توجّه حوثي لتعبئة موظفي 40 مؤسسة حكومية عسكرياً

تحت مزاعم الاستعداد لنصرة الأمة وتحرير فلسطين

حشد حوثي في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)
حشد حوثي في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)
TT

توجّه حوثي لتعبئة موظفي 40 مؤسسة حكومية عسكرياً

حشد حوثي في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)
حشد حوثي في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي (إ.ب.أ)

كشفت الجماعة الحوثية عن سعيها إلى تعطيل ما تبقى من مؤسسات الدولة الخاضعة تحت سيطرتها، وإرغام منتسبي أكثر من 40 جهة حكومية مركزية في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء على الالتحاق بمراكز للتعبئة العسكرية تحت مزاعم الاستعداد لنصرة قضايا الأمة وتحرير فلسطين.

وفي هذا السياق، دشنت الجماعة الموالية لإيران، في صنعاء، هذا الأسبوع، ما يسمى «مراكز التعبئة في الجانب الرسمي» لنحو 40 جهة حكومية مركزية عبر إقامة ورشة تدريبية لمدة يومين، خُصِصَت لمناقشة استعدادات إطلاق المراكز التعبوية لإجبار منتسبي المؤسسات الحكومية على التدريب العسكري وتلقي الأفكار ذات المنحى الطائفي.

ابن عم زعيم الجماعة الحوثية وسط حشد من الأتباع في صنعاء (إ.ب.أ)

ووفق ما أوردته النسخة الحوثية من وكالة «سبأ»، زعمت الجماعة أن مراكز التعبئة تلك سيتخللها تنظيم برامج وأنشطة تعبوية وعسكرية تُمكن المشاركين فيها من التفاعل فيما تسميه الجماعة نصرة «قضايا الأمة» والاستعداد لمعركة تحرير فلسطين.

ونقل إعلام الجماعة عن المسؤول فيما يسمى التعبئة العامة زيد الحمران، تأكيده أن الهدف من إقامة هذه الدورات هو التوعية الفكرية لمنتسبي مؤسسات الدولة الخاضعة لسيطرة جماعته، وتدريبهم عسكرياً حتى يتمكنوا من مواجهة ما سماه «الأخطار المحدقة» بجماعته وبالشعب الفلسطيني، وذلك تنفيذاً لتوجيهات صادرة من زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي.

تكريس ثقافة الموت

أفاد «محمود.ع»، وهو مدير دائرة خدمية بصنعاء، «الشرق الأوسط»، بأن الجماعة الحوثية أبلغتهم قبل أيام بالاستعداد لحضور دورات وأنشطة تعبوية وعسكرية، متجاهلةً بذلك الهموم المعيشية التي يعانيها أغلبية السكان في صنعاء وبقية المحافظات.

ويخشى محمود من إجراءات حوثية عقابية حال رفضه المشاركة بالبرنامج التطييفي، كما أبدى تخوفه من إخضاعه وبقية زملائه لدورات فكرية وعسكرية بزعم نصرة فلسطين، ثم إلحاقه بجبهات القتال، كما تفعل الجماعة مع كل من تُجبرهم على حضور أنشطتها التعبوية، مؤكداً أنه خضع من قبل لدورات شحن طائفي هدفت لتكريس ثقافة الموت والكراهية.

وأبدى أحمد وهو موظف حكومي في جهة إدارية في صنعاء استياءه من التوجه الحالي للجماعة لاستهداف الموظفين بالدورات الفكرية والعسكرية، مستغرباً من عدم اكتفاء الجماعة ببرنامجها الأسبوعي خلال السنوات الماضية لتلقين الموظفين أفكار زعيمها الحوثي.

إهدار الأموال

في ظل استمرار اتساع رقعة الفقر والمعاناة بين اليمنيين، كشف مصدر مقرب من دائرة حكم الجماعة الحوثية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، عن أن الجماعة خصصت مبالغ تعادل مليون دولار لإقامة مراكز التعبئة المغلقة للعاملين في مؤسسات الدولة المختطفة بيدها.

