اتهامات يمنية لـ«الحرس» الإيراني بإدارة التشكيلات العسكرية والأمنية الحوثية

مصادر تحدثت عن تشكيل وحدات قتالية طائفية

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (أ.ف.ب)
الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (أ.ف.ب)
TT

اتهامات يمنية لـ«الحرس» الإيراني بإدارة التشكيلات العسكرية والأمنية الحوثية

الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (أ.ف.ب)
الحوثيون استغلوا الحرب في غزة لتجنيد عشرات الآلاف من المقاتلين (أ.ف.ب)

ذكرت مصادر وثيقة الاطلاع في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء أن ممثلي «الحرس الثوري» الإيراني استكملوا إحكام قبضتهم على جميع التشكيلات المخابراتية والعسكرية الحوثية، وباتوا يتحكمون في كل القرارات، بالتزامن مع بدء تشكيل وحدات قتالية ذات عقيدة طائفية على غرار التشكيلات الموجودة في إيران.

المصادر التي تحدثت إلى «الشرق الأوسط» بعد تمكنها من الوصول إلى مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، أوضحت أن حملات الاعتقالات التي نفذتها الجماعة حديثاً كانت بإشراف من عناصر «الحرس الثوري».

تعبئة طائفية وتشكيل وحدات قتالية تدين بالولاء المطلق لزعيم الحوثيين (إعلام حوثي)

وكانت حملة الاعتقالات طاولت العشرات من العاملين في مكاتب الأمم المتحدة أو في منظمات إنسانية دولية، وكذا موظفون سابقون لدى السفارة الأميركية، كما طاولت وللمرة الأولى عناصر من سلالة الحوثيين نفسها كانت قد عملت لصالح الجماعة منذ بداية الانقلاب على الحكومة المعترف بها دولياً.

ووفق ما قالته المصادر، هناك توجه داخل الاستخبارات الحوثية التي يطلق عليها «جهاز الأمن والمخابرات»، وكذا داخل جهاز الأمن الداخلي المعروف باسم «الأمن الوقائي» لتصفية الإدارات المهمة وأجهزة الأمن والتشكيلات العسكرية ممن لا يوثق بولائهم ولا بنهجهم العقائدي حتى وإن كانوا من سلالة الحوثي نفسها.

واستعانت الجماعة بعناصر غير عقائديين عند اقتحام صنعاء، واستفادت من خبراتهم في العمل داخل مؤسسات الدولة أو المنظمات المحلية والدولية، لكن الحاجة إليهم انتفت الآن، طبقاً لما أكدته المصادر.

ونقلت المصادر عن أفراد من سلالة الحوثي نفسها كانوا عملوا في خدمة الجماعة الانقلابية طوال السنوات السابقة القول إنه يجرى استبعادهم، إما لأنهم لا ينحدرون من محافظة صعدة، أو لأنهم صُنّفوا وفقاً لتقارير حوثية داخلية بأنهم غير مؤمنين بولاية زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، أو مشكوك في عقيدتهم الطائفية.

الحوثيون يجنّدون المراهقين تحت مسمى الذهاب للقتال في فلسطين (إعلام حوثي)

وبعض هذه الأسر - بحسب المصادر - حاولت التوسط لإطلاق سراح أبنائها الذين تم اعتقالهم بسبب عملهم السابق لدى السفارة الأميركية أو لدى منظمات إغاثية دولية، لكنها فشلت، وظهر أن قدرتها على التواصل مع قيادات في أجهزة المخابرات الحوثية أو في مكتب زعيم الجماعة كما كان يحدث في السابق، أصبحت محدودة للغاية.

تحكم مطلق

أفادت المصادر اليمنية بأن نفوذ عناصر «الحرس الثوري» الذين كانوا يتحكمون بالأعمال العسكرية تحديداً بخاصة ما يتصل بالصواريخ الباليستية ومعامل تركيب الطائرات المسيرة، توسع أخيراً، حيث باتوا يتحكمون بالمشهد الأمني بشكل مطلق.

