إصابات الكوليرا تقفز في اليمن إلى 18 ألف حالة

المرض تفشى في 9 محافظات تشمل 23 مديرية

تسارع مخيف في عدد الإصابات المسجلة بمرض الكوليرا في اليمن (الأمم المتحدة)
تسارع مخيف في عدد الإصابات المسجلة بمرض الكوليرا في اليمن (الأمم المتحدة)
TT

إصابات الكوليرا تقفز في اليمن إلى 18 ألف حالة

تسارع مخيف في عدد الإصابات المسجلة بمرض الكوليرا في اليمن (الأمم المتحدة)
تسارع مخيف في عدد الإصابات المسجلة بمرض الكوليرا في اليمن (الأمم المتحدة)

ارتفع عدد الإصابات بمرض الكوليرا في اليمن، إلى أكثر من 18 ألف حالة حتى الأسبوع الثالث من شهر أبريل (نيسان) الجاري، وأكثر من 100 وفاة، مقارنة بـ11 ألف إصابة أعلنت عنها الأمم المتحدة خلال جلسة مجلس الأمن الدولي التي عقدت منتصف الشهر الحالي.

وفي تقرير حديث، أكدت الهيئة الطبية الدولية أنه بعد مرور 5 سنوات من تفشي وباء الكوليرا الأكثر فتكاً في تاريخ اليمن، أصبحت البلاد تعاني الآن من عودة مثيرة للقلق للإسهال المائي الحاد (الكوليرا).

مخاوف من عودة جائحة الكوليرا التي شهدها اليمن من قبل وأصيب فيها مئات الآلاف (الأناضول)

ووفق ما جاء في التقرير، بدأ اليمن في تسجيل ارتفاع كبير في حالات الإصابة بالكوليرا، في محافظات متعددة، في الربع الأخير من عام 2023؛ حيث تم بين 15 أكتوبر (تشرين الأول) و31 ديسمبر (كانون الأول) الماضيين، تسجيل أكثر من 1000 حالة، مع تفشي المرض وامتداده إلى 23 مديرية في 9 محافظات.

وذكرت الهيئة الطبية الدولية أن الحرب التي طال أمدها، والتي دخلت الآن عامها العاشر على التوالي، رافقها تسبب مرض الإسهال المائي الحاد (الكوليرا) وسوء التغذية الحاد، في خسائر غير مسبوقة، ويتأثر بذلك –غالباً- الأطفال والنساء، وسط نظام الرعاية الصحية المنهار، وهو ما يستدعي استجابة فورية لإنقاذ الحياة، والتخفيف من حدة الوفيات الزائدة على نطاق واسع.

تفشٍّ سريع

وأوضحت الهيئة الطبية الدولية أن أحد المستشفيات التي تدعمها في صنعاء، ويخدم تجمعاً سكانياً يزيد على 460 ألف شخص، تم فيه تسجيل 2076 حالة يشتبه بها، وأن مرض الإسهال المائي الحاد (الكوليرا) متوطن في اليمن، وتشيع حالات الإصابة به؛ خصوصاً خلال مواسم الأمطار، وأن الوباء ينتشر بسرعة حالياً.

وحسب التقرير الدولي، فقد تم إجراء المسح الذكي لوزارة الصحة اليمنية في الفترة من 11 إلى 16 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، وأُبلغ عن زيادة مثيرة للقلق في حالات الإصابة بالمرض، وسوء التغذية الحاد الوخيم، وسوء التغذية الحاد المعتدل، بين الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و59 شهراً.

الأطفال دون الخامسة ضحايا للكوليرا وسوء التغذية في اليمن (الأمم المتحدة)

ومن بين 551 طفلاً شملهم الاستبيان؛ بلغ معدل سوء التغذية الحد العالمي 33.5 في المائة (كارثة)، مع ما لا يقل عن 9.8 في المائة و23.7 في المائة تم حسابهما على أنهما سوء تغذية حاد وشديد.

