زعيم الحوثيين يتوعد بالمزيد من الاعتقالات بتهم «التجسس»

منظمات دولية وصفت سلوك الجماعة بـ«غير المسبوق عالمياً»

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
TT

زعيم الحوثيين يتوعد بالمزيد من الاعتقالات بتهم «التجسس»

عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)
عناصر حوثيون يرددون هتافات الجماعة خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

بالتزامن والدعوة التي أطلقتها ثلاث من كبرى المنظمات الدولية للحوثيين للإفراج الفوري وغير المشروط عن الموظفين الإنسانيين والأمميين الذين احتُجز أغلبهم قبل شهر، توعّد زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي بالمزيد من الاعتقالات، مدعياً أن هناك المزيد من خلايا التجسس التي تعمل لصالح الولايات المتحدة سيتم كشف النقاب عنها قريباً.

الحوثي وفي خطبة بثّتها وسائل إعلامه تحدث عما يسميها «الخلايا التجسسية» التي كانت تعمل لصالح أميركا في اليمن، وعدّ المعتقلين جزءاً من مخطط «الإفساد والاختراق»، وذكر أن أجهزه مخابراته ألقت القبض أيضاً على خلايا أخرى سيتم كشف النقاب عنها قريباً.

الجماعة الحوثية اتهمت موظفين في السفارة الأميركية والمنظمات الدولية بالتخابر (إعلام حوثي)

وتحدث زعيم الجماعة الموالية لإيران عما يصفها بـ«الهجمة الإعلامية والحرب الناعمة في شقيها الإضلال الفكري والإفساد الأخلاقي» التي قال إنها غير مسبوقة، وإنها ضمن مسار «الاستقطاب للخيانة والعمالة واختراق المجتمعات والدول»، وهي المفردات التي يستخدمها الحوثي لتبرير حملة الاعتقالات واستهداف النساء ومنعهن من العمل أوالتعلم.

هذه التصريحات تزامنت وتأكيد مصادر حقوقية في صنعاء استمرار حملة الاعتقالات التي تستهدف العاملين اليمنيين في مكاتب تتبع الأمم المتحدة أو في مكاتب منظمات إنسانية دولية أو في سفارات غربية.

وكشفت المصادر عن اعتقال موظف لدى السفارة الهولندية، وآخر موظف متقاعد عمل سابقاً لدى منظمة إنسانية دولية، حيث تمت مداهمة منزلَي الرجلين في صنعاء ومصادرة كل هواتف أفراد العائلتين والوثائق وأجهزة الحاسوب والسيارات الخاصة.

تنديد إنساني غربي

على وقع الاعتقالات الحوثية المتصاعدة، أكدت منظمات «كير» الدولية و«أوكسفام» و«إنقاذ الطفولة» على مخاوفها بشأن احتجاز نحو 18 موظفاً من هيئات الأمم المتحدة والمنظمات غير الحكومية الدولية، والعديد من الآخرين المرتبطين بمنظمات المجتمع المدني والمنظمات غير الحكومية الوطنية والدولية، والمنظمات الأخرى التي تدعم الأنشطة الإنسانية.

تحريض حوثي وتخوين للعاملين في المنظمات الإنسانية الأممية والدولية (أ.ف.ب)

وفي بيان مشترك، أكدت المنظمات الثلاث أن مكان احتجاز هؤلاء الموظفين لا يزال غير معروف ولم تتمكن منظماتهم من التحدث إليهم. كما ويعاني بعض المعتقلين ظروفاً طبية سابقة، ووصفت هذه الاعتقالات بأنها غير مسبوقة، ليس فقط في اليمن، بل على مستوى العالم، وتعيق بشكل مباشر قدرة المنظمات على الوصول إلى 18.2 مليون شخص يحتاجون إلى المساعدات الإنسانية والحماية؛ وهو ما يمثل نحو نصف السكان في اليمن، بما في ذلك 14 مليون امرأة وطفل.