وقالت إن هذه العناصر استغلت الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة وأوعزت للحوثيين بتجنيد الآلاف من المراهقين الذين تم إلحاقهم بالمعسكرات الصيفية أو في مدارس التعليم الطائفي الخاص، وآخرين من خريجي ما تسمى الدورات الثقافية عن طريق إيهامهم بأنه يتم إعداداهم وتأهيليهم كي يذهبوا للقتال في فلسطين.

عناصر «الحرس الثوري» الإيراني يتولون الإشراف على الهجمات الحوثية البحرية (أ.ف.ب)

والغاية من هذه العملية - بحسب المصادر - هي إيجاد تشكيلات عسكرية عقائدية على غرار «الحرس الثوري»، تدين بالولاء المطلق لزعيم الحوثيين، وتؤمن بأنه الولي المرسل من الله لحكم البلاد؛ ولهذا يرتكز بنيان هذه التشكيلات على من يطلق عليهم اسم «المؤمنين» لتمييزهم عن المجاميع المسلحة السابقة والتي كان يطلق على منتسبيها اسم «المجاهدين».

وبشأن التشكيلات العسكرية التي كانت قائمة قبل الانقلاب وتم دمجها قبل نحو عام مع التشكيلات المسلحة للحوثيين وظلت تحمل المسميات نفسها، أكدت المصادر أن الخبراء الإيرانيين لا يراهنون عليها؛ لأنها تضم خليطاً من منتسبي وحدات الجيش والأمن السابقين، كما أن المجاميع المسلحة للحوثيين التي دُمجت في هذه الوحدات كانت في غالبها تقاتل لأسباب مرتبطة بالانتماء السلالي أو الطائفي أو القبلي؛ ولهذا سيتم الاحتفاظ بها، لكن النواة الصلبة لهذه التركيبة المسلحة ستكون قائمة على التشكيلات الجديدة.

لم يستثنِ الحوثيون صغار السن من التعبئة العسكرية والطائفية (أ.ف.ب)

وتوقعت المصادر اتساع رقعة الاعتقالات خلال الفترة المقبلة لتشمل مجاميع من الكوادر النسائية والشبابية والعاملين في القطاع المدني؛ لأن الجماعة ترى في هؤلاء عقبة أمام قدرتها على تطويع المجتمع وإعادة تشكيله وفق رؤاها المنغلقة، والتي تسعى إلى عودة النساء إلى المنازل والتوقف عن الالتحاق بالجامعات أو العمل في المؤسسات المدنية والثقافية.

ويعتقد الحوثيون - بحسب المصادر - أن الحضور النسائي في العمل والأنشطة المختلفة جزء مما يسمونه الحرب الناعمة عليهم؛ ولهذا عملوا في إطار هذا المسعى على إغلاق معاهد تعلم اللغات للفتيات ووضعوا قواعد صارمة على لباسهن وفرضوا فصلهن عن الذكور في الجامعات والمعاهد وحتى في المقاهي العامة، لكنهم يجابَهون بمقاومة مجتمعية تفشِل كل هذه القرارات.

تكميم الأفواه

في سياق متصل بممارسات الحوثيين، ذكر نجل القاضي المعارض عبد الوهاب قطران الذي أُفرج عنه بعد اعتقال دام ستة أشهر، أن والده ممنوع من الكتابة في مواقع التواصل الاجتماعي أو الإدلاء بتصريحات للمواقع؛ لأن ذلك كان شرطاً لتوجيه زعيم الحوثيين بإطلاق سراحه.

القاضي اليمني عبد الوهاب قطران بعد خروجه من المعتقل الحوثي (إعلام محلي)

وطبقاً لما أورده نجل قطران، فإن والده كان يرغب في الرد على محاور لقاء خاص بأحد المواقع الإلكترونية، لكن سلطان السامعي، عضو مجلس حكم الحوثيين، تواصل معه وطلب منه التوقف عن الكتابة؛ لأنه تم الإفراج عنه بموجب ضمانة قدمها السامعي لزعيم الحوثيين بأن قطران سيتوقف عن الكتابة، وإن عاد فإن السامعي على استعداد لأن يُسجَن بدلاً عنه.