وأظهرت البيانات المسجلة أنه منذ 18 أبريل (نيسان) كان هناك 18608 حالات يشتبه بإصابتها بالكوليرا، بالاعتماد على الحالة السريرية لمنظمة الصحة العالمية، وكان هناك 109 حالات وفاة مرتبطة بالمرض.

وأكدت الهيئة الطبية الدولية أنها تركز على الرعاية الصحية المتكاملة، وهي التغذية والأمن الغذائي والمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، وأن معدل سوء التغذية الحاد الحالي يضاعف عتبة منظمة الصحة العالمية البالغة 15 في المائة للاستجابة لحالات الطوارئ. وقالت إن مجموعة التغذية في اليمن تتوقع زيادة حالات سوء التغذية وسوء التغذية الحاد بنسبة 30 في المائة في عام 2024، نظراً للوضع الإنساني المتردي.

وذكرت الهيئة أنها تستخدم الوحدات الطبية المتنقلة كي تمنحها المرونة اللازمة لمساعدة النازحين داخلياً، وأولئك الذين يقيمون في أماكن نائية وغير قادرين على الوصول إلى الخدمات الثابتة.

صغار السن أكثر عرضة للإصابة بالإسهالات الحادة والكوليرا في اليمن (الأمم المتحدة)

وقالت إنها تقوم حالياً بتوفير الإمدادات لمركز واحد لعلاج الإسهال، كاستجابة سريعة للتفشي الحالي لمرض الكوليرا، كما تعمل على إنشاء مركز علاج الإسهال الثاني، إلى جانب مراكز معالجة الجفاف عن طريق الفم في 20 منشأة صحية في جميع أنحاء اليمن.

مساعدات متنوعة

بالإضافة إلى تقديم المساعدة الغذائية الطارئة، تقدم الهيئة الطبية الدولية مساعدة نقدية غير مشروطة للأسر الضعيفة، مع التركيز على الأسر التي يعاني أطفالها من الإصابة بسوء التغذية الحاد أو في عُرضة لخطر الإصابة به. كما توفر خدمات التغذية العلاجية والوقائية، المدمجة في المرافق الصحية الثابتة، بالإضافة إلى فرق متنقلة للتوعية، تقدم الخدمات للمناطق التي يصعب الوصول إليها، بما في ذلك مخيمات النازحين القريبة من مناطق الخطوط الأمامية على الساحل الغربي.

وبيَّنت الهيئة الدولية أنها منذ أن بدأت تنفيذ برامج المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية في اليمن عام 2012، تمكنت من الوصول إلى أكثر من 4 ملايين شخص، ما وفر إمكانية الحصول على المياه والصرف الصحي والنظافة أثناء تفشي وباء الكوليرا على نطاق واسع.

وإضافة إلى ذلك، تدعم الهيئة إعادة تأهيل البنية التحتية للمياه والصرف الصحي والنظافة الصحية، وربط المرافق الصحية بالمياه الجارية، وتوفير المياه النظيفة، من خلال النقل بالشاحنات، وزيادة سعة تخزين المياه ومراقبة جودتها، ومعالجتها، لضمان سلامة المرضى والعاملين.

إجراءات يمنية حكومية لمواجهة الكوليرا في مدارس عدن (إعلام حكومي)

وشكت الهيئة الطبية الدولية من القيود التي تفرضها السلطات المحلية (إشارة إلى الحوثيين) على توفير الاستجابة للحماية الإنسانية، وقالت إنه لذلك لا تزال خدمات الحماية مرهقة في جميع أنحاء اليمن، وغائبة في بعض المناطق النائية.

وأفادت الهيئة بأنها تتعاون مع المنظمات المحلية التي تقودها النساء لتجريب نماذج لتقديم خدمات الاستجابة والوقاية من العنف القائم على النوع الاجتماعي وحماية الطفل، بما في ذلك إدارة الحالات، والدعم النفسي، ومساعدة الناجين، لدعمهم في الوصول إلى الخدمات المتخصصة.