زعيم الجماعة الحوثية أمر أتباعه بالخروج في تظاهرات أسبوعية لاستعراض القوة (إ.ب.أ)

ولا يستفيد من تلك المبالغ المخصصة لإقامة أنشطة التطييف والتحشيد إلى الجبهات، حسب المصدر، غير الأتباع والموالين للجماعة الانقلابية دون غيرهم من اليمنيين الذين يواجه الملايين منهم منذ أزيد من 9 سنوات خطر المجاعة وتفشي الأوبئة القاتلة، مع حرمانهم من رواتبهم وأبسط مقومات العيش.

ويعد هذا السلوك الحوثي امتداداً لدورات وأنشطة سابقة أجبرت فيها الجماعة مسؤولي وموظفي المؤسسات على المشاركة في دورات «التطييف»، بالتزامن مع إقامة معسكرات صيفية تستهدف آلاف الطلبة بالأفكار المشبعة بالعنف والطائفية.

ويأتي التوجه الحوثي لتعبئة موظفي المؤسسات الحكومية عسكرياً في وقت تعاني فيه معظم مناطق سيطرة الجماعة من حالة تدهور اقتصادي ومعيشي حاد، يرافقه انقطاع الرواتب وتصاعد نسب الفقر والجوع والبطالة، وارتفاع كلفة المعيشة وغياب أدنى الخدمات.


مقالات ذات صلة

العليمي يدعو إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن اقتصادياً وأمنياً

العالم العربي العليمي التزم بعدم تأثير تصنيف الحوثيين «إرهابيين» على العمل الإنساني (سبأ)

العليمي يدعو إلى نهج عالمي جماعي لدعم اليمن اقتصادياً وأمنياً

أعرب رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني، رشاد العليمي، عن تطلعه لشراكة أوسع مع واشنطن لمواجهة التحديات، داعياً إلى نهج عالمي جماعي لدعم بلاده اقتصادياً وأمنياً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي تجمع لأتباع الحوثيين في صنعاء دعا إليه زعيم الجماعة لاستعراض القوة (رويترز)

رجال أعمال يمنيون مغيّبون في سجون الحوثيين

بينما لا يزال رجل أعمال يمني في سجن عمّ زعيم الحوثيين منذ عام ونصف العام لرفضه التحكيم في نزاع تجاري مع شريك له، فشلت محاولات والدي رجل أعمال ثانٍ بإطلاق سراحه.

محمد ناصر (تعز)
الخليج ولي العهد السعودي الأمير محمد بن سلمان لدى استقباله الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي في جدة يونيو 2024 (واس)

السعودية ترسِّخ مكانتها وسيطاً موثوقاً في الدبلوماسية العالمية

تعيد المملكة العربية السعودية رسم ملامح دورها في الدبلوماسية العالمية، وسيطاً موثوقاً ومنصةً رئيسيةً للمفاوضات الحساسة بين القوى الإقليمية والدولية.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
المشرق العربي نقل المياه إلى المنازل... مهمة شاقة فرضتها الأوضاع المعقدة على اليمنيات (أ.ف.ب)

أعباء الحرب تدفع اليمنيات للعمل في ظروف معقدة

أجبرت الحرب نساء يمنيات على العمل في ظروف صعبة وفي مهن لا تناسب قدراتهن البدنية والنفسية، فيما يعمل كل من الأمم المتحدة ومركز الملك سلمان على تأهيل المئات منهن.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي جانب من المؤتمر الصحافي الذي عقد بمحافظة مأرب عن انتهاكات جماعة الحوثي في البيضاء (سبأ)

اتهامات للحوثيين بارتكاب 13 ألف انتهاك حقوقي في البيضاء خلال عشر سنوات

كشف تقرير حقوقي يمني عن توثيق نحو 13 ألف انتهاك لحقوق الإنسان في محافظة البيضاء (وسط اليمن) ارتكبتها ميليشيا الحوثي خلال السنوات العشر الأخيرة

