الحوثيون يُصعّدون جنوباً... وواشنطن تدمر مسيّرة ومركبة دعم

زعيم الانقلابيين هدد بـ«مفاجآت برية»

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عقب سلسلة هجمات حوثية (أ.ف.ب)
حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عقب سلسلة هجمات حوثية (أ.ف.ب)
TT

الحوثيون يُصعّدون جنوباً... وواشنطن تدمر مسيّرة ومركبة دعم

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عقب سلسلة هجمات حوثية (أ.ف.ب)
حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عقب سلسلة هجمات حوثية (أ.ف.ب)

صعّدت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران من هجماتها باتجاه محافظة لحج اليمنية (جنوباً)، وذلك عقب تهديدات زعيمها عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه بما وصفه بـ«المفاجآت البرية».

جاء ذلك في وقت واصل فيه الجيش الأميركي ضرباته الاستباقية ضد الجماعة، في سياق السعي لإضعاف قدراتها على مهاجمة السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وأوضحت القيادة المركزية الأميركية بأن قواتها نجحت خلال 24 ساعة في تدمير مسيرة للحوثيين المدعومين من إيران، إضافة إلى مركبة دعم واحدة في منطقة يمنية تسيطر عليها الجماعة.

وفي حين لم يتحدث الحوثيون عن هذه الضربات، ولا آثارها، ولا عن المنطقة التي استهدفتها، قال الجيش الأميركي إنه تبيّن أن هذه الأنظمة كانت تُشكل تهديداً واضحاً وشيكاً للقوات الأمريكية وقوات التحالف والسفن التجارية في المنطقة.

وأضاف البيان أنه «تم اتخاذ الإجراء (تدمير المسيرة المركبة) لحماية حرية الملاحة وجعل المياه الدولية أكثر أماناً وأمناً».

وفي مقابل التصعيد الحوثي، أطلقت واشنطن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ما سمّته «تحالف حارس الازدهار» لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير (كانون الثاني) بمشاركة من بريطانيا.

طائرة وهمية من دون طيار يرفعها أحد عناصر الحوثيين في أحد ميادين صنعاء (إ.ب.أ)

وتلقت الجماعة الحوثية أكثر من 600 غارة منذ ذلك الوقت في مناطق عدة خاضعة لها، بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركّزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة، التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات ضد السفن.

وتشّن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، ومنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغض النظر عن جنسيتها، إضافة إلى السفن الأميركية والبريطانية.

وكانت الجماعة قد هاجمت الأسبوع الماضي ناقلة نفط ترفع علم بنما، وتدعى «بلو لاجون 1»، ليرتفع عدد السفن التي أصيبت منذ بدء التصعيد إلى ما يقارب 34 سفينة، من بين نحو 185 سفينة تبنّت الجماعة مهاجمتها.

تعثر إنقاذ «سونيون»

وكان أحدث هجوم مؤثر ضد السفن قد نفّذته الجماعة في البحر الأحمر في 21 أغسطس (آب) الماضي ضد ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عبر سلسلة هجمات؛ ما أدى إلى توقُّف محركها وجنوحها، قبل أن يجري إخلاء طاقمها بواسطة سفينة فرنسية تابعة للمهمة الأوروبية «أسبيدس».

وبعد إخلاء الطاقم، اقتحم المسلحون الحوثيون الناقلة، وقاموا بتفخيخ سطحها وتفجيرها؛ ما أدى إلى اشتعال الحرائق على متنها، وسط مخاوف من انفجارها، أو تسرُّب حمولتها من النفط البالغة مليون برميل.

وأعلنت البعثة البحرية الأوروبية «أسبيدس»، الثلاثاء الماضي أنّ «الظروف غير مواتية» لقطر الناقلة المشتعلة، محذرةً من كارثة بيئية «غير مسبوقة» في المنطقة.

وقالت «أسبيدس» على منصة «إكس»: «إن الشركات الخاصة المسؤولة عن عملية الإنقاذ توصَّلت إلى أن الظروف لم تكن مواتية لإجراء عملية القطر، وأنه لم يكن من الآمن المُضي قدماً، وتدرس الشركات الخاصة الآن حلولاً بديلة».

