انقلابيو اليمن يحشدون المعلمين لزيارة جبهات القتال

تقرير دولي: 4.5 مليون طفل خارج المدارس

أكثر من 2.5 مليون طالب حرمهم الحوثيون من حقهم في التعليم (رويترز)
أكثر من 2.5 مليون طالب حرمهم الحوثيون من حقهم في التعليم (رويترز)
TT

انقلابيو اليمن يحشدون المعلمين لزيارة جبهات القتال

أكثر من 2.5 مليون طالب حرمهم الحوثيون من حقهم في التعليم (رويترز)
أكثر من 2.5 مليون طالب حرمهم الحوثيون من حقهم في التعليم (رويترز)

في الوقت الذي لا يزال يعاني فيه المعلمون اليمنيون في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية أوضاعاً معيشية مأساوية بسبب توقف رواتبهم، أقدمت الجماعة، بالتزامن مع أيام عيد الفطر، على حشدهم في ريف صنعاء لإجبارهم على تنفيذ زيارات ميدانية لجبهات القتال.

وذكرت مصادر تربوية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات في الجماعة التي تدير قطاع التعليم بمحافظة صنعاء، ألزمت مديري ووكلاء مدارس حكومية في مديريات همدان، وسنحان، وبني مطر، والحيمة، وبني حشيش، بحشد منتسبي القطاع التربوي في تلك المناطق لتنظيم زيارات ميدانية لمسلحي الجماعة.

معلمون وموظفون حكوميون أجبرهم الحوثيون على زيارة الجبهات وتقديم الهدايا (إعلام حوثي)

ويندرج سلوك الجماعة الحوثية، بخصوص زيارة جبهات القتال ومقابر القتلى، ضمن برنامج خاص أعدّته لاستهداف التربويين وموظفي بقية قطاعات الدولة المغتصبة في صنعاء وريفها وبقية المناطق تحت سطوتها لإرغامهم تحت أساليب متعددة على تنفيذ تلك الزيارات الميدانية لإثبات الولاء لها.

ومن خلال وسائل القمع والحرمان من أقل الحقوق، والتهديد بالفصل الوظيفي، أجبرت الجماعة مئات المعلمين والتربويين في مديريات محافظة صنعاء على المشاركة قسراً في زيارات جماعية إما لمقابر القتلى، أو للمقاتلين في الجبهات.

واشتكى معلمون في ريف صنعاء لـ«الشرق الأوسط» من إلزام الجماعة لهم بالمشاركة في زيارات ميدانية إلى مقاتليها، متجاهلة ما يعانيه الآلاف منهم وأسرهم من الحرمان وشدة الفاقة منذ سنوات أعقبت الانقلاب والحرب وما لحقها من توقف للمرتبات، وتدهور الخدمات، وانقطاع سبل العيش.

وأوضح أحد المعلمين، في ريف صنعاء، أنه توقّع لحظة استدعائه إلى المدرسة حصوله على مساعدة غذائية أو نقدية بمناسبة قدوم العيد، لكنه تفاجأ وكثير من زملائه بأن الاستدعاء من أجل المشاركة في زيارات جماعية إلى مختلف الجبهات.

جانب من زيارة قسرية قام بها تربويون في ريف صنعاء لمقاتلين حوثيين (إعلام محلي)

وتحدّث، ومعلمون آخرون في ريف صنعاء، عن تصاعد وتيرة الاستهداف الحوثي بحقهم، تارة بإجبارهم على تلقي دروس تعبوية، وأخرى بإرغامهم على تلقين الأفكار الطائفية لطلبة المدارس، وكذا تنفيذ زيارة جماعية إلى مقابر القتلى.

وتسعى الجماعة إلى تضليل وخداع الرأي العام الداخلي والخارجي وكذا مقاتليها في الجبهات، بأن أتباعها يحظون بشعبية في أوساط المجتمع اليمني، كما تستغل الجماعة المناسبات الدينية الأخرى ذات المنحى الطائفي لاستقطاب مزيد من المجندين من مختلف الأعمار.

وترجح مصادر تربوية في صنعاء أن الجماعة الحوثية تهدف إلى استكمال تغيير ثقافة المجتمع اليمني برمته، بمَن فيهم الكوادر التعليمية، وصبغها بأفكار طائفية، وكذا استقطاب مزيد من العاملين التربويين لصفوفها.

