حالات سوء تغذية حرجة لأول مرة في المناطق اليمنية المحررة

4 وكالات أممية أطلقت دعوة دولية للمساعدة

مركز الملك سلمان للإغاثة أبرز الممولين لبرامج مكافحة سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
مركز الملك سلمان للإغاثة أبرز الممولين لبرامج مكافحة سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
TT

حالات سوء تغذية حرجة لأول مرة في المناطق اليمنية المحررة

مركز الملك سلمان للإغاثة أبرز الممولين لبرامج مكافحة سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)
مركز الملك سلمان للإغاثة أبرز الممولين لبرامج مكافحة سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)

أطلقت أربع منظمات أممية تحذيراً من الزيادة الحادة في سوء التغذية بين السكان في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، وقالت إن مناطق الساحل الغربي تعاني من مستويات حرجة للغاية للمرة الأولى منذ بداية الصراع.

وفي بيان مشترك أكدت منظمة اليونيسيف، ومنظمة الأغذية والزراعة (فاو)، وبرنامج الأغذية العالمي، ومنظمة الصحة العالمية، أن سوء التغذية الحاد يزداد بسرعة في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، حيث يعاني الساحل الغربي من مستويات «حرجة للغاية» من سوء التغذية لأول مرة.

فاقمت السيول والأمطار الأوضاع الإنسانية الحرجة في الساحل الغربي لليمن (الأمم المتحدة)

ووفقاً لأحدث تحليل لسوء التغذية الحاد في إطار التصنيف المرحلي المتكامل، ارتفع عدد الأطفال دون سن الخامسة الذين يعانون من سوء التغذية الحاد أو الهزال بنسبة 34 في المائة مقارنة بالعام السابق في جميع مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، مما يؤثر على أكثر من 600 ألف طفل، من بينهم 120 ألف طفل يعانون من سوء التغذية الحاد.

ويعزى هذا الارتفاع الحاد إلى التأثير المركب لتفشي الأمراض (الكوليرا والحصبة)، وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي، ومحدودية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب، والتدهور الاقتصادي. بالإضافة إلى ذلك وُجد أن نحو 223 ألف امرأة من الحوامل والمرضعات يعانين من سوء التغذية الحاد في هذا العام.

وبحسب البيان الأممي ينطبق هذا الوضع مع المستوى الأشد خطورة في إطار التصنيف المرحلي المتكامل لسوء التغذية الحاد، وهو سوء التغذية الحاد الحرج للغاية (أي المرحلة الخامسة من التصنيف) والذي يطلق على المناطق التي يتجاوز فيها معدل انتشار سوء التغذية الحاد 30 في المائة.

مستوى حاد

ذكرت المنظمات الأممية الأربع أنه وللمرة الأولى، تم الإبلاغ عن هذا المستوى من سوء التغذية الحاد في الأراضي المنخفضة في جنوب محافظة الحديدة (بمديريتي الخوخة وحيس) وفي مديرية المخا التابعة لمحافظة تعز في الفترة من نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى يونيو (حزيران) الماضي.

وطبقاً لبيانات الأمم المتحدة، من المتوقع أن يرتفع معدل انتشار سوء التغذية الحاد في الحديدة إلى 33.9 في المائة من 25.9 في المائة على أساس سنوي، في الفترة من يوليو (تموز) إلى أكتوبر (تشرين الأول) 2024، وهي الأشهر التي يكون فيها النشاط الزراعي ضئيلاً.

مركز الملك سلمان للإغاثة أبرز الممولين لبرامج مكافحة سوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)

ومن المتوقع - بحسب البيان - أن تشهد جميع المديريات الـ117 في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية التي شملها المسح مستويات «خطيرة» من سوء التغذية الحاد أو أسوأ (المستوى 3 أو أعلى من التصنيف المرحلي المتكامل لسوء التغذية)

وتوقعت المنظمات الأربع أيضاً أن تنزلق مديرية موزع في الأراضي المنخفضة في محافظة تعز إلى المستوى الحرج للغاية (المستوى 5 من التصنيف المرحلي المتكامل لسوء التغذية).

