توجس حوثي من عملية عسكرية لتحرير الحديدة بدعم دولي

باحثون: المعركة ممكنة إذا توافر الدعم للقوات الحكومية

الجماعة الحوثية جندت عشرات الآلاف في الأشهر الأخيرة تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة (رويترز)
الجماعة الحوثية جندت عشرات الآلاف في الأشهر الأخيرة تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة (رويترز)
TT

توجس حوثي من عملية عسكرية لتحرير الحديدة بدعم دولي

الجماعة الحوثية جندت عشرات الآلاف في الأشهر الأخيرة تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة (رويترز)
الجماعة الحوثية جندت عشرات الآلاف في الأشهر الأخيرة تحت مزاعم مناصرة الفلسطينيين في غزة (رويترز)

أظهرت تحركات الجماعة الحوثية في اليمن خلال الأسابيع الأخيرة، إضافة إلى تصريحات كبار قادتها، مخاوف من إطلاق عملية عسكرية لتحرير الحديدة وموانئها، وهو ما أكده قيامها بنقل تعزيزات كبيرة إلى المحافظة الساحلية التي تسيطر عليها باستثناء مديريتي الخوخة، والتحيتا الخاضعتين للحكومة الشرعية.

وكانت الحكومة اليمنية كررت نداءاتها للمجتمع الدولي على مدار الأشهر الماضية منذ بدء التهديد الحوثي للملاحة البحرية، مؤكدة أن الحل الأنجع لوقف هجمات الجماعة ضد السفن هو دعم القوات الحكومية، وليس الضربات الغربية التي تقودها الولايات المتحدة منذ يناير (كانون الثاني) الماضي.

رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي شدد على الدعم الدولي لمواجهة خطر الحوثيين (رويترز)

وبحسب مصادر مطلعة تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، نقلت الجماعة المدعومة من إيران تعزيزات كبيرة من محافظات الجوف وذمار وصنعاء وإب باتجاه محافظة الحديدة في الأسابيع الماضية، كما قامت بتقوية تحصيناتها على خطوط التماس، وقامت بحفر المزيد من الخنادق وزرع المزيد من حقول الألغام؛ تحسباً لأي معركة مفاجئة يمكن أن تقوم بها القوات الحكومية بإسناد دولي.

وعلى الرغم من أن معركة من هذا القبيل تحتاج إلى دعم دولي واسع لتشكيلات الجيش اليمني من أجل تحقيق هذا الهدف، خصوصاً مع النظر إلى اتساع الرقعة الجغرافية التي تمثلها محافظة الحديدة، فإن باحثين يمنيين يرون أن الفرصة سانحة لإطلاق مثل هذه المعركة، شريطة أن تتلقى القوات الحكومة الإسناد الكافي والغطاء الدولي.

وفي حين لم تتضح أي مؤشرات ميدانية على وجود قرار عسكري يمني بالتحضير لمثل هذه العملية، فإن المخاوف تثور من نوايا الجماعة الحوثية التي كانت حشدت خلال الأشهر الماضية عشرات الآلاف من المجندين الجدد، الأمر الذي قد يدفعها إلى استباق أي هجوم بالسعي لتوسيع مناطق سيطرتها على الشريط الساحلي باتجاه الخوخة والمخا وباب المندب.

مجسم طائرة وهمية من صنع الحوثيين في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

وكانت القوات اليمنية المشتركة ممثلة في ألوية المقاومة الوطنية وألوية العمالقة والألوية التهامية قد استطاعت في عام 2018 أن تحاصر الجماعة الحوثية في مدينة الحديدة، وأن تصل إلى نحو 3 كيلومترات من الميناء الرئيسي.

غير أن الضغوط الدولية والأممية حالت دون إتمام المهمة تحت ذرائع إنسانية، وصولاً إلى إبرام «اتفاق ستوكهولم» بشأن الحديدة، وانسحاب القوات المشتركة من طرف واحد إلى أماكن تموضعها الحالية في الجنوب على بُعد نحو 125 كيلومتراً من مدينة الحديدة.

إمكانية المعركة

حول إمكانية حدوث المعركة، يؤكد الباحث والمحلل السياسي اليمني، عبد الستار الشميري، في البداية، وجود استعدادات حوثية مستميتة للتمسك بالحديدة، في مقابل أحاديث تدور حول بساط التداول العسكري عبر الحكومة الشرعية وعبر قنوات مختلفة دولياً، لمعرفة ما أقصر السبل لمحاصرة الحوثيين والحد من هجماتهم في البحر الأحمر.