ويقول ثلاثة من المسافرين غادروا صنعاء منذ أيام قليلة لـ«الشرق الأوسط» إن المدينة باتت أشبه بسجن كبير وكل الفاعلين في قطاع الشباب أو المرأة أو الطب والتجارة عُرضة للاعتقال بتهمة الجاسوسية لمجرد أن أحدهم التحق بأحد المعاهد الأميركية لتعليم اللغة الإنجليزية أو عمل لدى منظمة أو سفارة أجنبية أو سافر في أي فعالية من الفعاليات الثقافية والاجتماعية إلى الدول الغربية.


مقالات ذات صلة

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي صاروخ باليستي زعم الحوثيون أنهم أطلقوه باتجاه إسرائيل (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن يتبنّون استهداف تل أبيب بمسيّرات

ضمن تصعيد الجماعة الحوثية تحت مزاعم نصرة الفلسطينيين في غزة، وأخيراً مناصرة «حزب الله» في لبنان، تبنت، الخميس، إطلاق عدد من الطائرات المسيرة باتجاه تل أبيب

علي ربيع (عدن)
العالم العربي عامل يعد نقوداً في محل للصرافة في صنعاء (إ.ب.أ)

منصة يمنية تكشف جانباً من خفايا الكيانات المالية للحوثيين

كشفت منصة يمنية متخصصة في تعقب الجرائم المنظمة وغسل الأموال جانباً من أسرار الكيانات المالية للحوثيين مسلطة الضوء على تورط شركات صرافة وأخرى تجارية.

«الشرق الأوسط» (عدن)

سفير تايوان لدى السعودية: 260 ألف جهاز «بيجر» جرى تصديرها خلال عامين

سامي جانج السفير التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
سامي جانج السفير التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
TT

سفير تايوان لدى السعودية: 260 ألف جهاز «بيجر» جرى تصديرها خلال عامين

سامي جانج السفير التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)
سامي جانج السفير التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

تحقق السلطات القضائية التايوانية، لتحديد المسؤول الأول عن تعديل مصنعاتها من أجهزة «البيجر» بالشكل الذي حوّلها إلى متفجرات تأذى بها لبنانيون وبعض منتسبي «حزب الله».

ويقول سامي جانج، السفير التايواني لدى السعودية، لـ«الشرق الأوسط»، إن ما تم تصديره من الأجهزة بين عامي 2022 و2024 بلغ 260 ألف جهاز، منها ما يقارب 16 في المائة تم تصديره إلى أميركا وأوروبا.

ويأسف السفير مما تم تداوله عن الأشخاص الذين أصيبوا في لبنان وغيرها، «وأود أن أنوه بأنه تم التحقق من أن أجهزة (البيجرز)، التي تسببت بالأضرار ليست مستوردة من تايوان إلى لبنان مباشرة».

وأضاف جانج: «تتصنع هذه الأجهزة من اللوحة الرئيسية، وشاشة، وبطارية صغيرة، ومعالج بيانات صغير الحجم، وجهاز فك التشفير وجهاز استقبال الترددات، وجميع هذه المواد الداخلة في عملية التصنيع لا يوجد بها مواد تسبب انفجاراً ممكناً بحيث يؤدي إلى الوفاة أو الإصابة».

ولفت جانج إلى أن شركة «أبولو جولد» التايوانية صدّرت، من أول عام 2022 إلى أغسطس (آب) 2024، أجهزة «بيجر» بلغ عددها 260 ألف جهاز، منها 40929 جهازاً، خلال هذا العام منذ بدايته وحتى شهر أغسطس (آب)، إلى أميركا والدول الأوروبية، ولم يسبق منها أي أضرار أو انفجارات.

وأضاف جانج: «إن ما حصل في لبنان يطرح عدة استفسارات من شاكلة: هل تم تعديل أو تغيير في أجهزة (البيجرز) بعد الاستيراد من شركة (أبولو جولد)، أو تدخل صناعي من الشركات الأجنبية التي صرّحت لها (أبولو جولد) بصناعة (البيجرز)؟».

