أفادت مصادر يمنية مطلعة، في صنعاء، بأن الجماعة الحوثية حوَّلت كثيراً من المساجد في العاصمة المختطفة إلى ثكنات للاستقطاب والتعبئة؛ حيث جمعت نحو ألف مراهق في مساجد المدينة لتلقِّي دروس ذات منحى طائفي.
يأتي ذلك ضمن ما يسمى «برنامجاً فكرياً» مكثفاً تنفذه الجماعة الحوثية خلال ليالي وأيام شهر رمضان، ويحوي سلسلة دورات وحلقات تعبئة وغسل فكري وتحشيد إلى جبهات القتال.
وتحت مزاعم تحرير فلسطين ونصرة غزة، كشفت المصادر في صنعاء عن استقدام الجماعة، عبر ما تسمى هيئة الأوقاف المستحدثة التي يديرها القيادي عبد المجيد الحوثي، مئات المراهقين، من صنعاء وريفها، ومحافظات عمران وذمار وحجة والمحويت، وتوزيعهم على المساجد لتلقي الدروس التعبوية.
ووفقاً للمصادر، تم نقل 250 مراهقاً إلى «الجامع الكبير» في الحي القديم من المدينة و«جامع الصالح» (أكبر مساجد صنعاء) لتلقي الدروس والمحاضرات اليومية المحرضة على العنف والقتل والكراهية.
وكانت تقارير حكومية قد حذَّرت من خطورة استمرار تحويل دور العبادة والمساجد في مدينة صنعاء، وبقية المناطق الخاضعة للجماعة، إلى ثكنات ومراكز مغلقة لاستقطاب الأطفال والمراهقين، وإخضاعهم لبرامج التطييف.
خطف الأبناء
واشتكى أولياء أمور في صنعاء ومدن أخرى لـ«الشرق الأوسط» من قيام مسؤولي الأحياء والمشرفين الحوثيين بخطف أبنائهم واقتيادهم قسراً إلى برامج تعبوية، تقام في المساجد.
وأكد نادر -وهو ولي أمر مراهق تم استقطابه قبل بدء شهر رمضان من حي السنينة في صنعاء- أنه عاجز عن استرجاع ابنه مهند (17 عاماً) إلى المنزل، بعد أن أرغمه أحد المشرفين على الانضمام إلى صفوف الجماعة، والالتزام بحضور الدروس التي تقام يومياً في الجامع الكبير بصنعاء.
ونقل نادر عن معمم حوثي القول إنه ستتم إعادة الفتى إلى المنزل مع نهاية رمضان، وحال انتهائه من تلقي ما يصفونه بـ«العقيدة الصحيحة» والعلوم الشرعية، وفق زعمهم.
ومع دخول رمضان من كل عام، تكثف الجماعة الحوثية خطابها الفكري والتعبوي، وترغم السكان بمختلف أعمارهم في صنعاء وغيرها على الالتزام بتوجهاتها ذات المنحى العنصري.
ويتوازى أسلوب التعبئة والحشد والتجنيد مع التجاهل المتعمد من قبل الجماعة لمعاناة وأوجاع ملايين السكان، بمن فيهم الموظفون الحكوميون المحرومون من المرتبات، في ظل اتساع رقعة الفقر والجوع والبطالة، وانعدام أبسط الخدمات.
ولا يعد هذا الاستهداف الحوثي للمراهقين هو الأول، فقد سبق أن حولت الجماعة أقدم مساجد صنعاء المعروف باسم «الجامع الكبير» إلى معسكر لاستقطاب الأطفال والشبان، بغية غسل أدمغتهم.
واستقطبت الجماعة في منتصف العام الماضي عبر ما تسمى «جمعية الجامع الكبير» في صنعاء، نحو 1200 شاب ومراهق وطفل، منهم 500 طالب من التعليم الأساسي، و70 من خريجي الثانوية، و47 من طلبة الجامعات، و503 ممن استقطبهم أتباع الجماعة من مناطق عدة، تحت لافتة «الدورات الصيفية».
وخصصت الجماعة حينها، عبر ما تُسميان هيئتا الأوقاف والزكاة، عشرات الملايين من الريالات اليمنية (الدولار كان وقتها يعادل 520 ريالاً) للإنفاق على عملية الاستقطاب والتطييف في «الجامع الكبير» خلال فترة استمرت 3 أشهر، تحت شعار إقامة «الدورة 31 الصيفية».