تنديد يمني واسع باعتقال الحوثيين موظفي المنظمات الدولية

دعوة أممية للإفراج عن المحتجزين بلا شروط

مسلحون حوثيون في صنعاء خلال حشد دعا له زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون في صنعاء خلال حشد دعا له زعيمهم (رويترز)
TT

تنديد يمني واسع باعتقال الحوثيين موظفي المنظمات الدولية

مسلحون حوثيون في صنعاء خلال حشد دعا له زعيمهم (رويترز)
مسلحون حوثيون في صنعاء خلال حشد دعا له زعيمهم (رويترز)

أثار اختطاف الجماعة الحوثية عشرات العاملين في المنظمات الإنسانية (بينهم 11 موظفاً أممياً) سخطاً يمنياً واسعاً على المستوى الرسمي والحقوقي، في حين طالبت الأمم المتحدة بسرعة الإفراج عنهم في أقرب وقت، ودون شروط.

وحسب مصادر يمنية حكومية وحقوقية، كانت الجماعة المدعومة من إيران قد شنت حملة واسعة، ابتدأت يوم الأربعاء، عبر جهاز مخابراتها، ضد الموظفين الأمميين والعاملين في المنظمات الإنسانية الدولية والمحلية في صنعاء والحديدة وعمران وصعدة وحجة، وهو ما أسفر عن اختطاف نحو 50 شخصاً، بينهم نساء.

وإذ دعت الحكومة اليمنية المنظمات الدولية إلى الإسراع في نقل مقارها من مناطق سيطرة الجماعة، أكد ستيفان دوغاريك، المتحدث باسم الأمم المتحدة، أن الجماعة الحوثية احتجزت 11 موظفاً أممياً محلياً يعملون في اليمن. وأعرب عن القلق البالغ بشأن تلك التطورات.

وقال المتحدث الأممي، في بيان نقله موقع الأمم المتحدة، إن المنظمة الدولية «تسعى بشكل فعال للحصول على إيضاحات من سلطات الأمر الواقع الحوثية بشأن ملابسات هذه الاحتجازات... والأهم ضمان الوصول الفوري لموظفي الأمم المتحدة هؤلاء».

وأضاف دوغاريك: «نتابع جميع القنوات المتاحة لتأمين الإفراج الآمن ومن دون شروط عنهم جميعاً، في أقرب وقت ممكن».

116 منظمة

رداً على حملة الاعتقالات الحوثية بحق الموظفين الأمميين وعاملي الإغاثة في المنظمات الدولية والمحلية، وقَّعت 116 منظمة إنسانية يمنية بياناً أدانت فيه الحملة التي نفَّذها جهاز الأمن والمخابرات الحوثي.

وقالت المنظمات في بيانها، إن الجماعة شنت حملة مسلحة متزامنة في صنعاء والحديدة وصعدة وعمران، استهدفت موظفين يمنيين يعملون لدى الأمم المتحدة والمنظمات الدولية؛ حيث بلغ عدد المختطفين 50 موظفاً في منظمات دولية وهيئات ووكالات الأمم المتحدة ومنظمات مجتمع مدني؛ حيث قامت الجماعة بمداهمة منازلهم والتحقيق معهم، ومصادرة أجهزتهم، قبل اقتيادهم على متن مركبات عسكرية إلى جهة مجهولة، وهو أمر مخالف للقانون الدولي، والقانون الدولي الإنساني.

وأوضح البيان أن الجماعة اعتقلت موظفاً لدى «اليونيسيف»، و6 من موظفي المفوضية السامية لحقوق الإنسان، وموظفاً في برنامج الأمم المتحدة الإنمائي، وموظفاً في «برنامج الأغذية العالمي»، وموظفاً في مكتب المبعوث الخاص للأمين العام إلى اليمن، وموظفاً في منظمة «إنقاذ الطفولة»، و3 من موظفي «الاستجابة للإغاثة والتنمية» (مؤسسة مجتمع مدني يمنية) وموظفين في منظمة «أوكسفام»، وموظفاً في منظمة «كير» الأميركية، وموظفة «الصندوق الاجتماعي للتنمية» (مؤسسة يمنية حكومية).

ووصفت المنظمات عمليات الاعتقال بأنها «انتهاك خطير لحقوق الإنسان والحريات العامة؛ كونها شملت رموزاً وشخصيات لها دورها ونشاطها الحقوقي والاجتماعي، في إطار القوانين الوطنية والدولية».

