ازدهار المهن الموسمية في اليمن خلال رمضان

في ظل اتساع رقعة البطالة وتدهور المعيشة

يتسبب الباعة المتجولون في اختناق الحركة المرورية بالشوارع اليمنية مع قرب الأعياد (إعلام محلي)
يتسبب الباعة المتجولون في اختناق الحركة المرورية بالشوارع اليمنية مع قرب الأعياد (إعلام محلي)
TT

ازدهار المهن الموسمية في اليمن خلال رمضان

يتسبب الباعة المتجولون في اختناق الحركة المرورية بالشوارع اليمنية مع قرب الأعياد (إعلام محلي)
يتسبب الباعة المتجولون في اختناق الحركة المرورية بالشوارع اليمنية مع قرب الأعياد (إعلام محلي)

تصبح حركة المرور في شوارع المدن اليمنية أكثر صعوبة خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، حيث تضيق مساحة الأرصفة بزحام الباعة المتجولين الذين تزداد أعدادهم، إلى جانب انتشار مهن موسمية تنتهي عند أول أيام عيد الفطر، ويعمل فيها الرجال والنساء.

وبينما يعدّ شهر رمضان والأسابيع التي تسبق عيد الأضحى فرصة لكثير من العاطلين للحصول على مصادر دخل مؤقتة؛ إلا أن الأمر لا يقتصر عليهم فحسب، إذ يلجأ حتى الموظفون العموميون وموظفو القطاع الخاص لمضاعفة مداخيلهم من خلال مهن وأعمال تزدهر في رمضان وقبيل أيام الأعياد.

يزداد الطلب على «السنبوسة» والمقبّلات الأخرى خلال شهر رمضان (أ.ف.ب)

رضوان مكرد، معلم في إحدى مدارس مديرية الشمايتين جنوبي محافظة تعز، ينتهز فرصة توقف الدراسة في أواخر شهر رمضان ليتجول بين مدينة التربة وقرى المديرية لبيع كعك العيد الذي تُعده والدته وزوجته، ويحقق من ذلك دخلاً إضافياً يُمكّنه من شراء مستلزمات وملابس العيد لعائلته.

ومثل مكرد، يستغل زميله سامي العزعزي الفرصة للعمل في أحد محلات الخياطة لتعديل ملابس العيد لكثير من الشباب والأطفال، إذ يلجأ كثير من أصحاب هذه المحلات إلى الاستعانة بمحترفي هذه المهنة قبيل الأعياد نظراً لزيادة الطلب عليها.

يذكر العزعزي لـ«الشرق الأوسط» أنه اكتسب هذه المهنة خلال فترة دراسته الجامعية من والده الذي كان يملك محل خياطة، ولاحقاً أغلق والده هذا المحل بسبب كبر سنه، لكنه لم ينسَ هذه المهنة، ويسعى لاستغلال احترافه لها قبيل الأعياد وخلال الإجازات الصيفية للمدارس.

ويحصل العزعزي على مبلغ لا يزيد على نصف دولار، (الدولار يساوي 1660 ريالاً في مناطق سيطرة الحكومة اليمنية)، عن كل قطعة ملابس يعمل على تعديلها لتناسب مقاس صاحبها.

أما صبري المذحجي، وهو طالب جامعي، فيجد في رمضان فرصة للعمل في حمل البضائع ورصها، وهي مهنة مؤقتة يلجأ إليها عند توقف الدراسة بسبب الإجازات، ويزيد الطلب عليها في رمضان نتيجة زيادة الحركة التجارية عن غيره من الشهور.

تسببت الحرب في إلقاء مئات الآلاف من اليمنيين إلى البطالة (أ.ف.ب)

وأعلنت الحكومة اليمنية منتصف العام الماضي عن ارتفاع نسبة الفقر في البلاد، إلى 80 في المائة وانكماش الاقتصاد بنسبة 50 في المائة، مع استمرار الأزمة والحرب التي تشهدها البلاد منذ ما يقارب العقد.

نشاط المطابخ

يتوقف غالبية باعة الوجبات الرمضانية عن مزاولة مهنتهم المؤقتة قبل قدوم عيد الفطر بأيام قليلة، إذ يتراجع الإقبال عليها في الأيام الأخيرة من شهر رمضان، نظراً لاضطرار الكثير من العائلات إلى التقليل من شرائها بسبب توقفها عن إعداد الموائد للضيوف لانشغالها بالاستعداد للعيد، في حين تسافر عائلات أخرى لقضاء العيد لدى أقاربها في الأرياف أو مدن أخرى.

