الحوثيون يستبقون الأضحى بفرض جبايات جديدة

TT

الحوثيون يستبقون الأضحى بفرض جبايات جديدة

تراجعت مبيعات اللحوم في اليمن بشكل كبير بسبب الأزمة الاقتصادية التي سببتها الحرب التي أشعلتها ميليشيات الحوثي، حيث شهدت أسواق بيع الماشية عزوف غالبية اليمنيين عن شراء الأضاحي هذا العام، بسبب عدم قدرتهم على توفير متطلبات البقاء على قيد الحياة، فيما استغلَّت الميليشيات قرب حلول عيد الأضحى وفرضت جبايات جديدة على المواشي عند البيع، وعند الدخول إلى المدن، بواقع ألف ريال على كل رأس من الغنم، وثلاثة آلاف على العجول، وخمسة آلاف على كل رأس من الثيران.
ووفق ما يقوله المعلم علي حسن، المقيم في مناطق سيطرة الميليشيات الحوثية لـ«الشرق الأوسط»، فإن الأضاحي واللحوم أصبحت في متناول المشرفين والقيادات الحوثية ومَن يعمل معهم، أما بقية السكان فيعيشون على المساعدات التي يحصلون عليها من المنظمات الدولية، وتتمثل في 50 كغم من الطحين وعلبة زيت وكمية من البقوليات تم أخيراً استبعادها من السلال الغذائية.
ويشير السكان إلى أن سعر الكبش الصغير وصل إلى 100 ألف ريال، أي ما يعادل 150 دولاراً، وهو (بحسبهم) مبلغ كبير لا يسمح للغالبية بالشراء، إذ إنه يساوي راتب المعلم لمدة شهرين، عندما كانت رواتبهم تُصرَف قبل نحو ست سنوات.
ويقول خالد، وهو صاحب محل لبيع اللحوم في جنوب صنعاء، إن قرب عيد الأضحى كان مناسبة مهمة للباعة، حيث كان يبيع هو أكثر من مائة رأس من الأغنام، لكن في السنوات الأخيرة تراجعت نسبة المبيعات بشكلٍ كبير إلى أقل من النصف.
ويؤكد أن غالبية الناس لم تعد تعمل اعتباراً لشراء الأضاحي، ومن يستطع منهم، فإنه يشتري كيلوغراماً واحداً أو اثنين من اللحم لأسرته في أول أيام العيد فقط، لأن سعر الكيلوغرام الواحد تجاوز سبعة آلاف ريال، أي ما يعادل 11 دولاراً.
وبحسب ما ذكره بائع اللحوم، تراجعت المبيعات كثيراً بشكل عام، فالسكان الذين يعرفهم، وكانوا يأخذون اللحم مرتين وثلاث مرات في الأسبوع، أصبحوا يأخذون نصف الكمية مرة في الأسبوع، فيما آخرون يأخذونها مرة كل أسبوعين.
من جهته، يتحدث عبد الله مصلح، وهو اسم مستعار لأحد السكان في إب، كيف أنه ذهب وأقاربه إلى سوق بيع المواشي في ضواحي مدينة إب، وكيف أنهم بعد أن قاموا بشراء ثلاثة كباش ودفع قيمتها ورسوم السوق وغيرها أجبرتهم الميليشيات الحوثية على دفع إتاوة غير قانونية.
وكشف عن أنهم عندما وصلوا إلى مدخل مدينة إب طلبت منهم نقطة التفتيش الحوثية دفع مبلغ ألف ريال عن كل كبش، في حين أن الإتاوة المفروضة على العجل ثلاثة آلاف والثور خمسة آلاف.
ويضيف: «سواء اشتريت أو بِعت المهم أن تمر من النقطة الحوثية ذهاباً أو عودة حيث من المقرر عليك أن تدفع هذه الرسوم غير القانونية».
وكانت دراسة صادرة عن وزارة التخطيط والتعاون الدولي اليمنية نبهت إلى تدهور الظروف المعيشية في البلاد إلى حد كبير، في أعقاب الصراع الروسي - الأوكراني، حيث وصل انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية بالفعل إلى مستويات تنذر بالخطر.
وقالت الدراسة إن نصف سكان البلاد لا يستطيعون الحصول على الغذاء الضروري لبقائهم على قيد الحياة، بينما يتفاقم الفقر والجوع وسوء التغذية بسبب الأزمات المتكررة وظروف الحرب والصراع وفيروس «كورونا» وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، حيث يستورد اليمن 45 في المائة من احتياجاته من القمح من هاتين الدولتين.
وبينت الدراسة أن السلع الغذائية تمثل ما لا يقل عن ثلثي إجمالي إنفاق الأسرة، وقالت إنه يجب ضمان الدعم لتصميم وتنفيذ التدخلات بما يتماشى مع استجابة التنمية البشرية، ولتعزيز الاستثمار في إنتاج الغذاء المحلي وبناء القدرات، كأفضل مسار لتعزيز سلع السوق والمساهمة في بيئة أكثر استقراراً بتطبيق نهج متعدد الأوجه ومعالجة الأبعاد الإنسانية والتنموية وبناء السلام.
ووفق ما جاء في الدراسة، فإن اليمن الذي يشكل واحدة من أكبر الأزمات الإنسانية في العالم، لا يستطيع أكثر من 50 في المائة من سكانه الحصول على الغذاء الضروري لبقائهم على قيد الحياة، بينما يتفاقم الفقر والجوع وسوء التغذية بسبب الأزمات المتكررة وظروف الحرب والصراع ووباء فيروس «كورونا» وتداعيات الحرب الروسية الأوكرانية، مع انعكاسات ذلك على الوضع الغذائي والإنساني المتردي أصلاً في البلاد، حيث إن مصدر القلق الأكبر هو تزايد مستويات انعدام الأمن الغذائي في البلاد، واحتمال انزلاق بعض الجيوب نحو المجاعة.


