كارثة بيئية تهدد البحر الأحمر عقب هجمات حوثية على ناقلة نفط يونانية

«أسبيدس» الأوروبية أجلت طاقم السفينة الجانحة إلى جيبوتي

إجلاء 25 بحاراً من طاقم الناقلة اليونانية بعد تعرضها للهجمات في البحر الأحمر وتوقف محركها (أسبيدس الأوروبية)
إجلاء 25 بحاراً من طاقم الناقلة اليونانية بعد تعرضها للهجمات في البحر الأحمر وتوقف محركها (أسبيدس الأوروبية)
TT

كارثة بيئية تهدد البحر الأحمر عقب هجمات حوثية على ناقلة نفط يونانية

إجلاء 25 بحاراً من طاقم الناقلة اليونانية بعد تعرضها للهجمات في البحر الأحمر وتوقف محركها (أسبيدس الأوروبية)
إجلاء 25 بحاراً من طاقم الناقلة اليونانية بعد تعرضها للهجمات في البحر الأحمر وتوقف محركها (أسبيدس الأوروبية)

حذرت المهمة العسكرية البحرية الأوروبية «أسبيدس» من وقوع كارثة بيئية في البحر الأحمر، الخميس، بعد تمكنها من إجلاء طاقم ناقلة نفط يونانية تعرضت لسلسلة هجمات حوثية، الأربعاء، على بعد نحو 77 ميلاً بحرياً غرب الحديدة، وهو ما أدى إلى جنوح الناقلة وتعطل محركاتها، دون إصابات بين أفراد الطاقم.

ولم تتبن الجماعة الحوثية على الفور الهجوم، إلا أنها تشن ابتداء من 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي هجماتها ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن، تحت مزاعم منع السفن المرتبطة بإسرائيل نصرة للفلسطينيين في غزة. وادعى زعيمها عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه، الخميس، مهاجمة 182 سفينة منذ بدء التصعيد.

وأكدت المهمة الأوروبية «أسبيدس» المعنية بالمساهمة في حماية السفن، والتي بدأت في منتصف فبراير (شباط) الماضي، أنها تمكنت من إنقاذ طاقم السفينة اليونانية «سونيون» بعد تلقيها نداء استغاثة من القبطان.

وأوضحت المهمة في بيان، الخميس، أنها في أثناء اقترابها لإنقاذ الطاقم دمرت زورقاً مسيراً كان يشكل تهديداً وشيكاً، وتمكنت من إنقاذ أفراد طاقم السفينة ونقلهم إلى جيبوتي. وقالت إن حياة البحارة والحرية في أعالي البحار هي قيم غير قابلة للتفاوض، وحمايتهم هي أحد الأهداف الرئيسية للعملية.

وأكدت أن السفينة التي تحمل 150 ألف طن من النفط الخام، تشكل الآن خطراً ملاحياً وبيئياً، وشددت على أنه من الضروري أن يتوخى الجميع في المنطقة الحذر والامتناع عن أي أفعال من شأنها أن تؤدي إلى تدهور الوضع الحالي.

من جهتها، حمّلت السفيرة البريطانية لدى اليمن، عبدة شريف، الحوثيين مسؤولية الهجوم على السفينة النفطية، وحذرت من كارثة بيئية ودعت إلى وقف ما وصفته بـ«هجماتهم المتهورة».

وقالت السفيرة في تغريدة على منصة «إكس»: «هجوم حوثي آخر يهدد سواحل اليمن وصيادي الأسماك وينذر بكارثة بيئية. لحسن الحظ، تم إنقاذ الطاقم، لكن سفينة (سونيون) التي تحمل 150 ألف طن من النفط أصبحت مهدورة في البحر. ندعو الحوثيين مرة أخرى إلى وقف هذه الهجمات المتهورة وغير القانونية».

في غضون ذلك، نقلت «رويترز» عن مسؤول في المهمة البحرية للاتحاد الأوروبي في البحر الأحمر (أسبيديس) قوله إن أفراد طاقم ناقلة النفط «سونيون» التي ترفع علم اليونان، والتي تعرضت لهجوم في البحر الأحمر، غادروا الناقلة وجرى نقلهم إلى جيبوتي. وإن الناقلة ترسو الآن بين اليمن وإريتريا في جنوب البحر الأحمر.

والناقلة سونيون، التي تبلغ سعتها 163.759 طناً، هي ثالث سفينة تديرها شركة «دلتا تانكر»، ومقرها أثينا، تتعرض للهجوم في البحر الأحمر هذا الشهر، طبقاً للوكالة.

وتابع المسؤول الأوروبي قائلاً إن المهمة البحرية استجابت لطلب من شركة الشحن وربان السفينة، وأرسلت وحدة لتوفير الحماية لها وإنقاذ الطاقم، المكون من روسيين اثنين و23 فلبينياً.

مشهد من إنقاذ طاقم ناقلة النفط اليونانية في جنوب البحر الأحمر (مهمة أسبيدس الأوروبية)

ومع وجود مخاوف من أن يعاود الحوثيون الهجمات على السفينة لتفجيرها، قالت شركة «أمبري» البريطانية للأمن البحري إن «هناك زوارق معادية مأهولة ومسيرة تعمل في المنطقة».

وفي حين أدان وزير الشحن اليوناني كريستوس ستيليانيديس، الأربعاء، الهجوم على سونيون، قائلاً إنه «انتهاك صارخ للقانون الدولي، وتهديد خطير لسلامة الشحن الدولي»، كانت السفينة متجهة من العراق إلى اليونان بكامل حمولتها من المواد النفطية.