ومن المقبّلات التي يزداد الإقبال عليها في رمضان، السنبوسك والفلافل وكرات البطاطس المحشية باللحمة، ويطلق عليها في الأوساط الشعبية السنبوسة والباجية والكاتلس، على التوالي.

ويشعر وائل العرجلي بالرضا بعد أن حقق دخلا كبيراً سيكفيه وعائلته حتى عيد الأضحى تقريباً من خلال إعداد هذه المقبلات في المنزل بمساعدة زوجته وبيعها في أحد محلات بيع الأغذية والحلويات وسط مدينة صنعاء.

والعرجلي أحد المعلمين الذين توقفت رواتبهم منذ أكثر من سبعة أعوام، ولجأ إلى بيع البطاطس والبيض المسلوق على عربة متجولة في صنعاء، إلا أن هذه المهنة تتراجع كثيراً في رمضان بسبب الصيام، إلى جانب أنها لم تعد ذات عائد كبير بسبب لجوء الآلاف إلى مزاولتها.

يكسب كثير من النساء اليمنيات أرزاقهن من إنتاج وبيع «اللحوح» خلال شهر رمضان (إعلام محلي)

ويشير العرجلي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن أعداد وبيع المقبلات الرمضانية يحقق له عائداً لا يمكنه تحقيقه من بيع البطاطس والبيض المسلوق خلال عدة أشهر.

وتشعر سحر عبد الله، وهي ربة منزل، بالامتنان لباعة الوجبات الرمضانية كونهم يوفرون عليها مجهوداً ووقتاً كبيرين، إذ تلجأ إلى شرائها منهم لتتفرغ لإعداد بقية أطباق الإفطار والعشاء في مطبخها، كما تشعر بنفس الامتنان للنساء اللواتي يعملن على إعداد وبيع كعك العيد خلال هذه الأيام الأخيرة لأنهن يوفرن عليها وقتاً آخر للاستعداد للعيد.

ويجد كثير من النساء فرصاً للعمل في مهن خلال هذا الشهر، أغلبها ترتبط بالموائد والوجبات الرمضانية، فمن إنتاج الحلويات الشعبية المعروفة بأسماء مثل الرواني والقطايف وبنت الصحن والطرمبة؛ إلى إعداد «اللحوح»، وهو نوع من الخبز يشتهر به اليمن ودول أفريقية عديدة بمسميات مختلفة، ويتم خلطه باللبن الرائب أو الزبادي مع بعض البهارات لتجهيز طبق «الشفوت».

ويزداد استهلاك الوجبات في رمضان، وفقاً لسمية بشير، التي تتشارك مع عددٍ من صديقاتها مطبخاً لإعداد الوجبات في المنزل وبيعها عبر خدمة التوصيل، وتذكر لـ«الشرق الأوسط» أنهن يبذلن جهداً مضاعفاً منذ أول أيام الشهر لتلبية الطلب المتصاعد على الوجبات الرمضانية التي قد يمر العام على عدد كبير من الناس دون أن يتذوقوها إلا في رمضان.

ملابس عيد رخيصة

يعد بيع الملابس الرخيصة أحد أكثر الأعمال التي يزاولها الباعة المتجولون في اليمن، إلا أنها تزداد في شهر رمضان وقبيل عيدي الفطر والأضحى، ويتوجه كثير من الشباب للعمل فيها بشكل مؤقت.

وبسبب غلاء الأسعار وتراجع القدرة الشرائية، فإن الباعة المتجولين يحصلون على فرصة لبيع الملابس الرخيصة لأصحاب المداخيل المتدنية، ويرى سمير حزام أن هؤلاء الباعة يساعدون على إرضاء الأطفال الذين يعجز آباؤهم وأمهاتهم عن شراء ملابس جيدة لهم خلال الأعياد.