المنظمات الكبرى الثلاث بيّنت أن جميع الموظفين المحتجزين كانوا يعملون كجزء من استجابات الوكالات المنقذة للحياة للأزمة الإنسانية في البلاد. وطلبت من السلطات الحوثية مرة أخرى تأكيد مكان وجود موظفيها ومنحها إمكانية الوصول الفوري إليهم؛ إذ مر على احتجازهم حتى الآن مدة شهر.

وأعاد البيان تذكير الحوثيين بالقانون الإنساني الدولي الذي يطلب من جميع أطراف النزاع المسلح احترام وحماية العاملين في المجال الإنساني، بما في ذلك ضد المضايقة وسوء المعاملة والاعتقال أو الاحتجاز غير القانوني.

وأكدت المنظمات الثلاث أن تقديم المساعدة لملايين اليمنيين الذين هم في أمس الحاجة إليها، يتطلب أن يكون موظفوها قادرين على أداء واجباتهم بأمان ودون خوف من الاعتقال التعسفي أو الترهيب أو العنف.

وبحسب البيان، فإن المنظمات الإنسانية وعمال الإغاثة يكرّسون جهودهم لدعم الشعب اليمني ويفعلون ذلك من خلال الالتزام بالمبادئ الإنسانية. وهذا يوجب وقف استهداف العاملين في المجال الإنساني وحقوق الإنسان والتنمية في اليمن. وشددت المنظمات على ضرورة إطلاق سراح جميع المعتقلين على الفور.

الحوثيون يناصبون النساء العداء الشديد ويستهدفون معاهد تعليم اللغات (إعلام محلي)

ووفق ما أورده البيان، فإن منظمة «كير» الدولية تعمل في اليمن منذ عام 1992 في 14 محافظة، وتصل إلى نحو 2.8 مليون شخص سنوياً من خلال برامج الأمن الغذائي وسبل العيش والمياه والصرف الصحي والنظافة والصحة الإنجابية وتمكين المرأة اقتصادياً والبرامج التعليمية.

في حين تعمل منظمة «أوكسفام» في اليمن منذ أكثر من 40 عاماً وتحافظ على نهج محايد لضمان توصيل المساعدات الإنسانية إلى من هم في أمس الحاجة إليها، بما في ذلك في المناطق التي يصعب الوصول إليها بالبلاد. وقالت إنها منذ يوليو (تموز) 2015، ساعدت أكثر من ثلاثة ملايين شخص بتسع محافظات في اليمن بالمياه النظيفة والصرف الصحي والمساعدات النقدية وقسائم الطعام.

أما منظمة «إنقاذ الطفولة»، وهي منظمة مستقلة ومحايدة وتعمل في مجال حقوق الطفل، فإنها تعمل في اليمن منذ العام 1963 وتنشط حالياً في 11 محافظة، مع التركيز على الأمن الغذائي والصحة والتغذية وحماية الطفل والتعليم ومبادرات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، وفي العام الماضي، وصلت إلى نحو 2.3 مليون شخص في مختلف مناطق البلاد.


مقالات ذات صلة

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

الخليج جانب من مؤتمر صحافي عقده «فريق تقييم الحوادث المشترك» في الرياض الأربعاء (الشرق الأوسط)

«تقييم الحوادث» في اليمن يفنّد عدداً من الادعاءات ضد التحالف

استعرض الفريق المشترك لتقييم الحوادث في اليمن عدداً من الادعاءات الموجهة ضد التحالف، وفنّد الحالات، كلٌّ على حدة، مع مرفقات إحداثية وصور.

