انقلابيو اليمن يُخضِعون موظفي هيئة الأدوية بصنعاء لدورات قتالية

إيقاف 18 طبيباً وعاملاً لرفض المشاركة في التعبئة

الحوثيون أجبروا موظفي هيئة الأدوية على المشاركة في دورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا موظفي هيئة الأدوية على المشاركة في دورات عسكرية (فيسبوك)
TT

انقلابيو اليمن يُخضِعون موظفي هيئة الأدوية بصنعاء لدورات قتالية

الحوثيون أجبروا موظفي هيئة الأدوية على المشاركة في دورات عسكرية (فيسبوك)
الحوثيون أجبروا موظفي هيئة الأدوية على المشاركة في دورات عسكرية (فيسبوك)

أخضعت الجماعة الحوثية منتسبي الهيئة العليا للأدوية في العاصمة المختطفة صنعاء للتعبئة، حيث أجبرت أكاديميين وأطباء وموظفين على الالتحاق بدورات عسكرية مكثفة، استعداداً لإشراكهم فيما تسميه الجماعة «معركة الجهاد المقدس» لتحرير فلسطين.

ودفعت الجماعة بأكثر من 240 موظفاً في الهيئة للمشاركة بدورات عسكرية مفتوحة في محيط صنعاء تحت اسم دورات «طوفان الأقصى»، يُشرف على تنفيذها قادة ميدانيون ينحدرون من صعدة المعقل الرئيسي للجماعة.

جانب من إخضاع الحوثيين موظفي هيئة الأدوية في صنعاء للتعبئة القتالية (فيسبوك)

وذكرت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن الجماعة الحوثية أوقفت نحو 18 طبيباً وموظفاً في الهيئة عن العمل على خلفية رفضهم المشاركة في الدورات منذ انطلاقها، وشرعت في إحالة 10 منهم للتحقيق، تمهيداً لفصلهم بتهم التغيب عن المشاركة بالتعبئة العسكرية.

واشتكى موظفون في هيئة الأدوية من إلزام قيادات الجماعة لهم من قبل بحضور دورات عسكرية ميدانية وتلقي برامج ودروس تروج لأفكار الجماعة وتمجد زعيمها، وتؤكد أحقيته في حكم اليمنيين.

ويشير «عبد الله.م» وهو أكاديمي يعمل في هيئة الأدوية بصنعاء لـ«الشرق الأوسط»، إلى إرغامه تحت الضغط والتهديد مع زملائه على المشاركة القسرية بتلقي دورات ودروس عسكرية وتعبوية.

ويقول عبد الله إنه كان من الأولى أن تقوم ما تسمى هيئة الأدوية بمهامها الرقابية بتتبع الأدوية المهربة والمزورة ومنتهية الصلاحية، التي تعج بها أغلب الأسواق في المدن تحت سيطرة الجماعة، والتي لا تزال تُشكِّل خطراً حقيقياً على صحة وحياة ملايين اليمنيين.

ويتمنى الأكاديمي أن تركز الجماعة على الجانب الدوائي والمخاطر المحدقة به والحلول المتعلقة بذلك، بدلاً من إقحام الموظفين في التعبئة العسكرية والشحن الطائفي.

وجاء الاستهداف الحوثي لموظفي القطاعات المدنية تنفيذاً لتوجيهات كان أصدرها زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، حضت على إطلاق معسكرات تعبئة للعاملين في تلك القطاعات.

سخط واستنكار

قوبل ذلك التوجه الانقلابي بموجة سخط واستنكار واسعين في الأوساط اليمنية، حيث تداول ناشطون ومغردون على منصات التواصل الاجتماعي صوراً ومقاطع تظهر مشرفين حوثيين، وهم يجبرون أطباء وعاملين في هيئة الأدوية، بينهم كبار في السن على الزحف وإطلاق الأعيرة النارية من مختلف الأسلحة.

ويؤكد الناشطون أن إجبار الجماعة للموظفين المدنيين على الخضوع لتدريبات عسكرية قسرية يعد انتهاكاً صارخاً لحقوق الإنسان والقوانين الدولية التي تضمن حقوق المدنيين. ورأوا أن ذلك لا يعد سوى محاولة ممنهجة من قبل الجماعة لإذلال من تبقى من الموظفين الحكوميين في مناطق سطوتها بغية تطفيشهم وتسريحهم من وظائفهم.

وأبدى «مراد.ح» وهو موظف متعاقد في هيئة الأدوية الخاضعة للحوثيين، أسفه البالغ لقيام الجماعة بتحويل الهيئة وفروعها من جهات رقابية وخدمية إلى أدوات لفرض الجبايات والتلقين الطائفي والتعبئة العسكرية التي تنتهي بالزج بمئات الموظفين المدنيين إلى مختلف الجبهات، دفاعاً عن الجماعة ومشروعاتها التدميرية.