تزدهر صناعة الحلويات الشعبية اليمنية في رمضان أكثر من باقي الشهور (رويترز)

ويؤكد حزام أنه غالباً ما يلجأ إلى شراء ملابس من الباعة المتجولين لأن ميزانيته تكون قد أُرهقت بسبب متطلبات شهر رمضان ومستلزمات العيد الأخرى، وعادةً ما يكون من السهل إرضاء الأطفال بأي نوع من الملابس والهدايا خلال هذه الفترة، على أن يجري تعويضهم في أوقات أخرى حين تخفّ الالتزامات.

ولا يحقق الباعة المتجولون عوائد كبيرة من بيع الملابس بسبب زيادة أعدادهم وتزاحمهم في شوارع مختلف المدن، فحسب شهادة عمار الحبيشي، وهو أحد باعة الملابس المتجولين، أصبحت هذه المهنة هي الأسهل والأكثر إقبالاً على ممارستها منذ بدء الحرب التي ألقت بكثير من الشباب إلى البطالة.

ويضيف الحبيشي لـ«الشرق الأوسط» أنه حتى ورغم الأسعار المتدنية للملابس التي يبيعها؛ فإن الإقبال عليها لم يعد كما كان في السابق، مما يدفعه إلى التفكير في مزاولة مهنة أخرى.

وارتفعت نسبة بطالة الشباب اليمنيين من 37 في المائة، حسب إحصائيات الاتحاد العام لنقابات عمال اليمن، إلى أكثر من 70 في المائة، طبقاً لآخر التصريحات الصادرة عن وزارة الشؤون الاجتماعية والعمل في الحكومة.

ويتعرض الباعة المتجولون في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية لممارسات وإجراءات تَحول دون تحقيق عوائد ومداخيل كافية، تتمثل بفرض الجبايات والإتاوات بشكل يومي، وإلزامهم بدفع إيجار الأرصفة والتبرع لجبهات القتال والمساهمة في تمويل الاحتفالات الطائفية للجماعة.


مقالات ذات صلة

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)
العالم العربي مواقع غير رسمية مليئة بالنفايات الخطرة في اليمن تسبب التلوث (إعلام محلي)

النفايات ترفع معدل الاحتباس الحراري والتلوث في اليمن

كشف مرصد مختص بالبيئة عن استخدام الأقمار الاصطناعية في الكشف عن تأثير مواقع النفايات غير الرسمية في اليمن على البيئة والصحة وزيادة معدل الاحتباس الحراري.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي عنصر حوثي على متن عربة عسكرية في صنعاء (إ.ب.أ)

اتهامات لنجل مؤسس «الحوثية» باعتقال آلاف اليمنيين

قدرت مصادر يمنية أن جهاز الاستخبارات المستحدث الذي يقوده علي حسين الحوثي، نجل مؤسس الجماعة، اعتقل نحو 5 آلاف شخص على خلفية احتفالهم بذكرى «ثورة 26 سبتمبر».

محمد ناصر (تعز)

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
TT

آلاف اليمنيين في معتقلات الحوثيين لاحتفالهم بـ«26 سبتمبر»

من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)
من الاحتفالات بذكرى «26 سبتمبر» في مدينة سيئون التابعة لمحافظة حضرموت (إكس)

«داهموا منزلي واختطفوني بعد إجابتي عن سؤالك إن كان ثمة اختطافات في منطقتنا بسبب الاحتفال بعيد الثورة اليمنية، بنصف ساعة فقط».

بهذه العبارة يسرد لـ«الشرق الأوسط» أحد الناشطين السياسيين واقعة اختطافه من طرف الجماعة الحوثية بتهمة الدعوة للاحتفال بذكرى ثورة 26 سبتمبر، عقب الإفراج عنه من السجن الذي قضى فيه أسبوعين كاملين، وتعرضه للضرب والتعذيب النفسي والتهديد بإخفائه وإيذاء عائلته.

وبحسب مصادر محلية، أفرجت الجماعة الحوثية أخيراً عن عدد ممن جرى اختطافهم منذ ما قبل منتصف الشهر الماضي، على خلفية احتفالات اليمنيين بالذكرى الثانية والستين للثورة اليمنية ضد الإمامة في ستينات القرن الماضي، بينما لا يزال غالبية المختطفين رهن الاحتجاز، وتقدر مصادر حقوقية أعدادهم بالآلاف.

