التهدئة بجنوب لبنان تنتظر لقاءات نتنياهو في واشنطن

هل «يُرحَّل» انتخاب الرئيس أشهُراً أو إلى العام المقبل؟

زيارة نتنياهو المقبلة لواشنطن ستحدد اتجاه الصراع في غزة وجنوب لبنان نحو التهدئة أو إلى حرب موسعة (أرشيفية - رويترز)
زيارة نتنياهو المقبلة لواشنطن ستحدد اتجاه الصراع في غزة وجنوب لبنان نحو التهدئة أو إلى حرب موسعة (أرشيفية - رويترز)
TT

التهدئة بجنوب لبنان تنتظر لقاءات نتنياهو في واشنطن

زيارة نتنياهو المقبلة لواشنطن ستحدد اتجاه الصراع في غزة وجنوب لبنان نحو التهدئة أو إلى حرب موسعة (أرشيفية - رويترز)
زيارة نتنياهو المقبلة لواشنطن ستحدد اتجاه الصراع في غزة وجنوب لبنان نحو التهدئة أو إلى حرب موسعة (أرشيفية - رويترز)

تتعامل الأوساط السياسية والدبلوماسية في لبنان مع شهر يوليو (تموز) الحالي على أنه المؤشر لتحديد المسار العام للمواجهة المشتعلة بين «حزب الله» وإسرائيل في جنوب لبنان، وما إذا كانت الجهود الدولية ستؤدي إلى نزع فتيل التفجير لمنع توسعة الحرب التي تتوقف على وقف إطلاق النار على الجبهة الغزاوية، كما تربطها بالخطاب الذي سيلقيه رئيس وزراء إسرائيل بنيامين نتنياهو، أمام الكونغرس الأميركي في 24 من الشهر الجاري خلال زيارته لواشنطن، التي تأتي في ظل استمرار اشتباكه السياسي مع الرئيس الأميركي جو بايدن، الذي تفوّق عليه منافسه الرئاسي الرئيس السابق دونالد ترمب في المناظرة الأولى التي جرت بينهما، وهذا ما يدعوه إلى الاستقواء على الإدارة الأميركية الحالية، كونه من مؤيدي انتخاب ترمب لولاية رئاسية ثانية.

فنتنياهو الذي يتحضّر حالياً لليوم التالي فور التوصل لوقف النار في غزة، سيحاول رفع سقوف شروطه لعودة التهدئة إلى القطاع في مواجهته للضغوط التي تمارَس عليه، وهي الشروط التي تلقى رفضاً من «حزب الله»، مع أنه أعلن على لسان نائب أمينه العام الشيخ نعيم قاسم، استعداده لتوقف القتال في جنوب لبنان بعد وقف إطلاق النار في غزة.

«حزب الله»: غزة أولاً

وبكلام آخر، يربط «حزب الله»، كما تقول مصادره لـ«الشرق الأوسط»، وقف إطلاق النار في الجنوب بسريان مفعوله أولاً على غزة وبلا شروط تعطي لإسرائيل الحق بالتدخل عسكرياً متى تشاء، بذريعة أنها تطارد المجموعات الفلسطينية في القطاع ورفح، وبالتالي يرى الحزب أن الإطار العام لعودة الهدوء يكمن في وقف العمليات العسكرية بصورة نهائية.

وتؤكد مصادر الحزب أنه لن يخضع لحملات التهويل والضغوط الإسرائيلية، ولن يسمح لتل أبيب بتحقيق ما تريده سياسياً بعد أن أخفقت في فرضه عسكرياً، رغم حجم الدمار الذي ألحقته بالقرى الأمامية وتحويل مساحاتها أرضاً محروقة يصعب العيش فيها.

في المقابل، تجزم مصادر دبلوماسية غربية بأن تل أبيب ليست في وارد الموافقة على وقف إطلاق النار في جنوب لبنان والامتناع عن تبادل القصف الصاروخي على جانبي الحدود من دون التوصل إلى تسوية تعيد الهدوء إلى الجنوب والمستوطنات الإسرائيلية، وتضمن عودة المستوطنين إلى أماكن إقامتهم. وتؤكد هذه المصادر لـ«الشرق الأوسط» أن هناك ضرورة لخفض منسوب التصعيد العسكري بين الطرفين تمهيداً للبحث عن التسوية التي يتحرك الوسيط الأميركي آموس هوكستين لتسويقها في لقاءاته المتنقلة بين تل أبيب وبيروت، وتواصله من حين لآخر مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري الذي يتولى التفاوض بتفويضٍ من الحزب وبتسليم من رئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي.