هجوم في خليج عدن

في واقعة أخرى، أفادت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، الخميس، بأن سفينة أبلغت عن تعرضها لأضرار بسيطة نتيجة انفجار وقع بالقرب منها، بعد مواجهة مع زورق مسير على بعد 57 ميلاً بحرياً جنوبي ميناء عدن اليمني، وأن السفينة وطاقمها بخير، وتواصل طريقها إلى ميناء التوقف التالي.

وبحسب الهيئة البريطانية، كانت سفينة الشحن «إس دبليو نورث ويند1» تبحر قبالة سواحل عدن وأبلغ قبطانها، الأربعاء، عن وقوع خمسة انفجارات في المياه القريبة منها.

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

كما تدّعي القيام بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران في المنطقة.

وادعت الجماعة مهاجمة أكثر من 180 سفينة، وأصابت الهجمات نحو 32 سفينة، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير الماضي إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها إلى مزار لأتباعها.

182 سفينة

في أحدث خطب زعيم الجماعة الحوثية عبد الملك الحوثي، الخميس، تبنى مهاجمة 182 سفينة منذ بدء التصعيد، وقال إن جماعته نفذت هذا الأسبوع 21 عملية بصواريخ باليستية ومجنحة وطائرات مسيرة وزوارق بحرية.

وأقر الحوثي بتلقي مواقع جماعته في محافظة الحديدة الساحلية على البحر الأحمر خلال أسبوع 5 غارات أميركية، وزعم أن عدم الرد حتى الآن على إسرائيل من قبل جماعته وإيران و«حزب الله»، يعود إلى الاستمرار في التخطيط ليكون الرد موجعاً، وفق زعمه.

سفينة راسية في ميناء الحديدة اليمني الذي تعرض لقصف إسرائيلي في 20 يوليو الماضي (أ.ف.ب)

ودعا زعيم الحوثيين أتباعه إلى الاستمرار في التظاهر الأسبوعي كل يوم جمعة، وحض على المزيد من التجنيد، وقال إن جماعته قامت بتعبئة أكثر من 430 ألف عنصر من بدء الحرب في غزة.

وأقرّت الجماعة حتى الآن بتلقّي نحو 600 غارة أميركية وبريطانية منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، في سياق العمليات الدفاعية الاستباقية التي تقودها واشنطن تحت مسمى تحالف «حارس الازدهار» للحد من الهجمات.

ويرى مراقبون يمنيون أن الضربات الاستباقية الأميركية المتلاحقة أدت إلى تراجع هجمات الجماعة الحوثية، خصوصاً أنها استهدفت كثيراً من الرادارات التي توجه الهجمات ومنصات الإطلاق خلال الآونة الأخيرة.

وأدت الضربات الغربية إلى مقتل 73 عنصراً حوثياً، وإصابة 181 منذ بدء التصعيد البحري، بمن فيهم نحو 6 قتلى ونحو 80 جريحاً سقطوا في القصف الإسرائيلي على الحديدة في 20 يوليو (تموز) الماضي.


مقالات ذات صلة

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
TT

«حماس» تُرحّب بمذكرتي توقيف نتنياهو وغالانت وتصفهما بخطوة «تاريخية»

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت (أرشيفية - رويترز)

رحبت حركة «حماس»، اليوم (الخميس)، بإصدار المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو ووزير دفاعه السابق يوآف غالانت، معتبرة أنه خطوة «تاريخية مهمة».

وقالت الحركة في بيان إنها «خطوة ... تشكل سابقة تاريخيّة مهمة، وتصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا»، من دون الإشارة إلى مذكرة الاعتقال التي أصدرتها المحكمة بحق محمد الضيف، قائد الجناح المسلح لـ«حماس».

ودعت الحركة في بيان «محكمة الجنايات الدولية إلى توسيع دائرة استهدافها بالمحاسبة، لكل قادة الاحتلال».

وعدّت «حماس» القرار «سابقة تاريخية مهمة»، وقالت إن هذه الخطوة تمثل «تصحيحاً لمسار طويل من الظلم التاريخي لشعبنا، وحالة التغاضي المريب عن انتهاكات بشعة يتعرض لها طيلة 46 عاماً من الاحتلال».

كما حثت الحركة الفلسطينية كل دول العالم على التعاون مع المحكمة الجنائية في جلب نتنياهو وغالانت، «والعمل فوراً لوقف جرائم الإبادة بحق المدنيين العزل في قطاع غزة».

وفي وقت سابق اليوم، أصدرت المحكمة الجنائية الدولية مذكرتي اعتقال بحق نتنياهو وغالانت؛ لتورطهما في «جرائم ضد الإنسانية وجرائم حرب»، منذ الثامن من أكتوبر (تشرين الأول) 2023.

وقال القيادي بحركة «حماس»، عزت الرشق، لوكالة «رويترز» للأنباء، إن أمر الجنائية الدولية يصب في المصلحة الفلسطينية.

وعدّ أن أمر «الجنائية الدولية» باعتقال نتنياهو وغالانت يكشف عن «أن العدالة الدولية معنا، وأنها ضد الكيان الصهيوني».

من الجانب الإسرائيلي، قال رئيس الوزراء السابق، نفتالي بينيت، إن قرار المحكمة بإصدار أمري اعتقال بحق نتنياهو وغالانت «وصمة عار» للمحكمة. وندد زعيم المعارضة في إسرائيل، يائير لابيد، أيضاً بخطوة المحكمة، ووصفها بأنها «مكافأة للإرهاب».

ونفى المسؤولان الإسرائيليان الاتهامات بارتكاب جرائم حرب. ولا تمتلك المحكمة قوة شرطة خاصة بها لتنفيذ أوامر الاعتقال، وتعتمد في ذلك على الدول الأعضاء بها.