مقالات ذات صلة

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

المشرق العربي عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح خلال الاجتماع (سبأ)

طارق صالح يدعو إلى تجاوز الخلافات والاستعداد ليوم الخلاص الوطني

دعا عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني طارق صالح إلى ما أسماه «وحدة المعركة»، والجاهزية الكاملة والاستعداد لتحرير العاصمة اليمنية صنعاء من قبضة الميليشيات الحوثية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي جانب من اجتماع سابق في عمّان بين ممثلي الحكومة اليمنية والحوثيين خاص بملف الأسرى والمحتجزين (مكتب المبعوث الأممي)

واشنطن تفرض عقوبات على عبد القادر المرتضى واللجنة الحوثية لشؤون السجناء

تعهَّدت واشنطن بمواصلة تعزيز جهود مساءلة مرتكبي الانتهاكات الجسيمة لحقوق الإنسان في اليمن، بمَن فيهم «مسؤولو الحوثيين».

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي من عرض عسكري ألزم الحوثيون طلبة جامعيين على المشاركة فيه (إعلام حوثي)

حملة حوثية لتطييف التعليم في الجامعات الخاصة

بدأت الجماعة الحوثية فرض نفوذها العقائدي على التعليم الجامعي الخاص بإلزامه بمقررات طائفية، وإجبار أكاديمييه على المشاركة في فعاليات مذهبية، وتجنيد طلابه للتجسس.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني (سبأ)

​وزير الإعلام اليمني: الأيام المقبلة مليئة بالمفاجآت

عقب التطورات السورية يرى وزير الإعلام والثقافة والسياحة اليمني معمر الإرياني أن المنطقة مقبلة على مرحلة جديدة تحمل الأمل والحرية

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي خلال عام أُجريت أكثر من 200 ألف عملية جراحية في المستشفيات اليمنية (الأمم المتحدة)

شراكة البنك الدولي و«الصحة العالمية» تمنع انهيار خدمات 100 مستشفى يمني

يدعم البنك الدولي مبادرة لمنظمة الصحة العالمية، بالتعاون مع الحكومة اليمنية، لمنع المستشفيات اليمنية من الانهيار بتأثيرات الحرب.

محمد ناصر (تعز)

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
TT

«هدنة غزة» تقترب وسط جولات مكوكية وحديث عن «تنازلات»

دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)
دخان القصف الإسرائيلي فوق بيت ياحون بقطاع غزة الخميس (رويترز)

وسط حديث عن «تنازلات» وجولات مكوكية للمسؤولين، يبدو أن إسرائيل وحركة «حماس» قد اقتربتا من إنجاز «هدنة مؤقتة» في قطاع غزة، يتم بموجبها إطلاق سراح عدد من المحتجزين في الجانبين، لا سيما مع تداول إعلام أميركي أنباء عن مواقفة حركة «حماس» على بقاء إسرائيل في غزة «بصورة مؤقتة»، في المراحل الأولى من تنفيذ الاتفاق.

وتباينت آراء خبراء تحدثت إليهم «الشرق الأوسط»، بين من أبدى «تفاؤلاً بإمكانية إنجاز الاتفاق في وقت قريب»، ومن رأى أن هناك عقبات قد تعيد المفاوضات إلى المربع صفر.

ونقلت صحيفة «وول ستريت جورنال» الأميركية، عن وسطاء عرب، قولهم إن «حركة (حماس) رضخت لشرط رئيسي لإسرائيل، وأبلغت الوسطاء لأول مرة أنها ستوافق على اتفاق يسمح للقوات الإسرائيلية بالبقاء في غزة مؤقتاً عندما يتوقف القتال».

