الحوثيون يستعرضون قوتهم في الحديدة مع تراجع الضربات الأميركية

الانقلابيون زعموا توصيل رسالة تحدّ إلى واشنطن

صورة طوربيد بحري وزعها الحوثيون زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم الجديدة (إكس)
صورة طوربيد بحري وزعها الحوثيون زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم الجديدة (إكس)
TT

الحوثيون يستعرضون قوتهم في الحديدة مع تراجع الضربات الأميركية

صورة طوربيد بحري وزعها الحوثيون زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم الجديدة (إكس)
صورة طوربيد بحري وزعها الحوثيون زاعمين أنه بات ضمن أسلحتهم الجديدة (إكس)

مع تراجع الضربات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة لإضعاف قدرة الحوثيين على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، نفذت الجماعة المدعومة من إيران استعراضاً لقوتها في محافظة الحديدة الساحلية (غرب)، تحت مزاعم توصيل رسالة تحدٍّ إلى واشنطن والقوات الحكومية اليمنية.

وحشدت الجماعة آلافاً من عناصرها لتنفيذ مناورة عسكرية بحرية وبرية، مدعية امتلاكها أسلحة جديدة، بما فيها طوربيدات وألغام وغواصات صغيرة غير مأهولة وزوارق، في ظل مخاوفها من أي عملية عسكرية يمكن أن يدعمها المجتمع الدولي لتحرير الحديدة.

مشهد بثه الحوثيون من مناورتهم البحرية قبالة سواحل الحديدة (إعلام حوثي)

وإلى جانب الاستعراض البحري الذي تزعم الجماعة أنه يحاكي صد أي عملية إنزال بحري، نفذت مناورات برية في مناطق جبلية وصحراوية بالقذائف، والطائرات المسيّرة، والمدفعية، وعبر الدبابات، ومختلف أنواع الأسلحة الرشاشة المتوسطة والثقيلة والقناصات.

وكانت تحركات الجماعة الحوثية أظهرت خلال الأسابيع الأخيرة، إضافة إلى تصريحات كبار قادتها، مخاوف من إطلاق عملية عسكرية لتحرير الحديدة وموانئها، وهو ما أكده نقلها تعزيزات كبيرة إلى المحافظة الساحلية التي تسيطر عليها باستثناء مديريتَي الخوخة والتحيتا، الخاضعتين للحكومة الشرعية.

وكررت الحكومة اليمنية نداءاتها للمجتمع الدولي على مدار الأشهر الماضية منذ بدء التهديد الحوثي للملاحة البحرية، مؤكدة أن الحل الأنجع لوقف هجمات الجماعة ضد السفن هو دعم القوات الحكومية، وليست الضربات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.

ووفق مصادر مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، فقد نقلت الجماعة المدعومة من إيران تعزيزات كبيرة من محافظات الجوف وذمار وصنعاء وإب باتجاه محافظة الحديدة، كما قوّت تحصيناتها على خطوط التماس، وحفرت مزيداً من الخنادق وزرعت مزيداً من حقول الألغام؛ تحسباً لأي معركة مفاجئة يمكن أن تخوضها القوات الحكومية بإسناد دولي.

مشهد من استعراض الحوثيين البحري ضمن مناورتهم التي تحاكي صد هجوم بحري (إعلام حوثي)

وعلى الرغم من أن معركة من هذا القبيل تحتاج إلى دعم دولي واسع لتشكيلات الجيش اليمني من أجل تحقيق هذا الهدف، خصوصاً بالنظر إلى اتساع الرقعة الجغرافية التي تمثلها محافظة الحديدة، فإن باحثين يمنيين يرون أن الفرصة سانحة لإطلاق مثل هذه المعركة، شريطة أن تتلقى القوات الحكومة الإسناد الكافي والغطاء الدولي.

وتثور المخاوف من نيات الجماعة التي كانت حشدت خلال الأشهر الماضية عشرات آلاف المجندين الجدد، الأمر الذي قد يدفعها إلى استباق أي هجوم بالسعي إلى توسيع مناطق سيطرتها على الشريط الساحلي باتجاه الخوخة والمخا وباب المندب.

وشهدت الأيام الأخيرة هدوءاً من حيث العمليات الأميركية ضد مواقع الجماعة الحوثية، مما مكن الجماعة من تنفيذ مناورتها الواسعة في الحديدة دون تلقي أي ضربات.

وكانت واشنطن لجأت إلى استخدام القاذفات الشبحية لأول مرة في 17 أكتوبر (تشرين الأول) الحالي في استهداف المواقع المحصنة للجماعة الحوثية في صنعاء وصعدة، في رسالة استعراضية فُهمت على أنها موجهة إلى إيران بالدرجة الأولى.

يذكر أن الجماعة أقرت بأكثر من 770 غارة غربية عليها ابتداءً من 12 يناير (كانون الثاني) الماضي؛ سعياً من واشنطن؛ التي تقود تحالف «حارس الازدهار»، إلى تحجيم قدرات الجماعة على مهاجمة السفن.