ويقول الشميري في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، إن هذه الأحاديث طرحت عبر أكثر من جانب من بينها الحكومة الشرعية التي ترى أنه لا حل مع الحوثيين لحماية الملاحة دون تحرير الساحل الغربي كاملاً، بما في ذلك الحديدة والصليف ورأس عيسى.

كتلة من اللهب والدخان تتصاعد إثر ضربات إسرائيلية استهدفت الحوثيين في الحديدة (رويترز)

ويرى أن هناك «فرصة سانحة»، إذا كانت هناك ترتيبات من الشرعية اليمنية تستطيع من خلالها إقناع المجتمع الدولي بقدرتها على خوض هذه المعركة بدعم دولي، خصوصاً بعد تصنيف الجماعة الحوثية على لوائح الإرهاب، من قِبَل أميركا.

ويشير إلى أن الرؤية الأميركية للحوثيين انقلبت كلياً عما كانت عليه في عامي 2015 و2016، وخصوصاً بعد الهجمات في البحر الأحمر، ويعتقد أنه إذا مضت هذه الفرصة على الشرعية وتم إحلال الهدوء في المنطقة بعد إخماد مصدات إيران في المنطقة «فلن تعود هذه الفرصة ثانية». وفق تقديره.

ومن ناحية ثانية يقرأ الشميري أن عمليات الحوثيين باتت الآن في منحنى الهبوط، «بل باتت أن تكون صفراً من حيث الكم والتأثير»، وإذا ما تراجعت أكثر فسيتناسى المجتمع الدولي -بحسب تعبيره- ما يحدث في اليمن، إذ إن اليمن لا يذكر إلا مع وجود عمليات إرهابية سواء من تنظيم «القاعدة»، أو من الجماعة الحوثية.

ويؤكد الشميري أن الكرة باتت في ملعب الحكومة الشرعية إذا ما لديها الجاهزية لإتمام هذه العملية، كما يعتقد أن المجتمع الدولي سيساندها طالما أنه «لا يخسر برياً».

سياق دولي

في تقدير الباحث اليمني عبد الوهاب بحيبح أن استنفار الحوثيين في الحديدة، وحديث قادتهم عن استشعار هجوم وشيك لتحرير المحافظة يأتي في سياق دولي؛ حيث يتزايد فيه الضغط لمحاسبة الميليشيا الحوثية على استهدافهم المستمر لخطوط الملاحة في البحر الأحمر.

ويشير بحيبح في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن هذه الهجمات الحوثية، التي نُفذت ضمن إطار الأجندة الإيرانية، تشكل تهديداً مباشراً للتجارة العالمية وحركة الشحن في ممرات حيوية، وهذا يعزز يوماً بعد يوم القناعة الدولية بضرورة تحجيم الحوثيين وجعلهم يدفعون ثمن تصرفاتهم.

مشهد وزعه الحوثيون لاستهداف ناقلة في البحر الأحمر (إ.ب.أ)

ويضيف أن مخاوف الحوثيين تضاعفت مع الضغوط المتصاعدة على «حزب الله» في لبنان الذي تعرض لضربات قاصمة، التي بلغت ذروتها باغتيال حسن نصر الله، وأغلب قيادات الحزب، إذ بات المجتمع الدولي أقل تسامحاً مع أذرع إيران في المنطقة.

ويتوقع بحيبح أن يكون الحوثيون الهدف التالي لتحركات إقليمية ودولية تهدف إلى تقويض نفوذ إيران ووكلائها في اليمن، خصوصاً بعد المغامرات الحوثية في الممرات المائية في البحر الأحمر، وانخراط الجماعة ضمن عمليات ما يسمى بـ«محور المقاومة».

وعلى غرار ما ذكره الشميري، يرى بحيبح أن تحرير الحديدة أمر ممكن إذا تلقت القوات الشرعية دعماً نوعياً كافياً، حيث سبق لها أن كانت على بُعد مرمى حجر من تحرير المدينة في عام 2018، لكن التدخل الدولي و«اتفاق ستوكهولم» حالا دون استكمال العملية العسكرية.

ويتحدث بحيبح عن الآثار الإيجابية لاستعادة الحديدة، وفي مقدمة ذلك تقييد حركة الحوثيين وقدرتهم على تهديد الملاحة في البحر الأحمر، والحد من نفوذ إيران الإقليمي، كما سيفقد الجماعة مليارات الريالات اليمنية من الإيرادات الجمركية، وسيحد من قدرتها على تلقي السلاح الإيراني المهرب.