ويأتي هذا التوجه الانقلابي في وقت يتهم فيه تجار أدوية يمنيون قيادات حوثية تدير ما تسمى الهيئة العليا للأدوية، بشن حملات ابتزاز ودهم لمحالهم ومخازنهم التجارية ومصادرة بضائعهم بغية دفعهم إلى الإفلاس تارة بحجة وجود مخالفات وأخرى على صلة بالأدوية المغشوشة.

وكانت تقارير محلية عدة اتهمت نحو 71 قيادياً حوثياً بالمتاجرة العلنية والسرية بالأدوية المهربة والمزورة وغير المطابقة للمواصفات والمعايير.


مقالات ذات صلة

الولايات المتحدة تنفي عرض الاعتراف بحكومة الحوثيين مقابل وقف الهجمات

المشرق العربي حريق ضخم في ميناء الحديدة اليمني إثر قصف إسرائيلي سابق استهدف مستودعات الوقود (أ.ف.ب)

الولايات المتحدة تنفي عرض الاعتراف بحكومة الحوثيين مقابل وقف الهجمات

مسؤولون أميركيون تصريحات القيادي الحوثي محمد البخيتي بشأن عرض واشنطن الاعتراف بحكومة الحوثيين في صنعاء مقابل وقف الهجمات الحوثية، بأنها بعيدة عن الحقيقة.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي سفينة حربية تشارك في عملية «حارس الازدهار» بالبحر الأحمر (رويترز)

«أسبيدس» تعلن نجاح سحب «سونيون» إلى منطقة آمنة

قالت مصادر يمنية وغربية لـ«الشرق الأوسط» إن السعودية قامت بعملية التنسيق مع كل الأطراف قبيل قطر السفينة «سونيون» التي استهدفها الحوثيون.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي الحكومة اليمنية شرعت في تنفيذ إصلاحات مالية وإدارية ومكافحة الفساد (إعلام حكومي)

الحكومة اليمنية تمهل المزدوجين وظيفياً 30 يوماً للاستقالة

أمهلت الحكومة اليمنية المزدوجين وظيفياً مهلة شهر لتقديم استقالتهم من إحدى الوظيفتين قبل اتخاذ أي إجراءات عقابية، في إطار الجهود التي تبذلها الحكومة للإصلاحات.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي متظاهرون حوثيون أمام مكتب الأمم المتحدة في صنعاء (إعلام محلي)

اليمن يندد باعتقال الحوثيين موظفاً أممياً وآخر في «أوكسفام»

نددت الحكومة اليمنية باعتقالات حوثية جديدة استهدفت اثنين من العاملين الإغاثيين استكمالاً لحملة واسعة تستهدف موظفي الوكالات الأممية والمنظمات الدولية والمحلية.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي حطام زعم الحوثيون أنه لطائرة أميركية من دون طيار أسقطوها في صعدة حيث معقلهم الرئيسي (إ.ب.أ)

الحوثيون يتبنون إسقاط عاشر «درون» أميركية خلال 10 أشهر

تبنت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران، الاثنين، إسقاط طائرة أميركية من دون طيار، وادعت أنها الطائرة العاشرة التي يجري إسقاطها من النوع نفسه خلال 10 أشهر.

علي ربيع (عدن)

مصادر يمنية: ميناء الحديدة لا يتحمل أي ضربات إسرائيلية جديدة

رافعة في ميناء الحديدة تضررت من القصف الإسرائيلي (رويترز)
رافعة في ميناء الحديدة تضررت من القصف الإسرائيلي (رويترز)
TT

مصادر يمنية: ميناء الحديدة لا يتحمل أي ضربات إسرائيلية جديدة

رافعة في ميناء الحديدة تضررت من القصف الإسرائيلي (رويترز)
رافعة في ميناء الحديدة تضررت من القصف الإسرائيلي (رويترز)

تتعاظم المخاوف في الأوساط اليمنية من رد إسرائيلي بالغ القسوة، بعد الهجوم بصاروخ تبنّاه الحوثيون على تل أبيب، الأحد، إذ تُوحي التهديدات التي أطلقها رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، بأن الرد، هذه المرة، سيكون أشدَّ من ضربات يوليو (تموز) الماضي، والتي أدت إلى تدمير خزانات النفط، ومنشآت في ميناء الحديدة، وهو ما دفع مصادر يمنية إلى التحذير بأن الميناء لا يحتمل ضربة أخرى.
وفي حين لا يزال أكثر من نصف مليون يمني، معظمهم في غرب البلاد، يعانون آثار الفيضانات التي جرفت المزارع والمساكن والطرقات، يخشى منصور عارف وهو موظف يمني في مناطق سيطرة الحوثيين، من أن يكون الرد الإسرائيلي، هذه المرة، أشد قسوة، ويعتقد أنه سيطول مناطق أبعد من الحديدة في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، ويجزم بأن الملايين يدفعون ثمن معركة لا تعنيهم.