عنصر حوثي يطلق قذيفة ضمن مناورة الجماعة في محافظة الحديدة (إعلام حوثي)

ويزعم الحوثيون أنهم يشنّون هجماتهم نصرة للفلسطينيين في غزة، وأخيراً لمناصرة «حزب الله» اللبناني، في حين تتهم الحكومة اليمنية الجماعة بتنفيذ أجندة إيران في المنطقة، والهروب من استحقاقات السلام المتعثر حتى الآن جراء تصعيد الجماعة البحري والإقليمي.

وادعت الجماعة قصف أكثر من 195 سفينة خلال عام. وأدت الهجمات في البحر الأحمر إلى غرق سفينتين وقرصنة ثالثة، ومقتل 3 بحارة، وإصابة آخرين.

كما تبنت إطلاق مئات الصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل خلال الأشهر الماضية، لكن كلها لم يكن لها أي تأثير هجومي، باستثناء مسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي.

واستدعت هذه الهجمات من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، وهو ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وتكررت الضربات الإسرائيلية في 29 سبتمبر (أيلول) الماضي ضد مستودعات للوقود في كل من الحديدة ورأس عيسى، كما استهدفت إسرائيل محطتَي توليد كهرباء في الحديدة، إضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات. وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً، وفق ما أقر به الحوثيون.


مقالات ذات صلة

مسيّرة حوثية تسقط في عسقلان... ومهاجمة 3 سفن في البحرين «الأحمر» و«العربي»

الخليج الغارات الإسرائيلية في اليمن سببت أضراراً كبيرة بمحطتين لتوليد الكهرباء (إعلام محلي)

مسيّرة حوثية تسقط في عسقلان... ومهاجمة 3 سفن في البحرين «الأحمر» و«العربي»

يتهم مراقبون يمنيون الجماعة الحوثية بأنها وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة، فرصة للهروب من استحقاقات السلام مع الحكومة اليمنية.

علي ربيع (عدن)
الخليج معظم المدارس أصبحت مأوى للنازحين من الحرب التي فجَّرها الحوثيون (إعلام محلي)

النازحون في معقل الحوثيين تجسيد للمأساة الإنسانية في اليمن

كشفت بيانات وزعتها منظمات إغاثية عن صورة بائسة للنازحين داخلياً في محافظة صعدة، المعقل الرئيسي لجماعة الحوثيين في اليمن.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي جانب من وقفة احتجاجية سابقة في جامعة إب رفضاً لممارسات الحوثيين (فيسبوك)

انتهاكات حوثية تستهدف جامعة إب اليمنية ومنتسبيها

ارتكبت الجماعة الحوثية موجةً جديدةً من الانتهاكات ضد جامعة إب اليمنية ومنتسبيها شملت الاستيلاء على أراضي الحرم الجامعي وقمع الطلبة والأكاديميين والموظفين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي سفن تجارية ترسو في ميناء الحديدة على البحر الأحمر الذي يسيطر عليه الحوثيون في اليمن 25 فبراير 2023 (رويترز)

3 انفجارات قرب سفينة في البحر الأحمر قبالة الساحل اليمني

أشارت وكالتا أمن بحري إلى وقوع 3 انفجارات، اليوم (الاثنين)، قرب سفينة في البحر الأحمر قبالة سواحل اليمن، حيث يهاجم المتمردون الحوثيون سفناً تجارية.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي أحد اليمنيين المستفيدين من تدريبات منظمة العمل الدولية بمجال الطاقة الشمسية (الأمم المتحدة)

برنامج أممي يستكمل مشروعاً لدعم سبل العيش في اليمن

يقترب برنامج الأمم المتحدة الإنمائي من إنهاء مشروع لدعم الصمود، الذي يهدف لدعم سبل العيش المرنة والأمن الغذائي والتكيف مع المناخ في اليمن لتمكين الفئات الضعيفة

وضاح الجليل (عدن)

انتهاكات حوثية تستهدف جامعة إب اليمنية ومنتسبيها

جانب من وقفة احتجاجية سابقة في جامعة إب رفضاً لممارسات الحوثيين (فيسبوك)
جانب من وقفة احتجاجية سابقة في جامعة إب رفضاً لممارسات الحوثيين (فيسبوك)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف جامعة إب اليمنية ومنتسبيها

جانب من وقفة احتجاجية سابقة في جامعة إب رفضاً لممارسات الحوثيين (فيسبوك)
جانب من وقفة احتجاجية سابقة في جامعة إب رفضاً لممارسات الحوثيين (فيسبوك)

ارتكبت الجماعة الحوثية موجةً جديدةً من الانتهاكات ضد جامعة إب اليمنية ومنتسبيها شملت الاستيلاء على أراضي الحرم الجامعي، وقمع الطلبة والأكاديميين والموظفين، وإخضاعهم بشتى الوسائل لتلقي برامج طائفية والالتحاق قسراً بالدورات القتالية.