كما يعني فشل الحوثيين في الاحتفاظ بالحديدة -وفق تقديره- فقدانهم ومن خلفهم إيران ورقة ضغط أساسية مهمة، بينما سيضمن بقاؤها استمرارهم في تهديد خطوط الملاحة الدولية، مما يعزز موقعهم كورقة ضغط ومهدد مستمر بيد طهران في صراعات المنطقة.

استباق حوثي

في اتجاه آخر، يقرأ المحلل السياسي اليمني محمود الطاهر الاستنفار الحوثي بأنه يأتي في سياق استباقي من قِبَل الجماعة لأي معركة محتملة لانتزاع الحديدة منها، ويقول لـ«الشرق الأوسط»: «يبدو أن الميليشيا تسعى إلى شن حرب على القوات المشتركة (الحكومية) بهدف استكمال السيطرة على محافظة الحديدة والساحل الغربي».

واشنطن استخدمت لأول مرة قاذفة شبحية لمهاجمة أهداف حوثية في صنعاء وصعدة (أ.ف.ب)

ويؤكد الطاهر أن الجماعة استنفرت كل قواتها في الحديدة ونشرتها على خطوط التماس، إذ إنها بدورها تستعجل هذه الحرب وتريد استغلالها من خلال الترويج أنها تقاتل إسرائيل في محافظة الحديدة.

ويؤكد أن الجماعة تعمل حالياً على زراعة الألغام في عدة مناطق بالحديدة بعد أن كانت الأمم المتحدة عملت على إزالة جزء منها، وهذا يشير -وفق قوله- إلى أنها تستشعر عملية عسكرية مقبلة بعد أن رفضت كل الطرق الدبلوماسية لإحلال السلام في اليمن.

وكانت وحدات القوات المسلحة اليمنية المرابطة في محور البرح تصدت، مساء الأربعاء، لمحاولة حوثية لمهاجمة مواقع للقوات المشتركة في محور البرح بقطاع الكدحة، غرب تعز.

وأفاد الإعلام العسكري اليمني بأن وحدات الجيش في خطوط التماس ردت على هجوم الحوثيين بالأسلحة المتوسطة والرشاشة، وأوقعت في صفوفهم خسائر بشرية ومادية وأسكتت مصادر نيرانهم.

وذكر الإعلام العسكري أن مدفعية الجيش ضاعفت خسائر الجماعة الحوثية بضربات مركزة على مواقع استخدمتها في محاولتها استهداف مواقع عسكرية للقوات المشتركة.


مقالات ذات صلة

غارات أميركية ليلية ضربت الحوثيين في 3 محافظات يمنية

العالم العربي مقاتلة «إف 18» تُقلع لضرب الحوثيين من على متن حاملة الطائرات الأميركية «هاري ترومان» (أ.ف.ب)

غارات أميركية ليلية ضربت الحوثيين في 3 محافظات يمنية

ضربت غارات أميركية ليلية أهدافاً حوثية في 3 محافظات، فيما تبنت الجماعة مهاجمة إسرائيل بصاروخ باليستي أعلنت الأخيرة اعتراضه على غرار 4 صواريخ منذ الثلاثاء.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي تراجع كبير شهدته المساعدات الغذائية في اليمن (أ.ف.ب)

تحذيرات من عواقب إنسانية جرَّاء التصعيد العسكري في اليمن

مع ارتفاع معدلات انتشار سوء التغذية الحاد في عدة مناطق يمنية بصورة تبعث على القلق، حذَّرت منظمات دولية من عواقب التصعيد العسكري الأخير على الوضع الإنساني.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الجماعة الحوثية تحكم مناطق سيطرتها في اليمن بقوة السلاح وإرهاب السكان (إ.ب.أ)

الحوثيون يعتقلون شباناً ذهبوا إلى مناطق سيطرة الشرعية

في حين يضيّق الحوثيون على المدنيين الذاهبين إلى مناطق سيطرة الشرعية، أكد سجين سابق أن المحققين طلبوا من النشطاء التهوين من آثار الضربات الأميركية

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي جنود إسرائيليون بجانب نظام الدفاع الجوي الإسرائيلي «القبة الحديدية» (أ.ف.ب)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي، صباح الأحد، إنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن، بعد انطلاق صافرات الإنذار في مناطق مختلفة بإسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
شمال افريقيا بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري (الخارجية المصرية) play-circle

