظهرت أن غالبية الحرائق وقعت في عامي 2019 و2021، حيث وقعت 215 و226 ​​حادثة على التوالي، بينما شهدت الفترة بين 2014 و2016 عدداً أقل من الحرائق، حيث سُجل 17 حريقاً فقط في عام 2016، لكن المرصد نبه إلى أنه على الرغم من انخفاض وتيرة الحرائق في عامي 2022 و2023، فإن كلا العامين لا يزالان يسجلان أكثر من 100 حريق سنوياً.

نظام إدارة النفايات المتدهور يسبب ضرراً كبيراً على البيئة والسكان في اليمن (إعلام محلي)

وبحسب البيانات فإن مواقع هذه النفايات كانت حول المدن الكبرى، إذ كان لدى كل من صنعاء والحديدة مكبّان جديدان للنفايات، كما ظهر معظم النفايات حول مدينة عدن؛ التي شهدت انخفاضاً كبيراً في معدلات جمع النفايات، وهو ما يفسر انتشار المكبات غير الرسمية.

ومع ذلك أكدت الدراسة أن ظهور مكبات النفايات غير الرسمية الجديدة لم يكن متأثراً بما إذا كانت المنطقة خاضعة لسيطرة الحوثيين أو الحكومة، كما أن قربها من مكبات النفايات الرسمية لم يمنع تشكلها، كما يتضح من حالات في عدن والمكلا.

ضرر على البيئة

نبهت دراسة مرصد الاستشعار عن بُعد، أن نظام إدارة النفايات المتدهور في اليمن يسبب ضرراً كبيراً على البيئة والسكان، ذلك أن لها تأثيرات على البيئية والمناخية، خصوصاً في ميناء «رأس عيسى» النفطي على البحر وصنعاء.

ففي «رأس عيسى» أوردت الدراسة أن ممارسات الإلقاء غير السليمة بالقرب من الساحل تساهم بشكل كبير في تلوث المياه البحرية والجوفية، كما يتسرب السائل الناتج عن تراكم النفايات إلى التربة ويصل إلى المياه الساحلية، مما يؤدي إلى تعطيل النظم البيئية البحرية وتعريض الأنواع للخطر.

وتقول الدراسة إن المواد البلاستيكية تتحلل من هذه المكبات إلى جزيئات بلاستيكية دقيقة، تبتلعها الكائنات البحرية وتتراكم بيولوجياً من خلال سلسلة الغذاء، أما في صنعاء، فتساهم مكبات النفايات في تغير المناخ بشكل كبير، ويرجع ذلك في المقام الأول إلى انبعاثات غاز الميثان؛ لأنه مع تحلل النفايات العضوية بشكل لا هوائي، يتم إطلاق الغاز مما يؤدي إلى تفاقم ظاهرة الاحتباس الحراري والتلوث الجوي المحلي.

مسؤولة في اللجنة الدولية للصليب الأحمر الدولي تتفقد مكب القمامة غربي صنعاء (الصليب الأحمر)

وطالب المرصد باستراتيجية شاملة للتخفيف من هذه التأثيرات، بما في ذلك أنظمة التقاط غاز مكبات النفايات واستخدامه لتحويل الميثان إلى طاقة، وممارسات تحويل النفايات مثل التسميد وإعادة التدوير للحد من النفايات العضوية.

ولكنه رأى أن الصراع المستمر في اليمن غالباً ما يهمش جهود حماية البيئة، مما يجعل من الصعب معالجة هذه القضايا الحرجة بشكل فعال.

وأعاد مرصد الاستشعار عن بُعد التذكير بأن تحديد المخاطر البيئية الفعلية على الناس والنظم البيئية أمر مستحيل باستخدام هذه الأساليب وحدها. وقال إن تحديد المواقع «ليس سوى جزء صغير من الحل». وأكد أن معالجة إدارة النفايات الصلبة ستظل معقدة طالما بقي الوضع السياسي في اليمن على حاله.