«الشرق الأوسط» (الرياض)

مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
TT

مصر: أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت «اتفاق غزة»

مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)
مصر تعلن نجاحها في قطْر ناقلة نفط هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية بالبحر الأحمر العام الماضي (هيئة قناة السويس)

تزامناً مع إعلان هيئة قناة السويس المصرية نجاحها في قطر ناقلة نفط تعرضت لهجوم «حوثي» قبل نحو 7 أشهر، أكدت مصر، الاثنين، أن تحقيق أمن البحر الأحمر مرتبط بحل الأزمة اليمنية وتثبيت اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وقال نائب وزير الخارجية والهجرة المصري السفير أبو بكر حفني، إن «أمن البحر الأحمر وثيق الصلة بالأزمات التي تشهدها المنطقة»، مُشيراً إلى «أهمية التوصل إلى حل عادل للأزمة اليمنية، والعمل على تثبيت وقف إطلاق النار في غزة، بالإضافة إلى تسوية الأزمة السودانية».

جاء ذلك في افتتاح البرنامج التدريبي الذي ينظمه «مركز القاهرة الدولي لتسوية النزاعات وحفظ وبناء السلام»، بدعم من الحكومة اليابانية، بعنوان «مكافحة التهديدات العابرة للحدود: نحو تعزيز الأمن البحري في منطقة البحر الأحمر».

ويشارك في البرنامج التدريبي عدد من الكوادر المدنية والأمنية المعنية بالدول المطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، ومنها السعودية، واليمن، وجيبوتي، والسودان، والصومال، والأردن، ومصر، وفق الإفادة.

وأشار حفني، في كلمته خلال مراسم افتتاح البرنامج التدريبي، إلى «تداعيات العدوان الإسرائيلي على غزة على استقرار منطقة البحر الأحمر وتصاعد التوتر بها على نحو غير مسبوق». وقال إن «الحفاظ على أمن البحر الأحمر وحرية الملاحة فيه، مسؤولية جماعية تتطلب تعاوناً دولياً وإقليمياً مكثفاً»، وأضاف: «مصر تؤكد دوماً محورية إدماج الدول العربية والأفريقية المشاطئة للبحر الأحمر وخليج عدن في أي مبادرات تُعنى بالمنطقة».

وشدد نائب وزير الخارجية المصري على «أهمية تفعيل مجلس الدول العربية والأفريقية المُطلة على البحر الأحمر وخليج عدن، باعتباره إطاراً إقليمياً ضرورياً لتعزيز التعاون والتنسيق بين الدول المشاطئة».

تشكو مصر من تراجع إيرادات قناة السويس بسبب توترات البحر الأحمر (هيئة قناة السويس)

ومنذ نهاية نوفمبر (تشرين الثاني) 2023، غيرت شركات شحن عالمية مسارها، متجنبة المرور في البحر الأحمر، إثر استهداف جماعة «الحوثي» اليمنية، السفن المارة بالممر الملاحي، «رداً على الحرب الإسرائيلية ضد قطاع غزة».

وسبق أن أشارت مصر مراراً إلى تأثر حركة الملاحة بقناة السويس بالتوترات الإقليمية. وقال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، أخيراً، إن إيرادات قناة السويس تراجعت نحو من 40 إلى 50 في المائة، بسبب «الأزمات» على حدود البلاد المختلفة، بعد أن كانت تدرّ نحو 10 مليارات دولار سنوياً.

في سياق متصل، قال أسامة ربيع، رئيس هيئة قناة السويس المصرية، في إفادة رسمية، الاثنين، إن ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان، والتي هاجمتها جماعة «الحوثي» اليمنية العام الماضي، جرى قطرها بنجاح عبر القناة بعد إنقاذها من البحر الأحمر.

