تدابير حكومية يمنية لضبط أسعار اللحوم قبل عيد الأضحى

رقابة غائبة في مناطق سيطرة الحوثيين مصحوبة بالجبايات

مركز الملك سلمان يقدم تمويلاً لمشروع توزيع الأضاحي في 5 محافظات يمنية هذا العام (إعلام محلي)
مركز الملك سلمان يقدم تمويلاً لمشروع توزيع الأضاحي في 5 محافظات يمنية هذا العام (إعلام محلي)
TT

تدابير حكومية يمنية لضبط أسعار اللحوم قبل عيد الأضحى

مركز الملك سلمان يقدم تمويلاً لمشروع توزيع الأضاحي في 5 محافظات يمنية هذا العام (إعلام محلي)
مركز الملك سلمان يقدم تمويلاً لمشروع توزيع الأضاحي في 5 محافظات يمنية هذا العام (إعلام محلي)

اتخذت الحكومة اليمنية تدابير لضبط أسعار اللحوم قبيل عيد الأضحى المبارك، بالتزامن مع تمويل سعودي لتوزيع الأضاحي على العائلات الفقيرة في 5 محافظات. وبخلاف ذلك تشهد مناطق سيطرة الحوثيين غياباً للرقابة وزيادة في الجبايات على الماشية.

وتجاوز متوسط سعر رأس الماعز أو الضأن الذي يزن بين 10 و15 كيلوغراماً 200 دولار، في عدد من مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، أي ما يزيد على 100 ألف ريال يمني، (حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار يبلغ 530 ريالاً).

سوق للماشية في صنعاء (أ.ف.ب)

ولا يتجاوز سعر رأس الماشية نفسه في العاصمة اليمنية المؤقتة عدن 100 دولار؛ حيث وصل سعر الدولار أخيراً إلى 1767 ريالاً يمنياً؛ إذ يتراوح سعر رأس الماعز أو الضأن نفسه ما بين 120 ألفاً و170 ألف ريال يمني، إلا أن هذه الأسعار قد تتجاوز هذا المتوسط حسب أحجام وأنواع الماشية، أو مع اقتراب العيد وزيادة الطلب.

وتسبب ارتفاع أسعار الماشية في الأسواق المحلية خلال الأعوام الأخيرة في عزوف غالبية اليمنيين عن شراء الأضاحي، بعد تردي قدرتهم الشرائية، واتساع رقعة الأزمة الإنسانية التي تعانيها البلاد جراء الانقلاب والحرب، مقابل غياب الرقابة على الأسواق، وممارسات الجباية وفرض الإتاوات من طرف الجماعة الحوثية، وملاحقة تجار الماشية والجزارين.

وفي هذا السياق، أقرت وزارتا: الزراعة والري والثروة السمكية، والصناعة والتجارة، في العاصمة المؤقتة عدن، تشكيل فريق ميداني مشترك يعمل في أسواق الماشية للرقابة على الأسعار وضبطها، مع اقتراب عيد الأضحى.

ووفق مصادر رسمية، فإن الوزارتين اتفقتا على ضرورة العمل على توفير اللحوم في الأسواق المحلية، وتنويع مصادرها، بهدف الحفاظ على ضبط الأسعار لتكون في متناول المستهلكين، وضبط عملية تصدير الماشية إلى خارج البلد، حتى يتم ضمان تغطية الاستهلاك المحلي، والقيام بعملية الاستيراد وفق اللوائح المنظمة.

تحديد أسعار عادلة

وتم الاتفاق بين ممثلي الوزارتين في الحكومة اليمنية وإدارات الصحة الحيوانية والتسويق الحيواني وتجار الماشية وملاك المسالخ، على تحديد أسعار اللحوم بما يراعي الظروف المعيشية للسكان، ويحقق هامشاً ربحياً نسبياً عادلاً.

لم تعد غالبية اليمنيين يشترون الأضاحي بسبب تراجع قدرتهم الشرائية والأزمة الإنسانية (فيسبوك)

وعقد قطاع تنمية الإنتاج الزراعي في وزارة الزراعة والري والثروة السمكية اجتماعاً مع ممثلي وزارة التجارة والصناعة والصحة الحيوانية وإدارات التسويق في وزارة الزراعة والأسماك وتجار الماشية والمسالخ، ومعنيين بالشأن التسويقي، لمناقشة أسعار اللحوم وتحديدها بما يتناسب والظروف المجتمعية والقدرة الشرائية للمواطنين، بهدف وضع آلية مشتركة لتحديد أسعار اللحوم، وبيعها بأسعار مناسبة خلال أيام العيد.

