عودة الهجمات الحوثية البحرية بعد أسبوعين من الضربة الإسرائيلية

تكهنات بتضرر القدرات العسكرية والتهديد بتصفية القادة

حريق ضخم إثر ضربات إسرائيلية استهدفت مخازن الوقود في ميناء الحديدة اليمني (أ.ب)
حريق ضخم إثر ضربات إسرائيلية استهدفت مخازن الوقود في ميناء الحديدة اليمني (أ.ب)
TT

عودة الهجمات الحوثية البحرية بعد أسبوعين من الضربة الإسرائيلية

حريق ضخم إثر ضربات إسرائيلية استهدفت مخازن الوقود في ميناء الحديدة اليمني (أ.ب)
حريق ضخم إثر ضربات إسرائيلية استهدفت مخازن الوقود في ميناء الحديدة اليمني (أ.ب)

توقفت الهجمات الحوثية ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ نحو أسبوعين، عقب القصف الإسرائيلي على ميناء الحديدة اليمني الخاضع للجماعة الموالية لإيران، باستثناء هجوم يتيم تعرضت له إحدى السفن في خليج عدن، السبت، دون الإبلاغ عن أضرار كبيرة أو إصابات، إلى جانب تبني الجماعة إسقاط طائرة أميركية من دون طيار.

وأثار تراجع الهجمات الحوثية إلى حد توقفها التام على مدى أسبوعين، كثيراً من التساؤلات والتكهنات، حيث يرى سياسيون يمنيون أن الجماعة تلقت ضربة موجعة في الحديدة نالت من قدراتها العسكرية ومستودعاتها، بينما يذهب آخرون إلى أن الجماعة تلقت تهديدات إسرائيلية عبر طرف ثالث بتصفية كبار قادتها.

مسيرة حوثية زعمت الجماعة أنها استهدفت بها تل أبيب (أ.ف.ب)

ويؤكد مراقبون أن الضربات الأميركية المتلاحقة كان لها دور كبير في تراجع هجمات الجماعة بخاصة وأنها استهدفت كثيراً من الرادارات التي توجه الهجمات ومنصات الإطلاق خلال الآونة الأخيرة.

وكانت إسرائيل نفّذت في 20 يوليو (تموز) ضربات انتقامية ضد الحوثيين استهدفت خزانات الوقود والكهرباء في الحديدة ومينائها، رداً على طائرة مسيّرة استهدفت تل أبيب في 19 يوليو، تبنّت الجماعة الموالية لإيران في اليمن إطلاقها، وأدّت إلى مقتل شخص وإصابة آخرين.

وهدد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي في أحدث خطبه بالانتقام والرد على ضربة الحديدة واغتيال رئيس المكتب السياسي لـ«حماس» إسماعيل هنية، والقيادي العسكري في «حزب الله» فؤاد شكر، إلا أن هذه التهديدات ظلت مجرد كلام للاستهلاك الإعلامي في أوساط أتباع الجماعة.

ويقرأ سياسيون يمنيون أن هدف الجماعة من الهجمات ضد السفن منذ البداية هو استجلاب الرد العسكري الإسرائيلي، وهو ما حصلت عليه أخيراً بعد قصف الحديدة، إذ عبر زعيمها الحوثي عن سعادته بالواقعة، وذلك في سياق السعي لتأكيد السردية التي تقوم عليها أفكار الجماعة؛ إذ تزعم أنها تخوض الحرب منذ سنوات مع إسرائيل وأميركا وليس ضد اليمنيين.

هجمات الحوثيين تراجعت إثر القصف الإسرائيلي على ميناء الحديدة (أ.ف.ب)

يشار إلى أن الجماعة الحوثية تبنت منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي كثيراً من الهجمات ضد إسرائيل، دون أي تأثير يُذكر، باستثناء هجوم المسيّرة على تل أبيب، كما تبنّت مهاجمة أكثر من 170 سفينة في البحرين الأحمر والعربي، تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة.