وسلمت «حماس» أخيراً قائمة بأسماء المحتجزين، ومن بينهم مواطنون أميركيون، الذين ستفرج عنهم بموجب الصفقة.

وتأتي هذه الأنباء في وقت يجري فيه جيك سوليفان، مستشار الأمن القومي للرئيس الأميركي، محادثات في تل أبيب مع رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الخميس، قبل أن يتوجه إلى مصر وقطر.

ونقلت «رويترز» عن دبلوماسي غربي قوله إن «الاتفاق يتشكل، لكنه على الأرجح سيكون محدود النطاق، ويشمل إطلاق سراح عدد قليل من الرهائن ووقف قصير للأعمال القتالية».

فلسطينيون بين أنقاض المباني المنهارة في مدينة غزة (أ.ف.ب)

في حين أشار القيادي في «حماس» باسم نعيم إلى أن «أي حراك لأي مسؤول أميركي يجب أن يكون هدفه وقف العدوان والوصول إلى صفقة لوقف دائم لإطلاق النار، وهذا يفترض ممارسة ضغط حقيقي على نتنياهو وحكومته للموافقة على ما تم الاتفاق عليه برعاية الوسطاء وبوساطة أميركية».

ومساء الأربعاء، التقى رئيس جهاز المخابرات الإسرائيلي، ديفيد برنياع، مع رئيس الوزراء القطري، الشيخ محمد بن عبد الرحمن آل ثاني، في الدوحة؛ لبحث الاتفاق. بينما قال مكتب وزير الدفاع الإسرائيلي، يسرائيل كاتس، في بيان، إنه «أبلغ وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في اتصال هاتفي، الأربعاء، بأن هناك فرصة للتوصل إلى اتفاق جديد يسمح بعودة جميع الرهائن، بمن فيهم المواطنون الأميركيون».

وحال تم إنجاز الاتفاق ستكون هذه هي المرة الثانية التي تتم فيها هدنة في قطاع غزة منذ بداية الحرب في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023. وتلعب مصر وقطر والولايات المتحدة دور الوساطة في مفاوضات ماراثونية مستمرة منذ نحو العام، لم تسفر عن اتفاق حتى الآن.

وأبدى خبير الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية» الدكتور سعيد عكاشة «تفاؤلاً حذراً» بشأن الأنباء المتداولة عن قرب عقد الاتفاق. وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «التقارير تشير إلى تنازلات قدمتها حركة (حماس) بشأن الاتفاق، لكنها لا توضح نطاق وجود إسرائيل في غزة خلال المراحل الأولى من تنفيذه، حال إقراره».

وأضاف: «هناك الكثير من العقبات التي قد تعترض أي اتفاق، وتعيد المفاوضات إلى المربع صفر».

على الجانب الآخر، بدا أستاذ العلوم السياسية بجامعة القدس السياسي الفلسطيني، الدكتور أيمن الرقب، «متفائلاً بقرب إنجاز الاتفاق». وقال لـ«الشرق الأوسط» إن «هناك حراكاً أميركياً لإتمام الصفقة، كما أن التقارير الإسرائيلية تتحدث عن أن الاتفاق ينتظر الضوء الأخضر من جانب تل أبيب و(حماس) لتنفيذه».

وأضاف: «تم إنضاج الاتفاق، ومن المتوقع إقرار هدنة لمدة 60 يوماً يتم خلالها الإفراج عن 30 محتجزاً لدى (حماس)»، مشيراً إلى أنه «رغم ذلك لا تزال هناك نقطة خلاف رئيسية بشأن إصرار إسرائيل على البقاء في محور فيلادلفيا، الأمر الذي ترفضه مصر».

وأشار الرقب إلى أن «النسخة التي يجري التفاوض بشأنها حالياً تعتمد على المقترح المصري، حيث لعبت القاهرة دوراً كبيراً في صياغة مقترح يبدو أنه لاقى قبولاً لدى (حماس) وإسرائيل»، وقال: «عملت مصر على مدار شهور لصياغة رؤية بشأن وقف إطلاق النار مؤقتاً في غزة، والمصالحة الفلسطينية وسيناريوهات اليوم التالي».

ويدفع الرئيس الأميركي جو بايدن والرئيس الأميركي المنتخب دونالد ترمب، من أجل «هدنة في غزة»، وكان ترمب طالب حركة «حماس»، في وقت سابق، بإطلاق سراح المحتجزين في غزة قبل توليه منصبه خلفاً لبايدن في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل، وإلا فـ«الثمن سيكون باهظاً».