وناقش الاجتماع الإجراءات الضامنة لعدم التلاعب بتلك الأسعار بعد تحديدها، والهامش الربحي لملاك المسالخ وتجار الماشية، بما يتناسب مع سلسلة القيمة للماشية في الأسواق، والظروف المعيشية للسكان.

وبحث الاجتماع أهم الأمراض الوبائية الخطيرة التي تنتقل إلى الإنسان بسبب استيراد أو تداول الماشية والدواجن في الأسواق، عبر الوسطاء والتجار، في حال عدم الالتزام بالشروط والضوابط المتبعة، وتم التشديد على اتباع قوانين استيراد الحيوانات عبر المنافذ المحددة، وتمكينها من الحجر الصحي البيطري.

واستعرض مسؤولو التسويق والتجارة الزراعية نتائج الزيارات الميدانية لتتبع سلاسل القيمة للماشية واللحوم، وما جرى بينهم وبين مستوردي الماشية والوسطاء وأصحاب الأسواق، من تفاهمات حول الرؤى الموحدة لتحديد أسعار اللحوم في المسالخ.

وتحدَّث تجار الماشية وملاك المسالخ عن العراقيل والصعوبات التي تواجههم خلال شراء الماشية من الأسواق، والتحديات التي تواجههم بسبب تكلفة الشراء المرتفعة للماشية، وتراجع القدرة الشرائية للسكان، وهو ما يتهددهم بالخسائر والكساد.

إلى ذلك، وقَّعت كل من وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل، ومؤسسة «يماني للتنمية والأعمال الإنسانية» اتفاقية حول الآلية التنفيذية لمشروع الأضاحي لهذا العام، بتمويل من مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، والذي يستهدف محافظات عدن ولحج وحضرموت ومأرب والمهرة.

بائع ماشية في عدن حيث تشهد الأسواق ركوداً كبيراً (إعلام محلي)

ويُعد هذا المشروع جزءاً من الجهود المستمرة لدعم الأسر الأشد احتياجاً، وتحسين ظروفها المعيشية.

ويهدف المشروع إلى توزيع الأضاحي على العائلات المحتاجة بواقع نصف أضحية لعدد 4660 عائلة مستفيدة في المحافظات الخمس.

وتعاني غالبية اليمنيين من عدم القدرة على شراء اللحوم في سائر أوقات العام، إلا أن هذه المعاناة ترتفع مع قرب عيد الأضحى الذي يمثل مناسبة لاستهلاك هذا النوع من الأطعمة، إلى جانب متطلبات أخرى كثيرة، وارتباط ذلك بالشعائر الدينية والتكافل الاجتماعي وتبادل الزيارات.

جبايات حوثية

وأبدى السكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء ومناطق أخرى تحت سيطرة الجماعة الحوثية، استنكارهم من الارتفاع الكبير والمتزايد لأسعار الماشية دون وجود رقابة أو ضوابط، ما يدفعهم إلى العزوف عن شرائها لمناسبة عيد الأضحى، واكتفاء بعضهم بشراء كميات محدودة من المسالخ.

ويقول نذير قادري -وهو اسم مستعار لرجل أعمال مطلع على الشؤون الاقتصادية اليمنية- إن الجماعة الحوثية تفرض جبايات جديدة كل عام على المزارعين وتجار الماشية وملاك المسالخ في المدن والأسواق الرئيسية، وتنصب نقاط جباية على مختلف الطرق المؤدية إليها.

طفل يمني في سوق للماشية بصنعاء (أ.ف.ب)

ويبيِّن لـ«الشرق الأوسط»، أن الجبايات تتضاعف كل عام، فبعد أن كان يجري فرض ما يساوي دولارين (ألف ريال) عن كل رأس ماعز أو ضأن يدخل إلى الأسواق، ارتفع هذا المبلغ إلى 3 دولارات هذا العام، وقد يزيد على ذلك حسب مزاج القيادي الحوثي المشرف على الجبايات، في حين يصل المبلغ المفروض على رأس البقر إلى 10 دولارات.

واشتكى عدد من المزارعين وتجار الماشية من أن بعض نقاط الجبايات ترفض منحهم إيصالات بالمبالغ التي جرى اقتطاعها منهم، ما يعرِّضهم للابتزاز، وفرض جبايات أخرى في نقاط أخرى أو داخل الأسواق.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.