سباق التهدئة والحرب

وتلفت المصادر الدبلوماسية إلى أنه لا يمكن التكهن منذ الآن بالمسار العام، الذي يتوقف على الجهود الدولية الرامية لترجيح الحل الدبلوماسي لإعادة الهدوء على امتداد الجبهة بين لبنان وإسرائيل على الخيار العسكري، ما لم يتم التأكد من النتائج المترتبة على زيارة نتنياهو لواشنطن، ليكون في وسع الجهة اللبنانية المعنية بالتفاوض، في إشارة إلى الرئيس بري، أن تبني على الشيء مقتضاه.

وتنظر المصادر نفسها إلى اللقاءات التي يعقدها الوسيط الأميركي آموس هوكستين، في باريس، وتحديداً مع الموفد الرئاسي الفرنسي إلى لبنان جان إيف لودريان، على أنها تصب في خانة التحرك الفرنسي لدى إيران و«حزب الله» لإشراكهما في المساعي الناشطة لتهدئة الوضع في غزة، وامتداداً إلى جنوب لبنان، وتتعاطى مع التصعيد الإيراني في تحذيره تل أبيب من أنها ستواجه الجحيم في حال أقدمت على شن حرب واسعة على الحزب، من زاوية إصرار القيادة الإيرانية على رفع السقوف لتحسين شروط حلفائها في التفاوض، مستبعدةً انخراطها في الحرب واعتمادها على أذرعها في المنطقة، وهذا ما يحصل منذ أن دخل الحزب في مساندته لـ«حماس».

ورأت المصادر نفسها أن الفرصة ما زالت قائمة لتغليب الحل الدبلوماسي على توسعة الحرب، وقالت إنها متوافرة على امتداد الشهر الحالي، ويمكن ألّا تتأمّن لاحقاً، لانشغال القوى الدولية المعنية باستقرار لبنان بهمومها الانتخابية، وسألت عن مدى استعداد إسرائيل والحزب للانخراط في تسوية تؤدي إلى ترسيم الحدود الدولية بين لبنان وإسرائيل، بإزالة الخروق الإسرائيلية لعدد من النقاط الخاضعة للسيادة اللبنانية، وهذا ما يعمل عليه هوكستين.

انتخاب الرئيس مؤجَّل

لكنَّ المصادر الدبلوماسية تقلل من الآمال المعقودة لتسهيل انتخاب رئيس للجمهورية، وتنقل عن أحد سفراء اللجنة «الخماسية» أنْ لا بصيص نور لإنهاء الشغور الرئاسي، وأن الاتصالات التي تولتها اللجنة لم تنجح في إحداث خرق، وأن المسؤولية تقع على عاتق بعض الكتل النيابية التي تمعن في تبادل الحملات التي كانت وراء وضع العصي في دواليبها.

حتى إن هذه المصادر، وإن كانت تنفي وجود حظوظ لإعادة تحريك انتخاب الرئيس، فإنها تراهن، ولو من باب رفع العتب، على احتمال ضئيل لإحداث خرق فور التوصل إلى وقف للنار في الجنوب، وإلا سيدخل الشغور الرئاسي في إجازة قسرية تؤدي لترحيل انتخاب الرئيس لأشهر، إن لم يكن للعام المقبل، وهذا ما يقوله السفير، الذي فضل عدم ذكر اسمه، من دون أن يستبعد قيام أعضاء اللجنة، سفراء الولايات المتحدة ليزا جونسون، وفرنسا هيرفيه ماغرو، والسعودية وليد البخاري، ومصر علاء موسى، وقطر عبد الرحمن بن سعود آل ثاني، بالتداعي للتشاور لاتخاذ ما يرونه مناسباً في ضوء انسداد الأفق أمام إنجاز الاستحقاق.


