الرئيس المصري يدشن ولايته الثالثة من العاصمة الجديدة

السيسي يؤدي اليمين الدستورية الثلاثاء أمام البرلمان

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال إدلائه بصوته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة (أ.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال إدلائه بصوته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة (أ.ب)
TT

الرئيس المصري يدشن ولايته الثالثة من العاصمة الجديدة

الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال إدلائه بصوته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة (أ.ب)
الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال إدلائه بصوته في الانتخابات الرئاسية الأخيرة (أ.ب)

يؤدي الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الثلاثاء المقبل، اليمين الدستورية كرئيس للبلاد، لفترة ثالثة، أمام مجلس النواب (البرلمان) في مقره الجديد بالعاصمة الإدارية، والتي بدأ إنشاؤها عام 2015.

وقال مصدر برلماني مصري، لـ«الشرق الأوسط»، إن «السيسي سيصل إلى مقر مجلس النواب في العاصمة الإدارية الجديدة، صباح الثلاثاء، حيث يعقد لقاء قصيراً مع رئيس مجلس النواب وأمينه العام ووكيلي المجلس قبل أن تبدأ الجلسة العامة لأداء اليمين الدستورية».

وأضاف المصدر، الذي رفض الكشف عن هويته، أن «رئيس مجلس النواب المستشار حنفي جبالي سيلقي في البداية خطاب رئيس (الهيئة الوطنية للانتخابات) الذي أعلن فيه فوز السيسي في الانتخابات التي جرت نهاية العام الماضي، بعد ذلك سيؤدي السيسي اليمين الدستورية رئيساً للبلاد، ثم يلقي خطاباً يحدد فيه مسارات العمل السياسي في المرحلة المقبلة».

وكانت الهيئة الوطنية للانتخابات، أعلنت في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، فوز السيسي بمنصب رئيس الجمهورية لفترة رئاسية جديدة بنسبة تصويت 89.6 في المائة، بإجمالي 39 مليوناً و702 ألف صوت. وتبدأ الولاية الرئاسية الجديدة للسيسي اعتباراً من 3 أبريل (نيسان) وتستمر لمدة 6 سنوات.

وانتُخب السيسي للمرة الأولى عام 2014، وكانت الفترة الرئاسية 4 سنوات وفقاً للدستور المصري، لكن جرى تمديدها إلى 6 سنوات في تعديلات دستورية أُقرت عام 2019، وهو ما مدد الفترة الرئاسية الثانية للسيسي حتى مطلع أبريل عام 2024، كما سمح له بالترشح لفترة ثالثة تستمر حتى عام 2030.

وتنص المادة «140» من الدستور المصري الحالي على أنه «يُنتخب رئيس الجمهورية لمدة ست سنوات ميلادية، تبدأ من اليوم التالي لانتهاء مدة سلفه، ولا يجوز أن يتولى الرئاسة لأكثر من مدتين رئاسيتين».

وتتضمن مراسم أداء اليمين «قيام السيسي برفع العلم المصري في (ساحة الشعب)، وزيارة للنصب التذكاري الجديد في العاصمة الإدارية»، بحسب المصدر البرلماني.

وبحسب المادة «144» من الدستور المصري «يشترط أن يؤدي رئيس الجمهورية، قبل أن يتولى مهام منصبه، أمام مجلس النواب، اليمين الآتية: (أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه)».

وعدّ رئيس مجلس إدارة شركة العاصمة الإدارية الجديدة ونائب وزير الإسكان للمشروعات القومية، المهندس خالد عباس، إقامة مراسم أداء اليمين الدستورية، في العاصمة الجديدة، بمثابة «افتتاح للمرحلة الأولى منها». وقال عباس، في تصريحات متلفزة مساء السبت، إن «الفترة المقبلة ستشهد إدارة شؤون الدولة من العاصمة الجديدة».

ووصف عباس حفل تنصيب السيسي بأنه «سيكون احتفالية لمصر كلها». وقال إن «العاصمة الجديدة على أهبة الاستعداد لهذا الحدث، لا سيما بعد الانتهاء من المرحلة الأولى من المشروع، الذي كان حلماً منذ 6 سنوات»، مؤكداً أن «العاصمة جاهزة لاستقبال الأحداث الكبرى في أي وقت، وستحتضن جميع الاجتماعات والاحتفالات الفترة المقبلة».

