قلق مصري - يمني إزاء «المخاطر المتصاعدة» لتوترات البحر الأحمر

شكري والزنداني حذَّرا من تبعاتها على أمن الملاحة وقناة السويس

وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره اليمني شائع محسن الزنداني خلال اجتماعهما في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره اليمني شائع محسن الزنداني خلال اجتماعهما في القاهرة (الخارجية المصرية)
TT

قلق مصري - يمني إزاء «المخاطر المتصاعدة» لتوترات البحر الأحمر

وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره اليمني شائع محسن الزنداني خلال اجتماعهما في القاهرة (الخارجية المصرية)
وزير الخارجية المصري سامح شكري ونظيره اليمني شائع محسن الزنداني خلال اجتماعهما في القاهرة (الخارجية المصرية)

أعرب كل من مصر واليمن عن «قلقهما البالغ» إزاء «المخاطر المتصاعدة» للتوترات الجارية في البحر الأحمر.

وحذر وزيرا الخارجية المصري سامح شكري، واليمني شائع محسن الزنداني، خلال اجتماعهما في القاهرة، الأربعاء، من تبعات تلك التوترات على «أمن الملاحة والتجارة في قناة السويس».

وتستهدف جماعة «الحوثي» اليمنية، منذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، سفناً في منطقة البحر الأحمر وباب المندب، تقول إنها «مملوكة أو تشغّلها شركات إسرائيلية»، رداً على الحرب المستمرة في قطاع غزة منذ السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

ودفعت تلك الهجمات شركات شحن عالمية لتجنب المرور في البحر الأحمر، وتغيير مسار سفنها إلى طريق رأس الرجاء الصالح، رغم ما يسببه هذا التغيير من ارتفاع في تكلفة الشحن المالية والزمنية.

وتسببت تلك التوترات في تراجع عائدات قناة السويس، بنسبة بلغت 60 في المائة، حسب تقديرات وزير المالية المصري محمد معيط، في مايو (أيار) الماضي.

واستضافت القاهرة، جلسة الحوار الاستراتيجي بين مصر واليمن على المستوى الوزاري، بدأت بلقاء ثنائي بين وزيري الخارجية أعقبه جلسة مباحثات موسعة بحضور وفدي البلدين.

وأوضح المتحدث باسم الخارجية المصرية السفير أحمد أبو زيد، في إفادة رسمية، أن شكري والزنداني أشارا خلال جولة المباحثات في القاهرة، إلى «انعكاس توترات البحر الأحمر على حركة النقل الدولي والتجارة الدولية بما يزيد من الأزمة الاقتصادية العالمية الراهنة»، مشيراً إلى أنهما طالبا المجتمع الدولي بأن «يضطلع بدوره في الحد من تفاقم الأزمة الإنسانية التي يعاني منها الشعب اليمني، وتوفير الدعم اللازم لتمويل برامج الأمم المتحدة للإغاثة في اليمن».

وحسب الإفادة الرسمية، أكد شكري «دعم بلاده الراسخ لوحدة الدولة اليمنية ومؤسساتها واستقلالها وسلامة أراضيها»، مشدداً على ما يمثله «أمن واستقرار اليمن من أهمية قصوى للأمن القومي المصري وأمن المنطقة العربية ومنطقة البحر الأحمر»، حسب المتحدث باسم الخارجية المصرية.

ويقول الخبير العسكري المصري اللواء نصر سالم، لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يحدث من توترات في البحر الأحمر، هو نتيجة لاستمرار الحرب الإسرائيلية على قطاع غزة لنحو 9 أشهر»، مشيراً إلى أن «الحل الوحيد للحد من تداعيات هجمات الحوثيين على حركة التجارة العالمية يكمن في وقف الحرب في غزة».

وأوضح أن «تغيير مسار حركة الملاحة الدولية أدى إلى تراجع عائدات قناة السويس، وزيادة تكلفة الشحن من 750 دولاراً إلى 5 آلاف دولار للحاوية الواحدة». وقال سالم: «كان عن الولايات المتحدة وأوروبا العمل على وقف الحرب في غزة لحل الأزمة، بدلاً من إجراءات غير ذات جدوى مثل تحالف (حارس الازدهار)، و(الدرع الأوروبية)».