مقالات ذات صلة

«مصرف لبنان» ينسف المشروع الحكومي لرد الودائع قبل إقراره

المشرق العربي نواف سلام متحدثاً عن «مشروع قانون الانتظام المالي واستعادة الودائع» بحضور وزير المالية ياسين جابر ووزير الاقتصاد عامر البساط وحاكم مصرف لبنان كريم سعيد الأسبوع الماضي (رئاسة الحكومة)

«مصرف لبنان» ينسف المشروع الحكومي لرد الودائع قبل إقراره

اختزل حاكم مصرف لبنان المركزي كريم سعيد النزاع المرافق لمناقشات مجلس الوزراء الخاصة بمشروع قانون استرداد الودائع (الفجوة المالية)

علي زين الدين (بيروت)
المشرق العربي قائد الجيش اللبناني العماد رودولف هيكل (قيادة الجيش)

قائد الجيش اللبناني: أداء المؤسسة العسكرية بات محل ثقة الدول الشقيقة والصديقة

جدد قائد الجيش اللبناني، العماد رودولف هيكل، التأكيد على أن الجيش بصدد الانتهاء من المرحلة الأولى من خطة حصر السلاح.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي عناصر من الجيش اللبناني يعاينون السيارة التي تم استهدافها في بلدة عتقنيت (قضاء صيدا) وأدت إلى مقتل 3 أشخاص بينهم عنصر بالجيش اللبناني (إ.ب.أ)

نفي لبناني «قاطع» لأي صلة بين جنود الجيش و«حزب الله»

لم تكن الغارة الإسرائيلية التي استهدفت، مساء الاثنين، سيارة قرب مدينة صيدا مجرّد حادث أمني موضعي، بل حملت أبعاداً سياسية وأمنية تتجاوز مكانها وتوقيتها.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
تحليل إخباري مقاتلون من «حزب الله» خلال مناورة في جنوب لبنان (أرشيفية - د.ب.أ)

تحليل إخباري هل يستطيع لبنان الانتقال عملياً لسحب السلاح شمال الليطاني؟

ينتظر الجيش اللبناني قراراً سياسياً يفترض أن تتخذه الحكومة للانتقال مطلع العام لتنفيذ المرحلة الثانية من الخطة التي كان قد وضعها لحصرية السلاح.

بولا أسطيح (بيروت)
المشرق العربي الحكومة اللبنانية ملتئمة برئاسة رئيس الجمهورية جوزيف عون (الرئاسة اللبنانية)

لبنان: سلام يدافع عن «استرداد الودائع» رغم الاعتراضات الواسعة

دافع رئيس الحكومة اللبنانية نواف سلام عن مشروع قانون استرداد الودائع المصرفية المجمدة منذ عام 2019، واصفاً إياه بـ«الواقعي» و«القابل للتنفيذ».

«الشرق الأوسط» (بيروت)

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «الخروج السلس والعاجل للانتقالي»

لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)
لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)
TT

الرياض ترسم مسار التهدئة شرق اليمن... «الخروج السلس والعاجل للانتقالي»

لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)
لوحة في عدن تعرض صورة عيدروس الزبيدي رئيس «المجلس الانتقالي الجنوبي» الداعي للانفصال (رويترز)

على وقع الإجراءات الأحادية لقوات «المجلس الانتقالي الجنوبي» في المحافظات الشرقية لليمن، جاء البيان الصادر عن وزارة الخارجية السعودية، الخميس، ليُشكل نقطة ارتكاز حاسمة في مسار احتواء التصعيد، وتثبيت مرجعية الدولة اليمنية، وحماية مركزها القانوني؛ حيث حدّد مسار التهدئة بانسحاب قوات «الانتقالي» من حضرموت والمهرة وتسليم المواقع لقوات «درع الوطن».

البيان السعودي، الذي حظي بترحيب من رئيس «مجلس القيادة الرئاسي» الدكتور رشاد العليمي والحكومة اليمنية، وضع إطاراً عملياً لمعالجة الأزمة، مستنداً إلى الشراكة مع الإمارات في «تحالف دعم الشرعية»، وإلى مرجعيات اتفاق الرياض، وإعلان نقل السلطة، مع تأكيده أن أي معالجة لـ«القضية الجنوبية» لا يمكن أن تتم خارج الحل السياسي الشامل، أو عبر فرض أمر واقع بالقوة.

أكدت السعودية في بيانها دعمها الكامل لرئيس «مجلس القيادة الرئاسي» وأعضاء المجلس والحكومة اليمنية، لتحقيق الأمن والاستقرار والتنمية والسلام في اليمن، مشددة على أن التحركات العسكرية التي شهدتها محافظتا حضرموت والمهرة تمت بشكل أحادي ودون موافقة «مجلس القيادة الرئاسي» أو التنسيق مع قيادة التحالف، الأمر الذي أدّى إلى تصعيد غير مبرر أضر بمصالح الشعب اليمني، وبالقضية الجنوبية نفسها، وبجهود التحالف العربي.

موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» خلال حشد في مدينة عدن (رويترز)

وأوضحت وزارة الخارجية السعودية أن المملكة آثرت خلال الفترة الماضية التركيز على وحدة الصف، وبذل كل الجهود للتوصل إلى حلول سلمية لمعالجة الأوضاع في المحافظتين، في إطار حرصها على تجنيب اليمن مزيداً من التوترات التي قد تنعكس سلباً على مسار السلام الهش.

وفي هذا السياق، كشفت الرياض عن تحرك عملي لاحتواء الموقف، من خلال العمل المشترك مع الإمارات، ورئيس مجلس القيادة الرئاسي، والحكومة اليمنية؛ حيث جرى إرسال فريق عسكري مشترك سعودي-إماراتي إلى عدن، لوضع الترتيبات اللازمة مع «المجلس الانتقالي الجنوبي»، بما يضمن عودة قواته إلى مواقعها السابقة خارج المحافظتين، وتسليم المعسكرات لقوات «درع الوطن» والسلطات المحلية، وفق إجراءات منظمة وتحت إشراف قوات التحالف.

وشدّد البيان على أن الجهود متواصلة لإعادة الأوضاع إلى ما كانت عليه، مع التعويل على تغليب المصلحة العامة، ومبادرة المجلس الانتقالي بإنهاء التصعيد والخروج السلس والعاجل من حضرموت والمهرة، بما يحفظ السلم المجتمعي، ويمنع الانزلاق نحو مسارات غير محسوبة.

ترحيب رئاسي وحكومي

وجدد العليمي في تدوينة على منصة «إكس» تقديره العالي للموقف الأخوي للسعودية، قيادةً وحكومةً وشعباً، إلى جانب الشعب اليمني وقيادته السياسية، مشيداً بجهودها الصادقة لخفض التصعيد في المحافظات الشرقية، وحماية المركز القانوني للدولة.

وأكّد العليمي التزام مجلس القيادة الرئاسي والحكومة بالشراكة الوثيقة مع السعودية على مختلف المستويات، والعمل المشترك لتوحيد الصف الوطني، بما يُحقق تطلعات اليمنيين في استعادة مؤسسات الدولة، وتحقيق الأمن والاستقرار والسلام.

جنود موالون لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي الانفصالي» في اليمن يحرسون محيط القصر الرئاسي في عدن (رويترز)

من جانبها، رحّبت الحكومة اليمنية بالبيان السعودي، وعدّته موقفاً واضحاً ومسؤولاً إزاء التطورات الأخيرة في حضرموت والمهرة، مثمنة الدور القيادي الذي تضطلع به المملكة، بالتنسيق مع دولة الإمارات العربية المتحدة، لدعم مسار التهدئة ومعالجة الأوضاع بروح الشراكة والمسؤولية.

وأكدت الحكومة اليمنية أن استقرار حضرموت والمهرة، وسلامة نسيجهما الاجتماعي، يُمثلان أولوية وطنية قصوى، محذرة من أن أي تحركات أمنية أو عسكرية خارج الأطر الدستورية والمؤسسية، ودون تنسيق مع مجلس القيادة والحكومة والسلطات المحلية، تشكل عامل توتير مرفوضاً، وتحمّل البلاد أعباء إضافية في ظرف بالغ الحساسية.

إجماع حزبي

في موازاة المواقف الرسمية، أصدرت الأحزاب والمكونات السياسية اليمنية بياناً مشتركاً استنكرت فيه الخطوات التصعيدية الخطيرة، سواء من قبل «المجلس الانتقالي الجنوبي» أو من بعض الوزراء والمحافظين الذين أعلنوا تأييدهم للإجراءات الأحادية، عادّة ذلك خروجاً صريحاً على الشرعية الدستورية، وإعلان نقل السلطة، ومرجعيات الحل السياسي المتوافق عليها وطنياً ودولياً.

وأكدت الأحزاب أن فرض مشروع سياسي بالقوة، وتقويض سلطة الدولة، يُمثل نكوصاً خطيراً عن الوفاق الوطني، وضرباً لأسس الشراكة، وإضعافاً مباشراً لوحدة القرار السيادي، ويمنح جماعة الحوثي فرصاً إضافية لإطالة أمد الحرب وتعقيد مسار السلام.

