حملات اعتقال في صنعاء لرفض التبرع لاحتفالات الانقلابيين

أحد المقار الأمنية التابع لما يُسمى جهاز «الأمن الوقائي» الحوثي في صنعاء (إكس)
أحد المقار الأمنية التابع لما يُسمى جهاز «الأمن الوقائي» الحوثي في صنعاء (إكس)
TT

حملات اعتقال في صنعاء لرفض التبرع لاحتفالات الانقلابيين

أحد المقار الأمنية التابع لما يُسمى جهاز «الأمن الوقائي» الحوثي في صنعاء (إكس)
أحد المقار الأمنية التابع لما يُسمى جهاز «الأمن الوقائي» الحوثي في صنعاء (إكس)

اعتقلت عناصر تتبع ما يسمى جهاز «الأمن الوقائي» التابع للجماعة الحوثية في صنعاء، خلال اليومين الماضيين، العشرات من التجار ومُلّاك الأسواق وأودعتهم السجون، وذلك على خلفية رفضهم تقديم الدعم والمشاركة في احتفالات الجماعة ذات الصبغة الطائفية والسياسية بـ«المولد النبوي»، وهي مناسبة تحولها الجماعة كل عام إلى موسم لجباية الأموال من مختلف القطاعات الحكومية والخاصة، ومن جيوب اليمنيين في كل مناطق سيطرتها.

وأفادت مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن موجة الاعتقالات سبقها بأيام إجبار المؤسسات التجارية وأصحاب رؤوس الأموال والسكان، في عدة مديريات بصنعاء وضواحيها على دفع مبالغ مالية تتراوح بين 10 آلاف ريال يمني و200 ألف ريال (الدولار يساوي 530 ريالاً بمناطق سيطرة الجماعة)، وذلك دعماً لاحتفالات الجماعة بالمولد النبوي.

تعميم حوثي يُلزم سكان مديرية صنعاء القديمة بالاحتفال ودعم المولد النبوي (إكس)

وفي مديرية صنعاء القديمة (المدينة التاريخية) ألزم قادة حوثيون ملاك مولدات الكهرباء الخاصة والتجار وأصحاب المباني الكبيرة بتركيب الزينة الضوئية على كامل المباني من أعلاها إلى أسفلها، وتركيب قطع القماش وعمل الطلاء الأخضر على جدران المنازل وبوابات المتاجر.

وتداول ناشطون يمنيون على منصات التواصل الاجتماعي تعميماً صادراً عن القيادي الحوثي مهدي عرهب، يلزم فيه كل السكان في مديرية صنعاء القديمة بالمشاركة في احتفالات «المولد النبوي»، متوعداً الرافضين باتخاذ جميع الإجراءات العقابية بحقهم.

وقوبل سلوك الجماعة الحوثية بالاستنكار والرفض الشديدين من التجار والناشطين، وأكد عدد من السكان في حديثهم لـ«الشرق الأوسط»، أن هدف الجماعة من وراء استهدافها القاطنين في مناطق سيطرتها وإجبارهم بالقوة على الاحتفال بمناسباتها الدينية، هو تكريس أفكارها ذات الطابع الطائفي في أوساط المجتمع اليمني، وكذا إيصال رسالة للداخل والخارج مفادها بأنها تحظى بشعبية كبيرة في المناطق تحت سيطرتها.

استهداف بالقوة

شكا عادل، وهو اسم مستعار لمالك مبنى في صنعاء، لـ«الشرق الأوسط»، من تجدد استهداف الجماعة الحوثية له بذريعة عدم تعليقه قطع القماش والأنوار الخضر على كامل المبنى التابع له، المكون من 8 طوابق.

وأكد عادل أنه رغم التزامه بعمل الزينة في سطح المبنى بالكامل، فإن مسلحي الجماعة الحوثية فرضوا عليه تعليق الزينة الضوئية والقماشية ذات الألوان الخضر من أعلى المبنى وحتى أسفله، وهو أمر يتطلب مبلغاً مالياً كبيراً لشراء المستلزمات من تجار موالين للجماعة.

جانب من احتفالات حوثية بالمولد النبوي في صنعاء (الشرق الأوسط)

وقال إن المسلحين الحوثيين أمهلوه يومين للالتزام بالتعليمات، وإذا لم يلتزم فسيتم اعتقاله، والزج به في السجن، وإجباره على دفع غرامة مضاعفة.