وأصابت الهجمات نحو 31 سفينة، غرقت منها اثنتان؛ إذ أدى هجوم في 18 فبراير (شباط) إلى غرق السفينة البريطانية «روبيمار» في البحر الأحمر، قبل غرق السفينة اليونانية «توتور»، التي استُهدفت في 12 يونيو (حزيران) الماضي.

كما أدى هجوم صاروخي في 6 مارس (آذار) الماضي إلى مقتل 3 بحّارة، وإصابة 4 آخرين، بعد أن استهدف في خليج عدن سفينة «ترو كونفيدنس» الليبيرية.

وإلى جانب الإصابات التي لحقت بالسفن، لا تزال الجماعة تحتجز السفينة «غالاكسي ليدر» التي قرصنتها في 19 نوفمبر الماضي، واقتادتها مع طاقمها إلى ميناء الصليف، شمال الحديدة، وحوّلتها مزاراً لأتباعها.

الهجوم الأحدث

تمثّل الهجوم الحوثي الأحدث في استهداف سفينة في خليج عدن، السبت، وفق ما أفادت به هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية، حيث أوردت في بيان أن ضابط الشركة المشغلة أفاد بأن السفينة استهدفت بصاروخ، ولم يجرِ رصد أي حرائق أو تسرب للمياه داخل السفينة أو تسرب للنفط في المياه.

وتبنت الجماعة الحوثية، الأحد، الهجوم على لسان متحدثها العسكري يحيى سريع، في حين قالت الهيئة البريطانية، إن الحادث وقع، يوم السبت، في الساعة 57:17 بتوقيت غرينتش على مسافة نحو 125 ميلاً بحرياً (231 كيلومتراً) شرق مدينة عدن، وذلك بعد أن كانت السفينة نفسها قد شهدت انفجاراً صغيراً بالقرب منها قبل أكثر من 4 ساعات من الهجوم الأخير.

كما تبنى المتحدث الحوثي إسقاط طائرة أميركية من دون طيار من طراز «إم كيو9» فوق صعدة، وادعى أنها الطائرة التاسعة من نوعها التي تسقطها جماعته منذ بدء تصعيدها البحري.

وفي مقابل تلاشي الهجمات الحوثية على السفن، تراجعت الضربات الاستباقية التي تقودها واشنطن عن سابق عهدها قبل الضربة الإسرائيلية على الحديدة، وكان السبت، هو آخر حديث أميركي عن تنفيذ إحدى الضربات حيث شنت أفادت القيادة المركزية الأميركية بتدمير صاروخ ومنصة إطلاق حوثية في منطقة تسيطر عليها الجماعة.

وأقرّت الجماعة بتلقّي أكثر من 580 غارة منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي، وسقوط 57 قتيلاً و87 جريحاً جرّاء الضربات التي تشنّها واشنطن تحت ما سمّته تحالُف «حارس الازدهار».

وتشنّ الجماعة الحوثية الموالية لإيران منذ 19 نوفمبر الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

كما تزعم أنها تقوم بهجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران في المنطقة.

تهديد بتصفية القادة

يذهب سياسيون يمنيون ومنهم صالح البيضاني المستشار في السفارة اليمنية في الرياض، إلى أن الجماعة الحوثية تلقت بعد القصف الإسرائيلي لميناء الحديدة تهديدات عبر طرف ثالث بأنه ستجري تصفية كبار قادتهم إذا ما استمروا في هجماتهم.

ويقول البيضاني: «بعد الهجوم الغاشم على ميناء الحديدة الذي أوجع اليمنيين على اختلاف توجهاتهم، وسقط نتيجته عدد من المواطنين الأبرياء، لم يخفِ الحوثيون سعادتهم، وظلوا يرددون عبارات مفادها أنه إذا كان ثمن هجماتهم المزعومة على الكيان تدمير ما تبقى من مقدرات الشعب اليمني فلا ضير في ذلك».