ووفق ما قاله ممثل اليونيسيف في اليمن، بيتر هوكينز: «فإن نتائج المسح تؤكد وجود اتجاه مقلق لسوء التغذية الحاد لدى الأطفال في مناطق سيطرة الحكومة. وإنه من أجل حماية النساء والأطفال الأكثر عرضة للخطر، فإن الاستثمار في جهود الوقاية والعلاج وتوسيع نطاقها أمر بالغ الأهمية أكثر من أي وقت مضى».

وتعهد هوكينز بأن تستمر المنظمات الأممية في بذل كل ما في وسعها بما في ذلك البناء على الاستجابة الحالية متعددة القطاعات لمكافحة هذا النوع من سوء التغذية الذي يهدد الحياة حتى يتمكن الأطفال من البقاء على قيد الحياة والنمو بكامل طاقاتهم.

أمر مقلق

يؤكد ممثل منظمة الأغذية والزراعة في اليمن، حسين جادين الارتفاع المثير للقلق في سوء التغذية الحاد بين الأطفال دون سن الخامسة في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، ويشير إلى الأثر الحاد لتفشي الأمراض، وارتفاع معدلات انعدام الأمن الغذائي، وضعف الوصول إلى الخدمات الأساسية.

وجدد المسؤول الأممي التزام منظمة الأغذية والزراعة بدعم استعادة وتنويع سبل العيش الزراعية في اليمن بشكل مستدام للمساعدة في تلبية الاحتياجات العاجلة، حيث تعاني البلاد الغارقة في صراع طويل الأمد وانهيار اقتصادي، من أعلى معدلات سوء التغذية في العالم، ولا يزال الصراع القائم وعدم الاستقرار الاقتصادي وتفشي الأمراض المتكرر من العوامل الرئيسية لأزمة سوء التغذية في البلاد.

السيول غمرت عدداً من المراكز الطبية في محافظة الحديدة (الأمم المتحدة)

ونبه التقرير الأممي أن محافظتي الحديدة وتعز، وهما المنطقتان اللتان تعانيان من أعلى معدلات انتشار سوء التغذية الحاد، تواجهان بالفعل أعلى معدلات التقزم أو سوء التغذية المزمن، وهذا يعني أن الحرمان المتكرر يؤدي أيضاً إلى تفاقم سوء التغذية المزمن بين الأطفال في هذه المناطق.

من جهته، ذكر الممثل والمدير القطري لبرنامج الأغذية العالمي في اليمن بيير أُونورا، أن البرنامج اضطر حالياً إلى تقديم حصص غذائية أصغر حجماً، وينبغي أن تكون هذه النتائج بمثابة جرس إنذار بأن حياة الناس على المحك. وقال: «من الضروري زيادة الدعم المقدم للفئات الأكثر ضعفاً التي قد تغرق أكثر في انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية إذا استمرت المستويات المنخفضة الحالية للتمويل الإنساني».

الحاجة إلى إجراءات

نبه أرتورو بيسيغان، ممثل منظمة الصحة العالمية في اليمن إلى أن ارتفاع مستوى سوء التغذية الحاد لدى الأطفال دون سن الخامسة يثير القلق، وأكد أن الخدمات الصحية والتغذوية المتكاملة، بما في ذلك إدارة أمراض الطفولة وضمان حصول الأطفال على كل التطعيمات والممارسات التغذوية المناسبة، أمر بالغ الأهمية لمواجهة حالات الطوارئ الصحية والتغذوية.

وبالإضافة إلى ضمان الحصول على ما يكفي من الطعام المغذي ومياه الشرب المأمونة، طالب مدير برنامج الأغذية العالمي من الجهات الفاعلة الإنسانية والمجتمع الدولي اتخاذ إجراءات فورية لحماية مستقبل أطفال اليمن، حيث تتسبب أمراض الطفولة وتفشي الكوليرا والحصبة، إلى جانب محدودية الوصول إلى المياه الصالحة للشرب وخدمات الصرف الصحي في ارتفاع معدلات سوء التغذية الحاد.

آلاف الأسر اليمنية بالساحل الغربي تعاني نقصاً حاداً في الغذاء والخدمات (الأمم المتحدة)

وأكد المسؤول الأممي أن انعدام الأمن الغذائي المرتفع وممارسات التغذية السيئة، بما في ذلك ممارسات الرضاعة الطبيعية دون المستوى الأمثل، تؤدي إلى تفاقم الوضع بين الأطفال الضعفاء في مناطق سيطرة الحكومة.