يتابع الناشط الشاب الذي تتحفظ «الشرق الأوسط» على بياناته: «حتى وقت سؤالك لم أظن أن الاختطافات ستصل إلى بلدتنا، كنت أتابع أخبار الاختطافات في المدن الرئيسية والمناطق ذات الكثافة السكانية العالية»، موضحاً أنه لم يكن يتوقع حدوث اختطافات في منطقته، لكنه فوجئ بمسلحي الجماعة يقتادونه رفقة عددٍ من السكان، بينهم جيران له.

ويؤكد أنه، ورغم عدم توقع اختطافه أو اختطاف أحد من أهالي منطقته، فإنه، ومن باب اتباع الاحتياطات اللازمة، آثر أن يؤجل الاحتفال والدعوة إليه إلى ليلة السادس والعشرين من سبتمبر؛ كي لا يفوت على نفسه معايشة احتفالات اليمنيين بها، قبل أن يقضي تلك الليلة في أحد أشهر معتقلات الجماعة الذي تمارس فيه انتهاكات متعددة.

وبيّنت مصادر حقوقية يمنية أن هناك أعداداً كبيرة من المختطفين، تقدر بالآلاف، في مختلف مناطق سيطرة الجماعة الحوثية على ذمة الاحتفال بالثورة اليمنية أو الدعوة للاحتفال بها، في ظل ضعف الرصد الحقوقي، وعجز الجهات المعنية عن مواكبة الانتهاكات بسبب القيود المفروضة والإجراءات المشددة.

مسلحون حوثيون في صنعاء عشية ذكرى ثورة سبتمبر يستعدون لقمع الاحتفالات (فيسبوك)

يضيف الناشط: «تم التحقيق معي منذ الوهلة الأولى لوصولي إلى المعتقل. ولمدة تجاوزت الأربع ساعات ظل المحققون يسألونني عن دوافعي للاحتفال بعيد الثورة، وعن أي تحريض تلقيته من الحكومة الشرعية أو تحالف دعم الشرعية، وعن الأموال التي حصلت عليها مقابل ذلك».

ورغم إنكاره لكل التهم التي وجهت إليه، وإعلانه للمحققين أنه أحد ملايين اليمنيين الذين يحتفلون بالثورة اليمنية؛ لقيمتها التاريخية والمعنوية، فإنهم لم يقتنعوا بكل إجاباته، وهددوه بالإخفاء القسري والتعرض لعائلته، قبل أن يقرروا احتجازه حتى تمر ذكرى الثورة، أو حتى إنهاء التحريات حوله.

اختطافات بالجملة

بينما كانت المعلومات المتوفرة حول أعداد المختطفين خلال الأيام السابقة لذكرى الثورة اليمنية تشير إلى بضع مئات من الشخصيات الاجتماعية والكتاب والصحافيين والناشطين السياسيين والنقابيين، كشف العديد من الناشطين المفرج عنهم أن الاختطافات شملت الآلاف من السكان من مختلف الفئات.

وتعدّ محافظة إب (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) الأولى في إجمالي عدد المختطفين الذين جرى الكشف عن بياناتهم من قبل ناشطين ومهتمين، أوردوا أسماء 960 منهم، تليها محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) بأكثر من 700 مختطف، فيما لم يعرف أعداد المختطفين في باقي المحافظات.

وتعذر على راصدي الانتهاكات الحصول على معلومات وبيانات كافية حول الاختطافات التي جرت في مختلف المحافظات، بسبب الاحتفال بعيد الثورة.

ووفقاً لبعض الراصدين الذين يتبعون منظمات وجهات حقوقية تعمل من خارج مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، فإن الكثير من المختطفين لا تعلم عائلاتهم سبب اختطافهم، ومنهم من لم يعلن نيته الاحتفال بالثورة.

ويذكر راصد حقوقي مقيم في صنعاء لـ«الشرق الأوسط» أن الكثير ممن جرى اختطافهم لم تعلم عائلاتهم بذلك إلا بعد أيام من انقطاع التواصل معهم، وذلك بسبب إقامتهم وحدهم بعيداً عن إقامة عائلاتهم، وينتمي أغلب هؤلاء إلى محافظات تعز وإب وذمار.