وانطلق مشروع العاصمة الإدارية الجديدة في مارس (آذار) 2015، بهدف تخفيف الضغط على القاهرة، على مساحة بلغت نحو 700 كيلومتر مربع؛ أي نحو 170 ألف فدان، ويتم تنفيذ المشروع على 3 مراحل: المرحلة الأولى منه على مساحة تقدر بنحو 168 كيلومتراً مربعاً (40 ألف فدان)، ما يعادل نصف مساحة القاهرة تقريباً، التي تبلغ نحو 90 ألف فدان.

وبينما روجت وسائل إعلام محلية لحفل التنصيب باعتباره «افتتاحاً لمقر البرلمان الجديد، وإشارة لانتقال مقر حكم وإدارة البلاد من وسط القاهرة»، رجح المصدر البرلماني «استمرار عمل مجلس النواب من مقره القديم وسط القاهرة».

وقال: «سيكون هناك انتقال جزئي واستغلال للمقرين القديم والجديد معاً، وكذلك الحال بالنسبة لرئاسة الجمهورية التي ستستمر في استخدام قصر الاتحادية في الاستقبالات الرسمية إلى جانب المقر الجديد في العاصمة الإدارية».

بدوره، قال أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة الدكتور مصطفى كامل السيد لـ«الشرق الأوسط»: «الانتقال الكامل لإدارة شؤون البلاد من العاصمة الجديدة مرهون بانتقال الرئيس إليها»، مشيراً إلى أن «هناك وزارات وهيئات حكومية بدأت تمارس نشاطها فعلاً من هناك».

وبدأت المقرات الحكومية تنفيذ الانتقال التدريجي للعاصمة الإدارية، منذ منتصف العام الماضي، حيث انتقل نحو 100 جهة حكومية، بينها نحو 30 وزارة، لممارسة أعمالها بالحي الحكومي في العاصمة الإدارية، وفق إفادة رسمية من الرئاسة المصرية، في يوليو (تموز) الماضي، أشارت إلى «انتقال نحو 40 ألف موظف وعامل».

كما شهدت العاصمة أحداثاً وفعاليات متنوعة، من بينها «قمة السلام» التي استضافتها مصر في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، والتي عدّها خبراء بمثابة «تدشين سياسي للعاصمة الجديدة».

تزامن الحديث عن استعدادات مصر لحفل تنصيب السيسي مع أنباء عن تعديلات وزارية مرتقبة، تداولتها وسائل إعلام محلية، مرجحة إعلان هذه التعديلات بالتزامن مع أداء اليمين الدستورية.

وفي هذا السياق، قال الإعلامي وعضو مجلس النواب المصري، مصطفى بكري، في منشور عبر حسابه الشخصي على «إكس»، إن «مصر تنتظر أداء الرئيس للقسم أمام البرلمان يوم الثلاثاء المقبل، بعدها التشكيل الوزاري الجديد الذي قد يحمل مفاجآت مهمة... يمثل بداية جديدة للمرحلة الرئاسية الثانية»، مشيراً إلى أنه «ليس هناك معلومات حاسمة بشأن ما إذا سيتم تغيير الحكومة بالكامل أم إجراء تعديل لبعض الوزارات».

لكن أستاذ العلوم السياسية بجامعة القاهرة «لا يرى مؤشرات لتغيير جذري في إدارة البلاد»، موضحاً أن «الإدارة المصرية الحالية ترى أن الأسلوب الذي اتّبعته طوال السنوات العشر الماضية كان ناجحاً واستطاع مواجهة الأزمة الاقتصادية والتحديات التي تعرضت لها البلاد، ومن هنا لا مبرر لتغيير طريقة الإدارة».

ورجح السيد تنفيذ تعديل وزاري يشمل بعض الحقائب التي أبدى من يشغلونها رغبتهم في التقاعد لأسباب صحية، كما سيشمل «بعض وزراء المجموعة الاقتصادية الذين لم يكن أداؤهم على المستوى المطلوب».