قوات تابعة لـ«المجلس الانتقالي الجنوبي» في منطقة جبلية بمحافظة أبين (رويترز)

وأشادت الأحزاب بالموقف السعودي الداعم للشرعية الدستورية ووحدة اليمن أرضاً وإنساناً، وبجهود المملكة لمنع الفوضى في المحافظات الشرقية، كما رحّبت ببيان مجلس الأمن الدولي الذي دعا إلى خفض التصعيد، وبموقف الاتحاد الأوروبي الداعم لوحدة اليمن وسيادته.

على المستوى الحزبي الفردي، أكّد حزب «المؤتمر الشعبي العام» -جناح الخارج- أن المرحلة الراهنة شديدة الحساسية، وتتطلب اصطفافاً وطنياً حقيقياً، محذّراً من أن أي خطوات انفرادية لفرض أمر واقع لا تخدم قضية الجنوب ولا معركة استعادة الدولة، بل تصب في مصلحة الانقلاب الحوثي، وتُهدد الأمن القومي العربي.

ودعا جناح الحزب في الخارج جميع الأطراف إلى التراجع عن الإجراءات الأحادية، وتغليب الحوار، ولمّ الشمل، وتوحيد الجهود لمواجهة العدو المشترك، مع تأكيد أن القضايا الوطنية لا تُحل بالقوة أو الإكراه، بل بالحوار والتوافق.

الحوثيون المدعومون من إيران يتربصون بالحكومة الشرعية والمناطق المحررة (إ.ب.أ)

بدوره، شدد «الحزب الاشتراكي اليمني» على تمسكه بوحدة الحكومة واتفاق الرياض، ورفضه أي إجراءات تقوض التوافق الوطني، محذّراً من أن الزج بالحكومة في حالة الاستقطاب السياسي سيقود إلى العجز والشلل، وينعكس سلباً على حياة المواطنين ومعيشتهم.

وأكد الحزب أن حكومة الشراكة الوطنية تُمثل المنجز الأبرز لاتفاق الرياض، وأن الحفاظ على وحدتها شرط أساسي لمواجهة التمرد الحوثي ومشروعات التفكيك، داعياً إلى إنهاء الاحتقان داخل مؤسسات الدولة، واستعادة وحدة القرار السياسي والعسكري.

ويجمع سياسيون يمنيون على أن الرسالة السعودية حملت توازناً دقيقاً بين دعم الشرعية، واحترام خصوصية القضية الجنوبية، والتحذير من الانزلاق نحو مسارات قد تعصف بالسلم المجتمعي، وتبدد ما تبقى من فرص السلام، في وقت لا تزال فيه البلاد تخوض معركة وجودية ضد الجماعة الحوثية والتنظيمات المتخاصمة معها.


العاصمة الصومالية تشهد انتخابات في خطوة أولى نحو استعادة حق الاقتراع العام

عضوان من حزب العدالة والوحدة خلال حملة انتخابية في مقديشو (إ.ب.أ)
عضوان من حزب العدالة والوحدة خلال حملة انتخابية في مقديشو (إ.ب.أ)
TT

العاصمة الصومالية تشهد انتخابات في خطوة أولى نحو استعادة حق الاقتراع العام

عضوان من حزب العدالة والوحدة خلال حملة انتخابية في مقديشو (إ.ب.أ)
عضوان من حزب العدالة والوحدة خلال حملة انتخابية في مقديشو (إ.ب.أ)

يصوت سكان العاصمة الصومالية ​مقديشو اليوم الخميس في انتخابات بلدية تهدف إلى تمهيد الطريق لأول انتخابات وطنية مباشرة في الدولة الواقعة في شرق أفريقيا منذ أكثر من نصف قرن.

وباستثناء انتخابات منطقة بونتلاند شبه المستقلة ومنطقة أرض الصومال الانفصالية، أجرى الصومال آخر انتخابات مباشرة في عام 1969، قبل أشهر من سيطرة الجنرال محمد سياد بري على السلطة في انقلاب. وبعد سنوات من الحرب الأهلية التي أعقبت ‌سقوط بري ‌عام 1991، تم تبني طريقة الانتخابات غير ‌المباشرة ⁠عام ​2004. ‌وكان الهدف هو تعزيز التوافق بين القبائل المتنافسة في مواجهة حركةٍ مسلحة، على الرغم من أن بعض الصوماليين يرون أن السياسيين يفضلون الانتخابات غير المباشرة لأنها تتيح فرصا للفساد.