وفي حين شملت الاختطافات الأرياف في محافظات تعز وإب وذمار والبيضاء وريمة، يشير الراصد إلى أن مديريات السدة في محافظة إب، ووصاب في ذمار، وشرعب في تعز، من أكثر المديريات التي ينتمي إليها المختطفون في صنعاء، حيث جرى اختطافهم على مدى الأيام العشرة السابقة لذكرى ثورة «26 سبتمبر»، وفي ليلة الاحتفال تم اختطاف العشرات من الشوارع بحجة المشاركة في تجمعات للاحتفالات أو لمجرد الاشتباه، وبعضهم اختطف لأنه يحمل علم البلاد.

تناقض حوثي

تقدر مصادر حقوقية أعداد المختطفين بأكثر من 5 آلاف. وفي مديرية وصاب العالي في محافظة ذمار ترجح مصادر محلية عدد المختطفين هناك بأكثر من 300 شخص، وجاءت عمليات اختطافهم بعد اعتداء مسلحي الجماعة بالضرب على شباب وأطفال من أهالي المديرية تجمعوا للاحتفال، قبل مداهمة قراهم واختطاف العشرات من أقاربهم.

حي الصالح السكني في محافظة تعز حوّلته الجماعة الحوثية إلى معتقل كبير (إكس)

وبحسب عدد من المفرج عنهم، ممن كانوا محتجزين في سجن «مدينة الصالح» في محافظة تعز، فإن المختطفين هناك بالمئات، والكثير منهم جرى اختطافهم من الأسواق والطرقات والشوارع، إلى جانب من اقتيدوا من منازلهم أو محالهم التجارية أو مقار أعمالهم.

وتقع مدينة «الصالح» في منطقة الحوبان شرق مدينة تعز، وهي مجمع سكني مكون من أكثر من 800 وحدة سكنية في 83 مبنى، حولتها الجماعة الحوثية إلى سجن لاستيعاب العدد الهائل من المختطفين من أهالي المحافظة.

ويروي مختطف آخر ممن تم الإفراج عنهم أخيراً في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن مسلحي الجماعة وصلوا إلى منزله في أثناء غيابه، واقتحموه عنوة مثيرين فزع عائلته وأطفاله، وأقدموا على تفتيشه باحثين عن أعلام وأموال، وانتظروا حتى عودته إلى المنزل ليقتادوه إلى قسم شرطة، حيث جرى التحقيق معه حول منشورات كتبها على مواقع التواصل الاجتماعي.

ورغم تدخل أحد أقاربه الذي تربطه علاقة عمل تجاري مع أحد القادة الحوثيين، فإنه تم التحفظ عليه حتى ليلة ذكرى الثورة، ليغادر إلى منزله بعد كتابة تعهد بعدم المشاركة في أي احتفال أو تجمع، أو الكتابة على مواقع التواصل الاجتماعي عن الثورة أو عن سبب اختطافه.

اليمنيون يتهكمون على احتفالات الحوثيين بثورة «26 سبتمبر» ويصفونها بالمزيفة (إعلام حوثي)

ونبه إلى أنه صادف خلال أيام احتجازه العشرات من المختطفين الذين لا يعلم غالبيتهم سبب اختطافهم سوى الشك بنواياهم الاحتفال بذكرى الثورة.

وكانت الجماعة الحوثية دعت إلى مشاركتها الاحتفال الرسمي الذي نظمته في ميدان التحرير في وسط صنعاء، محذرة من أي احتفالات وتجمعات أخرى.

وقوبلت هذه الدعوة بالتهكم والسخرية من غالبية السكان الذين رأوا فيها محاولة لإثنائهم عن الاحتفال الشعبي بالثورة، واتهموا الجماعة بخداعهم بمراسيم شكلية للتغطية على عدائها للثورة، وسعيها إلى طمسها من ذاكرتهم.

واستدل السكان على ذلك بإجراءات الجماعة المشددة لمنع الاحتفالات الشعبية وملاحقة المحتفلين من جهة، ومن جهة أخرى بالمقارنة بين حجم احتفالاتها بذكرى انقلابها على الشرعية التوافقية في الحادي والعشرين من سبتمبر 2014، إضافة إلى احتفالاتها بالمولد النبوي وإضفاء صبغتها الطائفية عليه.

ويتهرب كبار القادة الحوثيين من المشاركة في احتفالات الثورة اليمنية أو الإشارة لها في خطاباتهم، ويوكلون هذه المهام لقادة من خارج الانتماء السلالي للجماعة.