تقرير أممي: عائلات يمنية بأكملها تواجه الجوع يومياً

85 % من النازحين غير قادرين على توفير احتياجاتهم

اليمن من أكثر الدول تأثراً بالتغير المناخي (أ.ف.ب)
اليمن من أكثر الدول تأثراً بالتغير المناخي (أ.ف.ب)
TT

تقرير أممي: عائلات يمنية بأكملها تواجه الجوع يومياً

اليمن من أكثر الدول تأثراً بالتغير المناخي (أ.ف.ب)
اليمن من أكثر الدول تأثراً بالتغير المناخي (أ.ف.ب)

كشفت بيانات حديثة وزعتها مفوضية شؤون اللاجئين التابعة للأمم المتحدة أن أسراً بأكملها في اليمن تواجه الجوع كل يوم، وأن ملايين النازحين داخلياً يواجهون ظروفاً متدهورة مع تفاقم الأزمة التي تعيشها البلاد منذ عشرة أعوام وتأثير التغير المناخي.

ويرسم التحديث الأممي الخاص بمراقبة حماية النازحين اليمنيين داخلياً، صورة قاتمة للظروف التي تؤثر على النازحين والمجتمعات المضيفة في البلاد، كما تقدم البيانات، التي تم جمعها من أكثر من 47 ألف أسرة في النصف الأول من العام الحالي، تفاصيل عن معاناة النازحين داخلياً والعائدين وأفراد المجتمع المضيف.

فاقمت السيول والأمطار معاناة آلاف الأسر اليمنية (أ.ف.ب)

ومن بين الأسر التي شملها المسح ويقيم عدد كبير منها في مواقع النازحين الرسمية وغير الرسمية، ظهر أن 85 في المائة من هذه الأسر غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية اليومية، وقد لجأ العديد منها إلى «آليات قاسية» للتأقلم مع الظروف الصعبة، مثل تقليل أحجام الوجبات أو تخطي تناول الوجبات تماماً.

ووصفت المفوضية نتائج الإحصاءات بأنها تصور الواقع القاسي؛ «إذ تواجه أسر بأكملها الجوع كل يوم»، ونبهت إلى قضية أخرى بالغة الأهمية، ولكنها لا تحظى بالاهتمام، وهي الافتقار الواسع النطاق إلى الوثائق المدنية بين الأسر النازحة؛ إذ إن أكثر من 51 في المائة من الأسر التي شملها الاستطلاع لديها طفل واحد على الأقل من دون شهادة ميلاد، و70 في المائة لديها أفراد من الأسرة من دون بطاقات هوية وطنية.

وبينت أنه من دون هذه الوثائق الحاسمة، تصبح الأسر معزولة عن الوصول إلى الخدمات الأساسية والتعليم وحقوقها الأساسية، مما يؤدي إلى تفاقم ضعفها وإعاقة قدرتها على إعادة بناء حياتها.

أكثر من 51% من الأسر اليمنية لديها طفل واحد على الأقل من دون شهادة ميلاد (الأمم المتحدة)

وأكدت المفوضية الأممية أنه على الرغم من الجهود المبذولة لتحسين الظروف المعيشية، فإن غالبية الأسر النازحة لا تشعر بالأمان عند العودة إلى ديارها بسبب عدم الاستقرار المستمر، ونقص فرص كسب العيش والمخاطر مثل الألغام الأرضية، مما يغرقها في دوامة من النزوح المطول.

تحديات شديدة

تقول البيانات الأممية إن اليمن - الذي لا يزال إحدى أسوأ الأزمات الإنسانية في العالم - يواجه تحديات شديدة حتى مع تحول الاهتمام إلى حالات طوارئ عالمية أخرى؛ إذ يحتاج في الوقت الحالي 18.2 مليون شخص في البلاد، بمن فيهم 4.5 مليون نازح، إلى مساعدات إنسانية عاجلة. ويشمل ذلك أكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء، معظمهم من الصومال وإثيوبيا.