ويعد هذا السلوك الانقلابي امتداداً لدورات سابقة أجبرت فيها الجماعة منتسبي قطاع التعليم في صنعاء وبقية مدن سيطرتها على المشاركة بدورات تطييف قسرية.

موجات تعسف

وجاءت الإجراءات الحوثية الأخيرة بحق المعلمين متوازية مع شنّ موجات الجماعة قمع وتعسف وإذلال ضدهم بمناطق سيطرتها على خلفية رفض كثير منهم اعتناق أفكارها الطائفية، وبسبب مشاركتهم وتأييدهم انتفاضة موظفي القطاع العام المطالبين بصرف رواتبهم المتوقفة.

كما تزامنت أيضاً مع ما يعانيه قطاع التعليم بمناطق الحوثيين من تردٍ متسارع، وسط تحذيرات دولية من أن أكثر من 80 في المائة من الطلبة في اليمن في حاجة ماسة إلى مساعدات تعليمية، كاشفة عن تسرّب أكثر من 2.7 مليون طفل يمني من التعليم.

أطفال يزورون في صنعاء مقبرة أنشأتها الجماعة الحوثية لقتلاها (فيسبوك)

وفي تقرير حديث لها، ذكرت منظمة «إنقاذ الطفولة» الدولية أن نحو 4.5 مليون طفل يمني باتوا خارج المدارس، موضحة أن ثلث الأسر في اليمن أبلغت بأن لديها طفلاً واحداً على الأقل تسرّب من المدرسة، وبسبب الرسوم المدرسية الشهرية وتكلفة الكتب المدرسية أصبح التعليم بعيد المنال بالنسبة لكثير.

ووفق التقرير، فإن 2 من كل 5 أطفال، أو 4.5 مليون طفل، خارج المدرسة، مع احتمالية تسرُّب الأطفال النازحين من المدرسة بمقدار الضعف مقارنة بأقرانهم.

وأشارت المنظمة إلى أن نحو 10 ملايين طفل في اليمن بحاجة ماسة إلى المساعدات الإنسانية، في وقت لا يزال فيه أكثر من نصف السكان (18.2 مليون شخص، بينهم 9.8 مليون طفل) بحاجة إلى الدعم المنقذ للحياة.

وأوضح التقرير أن الرسوم المدرسية الشهرية وتكلفة الكتب المدرسية تجعلان التعليم بعيد المنال بالنسبة لكثير، حيث أفاد 20 في المائة من الأسر بأن هذه الرسوم لا يمكن تحملها. وقال أكثر من 44 في المائة من مقدمي الرعاية والأطفال الذين شملهم الاستطلاع، إن الحاجة إلى دعم دخل أسرهم كانت السبب الرئيسي وراء التسرب من المدارس.


مقالات ذات صلة

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

المشرق العربي قتلى ومفقودون إثر انجراف منازلهم بسبب السيول غرب محافظة ذمار اليمنية (إكس)

31 قتيلاً في اليمن جراء السيول وانفجار صهريج غاز

لقي 28 يمنياً حتفهم جراء سيول ضربت غرب محافظة ذمار الخاضعة للحوثيين، كما أدى انفجار صهريج غاز في مدينة عدن، حيث العاصمة المؤقتة للبلاد، إلى مقتل 3 أشخاص.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي نقص التمويل يحرم الملايين في اليمن من المساعدات (المجلس النرويجي للاجئين)

تحسن الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية

أظهرت دراسة أممية انخفاض مستوى انعدام الأمن الغذائي في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية، في مقابل زيادة في تدابير الأمن الغذائي بمناطق سيطرة الحوثيين.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي عناصر حوثية في عرض عسكري بعد أن جندت الجماعة عشرات الآلاف خلال الأشهر الماضية (غيتي)

قادة حوثيون يجردون رئيس حكومتهم الانقلابية من صلاحياته

منع الحوثيون رئيس حكومتهم الانقلابية الجديدة من اختيار مدير مكتبه بنفسه في سياق سعيهم لجعله مجرد واجهة لأجندة كبار قادة الجماعة المنتسبين لسلالة زعيمهم الحوثي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي أشخاص يتجمعون بالقرب من ورشة عمل تضررت جراء انفجار غاز في عدن (أ.ف.ب)

مقتل 3 أشخاص وإصابة 18 آخرين بانفجار محطة غاز في مدينة عدن

لقى ثلاثة أشخاص حتفهم، وأصيب 18 آخرون، في انفجار بمحطة غاز، مساء الجمعة، في مدينة عدن، جنوبي اليمن.