وتقود الولايات المتحدة تحالُفاً دولياً عسكرياً باسم «حارس الازدهار»، بهدف تأمين الملاحة في البحر الأحمر، كما أطلق الاتحاد الأوروبي، في 19 فبراير (شباط) الماضي، قوة بحرية جديدة تحت مسمى «خطة أسبيدس»، بهدف حماية الملاحة في البحر الأحمر.

وتطرقت المباحثات المصرية - اليمنية بـ«شكل مفصل إلى الحرب المستعرة منذ شهور في قطاع غزة، وما يواجهه القطاع من وضع إنساني كارثي غير مسبوق»، حسب المتحدث باسم الخارجية المصرية.

وجدد شكري «تأكيد موقف مصر الرافض لسيطرة إسرائيل عسكرياً على معبر رفح من الجانب الفلسطيني، مما أدى إلى توقف تدفق المساعدات الإنسانية». وأوضح أن «العدوان على الفلسطينيين في غزة ليس بمعزل عن الأوضاع في الضفة الغربية والقدس، وأن الحكومة الإسرائيلية مُستمرة في خلق مناخ ضاغط على الفلسطينيين».

وحذر وزير الخارجية المصري «من تداعيات التصعيد المستمر بما ينذر بازدياد مخاطر توسيع رقعة الصراع، الأمر الذي ستكون له تداعيات شديدة السلبية على أمن واستقرار المنطقة».

وقال أبو زيد إن «الجانبين استعرضا آخر التطورات المتعلقة بعدد من الملفات الإقليمية، والتي شملت المستجدات الأخيرة في الصومال والسودان وسوريا وليبيا».

وعلى الصعيد الثنائي، تناول اللقاء «الجهود المصرية لتقديم أوجه الدعم المختلفة للشعب اليمني، خصوصاً توفير المساعدات الطبية والغذائية، فضلاً عن استضافة مصر أعداداً كبيرة من مواطني اليمن على أراضيها، وتقديم الخدمات المعيشية كافة لهم بشكل مماثل لما يتم تقديمه للمواطنين المصريين»، حسب المتحدث باسم الخارجية المصرية.

وأكد شكري «دعم القاهرة للشرعية في اليمن، والتي يمثلها مجلس القيادة الرئاسي»، مشيراً إلى «تأييد مصر لجميع الجهود الرامية إلى التوصل لحل سياسي شامل للأزمة اليمنية، بما يلبّي طموحات الشعب ويُنهي معاناته الإنسانية، وفق مرجعيات الحوار الوطني اليمني، والمبادرة الخليجية ومخرجات المشاورات الأخيرة في الرياض، وقرارات مجلس الأمن ذات الصلة وفي مقدمتها القرار رقم 2216».

وأعرب شكري عن «حرص مصر على تعزيز التعاون مع الحكومة اليمنية في جهودها لتطوير البنية التحتية وإعادة تأهيل الكوادر البشرية في المجالات المختلفة، وانفتاح القاهرة على الانخراط في مشروعات التنمية اليمنية وجهود إعادة الإعمار».

ونقل البيان المصري عن وزير الخارجية اليمني «تقدير بلاده مواقف مصر الداعمة لليمن»، مرحِّباً بما تم التوصل إليه من نتائج خلال جولة الحوار الاستراتيجي بين الدولتين على مستوى كبار المسؤولين، التي استضافتها القاهرة، الثلاثاء.


مقالات ذات صلة

الحوثيون يعلنون مهاجمة أهداف في إسرائيل وتحذير يمني من التصعيد

العالم العربي دخان متصاعد من سفينة أصابها صاروخ حوثي (رويترز)

الحوثيون يعلنون مهاجمة أهداف في إسرائيل وتحذير يمني من التصعيد

قالت جماعة «الحوثي» اليمنية المتحالفة مع إيران، إنها استهدفت مدينتي تل أبيب وعسقلان في إسرائيل و3 مدمرات أميركية في البحر الأحمر.

