استحدثت الجماعة الحوثية نقطة جباية جمركية على طريق مأرب - البيضاء الذي أعيد فتحه منذ نحو أسبوع، في حين تعتزم افتتاح نقطة جباية مشابهة في ضاحية الحوبان شرقي مدينة تعز، بعد أيام من فتحها هي الأخرى، بالتزامن مع حملات جباية مضاعفة في صنعاء وعدد من المدن في مناطق سيطرتها.
وأوردت مصادر محلية في محافظة البيضاء (جنوب شرقي صنعاء) أن الجماعة الحوثية فرضت جبايات مالية على التجار والمحلات والمطاعم الواقعة على طريق البيضاء - مأرب، الذي أعيد فتحه الأسبوع الماضي بعد 3 أعوام من إغلاقه، وشملت الحملة فرض جبايات على مختلف مدن وبلدات المحافظة.
وطبقاً للمصادر، فإن الجماعة بدأت فرض الجبايات تحت مسمى «المشاركة المجتمعية» لفتح الطرق، ووزعت على ملاك المحال التجارية والمطاعم سندات تحصيل دونت في بعضها المبالغ التي فرضتها على تلك المحال، في حين تركت خانة المبلغ في بعض السندات فارغة محيلة إلى المعنيين بدفع الإتاوات تقدير المبالغ التي سيتبرعون بها.
وعبر ملاك المحلات الذين سُلمت لهم سندات فارغة عن استيائهم البالغ من هذا التصرف، إذ إن الجماعة وضعتهم في موقف لا يحسدون عليه، وكأنها تختبرهم بهذه الطريقة، وتجبرهم على التبرع بمبالغ أكبر من التي كان يتوقع أن تفرض عليهم، في حين قد تعود لاتخاذ إجراءات عقابية بحق من يتبرع بمبلغ لا يرضي قادتها.
ونقلت المصادر عن ملاك المحلات التجارية والمطاعم أن القادة والعناصر الحوثيين الذين نزلوا لفرض تلك الجبايات توعدوا من يرفض أو يتباطأ في الدفع بعقوبات تصل إلى الاعتقال والإغلاق، وطلبوا منهم الاعتراف بالجميل ورده، حيث أن فتح الطريق سيمكنهم من زيادة مداخيلهم وتحقيق مبيعات كبيرة.
وتنسب الجماعة الحوثية لنفسها فضيلة إعادة تشغيل الطرق التي جرى فتحها أخيراً بعد إغلاقها لسنوات طويلة، نتيجة توسعاتها وحربها، ويرى مراقبو الشأن اليمني أنها تسعى لاستثمار ذلك لعدة أغراض، ومنها تحسين صورتها والحصول على رضا المجتمع، إلى جانب أغراض سياسية واقتصادية أخرى.
رسوم جمركية
واستحدثت الجماعة الحوثية نقطة جمركية لفرض جبايات على البضائع القادمة من مدينة مأرب، (شرق صنعاء) على الطريق الرابط بين المحافظتين، والذي أعيد فتحه أخيراً.
وكشفت المصادر المحلية أن الجماعة الحوثية اشترطت على اللجان المجتمعية التي توسطت لفتح الطرقات منحها مهلة 6 أسابيع لإعادة تأهيل الطريق قبل تشغيله، إلا أنها استغلت تلك المدة لتجهيز نقطة جمركية خاصة لفرض الإتاوات على البضائع.
ووفقاً للمصادر؛ فإن الجماعة نقلت نقطة منفذ «عفار» الجمركية التي استحدثتها في العام 2021 بين محافظتي البيضاء الواقعة تحت سيطرتها، ومأرب المحررة، عقب إغلاق الطريق بين المحافظتين، بسبب عملياتها العسكرية للسيطرة على مأرب، وتحويل الحركة بينهما إلى طريق فرعي يقع إلى الشرق من الطريق الرئيسي.