وأدى هجوم حوثي في 18 فبراير (شباط) الماضي إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية في خليج عدن.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

تصعيد ميداني

إلى جانب التهديد البحري ضد السفن، ذكرت مصادر محلية يمنية أن الجماعة الحوثية شنّت هجمات على مواقع عسكرية تابعة للقوات الموالية للحكومة اليمنية في محافظة لحج الجنوبية، ما أدى إلى سقوط قتلى وجرحى من الطرفين.

ووفق المصادر، استهدفت الهجمات الحوثية موقعين في منطقة عهامة، التابعة لمديرية المسيمير، واستولت عليهما، قبل تشّن القوات الموالية للحكومة هجمات مضادة في مسعى لاستردادهما.

مسلحون حوثيون ضمن حشد دعا إليه زعيمهم في ميدان السبعين بصنعاء (رويترز)

وتسود مخاوف في الأوساط اليمنية من أن تقوم الجماعة الحوثية بنسف التهدئة الميدانية القائمة منذ أبريل (نيسان) 2022، خصوصاً بعد حديث زعيم الجماعة الحوثية في أحدث خطبه عما وصفه بـ«مفاجآت برية».

ومن وقت لآخر، تهاجم الجماعة الانقلابية مواقع القوات الحكومية في تعز ولحج والضالع ومأرب، واتهمتها الحكومة أخيراً بمحاولة قصف منشأة «صافر» النفطية في مأرب.

وبعد تطلع اليمنيين في آخر العام الماضي إلى حدوث انفراجة في مسار السلام بعد موافقة الحوثيين والحكومة اليمنية على خريطة طريق توسطت فيها السعودية وعمان، فإن هذه الآمال تبددت مع تصعيد الحوثيين وشن هجماتهم ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن.

وفي أحدث تصريحات رئيس «مجلس القيادة الرئاسي اليمني»، رشاد العليمي، حمل الحوثيين مسؤولية تعطيل مسار السلام، وتطرق إلى المبادرات التي قدمها «المجلس»، وقال: «لم نجد المشترك معهم للتقدم على هذه الطريق؛ إذ ليس لديهم سوى الحرب والدمار بوصفهما خياراً صفرياً».


مقالات ذات صلة

مخاطر «أزمة السيولة» تلاحق المصارف اليمنية الخاضعة للانقلابيين

الخليج الحوثيون استخدموا فرع «البنك المركزي» في صنعاء لمصادرة عوائد أذون الخزانة (إعلام محلي)

مخاطر «أزمة السيولة» تلاحق المصارف اليمنية الخاضعة للانقلابيين

أظهرت وثيقة رسمية صادرة عن «جمعية البنوك اليمنية» في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية وجود أزمة سيولة خانقة تعيشها هذه البنوك؛ بسبب الإجراءات التي اتخذتها الجماعة.

محمد ناصر (تعز (اليمن))
الخليج رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي: الحوثيون وداعموهم خطر وجودي على اليمن والمنطقة

وجّه رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي، انتقادات للحوثيين وداعميهم الإيرانيين، واصفاً إياهم بأنهم يشكلون «خطراً وجودياً» على اليمن والمنطقة بأسرها.

علي ربيع (عدن)
الخليج مرضى نفسيون في مصحة بمدينة تعز اليمنية (أ.ف.ب)

120 ألف يمني يتلقون رعاية نفسية أممية من بين 7 ملايين مصاب

أكد تقرير أممي حصول 120 ألف يمني هذا العام على رعاية صحية نفسية من بين نحو 7 ملايين مصاب في جميع أنحاء البلاد وسط تنديد حقوقي بتعذيب المعتقلين لدى الحوثيين

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي الحوثيون يواصلون استهداف العاملين الإغاثيين في المنظمات الأممية والدولية (أ.ف.ب)

قلق دولي عقب إحالة الحوثيين موظفين أمميّين وإغاثيين إلى المحاكمة

عبر رؤساء الوكالات الأممية والمنظمات الدولية عن قلقهم الشديد إثر إحالة الحوثيين المعتقلين من الموظفين الأمميين والإغاثيين إلى النيابة الجزائية تمهيداً لمحاكمتهم