وضاح الجليل (عدن)
العالم مصادر غربية تقول إن إيران تتوسط في محادثات سرية جارية لنقل صواريخ روسية لجماعة الحوثي (رويترز)

رويترز: إيران تتوسط لإرسال صواريخ «ياخونت» البحرية الروسية المتطورة للحوثيين

قالت ثلاثة مصادر غربية وإقليمية إن إيران تتوسط في محادثات سرية جارية بين روسيا وجماعة الحوثي اليمنية لنقل صواريخ مضادة للسفن إلى الجماعة المسلحة.

«الشرق الأوسط» (نيويورك)
شمال افريقيا وزير الدفاع عبد القادر محمد نور يشهد عملية تفريغ شحنة السفينة (مديرة مكتب رئيس الوزراء الصومالي - إكس)

التوتر يتصاعد في القرن الأفريقي على خلفية الاحتقان المصري - الإثيوبي

في تطور جديد للحضور العسكري المصري في الصومال، تحدثت مقديشو ووسائل إعلام غربية، عن وصول سفينة مصرية «تحمل أسلحة مدفعية» للصومال.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم ناقلة النفط «سونيون» (رويترز)

نجاح سحب السفينة «سونيون» إلى مكان آمن دون تسرب نفطي

قالت بعثة الاتحاد الأوروبي البحرية (أسبيدس)، اليوم الاثنين، إنه تسنى سحب ناقلة النفط «سونيون» المعطلة بالبحر الأحمر بأمان دون حدوث أي تسرب نفطي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي طائرة أميركية مسيّرة من طراز «إم كيو - 9» (أ.ب)

الحوثيون يعلنون إسقاط مسيّرة أميركية في أجواء ذمار

أعلنت جماعة الحوثي في اليمن، اليوم (الاثنين)، أنها أسقطت طائرة أميركية من نوع «إم كيو 9» بصاروخ سطح- جو، خلال قيام الطائرة «بمهام عدائية».

«الشرق الأوسط» (صنعاء )

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

مُسيّرات حوثية تستخدمها الجماعة في هجماتها ضد السفن (رويترز)
مُسيّرات حوثية تستخدمها الجماعة في هجماتها ضد السفن (رويترز)
TT

ماذا ينتظر الجماعة الحوثية بعد اغتيال نصر الله؟

مُسيّرات حوثية تستخدمها الجماعة في هجماتها ضد السفن (رويترز)
مُسيّرات حوثية تستخدمها الجماعة في هجماتها ضد السفن (رويترز)

لم تمضِ سوى ساعات معدودة على احتفالات الجماعة الحوثية بإطلاق صاروخ باليستي على تل أبيب، حتى اضطر قادتها إلى الصمت، بعد إعلان الجيش الإسرائيلي عن تمكّنه من اغتيال الأمين العام لـ«حزب الله» اللبناني حسن نصر الله في غارات جوية على الضاحية الجنوبية في العاصمة اللبنانية بيروت.

وجاءت الهجمة الصاروخية الحوثية بعد ساعات من إبداء زعيم الجماعة، عبد الملك الحوثي، في كلمته الأسبوعية عزمه وجماعته المضي قدماً في إسناد «حزب الله» وحركة «حماس» في مواجهتهما مع الجيش الإسرائيلي، وهي الكلمة التي أكد فيها أن «(حزب الله) في تماسك تام، وأقوى من أي زمن مضى»، متوعداً إسرائيل بالهزيمة.

وبينما كانت الجماعة تُعدّ هجمتها الصاروخية تلك تعزيزاً لحضورها في مشهد الصراع الإقليمي، وتأكيداً على مزاعمها في التفوق التكنولوجي والعسكري، جاءت الغارات الإسرائيلية التي استهدفت مواقع مهمة لـ«حزب الله» في ضاحية بيروت الجنوبية وجنوب لبنان، لتضع حدّاً لتلك الاحتفالات، خصوصاً بعد إعلان إسرائيل تمكّنها من اغتيال قائد الحزب، الأمر الذي يُمثل ضربة في مقتل لمحور الممانعة.

وتتزامن هذه التطورات مع تقرير سري قدّمه خبراء في الأمم المتحدة حول تحول الجماعة الحوثية من حركة مسلحة محلية بقدرات محدودة، إلى منظمة عسكرية قوية، بعد تلقي مساعدات وخبرات من «فيلق القدس» التابع لـ«الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» اللبناني ومتخصصين وفنيين عراقيين.