وبموجب هذا النظام، ينتخب ممثلون للقبائل أعضاء البرلمان، الذين يختارون بعد ذلك الرئيس. ويتولى الرئيس بدوره مسؤولية تعيين رئيس بلدية مقديشو. ويُنظر لانتخابات مقديشو، المدينة التي ⁠يبلغ عدد سكانها حوالي ثلاثة ملايين نسمة والتي تحسنت الأوضاع الأمنية بها خلال السنوات القليلة ‌الماضية على الرغم من استمرار وقوع ‍هجمات يشنها مسلحو «حركة الشباب» ‍المرتبطة بتنظيم القاعدة، على أنها بمثابة اختبار قبل إجراء انتخابات ‍مباشرة على المستوى الوطني.

وقال عبد الشكور أبيب حير عضو لجنة الانتخابات الوطنية إن حوالي 1605 مرشحين سيتنافسون اليوم الخميس على 390 مقعدا بالمجالس المحلية بمقديشو. وسيختار هؤلاء الأعضاء بعد ذلك رئيسا للبلدية. وذكر حير لرويترز «هذا يظهر أن الصومال يقف على قدميه ويمضي قدما... وبعد الانتخابات المحلية، يمكن وسيتم إجراء الانتخابات في جميع ⁠أنحاء البلاد».

وأعاد قانون صدر عام 2024 حق الاقتراع العام قبل الانتخابات الاتحادية المتوقعة العام المقبل. ومع ذلك، توصل الرئيس حسن شيخ محمود في أغسطس آب إلى اتفاق مع بعض قادة المعارضة ينص على أنه بينما سيتم انتخاب النواب مباشرة في عام 2026، سيظل البرلمان هو من يختار الرئيس.

وتقول أحزاب معارضة إن الانتقال سريعا لتطبيق نظام انتخابي جديد من شأنه أن يعزز فرص إعادة انتخاب محمود. ويتساءلون كذلك عما إذا كانت البلاد آمنة بما يكفي لإجراء انتخابات شاملة نظرا لسيطرة حركة الشباب على مساحات شاسعة من المناطق ‌الريفية فضلا عن أنها تشن غارات بشكل متكرر على مناطق سكانية رئيسية.


احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
TT

احتفالات عيد الميلاد تعود إلى بيت لحم بعد عامين من الحرب على غزة

احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)
احتفالات عيد الميلاد في بيت لحم بالضفة الغربية (أ.ف.ب)

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم، الأربعاء، مع بدء الاحتفالات بعيد الميلاد في المدينة الواقعة بالضفة الغربية المحتلّة، بعد عامين خيّمت عليهما حرب غزة التي حرمت مسقط رأس السيد المسيح، حسب المعتقد المسيحي، من الاحتفال.

لكن هذا العام، بدت المدينة الواقعة في جنوب الضفة الغربية أكثر حيوية، بعد اتفاق لوقف إطلاق النار في قطاع غزة، حيث يواجه مئات الآلاف برد الشتاء القارس بعد أن تركتهم الحرب في خيام مهترئة ومنازل مدمرة.

تجوب فرق الكشافة شوارع بيت لحم (أ.ب)

وفي الفاتيكان، من المقرر أن يترأس البابا لاوون الرابع عشر قداس عيد الميلاد الأول له عند الساعة 20:30 بتوقيت غرينتش في كاتدرائية القديس بطرس، بعدما دعا إلى «24 ساعة من السلام في العالم أجمع».

وانتخب الحبر الأعظم الأميركي من قبل مجمع الكرادلة، في مايو (أيار)، عقب وفاة البابا فرنسيس، وهو يتميّز بأسلوب أكثر هدوءاً من سلفه، لكنه سار على خطاه في قضايا أساسية، مثل الهجرة والعدالة الاجتماعية.

«أمل»

في بيت لحم، طغت على الأجواء أصوات الطبول ومزامير القِرَب التي تعزف ألحان تراتيل ميلادية شهيرة، بينما توجّه المسيحيون، صغاراً وكباراً، نحو وسط المدينة حيث ساحة المهد.

وقالت ميلاغروس إنسطاس (17 عاماً) التي ترتدي الزي الأصفر والأزرق لكشافة الساليزيان في بيت لحم «اليوم مليء بالفرح، لأننا (من قبل) لم نكن قادرين على الاحتفال بسبب الحرب».