رافعة في ميناء الحديدة تضررت من القصف الإسرائيلي (رويترز)

وأردف المستشار اليمني بالقول: «ولكن عندما وصلتهم (الحوثيون) رسالة من طرف ثالث بأن الضربات القادمة ستستهدف رؤوس قياداتهم، توقفوا عن إطلاق التهديدات، بينما لا يزال البعض ينتظر ردهم الذي لن يأتي على تدمير ميناء الحديدة».

تأثر عسكري بالضربة

يتفق الباحث والكاتب اليمني محمود الطاهر مع طرح البيضاني، لكنه يعتقد في حديثه لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة تأثرت عسكرياً بضربة الحديدة ما جعل هجماتها البحرية تتراجع.

ويقول الطاهر: «يبدو أن الحوثيين كانوا ينتظرون أي نوع من الضربات الإسرائيلية على اليمن، لتعزيز شعاراتهم التي يتحدثون فيها عن أنهم يقاتلون أميركا وإسرائيل وبريطانيا دفاعاً عن الإسلام والمسلمين، لكنهم لم يكونوا يتوقعون أنها ستكون مؤثرة بهذا الشكل».

ويضيف: «تعرض ميناء الحديدة لعملية تدمير من قبل إسرائيل، جعل الحوثيون يعيدون التفكير في أن لعبهم مع إسرائيل ستكون نتائجه وخيمة، إذ رأوا في الضربة مجرد رسالة إسرائيلية، قد تتصاعد وتصل إلى القيادات الحوثية، وهو ما جعل عملياتهم تتراجع ضد إسرائيل وكذلك ضد السفن».

سفينة تجارية في ميناء الحديدة حيث لم تتأثر الحركة فيه بالقصف الإسرائيلي (رويترز)

ومن الناحية العسكرية، يبدو أن ميناء الحديدة الذي ضربته إسرائيل - كما يقول الطاهر - كان منطلقاً للعمليات العشوائية الحوثية في البحر الأحمر، وهو ما أثر بشكل كبير على العمليات العسكرية. وهذا يثبت - بحسب رأيه - أهمية محافظة الحديدة في العملية العسكرية واللوجيستية للحوثيين، ويؤكد أهمية استعادتها من قبل الحكومة اليمنية، بمساعدة المجتمع الدولي.

ويتوقع الطاهر أن زعيم الحوثيين سيعيد هجمات جماعته تدريجياً لتهديد الممر الملاحي الدولي، وبشكل أخف حتى لا تهتز صورته أمام أتباعه من اليمنيين غير المدركين لحقيقة الجماعة.

ضربة موجعة

يقرأ المحلل السياسي اليمني رماح الجبري، الأمر من زاوية أخرى، «فالقصف الإسرائيلي على ميناء الحديدة كان موجعاً اقتصادياً لبعض القيادات الحوثية التي تتاجر بالنفط، وعلى رأسهم المتحدث باسم الجماعة محمد عبد السلام الذي يقيم في سلطنة عمان، ويدير نحو 13 شركة نفطية»، وفق قوله.

ويؤكد الجبري أن الجماعة تتخوف من ضربات إسرائيلية مماثلة لما حدث في الحديدة لجهة أن ذلك سيكبد قادتها خسائر اقتصادية كبيرة، ولن تركز فقط على القدرات والتعزيزات العسكرية.

حوثيون في صنعاء يرفعون صور هنية وشكر خلال تجمع دعا إليه زعيمهم (رويترز)

وعن عدم حصول الرد الحوثي حتى الآن على قصف الحديدة، يقرأ الجبري المشهد بواقعية، ويقول: «عدم الرد ناتج عن عجز في الإمكانات التي يمكن أن تصل إلى العمق الإسرائيلي، ناهيك عن أن الحوثيين لا يمتلكون قرارهم، ومن يمتلك القرار هي إيران المزود بالأسلحة والتقنية والخبراء».

ومع قتل القيادي في «حزب الله» فؤاد شكر واغتيال إسماعيل هنية، يرى الجبري أن ذلك خفف الضغط على الحوثيين بالرد على إسرائيل، إذ أصبحت إيران وأدواتها مطالبة بالرد بما يشبه الرد الجماعي.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.