ولا يمتلك الحوثيون القدرة على التطور والإنتاج من دون دعم أجنبي وأنظمة أسلحة معقدة، وفق ما نقل الخبراء عن متخصصين عسكريين يمنيين ومقربين من الحوثيين، إذ إن نطاق عمليات نقل العتاد والتكنولوجيا العسكرية من مصادر خارجية إلى الجماعة غير مسبوق، وتشمل عمليات الدعم التمويل المالي والتدريب الفني والتكتيكي.

ولاحظ الخبراء تشابه الأسلحة والتكتيكات التي تستخدمها الجماعة مع تلك التي تمتلكها وتنتجها إيران، إلى جانب توصلهم إلى زيادة التعاون بينها و«تنظيم القاعدة» من جهة، وزيادة أنشطة التهريب المتبادل بينها وحركة «الشباب» الصومالية.

استبعاد الخلافة

تضع الضربات المتتالية التي تعرض لها «حزب الله» خلال الأيام الأخيرة الجماعة الحوثية أمام خيارات معقدة، خصوصاً أنها استفادت من المواجهات بين الحزب وإسرائيل في تسويق نفسها، من خلال التصعيد الذي تخوضه في البحر الأحمر والمحيط الهندي، وصولاً إلى إطلاق صواريخ باليستية، تزعم أنها فرط صوتية، باتجاه إسرائيل.

ومن شأن التعامل الإسرائيلي العنيف تجاه «حزب الله» أن يدفع الأذرع الإيرانية في المنطقة، مثل الجماعة الحوثية، لتحسس رقابهم وفق إسلام المنسي، الباحث في مركز دراسات الشرق الأوسط، الذي يتوقع أن هذه الأذرع ستحسب حسابها لأي خطوة تصعيدية.

زوارق تابعة للجماعة الحوثية التي يقول خبراء الأمم المتحدة إنها تحوّلت إلى منظمة عسكرية (أ.ف.ب)

ويوضح المنسي لـ«الشرق الأوسط» أن الجماعة الحوثية أصبحت الآن أبعد ما تكون عن الاستهانة بما يجري من تصعيد، بل إنها ستختار مساراً جديداً للتعامل مع ما فرضه هذا التصعيد، وذلك وفق لتوجيهات طهران التي تُحدد لكل طرف مهامه وأدواره، والأوامر تأتي عادة من قيادة «الحرس الثوري» و«فيلق القدس».

ولا يتوقع الباحث أن يكون هناك رد فعل انتقامي غريزي من أي ذراع إيرانية في المنطقة، دون النظر للحسابات الإقليمية والدولية، ومنها الملف النووي الإيراني والحسابات بين الولايات المتحدة الأميركية وإيران، مستبعداً أن تسعى الجماعة الحوثية إلى وضع نفسها بديلاً لـ«حزب الله» في مواجهة إسرائيل.

ويرى المنسي، وهو باحث في الشؤون الإيرانية، أن الجماعة الحوثية لا تملك القوة أو الخبرة التي كان يمتلكها «حزب الله»، والذي تعرض لاختراق كبير من طرف إسرائيل، ومع احتمالية نشوء فراغ كبير بعد اغتيال نصر الله، فإن الجماعة الحوثية ليست مؤهلة لملئه، خصوصاً مع العوائق الجغرافية وبُعد المسافة عن مركز الصراع.

وعلى مدى 10 أشهر، تشّن الجماعة الحوثية هجمات متكررة بالطائرات المسيرة والصواريخ الباليستية على سفن في ممرات الشحن المهمة في البحر الأحمر، تحت ما تسميه «دعم الفلسطينيين» في قطاع غزة، متسببة في تعطيل حركة التجارة البحرية العالمية.

حسابات معقدة

لم يصدر رد فعل من الجماعة الحوثية على إعلان الجيش الإسرائيلي اغتيال حسن نصر الله، وشهدت مواقع التواصل الاجتماعي التي ينشط فيها عدد من القادة الحوثيين على مدار الساعة، توقف غالبيتهم عن النشر، خصوصاً أنهم كانوا يحتفلون بالهجمة الصاروخية الأخيرة على تل أبيب.