ووفق البيان، «جرت عملية القطر بواسطة 4 قاطرات تابعة للهيئة في رحلتها عبر قناة السويس ضمن قافلة الجنوب، مقبلة من البحر الأحمر ومتجهةً إلى اليونان».

وأوضح رئيس الهيئة أن «تجهيزات عملية قطْر الناقلة استلزمت اتخاذ إجراءات معقدة على مدار عدة أشهر لتفريغ حمولة الناقلة البالغة 150 ألف طن من البترول الخام قبل السماح بعبورها القناة، وذلك لخطورة وضع الناقلة بعد تعرضها لهجوم بالبحر الأحمر في أغسطس (آب) الماضي، أسفر عن حريق هائل بغرفة القيادة، وغرفة الماكينات، وغرف الإعاشة، وتعطل أجهزة التحكم والسيطرة، بشكل يصعب معه إبحار الناقلة وتزداد معه مخاطر حدوث التلوث والانسكاب البترولي أو الانفجار».

ناقلة النفط «سونيون» المسجلة في اليونان (هيئة قناة السويس)

وأضاف ربيع أن «عملية تفريغ الحمولة في منطقة غاطس السويس خضعت لإجراءات معقَّدة قامت بها شركتا الإنقاذ AMBERY وMEGA TUGS المعينتين من مُلَّاك الناقلة، حيث عملتا من خلال خطة عمل مشتركة، بالتعاون وتحت إشراف كامل من فريق الإنقاذ البحري التابع للهيئة، على تفريغ الحمولة بناقلة أخرى مماثلة، وفق معدلات تفريغ وحسابات دقيقة منعاً لحدوث أي تضرر أو انقسام في بدن الناقلة».

وأوضح أن «عملية القطْر استغرقت نحو 24 ساعة، بمشاركة 13 مرشداً في مناطق الغاطس والقناة، وجرت على عدة مراحل».

وأكد ربيع «جاهزية قناة السويس للتعامل مع حالات العبور الخاصة وغير التقليدية من خلال منظومة عمل متكاملة»، مشيراً إلى «ما تتيحه الهيئة من حزمة متنوعة من الخدمات البحرية والملاحية التي تلائم متطلبات العملاء المختلفة في الظروف الاعتيادية والطارئة».

وتعد قناة السويس أحد المصادر الرئيسية للعملة الصعبة في مصر، وتراجعت إيرادات قناة السويس من 9.4 مليار دولار خلال العام المالي 2022 - 2023، إلى 7.2 مليار دولار خلال 2023 - 2024، بحسب التصريحات الرسمية في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي.

بدوره، قال خبير الشؤون الأفريقية اللواء محمد عبد الواحد لـ«الشرق الأوسط»، إن «ما يحدث في البحر الأحمر يجب النظر إليه من منظور جيوسياسي، لا سيما أن ما يحدث فيه يؤثر في دول عدة حول العالم، كونه أحد ممرات الملاحة العالمية التي كانت ولا تزال محل تنافس عالمي»، وأشار إلى «أهمية تعاون الدول المشاطئة لحماية أمن البحر الأحمر واستقراره». وأضاف: «إنهاء الصراعات في المنطقة أحد أهم شروط استعادة استقرار البحر الأحمر».

ووفق تقرير للبنك الدولي الشهر الماضي، «أدى تعطيل النقل البحري في البحر الأحمر إلى زيادة كبيرة في تكاليف الشحن العالمية بنسبة 141 في المائة في نوفمبر (تشرين الثاني) 2024، مقارنةً بما قبل الأزمة».

كما شهدت قناة السويس ومضيق باب المندب انخفاضاً حاداً في حركة السفن، حيث تراجعت بنسبة تصل إلى 75 في المائة بحلول أواخر ديسمبر (كانون الأول) 2024، مقارنةً بانخفاض 50 في المائة تم توثيقه في مايو (أيار) 2024، وفق التقرير.