هل نجحت الحكومة المصرية في القضاء على «السوق السوداء» للدولار؟

شركات صرافة: أكثر من 11 مليار جنيه تنازلات عن العملة الأجنبية خلال شهر

صورة لإحدى الصرافات بالقاهرة (أ.ف.ب)
صورة لإحدى الصرافات بالقاهرة (أ.ف.ب)
TT

هل نجحت الحكومة المصرية في القضاء على «السوق السوداء» للدولار؟

صورة لإحدى الصرافات بالقاهرة (أ.ف.ب)
صورة لإحدى الصرافات بالقاهرة (أ.ف.ب)

بعد شهر من قرار «البنك المركزي» المصري «تعويم» الجنيه، عبر السماح بتحديد سعر صرفه وفق «آليات السوق»، تراجعت عمليات التعامل مع «السوق السوداء» للعملة بشكل لافت، بعدما كانت تسيطر على المعاملات المالية خلال الأشهر الماضية.

وبلغت حصيلة التنازلات لشركات الصرافة التابعة لثلاث بنوك حكومية كبرى هي (الأهلي، مصر، القاهرة) أكثر من 11 ملياراً و246 مليون جنيه خلال شهر واحد.

وقال رئيس شركة «الأهلي للصرافة»، عبد المجيد محيي الدين، في بيان نقلته «وكالة أنباء الشرق الأوسط» إن زيادة حصيلة التنازلات عن العملات الأجنبية لصالح الجنيه المصري لـ«وجود سعر واحد مقبول يمكن التعامل من خلاله، مما يعمل على استقرار سوق صرف العملات، والقضاء على (السوق السوداء)».

وحاز الدولار على النصيب الأكبر من التنازلات بنسبة تفوق 60 في المائة بالشركات الثلاث، فيما توزعت النسبة الباقية بين اليورو، والريال السعودي، والجنيه الإسترليني، والدرهم الإماراتي، وفق البيان.

وجاءت هذه الأرقام بعدما أظهرت بيانات صادرة عن البنك المركزي المصري الأسبوع الماضي ارتفاع صافي الاحتياطيات الأجنبية لمصر إلى 40.361 مليار دولار بنهاية مارس (آذار)، بارتفاع 5.051 مليار دولار بنسبة نمو تقدر 14.3 في المائة خلال شهر مارس فقط.

«عادت المعاملات المالية للتنازل عن العملات داخل الجهاز المصرفي وأذرعه المختلفة»، وفق تصريحات رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب الدكتور فخري الفقي الذي يؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن هذه الأرقام ستزداد بشكل مطرد خلال الأسابيع المقبلة، مع التوقعات الاقتصادية بتحسن قيمة الجنيه أمام الدولار، والاتجاه نحو مزيد من الارتفاع للجنيه. ويعادل الدولار نحو 47 جنيهاً مصرياً حالياً في البنوك.

وأضاف أن الأرقام المعلنة للصرافات الثلاث الكبرى تعكس أحد جوانب الآثار الإيجابية للتحرير الكامل لسعر الصرف، وفي ظل ما تحقق من وفرة للنقد الأجنبي، مما يسمح بتلبية مستلزمات الاستيراد، ويدفع المضاربين على سعر الصرف لإنهاء مضاربتهم مع تسجيل كافة المؤشرات الاقتصادية تحسناً لأداء الاقتصاد المصري.

رأي تدعمه نائب رئيس بنك مصر الأسبق، سهر الدماطي التي تؤكد لـ«الشرق الأوسط» أن انتظار مصر مزيد من التدفقات النقدية خلال الأسابيع المقبلة، سواء من صندوق النقد الدولي، أو الشركاء الأوروبيين، وحتى استكمال أموال صفقة «رأس الحكمة»، أمور تجعل هناك سيولة دولارية قادرة على تلبية احتياجات السوق.

وكانت مصر وقعت الشهر الماضي عقد تطوير مشروع «رأس الحكمة» بشراكة إماراتية، واستثمارات قدرت بنحو 150 مليار دولار خلال مدة تطوير المشروع، تتضمن ضخّ نحو 35 مليار دولار استثماراً أجنبياً مباشراً للخزانة المصرية خلال شهرين.

ويرى الخبير الاقتصادي وأستاذ التمويل والاستثمار، الدكتور مصطفى بدرة، أن ما جمعته شركات الصرافة الكبرى لا يزال بعيداً عن المستهدف في ظل توجه الدولة لنقل كافة المعاملات المرتبطة بالعملات الأجنبية لتكون داخل إطار الجهاز المصرفي، مؤكداً أهمية الاستمرار في تنفيذ السياسات النقدية المتبعة من أجل تحقيق الاستقرار الاقتصادي.

وشهدت «السوق السوداء» للدولار في مصر تراجعاً كبيراً منذ بداية الشهر الماضي، في وقت توقفت فيه مجموعات مغلقة لتبادل العملات عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن العمل، فيما سجلت مجموعات أسعار متقاربة بفارق بسيط عن سعر الصرف في البنوك.

ويؤكد رئيس لجنة الخطة والموازنة بمجلس النواب أن «السوق السوداء» في طريقها للاختفاء بشكل كامل، ولم تعد هناك حاجة للجوء إليها في ظل إمكانية استكمال أي مبالغ لأغراض السفر من الصرافات، وليس البنوك فقط، لكن سهر الدماطي ترى أن الأمر لا يزال بحاجة لعدة شهور من أجل القضاء عليها بشكل كامل.

وأضافت أن توافر الدولار اللازم لتسديد الالتزامات المالية خلال الشهور المقبلة، بجانب إتاحة شهادات ذات عائد مرتفع على قيمة الجنيه أمور تدفع حائزي الدولار إلى التنازل عنه للاستفادة من فوائد الشهادات المرتفعة المطروحة بالبنوك المختلفة.

«سيساهم توفير الشعور بالطمأنينة والتحسن الاقتصادي التدريجي على استعادة الثقة في الجنيه المصري، خاصة مع إتاحة عملية الشراء والبيع في الجهاز المصرفي بحرية كاملة»، وفق بدرة الذي يؤكد أن «الأمر بحاجة لبعض الوقت مع استمرار خطوات الإصلاح وعدم التراجع عنها».


مقالات ذات صلة

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد مسؤولو «مدن» الإماراتية و«حسن علام» المصرية خلال توقيع مذكرة تفاهم لتعزيز التعاون في مشروع رأس الحكمة (الشرق الأوسط)

«مدن القابضة» الإماراتية توقع مذكرة تفاهم في البنية التحتية والطاقة بمشروع رأس الحكمة

وقعت «مدن القابضة» الإماراتية، اليوم الثلاثاء، مذكرة تفاهم مع مجموعة «حسن علام القابضة» المصرية، لتعزيز أفق التعاون في مشروع رأس الحكمة في مصر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الشمس أثناء الغروب خلف أعمدة خطوط الكهرباء ذات الجهد العالي (رويترز)

الربط الكهربائي بين مصر والسعودية يحسّن إمدادات التيار في المنطقة ويقلل الانقطاعات

ترى الشركة المنفذة لأعمال الربط الكهربائي بين مصر والسعودية، أن الربط الكهربائي بين البلدين سيحسّن إمدادات التيار في المنطقة ويقلل من انقطاعات الكهرباء.

صبري ناجح (القاهرة)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).