ويأتي هذا التعسف الحوثي وإنفاق مليارات الريالات من مؤسسات الدولة ومن جيوب اليمنيين متوازياً مع توقعات رسمية يمنية بأن تظل معدّلات الفقر على حالها خلال السنوات المقبلة، إذ يعيش أغلب السكان على المساعدات الإنسانية.

وقدرت مصادر مطلعة في صنعاء بأن الجماعة الحوثية خصصت ما يعادل نحو 100 مليون دولار هذا العام للإنفاق على احتفالاتها بالمولد النبوي، وهي المناسبة التي حولتها الجماعة من مناسبة يتم الاحتفاء بها عادة في المساجد إلى فعاليات سياسية واسعة ومهرجانات وتظاهرات لتأكيد أحقية زعيمها عبد الملك الحوثي في حكم اليمنيين.

الحوثيون يوسعون من حجم الابتزاز ضد صغار التجار في مدن سيطرتهم (الشرق الأوسط)

وكان زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي قد نفى في أحدث خطبه، الخميس الماضي، أن تكون جماعته قد فرضت ضرائب وجبايات مالية جديدة على التجار في مناطق سيطرتها، لتمويل الاحتفال بـ«المولد النبوي» الذي تنظمه سنوياً، وتحشد لصالحه كل الإمكانات والموارد البشرية والمالية، وتعمم بالقوة مظاهر الاحتفال في كل الشوارع والطرقات والمباني في مناطق سيطرتها.

وتقول المصادر إن الجماعة فرضت على كبريات المجموعات التجارية اليمنية، مثل «هائل سعيد أنعم وشركاه»، و«إخوان ثابت»، وشركة «درهم»، ومجموعة «الكبوس»، مبالغ كبيرة تصل إلى مليار ريال يمني، أي نحو مليون و900 ألف دولار.


مقالات ذات صلة

التزام بريطاني بدعم إصلاحات الحكومة اليمنية لمواجهة التحديات

المشرق العربي رئيس الوزراء اليمني ووزير الدولة البريطاني لشؤون الشرق الأوسط وشمال أفريقيا (سبأ)

التزام بريطاني بدعم إصلاحات الحكومة اليمنية لمواجهة التحديات

أكدت المملكة المتحدة التزامها بدعم الحكومة اليمنية وجهودها الخاصة بعملية الإصلاح، بما في ذلك مواجهة التحديات المتعلقة بتقديم الخدمات وبما يحقق السلام والازدهار.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي الجماعة الحوثية تفرض قيوداً مشددة على موظفي الأمم المتحدة والمنظمات الدولية الإغاثية (أ.ف.ب)

اليمن يحمّل الأمم المتحدة مسؤولية حماية موظفيها المحليين

حملت الحكومة اليمنية الأمم المتحدة مسؤولية حماية موظفيها المحليين المعتقلين لدى الحوثيين وانتقدت «التراخي الدولي» إزاء انتهاكات الانقلابيين المدعومين من إيران.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي مليون يمني انضموا إلى قائمة الأشخاص الذين يعانون من انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

البنك الدولي: ربع سكان اليمن يواجهون انعدام الغذاء

توقع البنك الدولي أن يواجه 24 % من اليمنيين مستويات عالية لانعدام الأمن الغذائي الحاد خلال ما تبقى خلال هذا العام مؤكداً انضمام مليون شخص لقائمة الجوعى

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي تقارير محلية تتهم الحوثيين بتصعيد انتهاكاتهم ضد سكان محافظة إب (إ.ب.أ)

موجة سطو انقلابية تستهدف عقارات عامة في إب اليمنية

صعَّدت الجماعة الحوثية، خلال الأسابيع الأخيرة، من جرائم السطو على ما تبقى من الأراضي والعقارات التي تعود ملكيتها للدولة والسكان في محافظة إب اليمنية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
الخليج الحوثيون استخدموا فرع «البنك المركزي» في صنعاء لمصادرة عوائد أذون الخزانة (إعلام محلي)

مخاطر «أزمة السيولة» تلاحق المصارف اليمنية الخاضعة للانقلابيين

أظهرت وثيقة رسمية صادرة عن «جمعية البنوك اليمنية» في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية وجود أزمة سيولة خانقة تعيشها هذه البنوك؛ بسبب الإجراءات التي اتخذتها الجماعة.