مقالات ذات صلة

مصر تتابع التحقيقات في مقتل أحد مواطنيها بإيطاليا

شمال افريقيا مقر وزارة الخارجية المصرية في العاصمة الإدارية الجديدة شرق القاهرة (الخارجية المصرية)

مصر تتابع التحقيقات في مقتل أحد مواطنيها بإيطاليا

تتابع مصر التحقيقات التي تجريها السلطات الإيطالية في ميلانو حول ملابسات واقعة مقتل شاب مصري (19 عاماً).

أحمد عدلي (القاهرة )
شمال افريقيا السيسي مستقبلاً عباس في القاهرة 8 يناير (كانون الثاني) 2024 (إ.ب.أ)

السيسي: القضية الفلسطينية ستظل على رأس أولوياتنا

قال الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي إن «القضية الفلسطينية ستظل على رأس أولوياتنا»، معرباً عن «تضامن مصر الثابت مع الفلسطينيين في ظل الأزمات المتلاحقة».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي مقر وزارة الخارجية المصرية وسط القاهرة على ضفاف نهر النيل (الخارجية المصرية)

مصر: نتابع من كثب مع السلطات الإيطالية حادثة مصرع أحد مواطنينا في ميلانو

قالت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، إنها تتابع من كثب مع السلطات الإيطالية حادثة مصرع شاب مصري في ميلانو، أثارت وفاته احتجاجات عنيفة.

شمال افريقيا المتهم داخل القفص خلال جلسة محاكمته في جلسة سابقة (الشرق الأوسط)

مصر: إحالة أوراق «سفاح التجمع» إلى المفتي تمهيداً لإعدامه

أحالت محكمة «الجنايات المستأنفة» في مصر، الخميس، أوراق المتهم كريم محمد سليم، المعروف إعلامياً بـ«سفاح التجمع»، إلى مفتي الديار المصرية لأخذ الرأي في إعدامه.

أحمد عدلي (القاهرة)
شمال افريقيا أحد السائحين الناجين في حادث غرق المركب السياحي «سي ستوري» خلال إنقاذه (المتحدث العسكري للقوات المسلحة المصرية)

مصر تواصل البحث عن 7 مفقودين في حادث «مركب البحر الأحمر»

لليوم الثالث على التوالي، تواصلت عمليات البحث والإنقاذ عن 7 مفقودين في حادث غرق المركب السياحي «سي ستوري»، قبالة سواحل مدينة مرسى علم بمحافظة البحر الأحمر.

محمد عجم (القاهرة)

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
TT

أحياء منكوبة بلا مياه وكهرباء بسبب القصف الإسرائيلي في مدينة صور الساحلية

جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)
جانب من الدمار الذي طال المباني في مدينة صور الساحلية جنوب لبنان (رويترز)

قرب ركام مبنى ما زال الدخان يتصاعد منه في مدينة صور، تحمل عائلة حقائب وتصعد على سلم مظلم إلى شقة خُلعت أبوابها ونوافذها، ولا يوجد فيها ماء ولا كهرباء، بعد أن استهدف القصف الإسرائيلي البنى التحتية والطرق، إضافة إلى الأبنية والمنازل.

في اليوم الثاني من سريان وقف إطلاق النار بين «حزب الله» وإسرائيل، كانت مئات العائلات صباح الخميس تتفقّد منازلها في أحياء استهدفتها الغارات الإسرائيلية، وحوّلتها إلى منطقة منكوبة.

لم تسلم سوى غرفة الجلوس في شقة عائلة نجدة. تقول ربّة المنزل دنيا نجدة (33 عاماً)، وهي أم لطفلين، لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»، بينما تقف على شرفتها المطلة على دمار واسع: «لم نتوقّع دماراً إلى هذا الحدّ. رأينا الصور لكن وجدنا الواقع مغايراً وصعباً».

وغطّى الزجاج أسرّة أطفالها وألعابهم، في حين تناثرت قطع من إطارات النوافذ الحديدية في كل مكان. وتضيف دنيا نجدة: «عندما وصلنا، وجدنا الدخان يتصاعد من المكان، وبالكاد استطعنا معاينة المنزل».

على الشرفة ذاتها، يقف والد زوجها سليمان نجدة (60 عاماً)، ويقول: «نشكو من انقطاع المياه والكهرباء... حتى المولدات الخاصة لا تعمل بعد انقطاع خطوط الشبكات».

ويقول الرجل، الذي يملك استراحة على شاطئ صور، الوجهة السياحية التي تجذب السكان والأجانب: «صور ولبنان لا يستحقان ما حصل... لكن الله سيعوضنا، وستعود المدينة أفضل مما كانت عليه».