ودعت وكالات الأمم المتحدة الأربع إلى تقديم دعم دولي عاجل ومستدام واتخاذ إجراءات فورية لمعالجة الأسباب الجذرية لسوء التغذية الحاد في اليمن، وذلك من خلال تعزيز الأنظمة القائمة في مجالات الحماية الاجتماعية والصحة والغذاء والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية.

وقالت المنظمات إن إنهاء النزاع المستمر منذ ما يقرب من عقد من الزمن واستعادة السلام أمر بالغ الأهمية لمواجهة التحديات، وبناء قدرة الشعب اليمني على الصمود الذي دمره نقص الخدمات الأساسية والنزوح المتكرر والنظم الاقتصادية والاجتماعية المحطمة.


مقالات ذات صلة

تقرير حقوقي: الحوثيون استغلوا حرب غزة للتوسع في تجنيد الأطفال

العالم العربي طفل جندته الجماعة الحوثية يحرس مظاهرة لها ضد الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها العسكرية (غيتي)

تقرير حقوقي: الحوثيون استغلوا حرب غزة للتوسع في تجنيد الأطفال

كشف تقرير حقوقي يمني عن توسع الحوثيين في تجنيد الأطفال خلال الأشهر الماضية تحت مزاعم القتال بغزة مع تقديم إغراءات مالية والتركيز على المناطق الفقيرة

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي دورية حوثية في أحد شوارع صنعاء (إ.ب.أ)

اليمن: تصاعد الانتهاكات في مناطق سيطرة الانقلابيين

صعَّدت الجماعة الحوثية انتهاكاتها ضد اليمنيين بالتزامن مع اعترافها بتلقي مئات الشكاوى من تعسف عناصرها الأمنيين في صنعاء وغيرها من المناطق الخاضعة لها

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي حكومة الانقلاب الحوثي الجديدة صدمت السكان بتجاهلها رواتب الموظفين (إعلام حوثي)

رواتب الموظفين خارج اهتمامات حكومة الانقلاب الحوثية

وجَّهت الحكومة الانقلابية غير المعترف بها التي شكلها الحوثيون صدمة لسكان مناطق سيطرتها، بتجاهلها الحديث عن رواتب مئات الآلاف من الموظفين المقطوعة منذ 8 أعوام.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي العليمي يعود إلى عدن ويشدد على مواجهة تحديات الاقتصاد والإرهاب

العليمي يعود إلى عدن ويشدد على مواجهة تحديات الاقتصاد والإرهاب

شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني على توحيد الصف لمواجهة التحديات التي تواجهها الشرعية وفي مقدمها الاقتصاد والتنظيمات الإرهابية غداة هجوم في أبين.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي منظر لمجرى مياه الفيضانات بعد هطول الأمطار في صنعاء (رويترز)

متضررو السيول في اليمن يصلون إلى 180 ألف فرد

كشفت بيانات حديثة وزعتها الأمم المتحدة عن ارتفاع عدد الأشخاص الذين تضرروا من السيول والأمطار التي ضربت اليمن الأسبوع الماضي إلى 180 ألف شخص.

محمد ناصر (تعز)

العليمي يعود إلى عدن ويشدد على مواجهة تحديات الاقتصاد والإرهاب

العليمي يعود إلى عدن ويشدد على مواجهة تحديات الاقتصاد والإرهاب
TT

العليمي يعود إلى عدن ويشدد على مواجهة تحديات الاقتصاد والإرهاب

العليمي يعود إلى عدن ويشدد على مواجهة تحديات الاقتصاد والإرهاب

شدد رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي على ضرورة توحيد الصف لمواجهة التحديات التي تواجهها الشرعية، وفي مقدمها الاقتصاد والتنظيمات الإرهابية، وذلك غداة هجوم انتحاري في محافظة أبين أدى إلى مقتل 16 جندياً ونحو 18 جريحاً.

تصريحات العليمي جاءت، السبت، بعد عودته إلى مدينة عدن، حيث العاصمة المؤقتة للبلاد، قادماً من السعودية؛ حيث أجرى فيها سلسلة لقاءات ومشاورات مع الفاعلين الإقليميين والدوليين.