واعتقلت الميليشيات الحوثية -حسب البيان- من المفوضية السامية للأمم المتحدة لحقوق الإنسان، كلاً من: إبراهيم زيدان، وسميرة بلس، ومحمد الشامي، ومحمد أبو شعراء، ووضاح عون، ومراد ظافر، ورباب المضواحي، وفاديا، وعبد الحكيم العفيري، ‏إضافة إلى موظفين آخرين يعملون في «أوتشا» وموظف من منظمة «ويب روث» ومنظمات دولية أخرى.

وقالت المنظمات إن استمرار الحوثيين في جرائمهم «انتهاك صارخ للقوانين والأعراف الوطنية والدولية، وتجاهل واضح لكل المبادرات الدولية والإقليمية الرامية إلى إرساء السلام في البلاد، وإن مثل هذه الأعمال هي جريمة مخالفة لاحترام حقوق الإنسان والمواثيق والأعراف الدولية والقوانين الوطنية».

‏وطالبت منظمات المجتمع المدني الجماعة الحوثية بوقف حملة الاعتقالات، والإفراج الفوري عن المعتقلين والمعتقلات، كما دعت المنظمات الوطنية والدولية، إلى التضامن مع المعتقلين والمعتقلات، والمطالبة بوقف حملة الاعتقالات، وسرعة الإفراج عن المحتجزين.

إدانة حكومية

وفي أول رد حكومي، أدان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، بأشد العبارات، حملة الاعتقال الحوثية التي طالت الموظفين الأمميين والإنسانيين، ووصفها بأنها «تصعيد غير مسبوق، وانتهاك صارخ للقوانين والمواثيق الدولية».

وقال الإرياني: «وفقاً للقانون الدولي الإنساني، فإن العاملين في المنظمات الإنسانية يتمتعون بحماية خاصة تضمن سلامتهم وأمنهم خلال أداء مهامهم، وتنص اتفاقيات جنيف، بخاصة الاتفاقية الرابعة، على حماية المدنيين والعاملين في الميدان الإنساني في مناطق النزاع المسلح».

وأضاف أن «المادة الثالثة المشتركة بين اتفاقيات جنيف تنص على ضرورة معاملة جميع الأشخاص غير المشاركين في الأعمال العدائية معاملة إنسانية، كما تنص المبادئ التوجيهية للأمم المتحدة بشأن توفير الحماية للأشخاص المعنيين بالأعمال الإنسانية، على أن العاملين في المجال الإنساني يجب أن يتمتعوا بحرية الحركة والوصول دون عوائق إلى الأشخاص المحتاجين إلى المساعدة».


مقالات ذات صلة

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

العالم العربي طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً جديدةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الأمطار في اليمن تترك مخيمات النازحين بأوضاع سيئة (المجلس النرويجي للاجئين)

نصف سكان اليمن يواجهون تهديدات زائدة بسبب تغير المناخ

نبه البنك الدولي إلى المخاطر الزائدة التي يواجهها اليمن نتيجة لتغير المناخ وأكد أن سكاناً كثيرين يواجهون تهديدات مثل الحرارة الشديدة والجفاف والفيضانات

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقر البنك المركزي اليمني في عدن (إعلام حكومي)

«المركزي اليمني» يستهجن مزاعم تهريب أموال إلى الخارج

استهجن البنك المركزي اليمني أنباء راجت على مواقع التواصل الاجتماعي تدعي قيام البنك بتهريب الأموال في أكياس عبر المنافذ الرسمية، وتحت توقيع المحافظ.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني الزبيدي يثمن دور السعودية في دعم بلاده (سبأ)

الزبيدي يثمن جهود السعودية لإحلال السلام والاستقرار في اليمن

وسط تأكيد سعودي على استمرار تقديم الدعم الإنساني والإغاثي لليمن، ثمّن عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني، عيدروس الزبيدي، سعي المملكة إلى حشد الجهود لإحلال السلام.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي خسائر بشرية بصفوف الحوثيين جراء استمرار خروقهم الميدانية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يشيّدون مقابر جديدة لقتلاهم ويوسّعون أخرى

خصصت الجماعة الحوثية مزيداً من الأموال لاستحداث مقابر جديدة لقتلاها، بالتزامن مع توسيعها لأخرى بعد امتلائها في عدد من مناطق العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.