السوداني يستعد لإعادة رسم مسار جديد للعلاقة مع أنقرة

عقب زيارة مثيرة للجدل إلى واشنطن

الرئيس الأميركي جو بايدن يصافح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مستهل لقاء ثنائي بالمكتب البيضاوي في البيت الأبيض يوم الاثنين 15 أبريل 2024 (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن يصافح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مستهل لقاء ثنائي بالمكتب البيضاوي في البيت الأبيض يوم الاثنين 15 أبريل 2024 (د.ب.أ)
TT

السوداني يستعد لإعادة رسم مسار جديد للعلاقة مع أنقرة

الرئيس الأميركي جو بايدن يصافح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مستهل لقاء ثنائي بالمكتب البيضاوي في البيت الأبيض يوم الاثنين 15 أبريل 2024 (د.ب.أ)
الرئيس الأميركي جو بايدن يصافح رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني في مستهل لقاء ثنائي بالمكتب البيضاوي في البيت الأبيض يوم الاثنين 15 أبريل 2024 (د.ب.أ)

يستعد رئيس الوزراء العراقي محمد شياع السوداني غداً (الاثنين) إلى استقبال الرئيس التركي رجب طيب إردوغان في زيارته التي تستمر عدة أيام بين بغداد وأربيل. وتأتي الزيارة وسط حال من الجدل يعيشها العراق بين الأوساط السياسية على خلفية زيارة السوداني الأخيرة إلى الولايات المتحدة الأميركية، والتي استغرقت 6 أيام، حسم خلالها الكثير من النقاط العالقة بين البلدين، فضلاً عن التوقيع على عشرات الاتفاقيات على صعيد عقود التسليح ومع الشركات الأميركية، بشأن كثير من الميادين والفرص الاستثمارية في العراق.

بيد أن المفارقة هنا أن الملفات التي يحملها إردوغان معه إلى بغداد هي أيضاً مختلف عليها بين مختلف الأوساط العراقية. فعلى صعيد العلاقة مع الولايات المتحدة الأميركية، فإن المتغير المهم فيها هو الموقف من الفصائل المسلحة التي تنادي بانسحاب كامل لما تبقى من قوات أميركية في العراق، والذين تم تصنيفهم بأنهم مستشارون، بينما المتغير الأهم في العلاقة مع أنقرة هو الموقف من حزب العمال الكردستاني المختلف على توصيفه في العراق، في وقت تصنفه فيه بغداد حزباً محظوراً.

بخلاف ذلك، تعد زيارة السوداني إلى واشنطن، وزيارة إردوغان إلى بغداد، لصالح رئيس الوزراء العراقي الذي يستعد لجولة تفاهم مع القوى التي تصنف على أنها مؤيدة له، وهي ائتلاف إدارة الدولة وقوى «الإطار التنسيقي».

إضافةً إلى ذلك، وطبقاً لمصادر مطلعة، فإنه سيتم خلال زيارة الرئيس التركي توقيع عشرات من مذكرات التفاهم في مختلف الجوانب، ويبلغ عددها 37 مذكرة تفاهم.

وطبقاً للمصادر ذاتها، تعد المذكرة الإطارية الاستراتيجية للتعاون بين البلدين، من أهم المذكرات التي سيتم التوقيع عليها؛ إذ تتفرع منها 5 لجان، وهي: الأمنية، والمياه، والاقتصادية، والطاقة، والنقل.

وكان السفير العراقي في أنقرة، ماجد اللجماوي، قد أكد من جانبه أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب إردوغان إلى بغداد ستساهم في حل الملفات العالقة بين البلدين، وستشهد توقيع اتفاقية إطارية استراتيجية.

وقال في بيان إن «الزيارة ستحقق قفزة نوعية شاملة في علاقات التعاون بين العراق وتركيا»، مُضيفاً أنها ستشهد توقيع اتفاقيّة إطاريّة استراتيجيّة جرى العمل عليها في الأشهر الأخيرة، تتناول المجالات الأمنيّة، والاقتصاديّة، والتنمويّة، وإحراز تقدم في ملفي المياه والطاقة، وكذلك عملية استئناف تصدير النفط العراقي عبر تركيا.

وأشار إلى أنَّ زيارة الرئيس التركي تأتي في إطار سعي البلدين إلى تعزيز العلاقات الثنائيَّة بينهما؛ خصوصاً في ظل وجود كثير من المشاريع ومُذكرات التفاهم التي قد تُبرم بين البلدين، على رأسها طريق التنمية.

في السياق نفسه، أعلن وزير الدفاع التركي، يشار غولر، يوم الأربعاء الماضي، أنّ الرئيس رجب طيب إردوغان سيجري زيارة رسمية إلى العراق، غداً (الاثنين)، وهي أول زيارة له منذ عام 2011. وكان الرئيس التركي قد أكد، في وقت سابق، أن قضية المياه ستكون واحدة من أهم بنود جدول أعماله خلال زيارته للعراق، في حين لمح إلى زيارة أربيل بعد بغداد.

وأشار إلى أن تركيا تدرس طلبات تقدم بها الجانب العراقي بخصوص المياه، مشدداً على أنهم سيسعون لحل هذه المشكلة معهم، مردفاً بالقول: «هم يريدون منا حلها، وستكون خطواتنا بهذا الاتجاه، وهناك أيضاً قضايا تتعلق بتدفق الغاز الطبيعي والنفط إلى تركيا، وسنسعى إلى معالجتها أيضاً».

من جهته، أعلن وزير الموارد المائية العراقي، عون ذياب، أن الملفات التي ستناقش مع الرئيس التركي تشمل الجوانب الاقتصادية والأمنية والتجارية والمائية، مبيناً أن هناك استعدادات جيدة لمناقشة هذه القضايا مع الرئيس التركي، معرباً عن أمله في تحقيق نتائج إيجابية خلال هذه الزيارة التي يتوقع أن تعود بالفائدة لكلا البلدين.

وأكد ذياب على أهمية العلاقات الاقتصادية بين العراق وتركيا؛ مشيراً إلى أن هناك مصالح مشتركة بين البلدين؛ خصوصاً فيما يتعلق بملف المياه، مؤكداً على ضرورة تحقيق توزيع عادل ومنصف لموارد المياه بين البلدين.

الرئيس العراقي عبد اللطيف رشيد، من جهته، أكد في بيان رسمي لدى استقباله السفير التركي في بغداد، الأحد «أهمية تدعيم العلاقات والتعاون بين بغداد وأنقرة، وتعزيز العمل المشترك على الصعيدين الدولي والإقليمي، لترسيخ الأمن والاستقرار والسلام في المنطقة». وأشار إلى أن «العراق يتطلع إلى علاقات متميزة مع الجارة تركيا على مختلف الصعد، كما أنه يحرص على إقامة علاقات مع الدول الشقيقة والصديقة، مبنية على احترام السيادة، وعدم التدخل في الشؤون الداخلية».



3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.