«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
TT

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)
الأمطار الغزيرة منعت استكمال صيانة طريق هيجة العبد الحيوية بين مدينة تعز المحاصرة وباقي البلاد (إكس)

تشهد أجزاء واسعة من اليمن هطول أمطار غزيرة مع اقتراب فصل الشتاء وانخفاض درجة الحرارة، متسببة في انهيارات طينية وصخرية تهدد حياة السكان وتلحق الأضرار بالممتلكات والأراضي، في حين لم تتجاوز البلاد آثار فيضانات الصيف الماضي التي ترصد تقارير دولية آثارها الكارثية.

وتسببت الأمطار الأخيرة المستمرة لمدد طويلة، والمصحوبة بضباب كثيف وغيوم منخفضة، في انهيارات صخرية أغلقت عدداً من الطرق، في حين أوقع انهيار صخري، ناجم عن تأثيرات أمطار الصيف الماضي، ضحايا وتسبب في تدمير منازل بمنطقة ريفية شمال غربي البلاد.

وعطلت الانهيارات الصخرية في مديرية المقاطرة التابعة لمحافظة لحج (جنوبي غرب) استمرار العمل في تحسين وصيانة طريق هيجة العبد التي تربط محافظة تعز المجاورة بباقي محافظات البلاد، بعد أن أغلقت الجماعة الحوثية بقية الطرق المؤدية إليها منذ نحو 10 أعوام، وتسببت تلك الأمطار والانهيارات في إيقاف حركة المرور على الطريق الفرعية.

أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

ويواجه السائقون والمسافرون مخاطر شديدة بسبب هذه الأمطار، تضاف إلى مخاطر أخرى، مما أدى إلى صعوبة التنقل.

ودعت السلطات المحلية في المحافظة السائقين والمسافرين إلى توخي الحذر الشديد في الطرق الجبلية والمنحدرات المعرضة للانهيارات الطينية والصخرية والانجرافات، وتجنب المجازفة بعبور الوديان ومسارات السيول المغمورة بالمياه.

وكان انهيار صخري في مديرية الطويلة، التابعة لمحافظة المحويت (شمالي غرب)، أدى إلى مقتل 8 أشخاص، وإصابة 3 آخرين، بعد سقوط كتلة صخرية هائلة كانت مائلة بشدة فوق منزل بُني أسفلها.

وتزداد الانهيارات الصخرية في المناطق التي تتكون من الصخور الرسوبية الطبقية عندما يصل وضع الكتل الصخرية المائلة إلى درجة حرجة، وفق الباحث اليمني في الجيمورفولوجيا الحضرية (علم شكل الأرض)، أنس مانع، الذي يشير إلى أن جفاف التربة في الطبقات الطينية الغروية أسفل الكتل المنحدرة يؤدي إلى اختلال توازن الكتل الصخرية، وزيادة ميلانها.

ويوضح مانع لـ«الشرق الأوسط» أن الأمطار الغزيرة بعد مواسم الجفاف تؤدي إلى تشبع التربة الجافة، حيث تتضخم حبيباتها وتبدأ في زحزحة الكتل الصخرية، أو يغير الجفاف من تموضع الصخور، وتأتي الأمطار لتكمل ذلك التغيير.

انهيار صخري بمحافظة المحويت بسبب أمطار الصيف الماضي يودي بحياة 8 يمنيين (إكس)

وينبه الباحث اليمني إلى خطر يحدق بغالبية القرى اليمنية، ويقول إنها عرضة لخطر الانهيارات الصخرية بسبب الأمطار أو الزلازل، خصوصاً منها تلك الواقعة على خط الصدع العام الممتد من حمام علي في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء)، وحتى ساحل البحر الأحمر غرباً.

استمرار تأثير الفيضانات

تواصل الأمطار هطولها على أجزاء واسعة من البلاد رغم انتهاء فصل الصيف الذي يعدّ موسم الأمطار الرئيسي، وشهد هذا العام أمطاراً غير مسبوقة تسببت في فيضانات شديدة أدت إلى دمار المنازل والبنية التحتية ونزوح السكان.