غازي الحارثي (الرياض)
رياضة عربية فرحة عبد الله الحمدان بهدفه القاتل في شباك اليمن (تصوير: سعد العنزي)

خليجي 26: رغم الفوز... الأخضر باهت

حقق المنتخب السعودي الفوز على منتخب اليمن 3-2، الأربعاء، ليحصد أول ثلاث نقاط له في المجموعة الثانية بكأس الخليج لكرة القدم (خليجي 26) التي تستضيفها الكويت

«الشرق الأوسط» (الكويت)
العالم العربي عناصر حوثيون يحملون مجسماً لصاروخ وهمي خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

نفّذ الحوثيون خامس هجماتهم هذا الأسبوع باتجاه إسرائيل على الرغم من الردود الانتقامية المتوقعة من جانب تل أبيب والمخاوف التي تسيطر على الشارع اليمني.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يستنفرون استعداداً لضربات إسرائيلية أشدّ

الحوثيون يستنفرون استعداداً لضربات إسرائيلية أشدّ

رفع الحوثيون حالة الجاهزية القتالية إلى أعلى مستوياتها، ودفعوا بأغلب قواتهم إلى مناطق خطوط التماس مع القوات الحكومية تحسباً لضربات إسرائيلية أكثر شدة.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صورة وزعها الحوثيون لصاروخ هاجموا به إسرائيل يسمونه «فلسطين 2» (إعلام حوثي) play-circle 03:14

الحوثيون يتجاهلون تهديدات نتنياهو ويواصلون هجماتهم تجاه إسرائيل

تجاهل الحوثيون المدعومون من إيران تهديدات بنيامين نتنياهو بضربهم وتدمير البنية التحتية وواصلوا هجماتهم باتجاه إسرائيل بالتوازي مع التصعيد ضد الجيش اليمني في تعز

علي ربيع (عدن)

إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
TT

إسرائيل تستقبل خامس هجوم حوثي خلال أسبوع

الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)
الحوثيون مستنفرون في مناطق سيطرتهم مع ترقب هجمات إسرائيلية أكثر قسوة (إ.ب.أ)

كثّف الحوثيون المدعومون من إيران هجماتهم، هذا الأسبوع، باتجاه إسرائيل على الرغم من الردود الانتقامية المتوقعة من جانب تل أبيب والمخاوف التي تسيطر على الشارع اليمني في مناطق سيطرة الجماعة لجهة هشاشة الأوضاع المعيشية والخدمية وعدم القدرة على تحمل المزيد من الأزمات.

وتشنّ الجماعة هجمات ضد السفن في البحر الأحمر وخليج عدن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) 2023 إلى جانب هجمات بالصواريخ والطائرات المسيّرة باتجاه إسرائيل، تحت مزاعم مساندة الفلسطينيين في غزة، وهي السردية التي تصفها الحكومة اليمنية بالمضللة.

وتبنى المتحدث العسكري باسم الحوثيين يحيى سريع، الأربعاء، هجوماً باتجاه إسرائيل هو الخامس خلال أسبوع، إذ أعلن إطلاق صاروخ باليستي فرط صوتي من نوع «فلسطين 2» باتجاه تل أبيب زاعماً أنه حقق هدفه، مع وعيده باستمرار الهجمات.

من جهته، أكد الجيش الإسرائيلي في بيان اعتراض صاروخ أطلق من اليمن وعبر إلى الأراضي الإسرائيلية في ساعة مبكرة من صباح الأربعاء، مشيراً إلى تفعيل صفارات الإنذار بسبب احتمال سقوط شظايا من عملية الاعتراض.

وأوضح، في منشور على منصة «إكس»، أنه «للمرة الخامسة في أسبوع، سارع ملايين الإسرائيليين إلى الملاجئ مع شن الإرهابيين الحوثيين في اليمن هجوماً صاروخياً».

إلى ذلك، قالت خدمة الإسعاف الإسرائيلية (نجمة داود الحمراء)، في بيان، إنها تلقت تقارير عن إصابة نحو 9 أشخاص أثناء توجههم إلى الملاجئ.

تصاعد الهجمات

كانت الجماعة الحوثية قد تبنت، السبت الماضي، إطلاق صاروخ باليستي على وسط إسرائيل، ولم تتمكن الدفاعات الجوية من اعتراضه فسقط في ساحة وسط مبانٍ سكنية، وأدى إلى إصابات طفيفة طالت نحو 23 إسرائيلياً، وفق وسائل إعلام عبرية.