وتطرقت اللقاءات - بحسب الإعلام الرسمي - إلى مستجدات الوضع اليمني، والتطورات في المنطقة، والدعم المطلوب للحكومة ومؤسسات الدولة للوفاء بالتزاماتها الخدمية، والمعيشية، والتخفيف من وطأة الأزمة الإنسانية التي فاقمتها الهجمات الحوثية على المنشآت النفطية، وخطوط الملاحة الدولية بدعم من النظام الإيراني.

وطبقاً لوكالة «سبأ» الرسمية، شدّد رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي لدى وصوله إلى العاصمة المؤقتة عدن على أهمية وحدة الصف، والعمل بروح الفريق الواحد، خصوصاً في ظل الظروف الاستثنائية التي يواجه فيها الشعب اليمني تحديات غير مسبوقة، وفي المقدم منها المشكلة الاقتصادية والتمويلية، والمحاولات المستميتة من جانب التنظيمات، والميليشيات الإرهابية لزعزعة الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة.

وجدّد العليمي تقديره لتحالف دعم الشرعية بقيادة السعودية والإمارات، من أجل استعادة مؤسسات الدولة، وتماسكها، وتحقيق تطلعات الشعب اليمني في السلام والاستقرار والتنمية.

بصمات حوثية

عودة العليمي إلى عدن تزامنت مع تصريحات لوزير داخليته اللواء إبراهيم حيدان اتهم فيها الحوثيين بالضلوع في هجوم أبين الذي أدى إلى مقتل وجرح عشرات الجنود في مديرية مودية.

ونقل الإعلام الأمني اليمني عن الوزير حيدان قوله إن «العملية الإرهابية الآثمة والمدانة التي استُشهد على أثرها 16 فرداً وأُصيب آخرون من منتسبي (اللواء الثالث دعم وإسناد) في مودية بمحافظة أبين لن تزيد الأجهزة الأمنية والقوات المسلحة إلا لُحمة وتماسكاً وإصراراً على استئصال شأفة الإرهاب وتنظيماته بمختلف أسمائها الحوثية والقاعدية والداعشية وعناصره المارقة».

وذكر الوزير حيدان أن الهجوم يحمل «بصمات ميليشيات الحوثي الإرهابية وبالتخادم مع تنظيم القاعدة الإرهابي». وأضاف أن العملية الإرهابية «لن تزيد القوات المسلحة والأجهزة الأمنية بكل تشكيلاتها إلا تماسكاً وإصراراً على اجتثاث الإرهاب».

وشدد وزير الداخلية اليمني على أهمية تماسك المجتمع اليمني إزاء الإرهاب، الذي قال إن مصدره إيران. ودعا المجتمع الإقليمي والدولي إلى إدانة كل أشكال الإرهاب التي تستهدف اليمن والوقوف إلى جانب الحكومة الشرعية وتقديم كل الدعم للتخلص من هذه الآفة التي تستهدف المجتمع في البر والبحر، وفق تعبيره.

وكانت الحكومة اليمنية قد أكدت، في بيان سابق، أن الهجوم الذي استهدف موقعاً عسكرياً في مديرية مودية بمحافظة أبين، وخلف عدداً من القتلى والجرحى «لن ينال من عزيمة اليمنيين في معركتهم لاستكمال استعادة الدولة، وهزيمة التنظيمات الإجرامية، وعلى رأسها (القاعدة) و(داعش) المتخادمان مع الحوثيين المدعومين من إيران».

وأكد البيان أن الهجوم «يشير مجدداً إلى التخادم الواضح بين ميليشيا الحوثي والتنظيمات الإرهابية لزعزعة الأمن والاستقرار في المحافظات المحررة».

وشددت الحكومة اليمنية على أهمية اليقظة العالية ورفع الجاهزية الأمنية وتعزيز جهود مواجهة ما وصفته بقوى «الإرهاب والظلام» وتكامل عمل الأجهزة الأمنية والاستخباراتية مع الرفض الاجتماعي والشعبي للحركات الإرهابية بطريقة تصب في مسار تجفيف منابع الإرهاب والقضاء على عناصره الضالة.

وأكد البيان أن هجوم أبين «تذكير بأهمية مضاعفة الجهود لمكافحة التنظيمات الإرهابية بالتعاون مع شركاء اليمن في مكافحة الإرهاب، وعدم التهاون في مواجهة هذه الأعمال، باعتبار الإرهاب ظاهرة عالمية تستدعي تضافر جميع الجهود لاستئصالها والقضاء عليها».