لقطة شاشة لاعتراض الصاروخ الذي تبنّت الجماعة الحوثية إطلاقه على تل أبيب الجمعة الماضي (إكس)

ويتوقع الباحث السياسي صلاح علي صلاح، أن تكون الجماعة في حيرة من أمرها حالياً بين استمرار التصعيد أو التراجع عن ذلك، وأن ثمة انقساماً داخلياً حول اتخاذ قرار بهذا الشأن، خصوصاً أنها عانت مثل هذا الانقسام سابقاً في مواقف عدة، حتى وإن لم يظهر ذلك للعلن.

ولا يمكن للجماعة، وفق حديث صلاح لـ«الشرق الأوسط» أن تحسم أمرها بشأن التصعيد أو الانتقام لمقتل أمين عام «حزب الله»، والضربات التي تلقاها الحزب الذي قدم كثيراً من الخدمات والمعونات لها، وتمكنت بمساعدة خبراته من تحقيق مزيد من النفوذ والسيطرة محلياً، وتقديم نفسها لاعباً خطيراً على المستوى الإقليمي، يؤثر على مصالح كثير من القوى.

لكنه يستدرك بالإشارة إلى أن الجماعة ربما لا تدرك مخاطر التصعيد عليها وعلى المجتمع اليمني، وإن كان السكان تحت سيطرتها ليسوا في محور اهتماماتها، فإن الجناح العقائدي المتشدد فيها قد لا يكون في مستوى من الإدراك بما يمكن أن يعود به التصعيد عليها من آثار.

ويذهب صلاح إلى أن تأخر إسرائيل في الرد على الجماعة الحوثية ليس من قبيل عدم الاكتراث بهجماتها أو تجاهلها، بل إن ذلك يأتي من باب ترتيب الأولويات، فهي حالياً في طور التعامل مع «حزب الله»، قبل الانتقال إلى مصادر الهجمات التي تتعرض لها من سوريا والعراق، ثم التوجه إلى اليمن، حيث تؤثر الجغرافيا في ذلك الترتيبات.

تهدئة إجبارية

لم تتردد إسرائيل في الرد على التهديدات الحوثية، وفي العشرين من يوليو (تموز) الماضي، شنّت هجمة جوية على ميناء الحديدة على الساحل الغربي في اليمن الذي تُسيطر عليه الجماعة الحوثية، بعد يوم واحد من هجوم حوثي مميت بطائرة مسيرة على تل أبيب، ما أسفر عن احتراق منشآت وخزانات وقود وسقوط قتلى من عمال الميناء.

المخاوف تتزايد من تأثيرات مضاعفة للتصعيد الحوثي الإسرائيلي على الوضع الإنساني الكارثي في اليمن (رويترز)

ومن المرجح أن تؤثر عملية اغتيال أمين عام «حزب الله» على التصعيد الحوثي طبقاً لما يراه الباحث السياسي اليمني، عبد الرحمن أنيس، الذي يعيد التذكير بما نتج عن الضربة الإسرائيلية في ميناء الحديدة من تأثير كبير على العمليات الحوثية باتجاه إسرائيل لوقت ليس بالقصير.

ولم تلمس الجماعة الحوثية جدية في محاولة ردعها عن ممارساتها طوال أشهر من الضربات الأميركية البريطانية على مواقعها مثلما شعرت بعد الضربة الإسرائيلية، طبقاً لإفادات أنيس، التي خصّ بها «الشرق الأوسط»، لدرجة أن الصاروخ الباليستي الذي أطلقته أخيراً لم يكن سوى محاولة للفت الانتباه بفرقعة إعلامية أكثر مما هي ضربة عسكرية.

ومن المؤكد، حسب أنيس، أن الجماعة الحوثية ستستقبل اغتيال أمين عام «حزب الله»، بجدية بالغة، وأن تلجأ إلى تخفيف حدة هجماتها، ليس فقط باتجاه إسرائيل، بل في البحر الأحمر أيضاً، وأن يتخذ قاداتها احتياطات أمنية شديدة لحماية أنفسهم، خوفاً من الاستهداف الإسرائيلي، في حين لن يطرأ أي جديد في التعامل الأميركي البريطاني معهم.