«الشرق الأوسط» (عدن)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي مستقبلاً في عدن المبعوث الأممي غروندبرغ (سبأ)

العليمي للمبعوث الأممي: الحوثيون ليسوا شريكاً موثوقاً للسلام

وسط مساعي المبعوث الأممي لتحقيق اختراق في جدار الأزمة اليمنية، أبلغه رئيس مجلس القيادة الرئاسي رشاد العليمي بأن الحوثيين ليسوا شريكاً موثوقاً للسلام.

علي ربيع (عدن)

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يوافقون على قطْر ناقلة النفط «سونيون» بضوء أخضر إيراني

مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)
مخاوف يمنية من انفجار ناقلة النفط اليونانية في البحر الأحمر إثر هجمات الحوثيين (إ.ب.أ)

وافقت الجماعة الحوثية في اليمن على طلب أوروبي لقطْر ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة في جنوب البحر الأحمر، بعد تلقيها ضوءاً أخضر من إيران، وغداة إعلان تعيين طهران مندوباً جديداً لها في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء تحت اسم «سفير».

وكانت الناقلة تعرضت لسلسلة هجمات حوثية في غرب الحديدة ابتداء من يوم 21 أغسطس (آب) الحالي، ضمن هجمات الجماعة التي تزعم أنها لمناصرة الفلسطينيين في غزة، قبل أن تقوم بإشعال الحرائق على متنها، عقب إجلاء طاقمها المكون من 29 بحاراً بواسطة سفينة فرنسية.

الحرائق مستمرة على متن ناقلة «سونيون» اليونانية منذ أسبوع (إ.ب.أ)

وتنذر الناقلة التي تحمل نحو مليون برميل من المواد البترولية بأسوأ كارثة بحرية في حال انفجارها وتسرب النفط منها أو غرقها، وسط مساع لقطرها لإنقاذ الموقف.

وجاء الضوء الأخضر الإيراني عبر بعثة طهران في الأمم المتحدة، الأربعاء، حيث ذكرت أن الحوثيين وافقوا على السماح لزوارق قطر وسفن إنقاذ بالوصول إلى ناقلة النفط المتضررة بالبحر الأحمر سونيون.

وأشارت البعثة الإيرانية إلى أن عدة دول «تواصلت لتطلب من أنصار الله (الحوثيين) هدنة مؤقتة لدخول زوارق القطر وسفن الإنقاذ إلى منطقة الحادث، وأن الجماعة وافقت على الطلب (مراعاة للمخاوف الإنسانية والبيئية)»، بحسب ما نقلته «رويترز».

وعقب الإعلان الإيراني، ظهر المتحدث باسم الجماعة الحوثية، محمد عبد السلام، في تغريدة على منصة «إكس»، زعم فيها أن جهات دولية عدة تواصلت مع جماعته، خصوصاً الجهات الأوروبية، وأنه تم السماح لهم بسحب سفينة النفط المحترقة «سونيون».

وفي نبرة تهديد، أكد المتحدث الحوثي أن احتراق سفينة النفط «سونيون» مثال على جدية جماعته في استهداف أي سفينة تنتهك قرار الحظر القاضي بمنع عبور أي سفينة إلى موانئ إسرائيل.

وأضاف المتحدث الحوثي أن على جميع شركات الشحن البحري المرتبطة بإسرائيل أن تدرك أن سفنها ستبقى عرضة للضربات أينما يمكن أن تطولها قوات الجماعة.

مندوب إيران الجديد لدى الحوثيين في صنعاء (يسار) يسلم أوراق اعتماده لوزير خارجية الجماعة (إعلام حوثي)

وكانت وسائل إعلام الجماعة الحوثية ذكرت أن وزير خارجية حكومتها الانقلابية التي لا يعترف بها أحد، استقبل في صنعاء من وصفته بالسفير الإيراني الجديد علي محمد رمضاني، الذي قدم نسخة من أوراق اعتماده.