وأكدت مفوضية اللاجئين الحاجة إلى دعم عالمي أكثر منهجية واستدامة لدول مثل اليمن، وهو أحد أكثر بلدان العالم تأثراً بالتغير المناخي، كما أنه من بين أقل البلدان استعداداً للتخفيف من آثار الظروف الجوية القاسية والكوارث الناجمة عن تغير المناخ أو التكيّف معها، حيث أصبحت هذه الكوارث أكثر تواتراً.

كارثة الفيضانات فاقمت من معاناة ملايين اليمنيين (الأمم المتحدة)

وأعادت المفوضية التذكير بأن الفيضانات الكارثية الأخيرة في مديرية ملحان بمحافظة المحويت، والتي نجمت عن الأمطار الغزيرة، أدت إلى انهيار ثلاثة سدود ودمرت مجتمعات بأكملها. وعلى مدار الشهر الماضي، أودت الفيضانات بحياة 97 شخصاً وأصابت العديد من الأشخاص الآخرين، وأثرت على أكثر من 56 ألف منزل في 20 محافظة وشردت أكثر من ألف أسرة.

وتشمل أكثر المناطق تضرراً الحديدة وحجة والطويلة ومأرب، ويتسبب تضرر الطرق في عزل المناطق المتضررة وإعاقة جهود الإنقاذ.

وتشير المفوضية إلى أن هذه الكارثة فاقمت معاناة الملايين، فقد تم تدمير البنية الأساسية الحيوية، وجرفت المياه الملاجئ، وغمرت الأراضي الزراعية، كما تشكل الذخائر غير المنفجرة التي تم اكتشافها بسبب الفيضانات تهديدات إضافية للمدنيين والعاملين في المجال الإنساني.


مقالات ذات صلة

هجمات حوثية تصيب سفينتين في البحر الأحمر دون خسائر بشرية

العالم العربي ناقلة النفط «بلو لاجون 1» تعرضت لهجوم حوثي في البحر الأحمر (رويترز)

هجمات حوثية تصيب سفينتين في البحر الأحمر دون خسائر بشرية

تعرضت ناقلة نفط وسفينة تجارية في جنوب البحر الأحمر لهجمات يعتقد مسؤولية الحوثيين عنها دون تسجيل خسائر بشرية، فيما انتقد وزير يمني التساهل الدولي مع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي انقلابيون حوثيون يشرفون على تشويه مدينة صعدة القديمة (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يشوِّهون معالم وأسوار مدينة صعدة القديمة

أقدمت الجماعة الحوثية في اليمن على تشويه معالم وأسوار مدينة صعدة التاريخية (شمال) عبر طلائها باللون الأخضر وشعارات الجماعة ذات النزعة الطائفية.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مقاتلة من طراز «إف 22 في منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

ضربات أميركية ضد الحوثيين خلال 3 أيام متتابعة

نفذ الجيش الأميركي ضربات ضد الجماعة الحوثية المدعومة من إيران خلال الأيام الثلاثة الأخيرة من شهر أغسطس (آب) في سياق السعي للحد من قدرتها على مهاجمة السفن.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي محافظات يمنية عدة سجلت أعلى معدلات انعدام الأمن الغذائي (الأمم المتحدة)

​اليمن يسجل أعلى المعدلات في تدني استهلاك الغذاء

سجل اليمن أعلى معدلات تدني استهلاك الغذاء إذ ارتفعت نسبة الحرمان الشديد إلى 79 ‎% في مناطق سيطرة الحوثيين وفق بيانات أممية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي بوابة جامعة ذمار اليمنية (إكس)

اعتداءات على الأكاديميين اليمنيين في ذمار ونهب للأراضي

استقال أعضاء عمادة وهيئة التدريس في كلية العلوم التطبيقية بجامعة ذمار اليمنية بشكل جماعي بعد اعتداء نجل قيادي حوثي في الجامعة على أحد المدرسين.