وبدأت النقطة الجمركية الجديدة مزاولة الجبايات وفرض الرسوم على البضائع القادمة من مأرب وبقية المحافظات الخاضعة لسيطرة الحكومة اليمنية.
وفي منطقة الحوبان، وهي الضاحية الشرقية لمحافظة تعز، تستعد الجماعة الحوثية لاستحداث نقطة جبايات جمركية للبضائع الواصلة من مناطق سيطرة الحكومة الشرعية، بعد أيام قليلة من فتح الطريق الرابط بينها وبين مدينة تعز، والذي دام إغلاقه 9 أعوام.
وأوردت مصادر محلية في المنطقة أن الجماعة الحوثية وجهت رسائل إلى الشركات التجارية والمصانع في المنطقة، للمساهمة فيما أسمته «جهود فتح الطريق»، متذرعة بأن هذه الخطوة تسهل نقل البضائع والسلع، وتخفف من كلفة تسويقها في المناطق الواقعة تحت سيطرة الحكومة الشرعية.
وكشفت المصادر أنه جرى فعلاً تحصيل مبالغ بملايين الريالات اليمنية من كبريات الشركات التجارية التي لديها مصانع ومقار في منطقة الحوبان، وعلى رأسها مجموعة شركات هائل سعيد أنعم وشركاه، وهي أكبر مجموعة تجارية وصناعية في البلاد.
إتاوات في صنعاء
وذكرت مصادر تجارية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء أن الجماعة الحوثية ضاعفت خلال الأيام الماضية حملات الجباية التي استهدفت المئات من المحال التجارية والباعة المتجولين في شوارع وأسواق المدينة، لإلزامهم بدفع إتاوات مالية جديدة استغلالاً لموسم عيد الأضحى، ولرفد مقاتليها في الجبهات بالهدايا العيدية والأضاحي، ولجأت إلى اعتقال من يرفضون الدفع أو يعجزون عن ذلك.
وبحسب المصادر؛ فإن الجماعة فرضت مبالغ تبدأ من 6 دولارات تقريباً (3 آلاف ريال يمني) على المحال التجارية الصغيرة والباعة المتجولين، إلا أن هذا المبلغ يرتفع بحسب حجم المحل ونوعية بضاعته أو الخدمة التي يقدمها، ليصل إلى ما يقارب 100 دولار عن كل محل (وتفرض الجماعة في مناطق سيطرتها سعراً ثابتاً للدولار يساوي 530 ريالاً).
ولم تستثنِ من حملة الجبايات هذه الاستراحات التي يستخدمها السكان للمقيل والراحة، إذ فرضت على مالكيها مبالغ تزيد عن 50 دولاراً، وهو ما رفضه عدد من ملاك هذه الاستراحات، متحججين بأنهم يقدمون خدمة لا تحقق أرباحاً كثيرة، ولا يبيعون الكثير من المنتجات، إذ يشتري روادها مستلزماتهم من الخارج قبل الدخول إليها.
وتسبب رفض ملاك الاستراحات دفع الإتاوات المفروضة عليهم باعتقال عدد منهم أو من العاملين لديهم، بينما لجأ آخرون إلى الإغلاق، وهو نفس ما اضطر له العشرات من أصحاب المحال التجارية الذين فضلوا الإغلاق على دفع الإتاوات المفروضة عليهم في ظل تراجع المبيعات والكساد الذي يعانون منه نتيجة تراجع القدرة الشرائية للسكان.
وأعرب التجار وملاك المتاجر عن غضبهم من استمرار الجبايات ومضاعفتها، وابتكار مسميات جديدة لها، وأشار بعضهم إلى أنه يجري استقطاع جزء كبير من مداخيلهم بشكل شبه يومي، وأحياناً يفاجأ الشخص منهم بنزول أكثر من قيادي أو عنصر حوثي في نفس اليوم لتحصيل جبايات بمسميات مختلفة.