صاروخ أطلقه الحوثيون من مكان غير معروف (إعلام حوثي)

وكانت الغارات الجوية الإسرائيلية على ميناء الحديدة قد أدت إلى مقتل ستة أشخاص، وإصابة 80 آخرين، وتدمير العشرات من خزانات وقود النفط والغاز، في حين يعتقد السكان أن الرد، هذه المرة واستناداً إلى تهديدات نتنياهو، سيكون مختلفاً، وربما يطول مواقع أو مراكز قيادية للحوثيين في مناطق مختلفة من البلاد.

ويؤكد عبد الرحمن، وهو عامل في ميناء الحديدة، أن أية ضربة جديدة للميناء ستؤدي إلى إخراجه عن الخدمة؛ لأنه يعمل حالياً بإمكانات بسيطة.

وتقول منظمات إغاثية إن أي هجوم على الميناء سيشكل كارثة على السكان في مناطق سيطرة الحوثيين؛ إذ تدخل عبره 70 في المائة من احتياجات السكان في مناطق سيطرة الجماعة من المواد الغذائية والوقود.

خدمة لإيران

يجزم الموظف الحكومي عامر سعيد بأن الحوثيين يقدمون اليمن «ثمناً للرغبة الإيرانية» في استهداف تل أبيب، حيث تجنبت طهران الرد على اغتيال رئيس المكتب السياسي لحركة «حماس»، إسماعيل هنية، في أراضيها، وتسعى لإبرام صفقة سياسية مع الغرب، في حين تدفع أدواتها في المنطقة لتنفيذ مثل هذه الهجمات، وهي خطوة ستدفع البلدانُ والشعوب العربية أثماناً باهظة بسببها لخدمة المشروع الإيراني في المنطقة.

ويتوقع سعيد أن يكون الرد الإسرائيلي عنيفاً، ويترك آثاراً كبيرة في الجوانب الاقتصادية والسياسية، خلافاً للرد السابق الذي اقتصر على تدمير مخازن الوقود وبعض آليات ميناء الحديدة.

حريق ضخم على أثر ضربات إسرائيلية استهدفت مخازن الوقود بميناء الحديدة اليمني (أ.ف.ب)

ومع أن الحوثيين يسعون، من خلال هذه العملية، إلى التغطية على الوضع المُزري الذي يعيشه السكان في مناطق سيطرتهم جراء الفقر وتوقف المساعدات، إلا أن المخاوف من الرد الإسرائيلي، والنتائج التي ستترتب عليه، من شأنها أن تعرقل الجهود الأممية والإقليمية الرامية إلى إحلال السلام باليمن، وفق ما أفاد به مصدر حكومي يمني.

ويرى المصدر أن الهجوم الإسرائيلي المتوقع، والذي لا يعرف مداه ولا أهدافه، قد يضاعف الأزمة الإنسانية التي يواجهها أغلبية سكان اليمن المحتاجين إلى المساعدة.

وكان برنامج الأغذية العالمي الذي أوقف توزيع المساعدات على المحتاجين في مناطق سيطرة الحوثيين، قبل نحو 11 شهراً، قد استأنف توزيع هذه المساعدات أخيراً، لكن التطورات الأخيرة ربما تُعقّد هذه الجهود.

ويزيد من هذه التعقيدات أن هناك توجهاً دولياً لوقف تمويل المساعدات التي تُوجَّه إلى المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، رداً على اعتقالهم العشرات من العاملين لدى مكاتب الأمم المتحدة ومنظمات إغاثية دولية ومحلية منذ نحو ثلاثة أشهر، وتجاهل الجماعة الدعوات الدولية المتكررة لإطلاق سراحهم دون قيد أو شرط.

إعادة النظر

جدَّدت الحكومة اليمنية، المعترَف بها دولياً، مطالبة المجتمع الدولي بإعادة النظر في طريقة التعامل المتبَعة مع تهديدات الحوثيين لممرات الشحن التجاري الدولي، وخصوصاً في جنوب البحر الأحمر وخليج عدن.

وقال سفير اليمن لدى النمسا، هيثم شجاع الدين، في كلمة بلاده أمام اجتماع مجلس محافظي الوكالة الدولية للطاقة الذرية، إن من بين الخيارات، التي يمكن اتباعها في التعامل مع هجمات الحوثيين مواصلة دعم المجتمع الدولي للمجلس الرئاسي والحكومة المعترَف بها، من أجل تمكينها من القيام بمهامّ حماية الملاحة الدولية في المنطقة.

سفينة تجارية بميناء الحديدة حيث لم تتأثر الحركة فيه بالقصف الإسرائيلي (رويترز)

وأعاد المسؤول اليمني تأكيد أن الهجمات البحرية للحوثيين تسببت بتفاقم حِدة الأزمة الإنسانية في اليمن، وضاعفت الأعباء الاقتصادية عليها وعلى كثير من دول العالم، من خلال الزيادة الملحوظة والكبيرة في تكاليف الشحن والتأمين.

وإذ جدَّد المسؤول اليمني رفض حكومة بلاده الكامل والمطلق للهجمات التي تنفذها جماعة الحوثي «بدعم كامل من إيران»، أكد أنها تشكل تهديداً خطيراً للملاحة الدولية والسلم والأمن الدوليين.