وضاح الجليل (عدن)

هجمات حوثية تصيب سفينتين في البحر الأحمر دون خسائر بشرية

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)
حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)
TT

هجمات حوثية تصيب سفينتين في البحر الأحمر دون خسائر بشرية

حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)
حرائق على متن ناقلة النفط اليونانية «سونيون» جراء هجمات حوثية (رويترز)

تعرضت ناقلة نفط وسفينة تجارية أخرى في جنوب البحر الأحمر، الاثنين، لهجمات يعتقد مسؤولية الحوثيين عنها دون تسجيل خسائر بشرية، فيما حمّل وزير يمني المجتمع الدولي مسؤولية تساهله مع الجماعة المدعومة من إيران، وقال إن ذلك شجّعها على المزيد من التهديد للملاحة الدولية.

وتشن الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة ومنع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل بغض النظر عن جنسيتها، إضافة إلى السفن الأميركية والبريطانية.

وذكرت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية وشركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري أن ناقلة نفط تحمل علم بنما وسفينة تجارية تعرضتا للهجوم في البحر الأحمر قبالة اليمن، الاثنين، مع إصابة ناقلة النفط بقذيفتين.

وإذ لم ترد أنباء عن سقوط ضحايا في الهجومين، أفادت الوكالتان البريطانيتان بأن الهجوم على الناقلة وقع على بعد نحو 70 ميلاً بحرياً شمال غربي ميناء الصليف اليمني، كما أفادت «أمبري» بأن طائرة مسيّرة استهدفت السفينة التجارية على بعد نحو 50 ميلاً بحرياً قبالة ميناء الحديدة اليمني على البحر الأحمر والواقع إلى الجنوب من الصليف مباشرة.

وأكدت المصادر الغربية أن ناقلة النفط التي ترفع علم بنما، وتدعى «بلو لاجون 1»، والسفينة تواصلان الإبحار باتجاه ميناء التوقف التالي، في حين لم تتبنَّ الجماعة الحوثية على الفور هذه الهجمات التي أصابت منذ بدء التصعيد نحو 34 سفينة من بين نحو 185 سفينة تبنت الجماعة مهاجمتها.

وأدى هجوم حوثي في 18 فبراير (شباط) الماضي إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استهدفتها الجماعة في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

ناقلة النفط «بلو لاجون 1» تعرضت لهجوم حوثي في البحر الأحمر (رويترز)

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

أحدث الهجمات

في أحدث الهجمات الحوثية تبنّت الجماعة، مساء السبت الماضي، مهاجمة السفينة «جروتون» في خليج عدن، وقالت إنه الاستهداف الثاني للسفينة بعد هجوم في الثالث من أغسطس (آب) الماضي.

وفي حين زعم المتحدث العسكري باسم الجماعة، يحيى سريع، إصابة السفينة إصابة مباشرة، ذكرت تقارير غربية أن قبطان السفينة أبلغ عن سقوط صاروخين بالقرب من مقدمتها ومؤخرتها دون أضرار.

وكان أحدث هجوم مؤثر ضد السفن قد نفذته الجماعة في البحر الأحمر في 21 أغسطس الماضي ضد ناقلة النفط اليونانية «سونيون» عبر سلسلة هجمات؛ ما أدى إلى توقُّف محركها وجنوحها قبل أن يجري إخلاء طاقمها بواسطة سفينة فرنسية تابعة للمهمة الأوروبية «أسبيدس».

وبعد إخلاء الطاقم، اقتحم المسلحون الحوثيون الناقلة، وقاموا بتفخيخ سطحها وتفجيرها؛ ما أدى إلى اشتعال الحرائق على متنها، وسط مخاوف من انفجارها، أو تسرب حمولتها من النفط البالغة مليون برميل.

عناصر حوثيون اقتحموا الناقلة اليونانية «سونيون» وفخخوا سطحها قبل تفجيره (إ.ب.أ)

ومع سماح الجماعة بقطر السفينة إثر تلقيها ضوءاً أخضر من إيران، قال وزير خارجية حكومتها الانقلابية غير المعترف بها جمال عامر، في تغريدة على منصة «إكس»، إنه من المنتظر وصول قاطرات، الأحد الماضي، للبدء في سحب الناقلة «سونيون».