محمد ناصر (تعز (اليمن))

موجة سطو انقلابية تستهدف عقارات عامة في إب اليمنية

مدينة إب تعيش في فوضى أمنية برعاية حوثية (فيسبوك)
مدينة إب تعيش في فوضى أمنية برعاية حوثية (فيسبوك)
TT

موجة سطو انقلابية تستهدف عقارات عامة في إب اليمنية

مدينة إب تعيش في فوضى أمنية برعاية حوثية (فيسبوك)
مدينة إب تعيش في فوضى أمنية برعاية حوثية (فيسبوك)

صعَّدت الجماعة الحوثية، خلال الأسابيع الأخيرة، من جرائم السطو على ما تبقى من الأراضي والعقارات التي تعود ملكيتها للدولة والسكان في محافظة إب اليمنية (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بالتزامن مع فوضى أمنية واجتماعية عارمة تعيشها المحافظة و22 مديرية تابعة لها.

واتهمت مصادر حقوقية يمنية الحوثيين بارتكاب انتهاكات متنوعة ضد سكان المحافظة منها القتل والإصابة والتعقب والملاحقة والخطف والقمع والتنكيل، وسط تركيز على نهب العقارات التي تُعد مصدراً لإثراء كبار قادة الجماعة وتمويل الفعاليات ذات البُعد الطائفي وحروبهم ضد اليمنيين.

مبنى أمني في محافظة إب خاضع للحوثيين (فيسبوك)

وتَمَثَّلَ آخر الانتهاكات في قيام الجماعة بتأجير مقر حكومي أمني خاضع لها في مدينة إب لقيادي ينحدر من صعدة (معقلها الرئيسي) بذريعة إقامة مشروع ترفيهي.

وتحدثت مصادر مطلعة في إب إلى «الشرق الأوسط»، عن إبرام قيادات في الجماعة تُدير شؤون المحافظة اتفاقاً يقضي بتأجير مقر «قيادة قوات الأمن المركزي» الكائن في مفرق جبلة جنوب المدينة لمصلحة القيادي القادم من صعدة.

وبموجب الاتفاق، شرع القيادي الحوثي بإجراء استحداثات في المقر الأمني والأراضي المحيطة به، في حين وصفت المصادر ذلك الاتفاق بـ«الصوري»، متهمة الجماعة الحوثية بالسعي لإيجاد مبرر لمصادرة الأراضي التابعة للمنشأة الأمنية، وذلك عقب تسريح آلاف من الجنود والضباط السابقين وإحلال عناصر موالين للجماعة مكانهم.

نهب متواصل

سبق ذلك بأيام وقوع حادثة سطو مماثلة شهدتها المحافظة إب، حيث سطا نافذ حوثي يكنى أبو العباس عامر، ومسلحون تابعون له على شقة سكنية تتبع مكتب الأوقاف في منطقة «الشعاب» بمديرية المشنة شرق مدينة إب.

وأفادت مصادر محلية بأن القيادي أبو العباس المعيَّن مشرفاً عاماً على مديرية المشنة دهم برفقة مسلحين الشقة السكنية المملوكة للأوقاف، واستولى عليها بالقوة، ثم حوَّلها فيما بعد إلى مقر خاص لعناصره.

تقارير محلية تتهم الحوثيين بتصعيد انتهاكاتهم ضد سكان محافظة إب (إ.ب.أ)

وكان قيادي حوثي آخر حاول مطلع الشهر الحالي التعدي على قطعة أرض تتبع أحد السكان في إحدى قرى مديرية العدين غرب إب، إلا أن تكاتف أبناء قرية «الحداني» وأهالي القرى المجاورة ووقوفهم بأسلحتهم في وجه القيادي القادم من محافظة عمران حال دون تمكنه من الاستيلاء على الأرضية.

ويشكو السكان في محافظة إب اليمنية من استمرار مسلسل الاستيلاء الحوثي الممنهج على الأراضي والعقارات، وأكد بعضهم لـ«الشرق الأوسط» ضلوع قيادات انقلابية نافذة في إدارة ما سموه «عمليات السطو والاستيلاء» المنظمة على الممتلكات في عموم المديريات والقرى والعزل التابعة للمحافظة.

وعلى مدى أكثر من 9 أعوام ماضية، حوّل الانقلابيون الحوثيون محافظة إب إلى مسرح للعبث وممارسة النهب والاستيلاء بقوة السلاح على أراضي وممتلكات الدولة والسكان، على غرار ما يحدث في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وبقية المدن التي تسيطر عليها الجماعة.