وعلى غرار سائر دول الشرق الأوسط، يشكّل المسيحيون أقلية في الأراضي المقدسة، إذ لا يزيد عددهم على 185 ألفاً في إسرائيل، و47 ألفاً في الأراضي الفلسطينية.

وشارك مئات الأشخاص في المسيرة التي جابت شارع النجمة الضيق المفضي إلى كنيسة المهد والساحة المؤدية لها.

وتجمّع حشد غفير في ساحة المهد، فيما أطلّ عدد قليل من المتفرجين من شرفات مبنى البلدية لمتابعة الاحتفالات.

وفي وسط الساحة، وقفت شجرة الميلاد الكبيرة المزينة بكرات حمراء وأخرى ذهبية لتزيد بهجة على الأجواء.

ويعود بناء الكنيسة إلى القرن الرابع، وقد بُنيت فوق مغارة يعتقد المسيحيون أن السيد المسيح وُلد فيها قبل أكثر من ألفي عام.

وقالت كاتياب عمايا (18 عاماً)، وهي من أعضاء الكشافة أيضاً، إن عودة الاحتفالات تمثّل رمزاً مهماً لوجود المجتمع المسيحي في المنطقة.

وأضافت لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «هذا يمنحنا أملاً بأن المسيحيين ما زالوا هنا يحتفلون، وأننا ما زلنا نحافظ على التقاليد».

في وسط الساحة، وقفت شجرة الميلاد الكبيرة المزينة بكرات حمراء وأخرى ذهبية لتزيد بهجة على الأجواء (أ.ف.ب)

«إخوتنا وأخواتنا في غزة»

خلال الحرب المدمرة التي دارت في قطاع غزة، عمدت بلدية بيت لحم المنظمة للاحتفالات الخاصة بعيد الميلاد إلى تخفيف مظاهر الاحتفال، فاقتصرت على المراسم الدينية.

وقالت عمايا: «هذه الاحتفالات هي بمثابة أمل لشعبنا في غزة... بأنهم سيحتفلون يوماً ما ويعيشون الحياة من جديد».

وقبل ساعات ظهر الأربعاء، وصل بطريرك اللاتين في القدس، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا، إلى بيت لحم، استعداداً لترؤس قداس منتصف الليل التقليدي في كنيسة المهد.

وقال لدى وصوله إلى كنيسة المهد أمام المئات من المحتشدين: «أُوصِل لكم التحيات والصلوات من إخوتنا وأخواتنا في غزة».

وكان بيتسابالا زار غزة المدمّرة من الحرب في عطلة نهاية الأسبوع، وترأس قداس عيد الميلاد في رعية العائلة المقدسة بمدينة غزة الأحد.

بطريرك اللاتين في القدس، الكاردينال بييرباتيستا بيتسابالا وسط الحشود (أ.ب)

وأُبرم اتفاق وقف إطلاق النار بين إسرائيل و«حماس» برعاية أميركية وقطرية ومصرية وتركية، ودخل حيز التنفيذ في العاشر من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن السكان ما زالوا يواجهون حياة صعبة وبائسة بعد فقدان منازلهم وأحبتهم.

وتتبادل إسرائيل و«حماس» الاتهامات بخرق الاتفاق.

«مكان مميّز جداً»

يأمل سكان بيت لحم أن تسهم عودة احتفالات عيد الميلاد في إعادة الحياة إلى المدينة وتحفيز عودة السياح.

ويعتمد اقتصاد مدينة بيت لحم، على وجه الخصوص، على السياحة.

وتسببت الحرب في غزة بعزوف السياح عن المجيء خلال الحرب إلا أعداد قليلة جداً، كما تسببت الحرب بارتفاع معدلات البطالة.

لكن الزوار المسيحيين بدأوا، في الأشهر الأخيرة، بالعودة تدريجياً إلى المدينة المقدسة.

يأمل سكان بيت لحم أن تسهم عودة احتفالات عيد الميلاد في إعادة الحياة إلى المدينة وتحفيز عودة السياح (أ.ف.ب)

وقال جورج حنا، من بلدة بيت جالا المجاورة «بيت لحم مكان مميّز جداً، نريد أن تصل رسالتنا إلى العالم كله، وهذه هي الطريقة الوحيدة».

وخلص إلى القول: «نأمل أن نتمكن من الاحتفال، وأن يكون الأطفال سعداء، هذا هو العيد بالنسبة لنا».