وتمثل آخر الانتهاكات في قيام الجماعة باقتطاع مساحات واسعة من حرم جامعة إب لمصلحة أحد قادتها يُدعى علي النوعة المعين وكيلاً في محافظة إب للشؤون المالية والإدارية.

وأوضحت مصادر أكاديمية يمنية في إب لـ«الشرق الأوسط» أن الانقلابيين برروا التعدي على أراضي وممتلكات الجامعة بالسعي إلى إقامة استحداثات استثمارية تخدم ما سموه المصلحة العامة، وهي ذريعة تستخدمها الجماعة مُنذُ سنوات مبرراً لتنفيذ أعمال نهب الأراضي وممتلكات الدولة والسكان في إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء).

تجمع طلاب وطالبات في ساحة جامعة إب اليمنية (فيسبوك)

واتهمت المصادر، الجماعة، بارتكاب مزيد من الجرائم والتعسفات ضد جامعة إب ومنتسبيها، وغيرها من الجامعات الأخرى بالمدن تحت سيطرتها، وذلك في سياق استمرار تدميرها المنظم لقطاع التعليم العالي.

وأثار الاستهداف الحوثي الأخير لجامعة إب موجة غضب ورفض واسعة في أوساط منتسبي الجامعة والناشطين الذين أبدوا رفضهم القاطع لعملية السطو على ما تبقى من أراضي وممتلكات جامعة إب.

ورداً على ذلك، نظم العشرات من أعضاء هيئة التدريس والطلاب والموظفين في جامعة إب وقفة احتجاجية غاضبة تنديداً بأعمال النهب الحوثي الذي يطول أراضي الحرم الجامعي.

البوابة الرئيسية لجامعة ذمار اليمنية (الشرق الأوسط)

وأوضح شهود لـ«الشرق الأوسط» أن أجهزة أمن الجماعة الحوثية في إب سارعت إلى محاصرة المحتجين وقمعهم ومصادرة هواتفهم خشية توسيع نطاق المظاهرة إلى خارج الجامعة.

وندد بيان صادر عن المظاهرة بالقمع ومحاولات السطو الحوثية على أراضي الجامعة. وذكر أن الجامعة هي مؤسسة علمية وتنويرية تهم كل أبناء إب وأي اعتداء عليها يُعد اعتداءً على الجميع.

وتُعد جامعة إب من أصغر الجامعات الحكومية في اليمن من حيث المساحة مقارنة بعدد السكان والجغرافيا التي تخدمها الجامعة.

ويطالب المحتجون بإخلاء وتسليم كافة الأراضي داخل الحرم الجامعي الواقع أغلبيتها حالياً تحت قبضة قيادات حوثية نافذة، حتى يتم استكمال تنفيذ المخطط العام للجامعة، الذي قد يحمي ما تبقى من أراضيها وممتلكاتها.

وذكر البيان أن حرم جامعة إب تم تحديده قبل قرابة ثلاثين عاماً، مبيناً أن متطلبات واحتياجات الجامعة حالياً بفعل الزيادة السكانية الكبيرة يستوجب تخصيص أراضٍ إضافية لها وليس اقتطاع أجزاء من أراضيها.

ودعا البيان جميع منتسبي الجامعة وأبناء المحافظة وكل أبناء اليمن للوقوف بحزم وصرامة وجدية ضد أي محاولة لاقتطاع أي جزء من أراضي الجامعة.

وفي سياق الانتهاكات، أجبر الحوثيون طلبة كليات الشريعة والقانون والعلوم الإنسانية والطب والهندسة بجامعة إب على المشاركة بتلقي دروس تعبوية والالتحاق بدورات قتالية تحت مزاعم الاستعداد للمشاركة في عملية تحرير فلسطين.

وأكدت المصادر أن القيادي الحوثي بشير العماد المعين عميداً لكلية القانون بجامعة إب ألزم الطلبة بحضور دورة تعبوية مُكثفة، ولجأ إلى جعل درجات محصلة الفصل الدراسي الأول لهذا العام متوقفة على المشاركة بدورات التطييف.

فعالية في جامعة إب احتفالاً بمناسبة أقامتها الجماعة الحوثية (إكس)

سبق ذلك إرغام آلاف الطلبة والأكاديميين والموظفين في جامعات إب وصنعاء وذمار وغيرها على المشاركة القسرية في مسيرة تطوف الشوارع، وتُردد شعارات تمجد الجماعة وزعيمها عبد الملك الحوثي.

ومنذ الانقلاب على الشرعية اليمنية واصلت الجماعة الحوثية استهدافها المنظم لقطاع التعليم العالي من خلال ارتكاب سلسلة لا حصر لها من التعسفات والانتهاكات، شمل بعضها الاقتحام وإغلاق أقسام دراسية، و«ملشنة» الجامعات، وفرض تدابير تُوصف بأنها «طالبانية».