وطبقاً لـ«الاتحاد الدولي لجمعيات الصليب الأحمر والهلال الأحمر»، فإن اليمن شهد خلال هذا العام موسمين رئيسيين للأمطار، الأول في أبريل (نيسان) ومايو (أيار)، والثاني بدأ في يوليو (تموز) إلى نهاية سبتمبر (أيلول)، و«كانا مدمرَين، بسبب أنماط الطقس غير العادية والأمطار الغزيرة المستمرة في جميع أنحاء البلاد».

ووفقاً للتقييمات الأولية التي أجرتها «جمعية الهلال الأحمر اليمني»؛ فقد تأثر 655 ألفاً و11 شخصاً، ينتمون إلى 93 ألفاً و573 عائلة بالأمطار الغزيرة والفيضانات التي ضربت البلاد أخيراً، ما أسفر عن مقتل 240 شخصاً، وإصابة 635 آخرين، في 20 محافظة من أصل 22.

فيضانات الصيف الماضي ألحقت دماراً هائلاً بالبنية التحتية في عدد من محافظات اليمن (أ.ب)

وألحقت الأمطار أضراراً جسيمة بمواقع السكان والنازحين داخلياً ومنازلهم وملاجئهم المؤقتة والبنية التحتية، مما أثر على آلاف الأسر، وكثير منهم كانوا نازحين لسنوات، حيث أبلغت «المجموعة الوطنية للمأوى والمواد غير الغذائية» في اليمن، عن تضرر 34 ألفاً و709 من المآوي، بينها 12 ألفاً و837 تضررت جزئياً، و21 ألفاً و872 تضررت بالكامل.

ونقل التقرير عن «المنظمة الدولية للهجرة» أن الفيضانات ألحقت أضراراً بالبنية التحتية الحيوية، بما في ذلك تدمير الأنظمة الكهربائية، مما أدى إلى انقطاع التيار الكهربائي وتعطيل تقديم الرعاية الصحية، وتسبب في تدمير الملاجئ، وتلوث مصادر المياه، وخلق حالة طوارئ صحية، وفاقم التحديات التي يواجهها النازحون.

تهديد الأمن الغذائي

وتعدّ الأراضي الزراعية في محافظة الحديدة الأعلى تضرراً بـ77 ألفاً و362 هكتاراً، ثم محافظة حجة بـ20 ألفاً و717 هكتاراً، وهو ما يعادل نحو 12 و9 في المائة على التوالي من إجمالي الأراضي الزراعية، بينما تأثر نحو 279 ألف رأس من الأغنام والماعز، وفقاً لتقييم «منظمة الأغذية والزراعة (فاو)».

شتاء قاسٍ ينتظر النازحين اليمنيين مع نقص الموارد والمعونات وتأثيرات المناخ القاسية (غيتي)

وكانت الحديدة وحجة والجوف الأعلى تضرراً، وهي من المحافظات الأكبر إنتاجاً للماشية، خصوصاً في الجوف، التي يعتمد نحو 20 في المائة من عائلاتها على الماشية بوصفها مصدر دخل أساسياً.

وتوقع «الاتحاد» أن العائلات الأعلى تضرراً من الفيضانات في كل من المناطق الرعوية والزراعية الرعوية غير قادرة على تلبية احتياجاتها الغذائية الدنيا في غياب المساعدة، مما يؤدي إلى ازدياد مخاطر انعدام الأمن الغذائي خلال الأشهر المقبلة.

وتشمل الاحتياجات الحرجة والعاجلة في المناطق المتضررة من الفيضانات؛ المأوى الطارئ، والغذاء، والمواد غير الغذائية، والمياه، والصرف الصحي، والملابس، والحماية، والمساعدات النقدية متعددة الأغراض، والإمدادات الطبية لضمان استمرارية وظائف مرافق الرعاية الصحية.

ودعت «مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون اللاجئين» إلى التحرك العالمي، والعمل على تخفيف آثار تغير المناخ بالتزامن مع انعقاد «مؤتمر المناخ»، مقدرة أعداد المتضررين من الفيضانات في اليمن خلال العام الحالي بنحو 700 ألف.

وسبق للحكومة اليمنية الإعلان عن أن الفيضانات والسيول، التي شهدتها البلاد هذا العام، أثرت على 30 في المائة من الأراضي الزراعية.