وفي مقابل التصعيد الحوثي، أطلقت واشنطن في ديسمبر (كانون الأول) الماضي ما سمته «تحالف حارس الازدهار» لحماية الملاحة البحرية، قبل أن تبدأ ضرباتها الجوية على الأرض في 12 يناير (كانون الثاني) بمشاركة من بريطانيا.

وتلقت الجماعة الحوثية أكثر من 600 غارة منذ ذلك الوقت في مناطق عدة خاضعة لها بما فيها صنعاء، لكن أكثر الضربات تركزت على المناطق الساحلية في محافظة الحديدة التي تتخذ منها الجماعة منطلقاً لشن الهجمات ضد السفن.

تساهل دولي

مع استمرار الجماعة الحوثية في شن هجماتها، انتقد وزير الإعلام اليمني، معمر الإرياني، ما وصفه بـ«التساهل» الدولي مع الجماعة، وقال في تصريح رسمي: «إن عدم جدية المجتمع الدولي في التعامل مع تهديدات ميليشيا الحوثي، الإرهابية التابعة لإيران، لأمن وسلامة حركة التجارة الدولية في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن، التي باتت تُشكل خطراً جدياً على الأمن والسلم العالميين، يُعد تقصيراً في مسؤولياته».

وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني (رويترز)

واستغرب الوزير اليمني من استمرار صمت المجتمع الدولي تجاه الهجمات الحوثية على السفن التجارية، وناقلات النفط، وأعمال القرصنة، ونشر الزوارق المفخخة، وزرع الألغام البحرية؛ في أحد أهم الممرات البحرية الاستراتيجية في العالم.

وأضاف الإرياني: «إن تسامح المجتمع الدولي مع هذه الممارسات الإجرامية يعُد تشجيعاً غير مباشر للميليشيا الحوثية للاستمرار في أنشطتها الإرهابية، وتقويض الجهود الدولية لتحقيق السلام والاستقرار في اليمن والمنطقة، كما أنه يبعث برسالة خاطئة مفادها أن الاعتداء على المصالح الدولية يمكن أن يمر دون عقاب، مما يفتح الباب أمام مزيد من الفوضى والاضطراب في اليمن والمنطقة».

وأكد وزير الإعلام اليمني أن هجمات الحوثيين تعيق تدفق السلع والوقود؛ ما يؤدي إلى ارتفاع تكاليف الشحن وتأمين السفن، الذي ينعكس سلباً على الاقتصاد العالمي ويهدد برفع أسعار السلع الأساسية، وخصوصاً في الدول النامية التي تعتمد على الواردات، كما أن هذه الهجمات تضرب استقرار التجارة الدولية، التي تعتمد بشكل كبير على حرية الملاحة في هذا الممر الحيوي المهم.

طائرة مسيّرة وهمية من صنع الحوثيين (إ.ب.أ)

وقال الإرياني إن هذه الهجمات الإرهابية العشوائية تؤدي إلى مخاطر إنسانية جسيمة، ليس فقط بتعريض حياة طواقم السفن للخطر، ولكن أيضاً بتهديد البيئة البحرية من خلال احتمالات تسرب النفط وحدوث التلوث النفطي؛ مما يتسبب في شل حركة الملاحة ويفاقم من معاناة المجتمعات المحلية في اليمن والدول المشاطئة التي تعتمد على الصيد ومصادر المياه البحرية.

وطالب الوزير اليمني بتحرك عاجل لردع الجماعة الحوثية وفرض عقوبات صارمة عليها، لضمان حماية التجارة الدولية، وحفظ الأمن والاستقرار في المنطقة، والشروع في تصنيفها «جماعة إرهابية عالمية»، ودعم الحكومة الشرعية في الجوانب السياسية والاقتصادية والعسكرية لفرض سيطرتها وتثبيت الأمن والاستقرار على كامل الأراضي اليمنية.