وسبق أن عينت طهران في 2020 القيادي في الحرس الثوري حسن إيرلو مندوباً لها لدى الجماعة الحوثية في صنعاء تحت اسم «السفير» قبل أن يلقى حتفه في نهاية 2021 في ظروف غامضة، ويتم إجلاء جثمانه إلى إيران.

كما قامت الجماعة الحوثية بتعيين ما تسميه سفيراً لليمن في طهران، حيث مكنت السلطات الإيرانية عناصر الجماعة لديها من السيطرة على المباني الدبلوماسية اليمنية في أراضيها.

لا يوجد تسرب

في أحدث بيانات أوردتها المهمة البحرية الأوروبية في البحر الأحمر (أسبيدس) ذكرت أن الأصول العاملة في المنطقة التابعة للمهمة أفادت، الأربعاء، بأنه تم اكتشاف حرائق في عدة مواقع على السطح الرئيسي للسفينة «سونيون» وأنه لا يوجد تسرب نفطي، وأن الناقلة لا تزال راسية ولا تنجرف.

وأضافت المهمة في بيان أنه «يجب على جميع السفن المارة في المنطقة أن تتحرك بأقصى درجات الحذر، حيث إن السفينة (سونيون) تشكل خطراً ملاحياً وتهديداً خطيراً وشيكاً للتلوث الإقليمي».

ولتجنب أزمة بيئية كارثية، قالت «أسبيدس»: «إن القوات البحرية التابعة للاتحاد الأوروبي، تقوم بالتنسيق مع السلطات الأوروبية، بتقييم الوضع وهي على استعداد لتسهيل أي مسارات عمل». وأضافت أن «التخفيف الناجح سوف يتطلب التنسيق الوثيق والمشاركة الفعالة من جانب الدول الإقليمية».

ومع المخاوف من كارثة بيئية كبرى، كان وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني، كشف عن أن الهجوم الذي تعرّضت له «سونيون» هو التاسع من نوعه منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي ضد ناقلات النفط في البحر الأحمر، مشيراً إلى أنها تحمل 150 ألف طن من النفط الخام.

وقال الإرياني إن الحوثيين استهدفوا الناقلة بسلسلة من الهجمات، ما أدّى لجنوحها وتعطّل محركاتها، وإجلاء طاقمها، وتركها عرضةً للغرق أو الانفجار على بُعد 85 ميلاً بحرياً من محافظة الحديدة، واصفاً ذلك بأنه «إرهاب ممنهج يُنذر بكارثة بيئية واقتصادية وإنسانية غير مسبوقة».

دخان يتصاعد من جراء حرائق على متن ناقلة نفط يونانية تعرضت لهجمات الحوثيين في البحر الأحمر (رويترز)

يشار إلى أن الحوثيين تبنّوا مهاجمة نحو 182 سفينة منذ بدء التصعيد في 19 نوفمبر الماضي، وأدّت الهجمات إلى إصابة نحو 32 سفينة، غرقت منها اثنتان، البريطانية، «روبيمار» واليونانية «توتور»، كما قرصنت السفينة «غالاكسي ليدر» وحوّلتها إلى مزار لأتباعها.

وتنفّذ واشنطن منذ 12 يناير (كانون الثاني) الماضي ضربات دفاعية استباقية لحماية السفن من الهجمات الحوثية ضمن ما سمّته «تحالف حارس الازدهار»، وأقرّت الجماعة بتلقّيها أكثر من 600 غارة شاركت فيها بريطانيا 4 مرات.

وتشنّ الجماعة الحوثية منذ 19 نوفمبر الماضي هجماتها في البحر الأحمر وخليج عدن والمحيط الهندي؛ إذ تدّعي أنها تحاول منع ملاحة السفن المرتبطة بإسرائيل، بغضّ النظر عن جنسيتها، وكذا السفن الأميركية والبريطانية.

كما تدّعي تنفيذ هجمات في البحر المتوسط وموانئ إسرائيلية، بالاشتراك مع فصائل عراقية مسلّحة موالية لإيران، ضمن عمليات الإسناد للفلسطينيين في غزة، وهو الأمر الذي تقول الحكومة اليمنية إنه يأتي هروباً من استحقاقات السلام، وخدمةً لأجندة طهران بالمنطقة.