علي ربيع (عدن)
العالم العربي استهداف حوثي لورشة صياغة ذهب في صنعاء (إعلام حوثي)

حملة ابتزاز تستهدف صاغة الذهب في صنعاء

شنت الجماعة الحوثية حملة ميدانية تستهدف معامل وورش صياغة الذهب والمجوهرات في صنعاء، وفرضت على ملاكها دفع إتاوات مالية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«كايسيد» يناقش دعم جهود السلام والتعايش في المنطقة

الاجتماع يناقش دعم مساعي القيادات الدينية لتخفيف وطأة الأزمات المتتالية بالمنطقة (كايسيد)
الاجتماع يناقش دعم مساعي القيادات الدينية لتخفيف وطأة الأزمات المتتالية بالمنطقة (كايسيد)
TT

«كايسيد» يناقش دعم جهود السلام والتعايش في المنطقة

الاجتماع يناقش دعم مساعي القيادات الدينية لتخفيف وطأة الأزمات المتتالية بالمنطقة (كايسيد)
الاجتماع يناقش دعم مساعي القيادات الدينية لتخفيف وطأة الأزمات المتتالية بالمنطقة (كايسيد)

يناقش مركز الحوار العالمي «كايسيد»، (الثلاثاء)، دعم جهود السلام والتعايش في المنطقة، وذلك خلال اجتماع للجنة التوجيهية لـ«منصة الحوار والتعاون بين القيادات والمؤسسات الدينية المتنوعة بالعالم العربي» الذي تستضيفه تونس.

ويشهد الاجتماع مشاركة نخبة قيادات دينية، وفاعلين بمجال الحوار وبناء السلام، وممثلين لمنظمات دينية في تونس والأردن والعراق ولبنان وسوريا، ومصر. ويأتي في ظروف استثنائية تمر بها عدة دول بالمنطقة، تفرض دوراً أساسياً لهم؛ لتعزيز استجابة مجتمعاتهم المحلية لمواجهة التحديات التي تؤثر سلباً على التماسك المجتمعي، وقيم العيش المشترك.

وأوضح «كايسيد»، في بيان، أن الاجتماع سيناقش خطة العمل الاستراتيجية للمنطقة العربية لعامي 2024 و2025، التي تهدف إلى تعزيز الحوار والتعاون بين أتباع الأديان، ودعم جهود السلام والتعايش بالمنطقة، كذلك دعم مساعي القيادات الدينية لتخفيف وطأة الأزمات المتتالية التي يشهدها الشرق الأوسط.

الاجتماع يسعى لتعزيز الاستجابة لمواجهة التحديات المؤثرة على التماسك المجتمعي (كايسيد)

وينظم المركز فعالية جانبية يعرض خلالها الشركاء المحليون المشاريع الحوارية المدعومة منه منذ عام 2020، بهدف تقييم أثرها، ومناقشة فرص التعاون المستقبلية، فضلاً عن تقديمهم 5 مبادرات جديدة ضمن برنامج «مشاريع حوارية في المنطقة العربية»؛ تهدف لبناء القدرات المجتمعية، وتوفير مساحات للحوار بين أتباع الأديان والثقافات.

وتركز المبادرات على مكافحة خطاب الكراهية، وتمكين الشباب، وتعزيز التماسك المجتمعي، والحد من التطرف العنيف، وحماية المواقع التراثية والدينية، بالتعاون مع القيادات وصانعي السياسات والشباب. كما تسعى لتقديم حلول عملية للتحديات التي تواجه المجتمعات المحلية، وتعزيز قيم المواطنة عبر حملات إعلامية، وتوقيع مواثيق التزام لدعم الحوار.

يأتي هذا الاجتماع ضمن جهود «كايسيد» المستمرة لتعزيز الحوار بين أتباع الأديان والثقافات، ودعم المبادرات التي تسهم في بناء مجتمعات متماسكة تسودها قيم التسامح والسلام. ويعد فرصة للتواصل بين مختلف الشركاء الإقليميين، وتوحيد الجهود نحو مستقبل أكثر استقراراً وتعاوناً.