مصر تشدد على ضرورة احتواء التصعيد في غزة ولبنان واليمن

أعرب بدر عبد العاطي وزير الخارجية المصري، اليوم (السبت)، عن موقف بلاده الرافض «أي تحركات من شأنها أن تمس أمن وسلامة واستقرار الشعب اللبناني».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

«النواب» المصري يناقش مشروع قانون «المسؤولية الطبية» المُثير للجدل

مجلس النواب خلال جلسة مناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية (النائبة أميرة صابر - إكس)
مجلس النواب خلال جلسة مناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية (النائبة أميرة صابر - إكس)
TT

«النواب» المصري يناقش مشروع قانون «المسؤولية الطبية» المُثير للجدل

مجلس النواب خلال جلسة مناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية (النائبة أميرة صابر - إكس)
مجلس النواب خلال جلسة مناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية (النائبة أميرة صابر - إكس)

بدأ مجلس النواب (البرلمان) المصري، الأحد، مناقشةَ مشروع قانون المسؤولية الطبية وسلامة المريض، خلال جلسة عامة تمهيداً لإقراره، وسط مطالب من نقابة الأطباء بإدخال تعديلات على المشروع المثير للجدل، من بينها «خفض الغرامات المفروضة على الأطباء في حالة الأخطاء الطبية»، وهو المطلب الذي تبناه ائتلاف الأغلبية.

وعد رئيس مجلس النواب، حنفي جبالي، مشروع القانون، «إنجازاً جديداً» يُضاف إلى قائمة «إنجازات المجلس»، مؤكداً أن المشروع «لم يأت في عجالة كما يتصور البعض وإنما شهد دراسة مستفيضة ومتأنية شاركت فيها كافة نقابات المهن الطبية المعنية، على رأسها نقابة الأطباء، وتم طرح أكثر من مسودة للمشروع في ضوء التعديلات المقترحة من الجهات المختلفة، وصولاً إلى أفضل الصياغات التي تحقق الصالح العام».

رئيس مجلس النواب حنفي جبالي (وزارة الشؤون النيابية)

ويهدف مشروع القانون إلى «بيان الأحكام العامة للمسؤولية الطبية، والتأكيد على الحقوق الأساسية بمتلقي الخدمة الطبية أياً كان نوعها، وإنشاء لجنة عليا تسمى اللجنة العليا للمسؤولية الطبية وحماية المريض، تكون جهة الخبرة الاستشارية بخصوص الأخطاء الطبية، وتوفير بيئة داعمة للأطقم الطبية من خلال حماية الممارسين الصحيين من التعدي عليهم أثناء عملهم»، حسب رئيس لجنة الشؤون الصحية، أشرف حاتم.

ويواجه مشروع القانون رفض بعض الأطباء ممن عدّوه «مقيداً لعملهم». ووصف عضو مجلس نقابة الأطباء السابق الدكتور محمد عبد الحميد لـ«الشرق الأوسط» المشروع بأنه «كارثي»، محذراً من أن «يتسبب حال تمريره بشكله الحالي في أن يتحول الطب في مصر إلى طب دفاعي، بمعنى امتناع الأطباء عن مباشرة أي حالة فيها مجازفة أو صعبة، تجنباً لتعريض أنفسهم للعقاب».

لكن وزير الشؤون النيابية والتواصل السياسي، محمود فوزي، أثنى على مشروع القانون، قائلاً إنه «لـ(فرض) مزيد من الانضباط وطمأنة المرضى ليس ضد أحد، لكن لسلامة المرضى ممكن يكون أنا وأنت أو الطبيب نفسه».

وطالب نقيب الأطباء، أسامة عبد الحي، خلال جلسة البرلمان، بإدخال تعديلات على المشروع، منها عدم إحالة الطبيب المشكو في حقه للتحقيق أو المحاكمة سوى بعد صدور تقرير اللجنة العليا للمسؤولية الطبية، مشيراً إلى أن ذلك «يريح الطبيب وجهات التحقيق».

نقيب الأطباء أسامة عبد الحي خلال ندوة لمناقشة مشروع قانون المسؤولية الطبية 29 يناير 2025 (النقابة العامة لأطباء مصر)

كما طالب بتعديل النص الخاص بإلزام الطبيب بغرامة تتراوح بين 100 ألف جنيه (الدولار50.27 جنيه) ومليون جنيه، مقترحاً أن تصبح «رمزية تتراوح من مرتب شهر إلى ثلاثة أشهر أو أربعة».

