ارتفع معدل الإصابات بوباء الكوليرا والإسهال المائي الحاد في اليمن بشكل كبير خلال الشهر الأخيرة، وسجلت المستشفيات والمراكز الطبية مئات الإصابات، و14 حالة وفاة على الأقل.
وخصصت الحكومة اليمنية كبرى المستشفيات في المحافظات الخاضعة لسيطرتها لمعالجة هذه الحالات، وأقامت مراكز للعزل، بينما يواصل الحوثيون التكتم على الوباء الذي امتد من صنعاء وظهر في محافظة صعدة؛ حيث معقلهم الرئيسي.
وحسب بيانات وزارة الصحة اليمنية، فإنه خلال الفترة من 16 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي وحتى 5 أبريل (نيسان) الجاري، تم استقبال 2583 حالة اشتباه إصابة، تم التأكد من إصابة 236 حالة. وجاءت محافظة عدن في المرتبة الأولى بنسبة 39 في المائة من الإصابات المبلغ عنها، وفي المرتبة الثانية محافظة تعز بنسبة 21 في المائة، ثم محافظة لحج بنسبة 17 في المائة.
وأبلغ وزير الصحة العامة والسكان قاسم بحيبح، المديرة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط حنان بلخي، أن البلاد تعيش وضع طوارئ صحية، وتحدث عن ازدياد حالات الإصابة بالكوليرا في عدد من المناطق، وقال إن ذلك يستدعي تدخل المنظمة؛ لأن النظام الصحي ما زال يواجه تحديات كثيرة منذ انقلاب الحوثيين على الدولة.
وخصص مكتب الصحة في مدينة عدن التي تتخذها الحكومة اليمنية عاصمة مؤقتة للبلاد، أحد أكبر مستشفيات المدينة لاستقبال حالات الإصابة وعلاجها، واستخدامه مركزاً لعزل الحالات المؤكدة، كما واصل الإعلام و«التثقيف الصحي» بث الرسائل الإرشادية للسكان، وطالبهم باتخاذ الإجراءات الوقائية المرتبطة بالنظافة الشخصية وغسل الخضراوات، ونبههم إلى ضرورة نقل المصابين إلى المراكز المخصصة لعلاج الإسهال المائي الحاد فوراً.
ترصُّد ومكافحة
مع توسع الوباء إلى كثير من المحافظات اليمنية، ذكر مكتب الصحة والسكان في محافظة تعز، أن الحالات المسجلة المشتبه في إصابتها بالكوليرا، والتي وصلت إلى المستشفيات، بلغت 188 حالة؛ من بينها 100 حالة تأكدت إصابتها بالكوليرا، بعد إجراء الفحوصات المخبرية.
وقال عبد الرحمن الصبري، مدير المكتب، إنه وجه باتخاذ إجراءات شاملة لمواجهة تفشي الإسهالات المائية الحادة والكوليرا، والحد من حالات الإصابة داخل المحافظة؛ حيث تم تكليف إدارة الترصد الوبائي بالنزول الفوري للمناطق التي ظهرت فيها مؤشرات لانتشار المرض، وأخذ عينات مخبرية من المرضى ومن المياه، وإرسالها للمختبر المركزي، وتقديم المساعدة الطبية والعلاجية بصورة فورية.
وحسب المسؤول اليمني تم تخصيص 5 مراكز طوارئ لمعالجة حالات الإسهالات المائية الحادة، في المستشفى الجمهوري بالمدينة، وفتح قسم للعناية المركزة فيه بسعة 20 سريراً للحالات الحرجة، إضافة إلى مركز «22 مايو» الطبي بمديرية المظفر، ومستشفى «خليفة» في منطقة التربة، وفي مستشفى «المخا»، ومستشفى «أطباء بلا حدود» لاستقبال الحالات في مديريات الساحل.
وفي محافظة لحج، نفَّذ مكتب الصحة والسكان حملة خاصة بالرش الرذاذي والرش الضبابي بالمبيدات الحشرية، بمديريتي الحوطة وتبن، للقضاء على البعوض المسبب لأمراض الحميات، وفق ما أعلنه مدير المكتب خالد جابر.
وأكد جابر أن الحملة سوف تستمر 3 أيام، بعد ظهور حالات مصابة بمرض الكوليرا بالمحافظة، ومن أجل التقليل من انتقال العدوى، وأن حملة للنظافة الشاملة ترافق ذلك، لتجفيف منابع المياه الآسنة، ورفع القمامة من الأسواق العامة، بهدف القضاء على مواقع تجمعات الذباب الناقل للمرض.
وأوضح مدير الصحة في لحج أن الازدحام الشديد في الأسواق، ولا سيما في الوقت الحالي، لشراء متطلبات عيد الفطر، سبب مباشر لانتقال العدوى بين السكان، وقال إنه تم تجهيز مراكز متخصصة للتعامل مع وباء الكوليرا ولاستقبال حالاته المصابة، منها مركز العزل بمستشفى «ابن خلدون» العام بمدينة الحوطة، ومستشفى «ردفان»، ومستشفى «رأس العارة».
تجاهل حوثي
أما في صنعاء؛ حيث يسيطر الحوثيون، قالت مصادر عاملة في قطاع الصحة لـ«الشرق الأوسط» إن المستشفيات العامة تستقبل يومياً عشرات الإصابات بالإسهالات، معظمها لأطفال، وأكدت أن مئات الإصابات تم تسجيلها حتى الآن؛ لكن سلطات الحوثيين منعت الإعلان عن أعداد الإصابات، واكتفت بتوزيع رسائل نصية تنصح فيها المصابين باستخدام محلول الإرواء فقط.
وفي محافظة الحديدة التي يوجد بها ثاني أكبر مواني البلاد، ذكر مصدران طبيان لـ«الشرق الأوسط» أن المستشفيات تستقبل يومياً عشرات الإصابات بالإسهال المائي الحاد، وأن هؤلاء يشكلون نحو 60 في المائة من إجمالي الحالات التي تصل إلى اثنين من المستشفيات العامة في المدينة وحدها، بينما لا يعلم أعداد الإصابات في المناطق الريفية، بسبب حجب الحوثيين البيانات التي تصلهم من المديريات والمراكز الطبية في الأرياف.
بدورها، ذكرت منظمة الهجرة الدولية أن إجمالي عدد الإصابات المبلغ عنها خلال الثلاثين يوماً الماضية بلغ 789 حالة إسهال مائي حاد/ كوليرا، في مأرب، وعدن، وتعز، وحضرموت، والحديدة، ولحج، وأبين، والبيضاء، والضالع، والمهرة، وشبوة، وسقطرى. علاوة على ذلك، أبلغت فرق المنظمة الدولية للهجرة الداعمة لمستشفى «منبه» الريفي في صعدة عن أكثر من 180 حالة مشتبه بها بحاجة للعلاج.
وأكدت أنها ومنذ منتصف أكتوبر الماضي تنبهت المنظمة والجهات الفاعلة الإنسانية الأخرى إلى زيادة في حالات الإسهال المائي الحاد والكوليرا، في مدينة عتق بمحافظة شبوة. وقد ظهرت على كثير من الأفراد القادمين من موقع يديره أفراد متورطون في التهريب والاتجار بالمهاجرين.
وقالت إنه على مدى الأسابيع التالية، تم الإبلاغ عن زيادة في الحالات بين المهاجرين والنازحين وأفراد المجتمع المضيف، في محافظات متعددة باليمن.