وفي وقت مبكر، الثلاثاء، أفاد الجيش الإسرائيلي بأن صفارات الإنذار دوت في مناطق عدة بوسط إسرائيل بعد إطلاق صاروخ من اليمن، مؤكداً اعتراضه قبل أن يعبر إلى الأراضي الإسرائيلية.

عناصر حوثيون يحملون مجسما لصاروخ وهمي خلال حشد في صنعاء دعا إليه زعيمهم (أ.ف.ب)

ويوم الاثنين الماضي، قالت تل أبيب إن سلاح الجو اعترض طائرة مسيّرة، أُطلقت من اليمن قبل أن تخترق الأجواء الإسرائيلية، وفقاً لصحيفة «يديعوت أحرنوت».

وفي حين لم تسجل أي إصابة مباشرة خلال عمليتي الاعتراض، تحدثت خدمة الإسعاف الإسرائيلي عن إصابة أكثر من 20 شخصاً أثناء توجههم إلى الملاجئ، بعضهم أصيب بحالة هلع، بعد دوي صفارات الإنذار.

وعلى امتداد أكثر من عام، تبنى الحوثيون إطلاق نحو 370 صاروخاً وطائرة مسيّرة باتجاه إسرائيل، لكن لم يكن لها أي تأثير هجومي ملموس، باستثناء مُسيَّرة قتلت شخصاً بعد انفجارها بشقة في تل أبيب يوم 19 يوليو (تموز) الماضي، وكذا تضررت مدرسة بشكل كبير جراء انفجار رأس صاروخ في 19 ديسمبر (كانون الأول) الحالي، وإصابة نحو 23 شخصاً جراء صاروخ آخر انفجر السبت الماضي 21 ديسمبر.

حفرة أحدثها صاروخ حوثي في منطقة يافا جنوب تل أبيب (رويترز)

واستدعت هذه الهجمات الحوثية من إسرائيل الرد في 20 يوليو الماضي، مستهدفة مستودعات للوقود في ميناء الحديدة، ما أدى إلى مقتل 6 أشخاص، وإصابة نحو 80 آخرين.

وفي 29 سبتمبر (أيلول) الماضي، قصفت إسرائيل مستودعات للوقود في كل من الحديدة وميناء رأس عيسى، كما استهدفت محطتي توليد كهرباء في الحديدة، بالإضافة إلى مطار المدينة الخارج عن الخدمة منذ سنوات، وأسفرت هذه الغارات عن مقتل 4 أشخاص، وإصابة نحو 30 شخصاً.

وتكررت الضربات في 19 ديسمبر الحالي؛ إذ شنّ الطيران الإسرائيلي نحو 14 غارة على مواني الحديدة الثلاثة، الخاضعة للحوثيين غرب اليمن، وعلى محطتين لتوليد الكهرباء في صنعاء، ما أدى إلى مقتل 9 أشخاص وإصابة 3 آخرين.

صورة جوية وزعها الجيش الإسرائيلي لاستهداف أحد المواقع الخاضعة للحوثيين (رويترز)

ومع تجاهل الحوثيين تهديدات نتنياهو المتكررة، كان الأخير قد أبلغ أعضاء الكنيست بأنه طلب من الجيش تدمير البنى التحتية التابعة للحوثيين. وبحسب «وكالة الصحافة الفرنسية»، قال نتنياهو: «وجّهت قواتنا المسلحة بتدمير البنى التحتية للحوثيين لأننا سنضرب بكامل قوتنا أي طرف يحاول إلحاق الضرر بنا. سنواصل سحق قوى الشر بقوة ومهارة، حتى وإن استغرق الأمر وقتاً».

وعلى وقع التصعيد المستمر يترقب اليمنيون بخوف عمليات الرد الإسرائيلية الانتقامية، خاصة أن ضربات تل أبيب لا تفرق بين ما هو هدف عسكري، وبين الأهداف الأخرى المتصلة بحياة السكان الخاضعين للجماعة بالقوة.