اليمن يدعو لمعاقبة الانقلابيين لاختطافهم الموظفين الإنسانيين

الإرياني: المواقف الدولية المترددة منحت الحوثيين الضوء الأخضر

الجماعة الحوثية تتهم موظفي الإغاثة بالتجسس لمصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل (رويترز)
الجماعة الحوثية تتهم موظفي الإغاثة بالتجسس لمصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل (رويترز)
TT

اليمن يدعو لمعاقبة الانقلابيين لاختطافهم الموظفين الإنسانيين

الجماعة الحوثية تتهم موظفي الإغاثة بالتجسس لمصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل (رويترز)
الجماعة الحوثية تتهم موظفي الإغاثة بالتجسس لمصلحة الولايات المتحدة وإسرائيل (رويترز)

دعا معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية إلى تكثيف الضغط الدولي على الحوثيين عبر الأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن، من خلال فرض عقوبات إضافية على قادة الجماعة على خلفية استمرار اعتقالهم لموظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية.

وحض الوزير اليمني في تصريح رسمي، الأربعاء، على تصعيد قضية اختطاف موظفي المنظمات الدولية في مختلف وسائل الإعلام الدولي لكشف حجم الانتهاكات الحوثية، وزيادة الوعي العالمي بمخاطر الجماعة، وتحريك المسار القانوني عبر رفع دعوات قضائية في مختلف المحاكم الدولية لمحاسبة المسؤولين عن هذه الجريمة، وضمان حقوق المختطفين وسلامتهم.

معمر الإرياني وزير الإعلام والثقافة والسياحة في الحكومة اليمنية (سبأ)

تصريح الإرياني جاء لمناسبة اقتراب مرور مائة يوم من موجة الاختطافات الأخيرة التي شنتها الجماعة الحوثية التابعة لإيران، التي شملت أكثر من 50 شخصاً من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية العاملين في العاصمة المختطفة صنعاء، من بينهم ثلاث نساء.

مختطفون سابقون

أعاد الوزير اليمني التذكير بقيام الحوثيين خلال الأعوام الماضية باختطاف موظفي الأمم المتحدة، منهم اثنان مخطوفان منذ نوفمبر (تشرين الثاني) 2021، وآخر منذ أغسطس (آب) إلى جانب 11 معتقلا من الموظفين المحليين السابقين والحاليين لدى السفارة الأميركية في اليمن والوكالة الأميركية للتنمية، منذ قرابة عامين ونصف العام، إضافة إلى ثلاثة آخرين اختطفتهم الجماعة في 8 يونيو (حزيران) الماضي، وأخفتهم قسريا في ظروف غامضة، دون أن توجه لهم أي تهم، أو تسمح لهم بمقابلة أسرهم.

وشدّد الإرياني على أنه وفقاً للقانون الدولي الإنساني، فإن العاملين في المنظمات الإنسانية يتمتعون بحماية خاصة تضمن سلامتهم وأمنهم أثناء أداء مهامهم، إذ تنص اتفاقيات جنيف، خاصة الاتفاقية الرابعة، على حماية المدنيين والعاملين في الميدان الإنساني في مناطق النزاع المسلح.

الحوثيون كثفوا حملات الاعتقال في أوساط الموظفين الإغاثيين بمناطق سيطرتهم (أ.ف.ب)

وبالإضافة إلى ذلك، قال الوزير اليمني إن المادة 3 المشتركة بين اتفاقيات جنيف تنص على ضرورة معاملة جميع الأشخاص غير المشاركين في الأعمال العدائية معاملة إنسانية، كما تنص المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن توفير الحماية للأشخاص المعنيين بالأعمال الإنسانية على أن «العاملين في المجال الإنساني يجب أن يتمتعوا بحرية الحركة والوصول دون عوائق إلى الأشخاص المحتاجين إلى المساعدة».

ضوء أخضر

انتقد وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني المواقف الدولية التي وصفها بـ«المترددة» إزاء الحوثيين، وقال إن الجماعة عدت هذه المواقف «ضوءاً أخضر» لتصعيد إجراءاتها القمعية تجاه المنظمات الدولية والإنسانية، والموظفين المحليين العاملين فيها، دون أي اكتراث بالآثار الكارثية لتلك الممارسات على الأوضاع الاقتصادية والإنسانية الصعبة في المناطق الخاضعة لسيطرتها.

ووصف الإرياني موقف المجتمع الدولي في التعامل مع الحوثيين طيلة السنوات الماضية بـ«المتراخي وغض الطرف عن ممارساتهم الإجرامية»، وقال إن ذلك «أسهم في الوصول لهذه المرحلة الخطرة التي تقتحم فيها الميليشيا مقار المنظمات الدولية، وتقتاد الموظفين بالعشرات لمعتقلاتها، وتوجه لهم تهماً بالجاسوسية، وتتخذهم على طريقة الجماعات الإرهابية أدوات للدعاية والضغط والابتزاز والمساومة» وفق تعبيره.

المعتقلون في سجون الجماعة الحوثية يتعرضون للتعذيب لانتزاع أقوال تدينهم بالتجسس (أ.ب)

وجدّد الوزير اليمني الدعوة لبعثة الأمم المتحدة، والوكالات الأممية، والمنظمات الدولية العاملة في اليمن، وبعثة الأمم المتحدة لدعم اتفاق الحديدة «أونمها»، لنقل مقراتها الرئيسية فوراً إلى العاصمة المؤقتة عدن، والمناطق المحررة، لضمان المناخ الملائم لأداء مهامها الإنسانية بأمان وبشكل أكثر فاعلية لخدمة المحتاجين، والحفاظ على أرواح العاملين فيها.

وطالب الإرياني بموقف دولي حازم إزاء ممارسات الحوثيين التي قال إنها «تمثل انتهاكاً صارخاً للقانون الدولي والقانون الدولي الإنساني»، مشدداً على اتخاذ إجراءات قوية ورادعة تتناسب مع جرائم الجماعة.

كما طالب الوزير اليمني بممارسة ضغوط حقيقية على الجماعة الحوثية لإطلاق المحتجزين قسراً في معتقلاتها من موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية والمحلية، وكذا الشروع الفوري في تصنيف الجماعة «منظمة إرهابية عالمية».


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.