السفير التايواني لدى السعودية (الشرق الأوسط)

وتابع جانج: «الإجابات عن هذه الاستفسارات قيد التحقيق في تايوان حالياً من قبل الجهات المسؤولة، لكن من المؤكد أن (البيجرز)، التي تم تصديرها من تايوان بشكلها الذي تم تصديرها به، ليست متسببة بأي أضرار، ولن تتهاون حكومة تايوان في ذلك الشأن؛ إذ تم عرض الشأن على السلطة القضائية التايوانية للتحقيق فيه».

الأثر الاقتصادي على تايوان

وحول أثر أحداث تفجير «البيجرز» على الصناعات التايوانية وعلى الاقتصاد التايواني، قال جانج: «إن سمعة صناعة تايوان معروفة منذ القدم، ومن الصعب جداً أن تتأثر بأي عوامل لما لديها من قدرة على كسب ثقة التجار، الذين سبق لهم التعامل مع المصانع والشركات التايوانية، لما تتمتع به من قدرات وكفاءة وتقنية عالية».

وأضاف السفير: «لا يمكن أن يقاس حجم استثمارات تايوان بعدد قليل من الأجهزة المذكورة؛ إذ هي فقط نقطة في بحر التعاملات التجارية بين تايوان والعديد من دول العالم».

التعاون السعودي - التايواني

كشف جانج أن بلاده تدرس حالياً التعاون مع السعودية في مجال الرقائق الإلكترونية ومعالجة الاتصالات اللاسلكية وبرامج الكمبيوتر، متفائلاً بمستقبل عريض للتعاون الثنائي في الصناعات التكنولوجية الفائقة.

وقال جانج: «ليس هناك حدود للتعاون بين تايوان والمملكة، فإن تايوان تعمل دائماً على استمرارية للعلاقة بين البلدين، والبحث في فرص الاستثمارات المشتركة، وتايوان من أوائل الدول التي سعت للعمل في جميع مجالات التعاون مع المملكة لتحقيق رؤية 2030 التي قادها خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وولي عهده الأمير محمد بن سلمان».

ولفت جانج إلى أن شركة «فوكسكون» التايوانية أعلنت الشراكة مع المملكة في صناعة أجزاء السيارات الكهربائية والإلكترونيات، بالإضافة إلى التعاون بين تايوان والبنك الأهلي السعودي بشراء سندات بقيمة 500 مليون دولار، فضلاً عن العديد من الأمثلة على الشراكات الناجحة والمستمرة.

وأضاف جانج: «طبعاً يوجد عدد من المشاريع المقترحة، نظراً إلى أن تايوان تمثل سوقاً عالية الجودة؛ إذ تخضع لمعايير وسياسات رقابية مشددة للحفاظ على سلامة المستخدم والحماية من الغش، وأرى أن مستقبل التعاون مع المملكة واسع جداً، خصوصاً أن تايوان تشتهر بخبرتها وقدرتها على صناعات التكنولوجيات الفائقة، لا سيما في مجال أشباه الموصلات وكذلك الذكاء الاصطناعي».

وتابع: «هناك مجال واسع للتعاون مع السعودية، في مجال الطبي مثلاً، ابتداءً من تشخيص المريض عن بعد حتى العمليات الجراحية عن طريق روبوت يعتمد على الذكاء الاصطناعي. وفي الزراعة، تستخدم الذكاء الاصطناعي في تربية الأنعام والأسماك، وكذلك في التعليم».

ووفق جانج: «إن تايوان أطلقت أخيراً أول كتاب مدرسي مدعوم بالذكاء الاصطناعي؛ حيث يمكّن الطلاب من الوصول إلى المواد الدراسية، ويمكّن المعلمين من الوصول إلى أجوبة الطلاب ومراقبة تقدم الطلاب بدقة عالية».

ولذلك، والحديث للسفير التايواني بالرياض، قررت شركة «AMD» الأميركية المتخصصة في مجال صناعة الرقائق الإلكترونية، وشركة «NVIDIA» لصناعة معالجات الاتصال اللاسلكية وبرامج الكمبيوتر، مطلع هذا العام، أن تؤسسا مركزاً لدراسات صناعة الذكاء الاصطناعي؛ ما يؤكد الجودة العالية لتقنية الصناعة التايوانية.