وسبق ودعت نقابة الأطباء إلى عقد جمعية عمومية طارئة في 3 يناير (كانون الثاني) الماضي، ثم أجلتها قبل ساعات من التئامها، بعد موافقة لجنة الشؤون الصحية على إلغاء المادة 29 من مشروع القانون، التي كانت تُجيز حبس الأطباء احتياطياً في الأخطاء الطبية.

ودفع تأجيل العمومية بعض أعضاء مجلس النقابة إلى الاستقالة بسبب اعتراضهم على طريقة إدارة ملف القانون، من بينهم إبراهيم الزيات، قائلاً لـ«الشرق الأوسط» إن «الجمعية العمومية لكانت دعمت موقف الأطباء اليوم عند مناقشة المشروع»، مشدداً على أن «المشروع بشكله الحالي لا يرضي من انسحبوا من المجلس أو من بقى فيه، الجميع يتفق على ضرورة تعديله».

ووافق ائتلاف الأغلبية في مجلس النواب على مشروع القانون من حيث المبدأ، الأحد، وقال زعيمه النائب عبد الهادي القصبي، إنهم يطالبون بتعديل المادة 27، بـ«تخفيض الغرامات الواقعة بسبب الأخطاء الواردة في المادة، مع التوازن والحفاظ على مصلحة المريض وعدم الإجحاف بحقوق مقدمي الخدمة».

وتنص المادة على أنه «يعاقب بغرامة لا تقل عن مائة ألف جنيه، ولا تجاوز مليون جنيه كل من ارتكب خطأ طبياً سبب ضرراً محققاً لمتلقي الخدمة، وتكون العقوبة الحبس مدة لا تقل عن سنة ولا تزيد على خمس سنوات وغرامة لا تقل عن خمسمائة ألف جنيه ولا تجاوز مليوني جنيه أو بإحدى هاتين العقوبتين إذا وقعت الجريمة نتيجة خطأ طبي جسيم».

ولا تنحصر اعتراضات الأطباء في المادة الخاصة بالغرامة، إذ يطالبون بوضع تعريف أكثر انضباطاً للخطأ الطبي الجسيم، الذي يعرفه المشروع بأنه «ينشأ عن إهمال أو تقصير أو رعونة أو عدم احتراز، ويشمل ذلك على وجه الخصوص ارتكاب الخطأ الطبي تحت تأثير مسكر أو مخدر أو غيرها من المؤثرات العقلية، أو الامتناع عن مساعدة من وقع عليه الخطأ الطبي أو عن طلب المساعدة له، على الرغم من القدرة على ذلك وقت وقوع الحادثة».

ويرى الأمين العام السابق لنقابة الأطباء، إيهاب الطاهر، أن النص الحالي يحمل عبارات فضفاضة مثل «الرعونة وعدم الاحتراز»، مطالباً، عبر صفحته على «فيسبوك»، بحصره في «ممارسة المهنة بشكل متعمد خارج نطاق الترخيص في غير حالات الطوارئ، أو العمل تحت تأثير مسكر أو مخدر، أو استخدام طرق علاجية تجريبية في غير حالات التجارب السريرية الرسمية، أو القيام بإجراء طبى مخالف لقوانين الدولة (مثل تجارة الأعضاء أو الإجهاض غير القانوني)».

https://www.facebook.com/story.php?story_fbid=10064092236953383&id=100000581210586&mibextid=wwXIfr&rdid=sDx9HJhsU0P4QadQ#

وتتضمن الاعتراضات أيضاً «ضعف العقوبة في المواد الخاصة بالاعتداء على المستشفيات مقارنة بقوانين الدول المجاورة لمصر»، حسب الزيات.

وشهدت مصر في الشهور الماضية تعرض عدد من الأطباء لاعتداءات خلال عملهم بالمستشفيات من أقارب المرضى، من بينها واقعة تعدي الفنان محمد فؤاد على طبيب مستشفى «جامعة عين شمس»، خلال مرافقة شقيقه الذي أصيب بأزمة قلبية الصيف الماضي، وكذا الاعتداء على طبيب بمستشفى «الشيخ زايد» في القاهرة من أقارب مريض، نهاية أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، وهي الوقائع التي يجري التحقيق فيها قضائياً.