وتعرّضت صور خلال الشهرين الماضيين لضربات عدّة؛ دمّرت أو ألحقت أضراراً بمئات الوحدات السكنية والبنى التحتية، وقطعت أوصال المدينة.

وأنذرت إسرائيل، خلال الأسابيع القليلة الماضية، مراراً سكان أحياء بأكملها بإخلائها، ما أثار الرعب وجعل المدينة تفرغ من قاطنيها، الذين كان عددهم يتجاوز 120 ألفاً.

لن يحصل بنقرة

خلال جولة في المدينة؛ حيث تعمل آليات على رفع الردم من الطرق الرئيسة، يحصي رئيس بلدية صور واتحاد بلدياتها، حسن دبوق لـ«وكالة الصحافة الفرنسية»: «أكثر من 50 مبنى، مؤلفة من 3 إلى 12 طابقاً دُمّرت كلياً جراء الغارات الإسرائيلية»، غير تضرّر عشرات الأبنية في محيطها، بنسبة تصل إلى 60 في المائة. ويضيف: «يمكن القول إنه يكاد لم يبقَ أي منزل بمنأى عن الضرر».

وشهدت شوارع المدينة زحمة سير مع عودة المئات من السكان إلى أحيائهم، في حين أبقت المؤسسات والمحال التجارية والمطاعم أبوابها موصدة.

ويوضح دبوق: «يتفقّد السكان منازلهم خلال النهار، ثم يغادرون ليلاً بسبب انقطاع الماء عن أنحاء المدينة والكهرباء عن الأحياء التي تعرّضت لضربات إسرائيلية قاسية».

ويقول إن الأولوية اليوم «للإسراع في إعادة الخدمات إلى المدينة، وتأمين سُبل الحياة للمواطنين»، مقرّاً بأن ذلك «لن يحصل بنقرة، ويحتاج إلى تعاون» بين المؤسسات المعنية.

ويضيف: «من المهم أيضاً إزالة الردم لفتح الشوارع حتى يتمكّن الناس من العودة».

واستهدفت غارة إسرائيلية في 18 نوفمبر (تشرين الثاني) شركة مياه صور، ما أسفر عن تدميرها، ومقتل موظفيْن، وانقطاع المياه عن 30 ألف مشترك في المدينة ومحيطها، وفق ما قال رئيس مصلحة مياه صور وليد بركات.

ودمّرت الغارة مضخّات المياه وشبكة الأنابيب المتفرّعة منها، وفق ما شاهد مراسلو «وكالة الصحافة الفرنسية»، الخميس، في إطار جولة نظمها «حزب الله» للصحافيين في عدد من أحياء المدينة.

وتحتاج إعادة بنائها إلى فترة تتراوح بين 3 و6 أشهر، وفق بركات، الذي قال إن العمل جارٍ لتوفير خيار مؤقت يزوّد السكان العائدين بالمياه.

ويقول بركات: «لا صواريخ هنا، ولا منصات لإطلاقها، إنها منشأة عامة حيوية استهدفها العدوان الإسرائيلي».

قهر ومسكّنات

بحزن شديد، يعاين أنس مدللي (40 عاماً)، الخيّاط السوري المُقيم في صور منذ 10 سنوات، الأضرار التي لحقت بمنزله جراء استهداف مبنى مجاور قبل ساعة من بدء سريان وقف إطلاق النار. كانت أكوام من الركام تقفل مدخل المبنى الذي تقع فيه الشقة.

ويقول بأسى: «بكيت من القهر... منذ يوم أمس، وأنا أتناول المسكنات جراء الصدمة. أنظر إلى ألعاب أولادي والدمار وأبكي».

وغابت الزحمة، الخميس، عن سوق السمك في ميناء المدينة القديمة، الذي كان يعجّ بالزبائن قبل الحرب، بينما المراكب راسية في المكان منذ أكثر من شهرين، وينتظر الصيادون معجزة تعيدهم إلى البحر لتوفير قوتهم.

بين هؤلاء مهدي إسطنبولي (37 عاماً)، الذي يروي أنه ورفاقه لم يبحروا للصيد منذ أن حظر الجيش اللبناني في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) حركة القوارب في المنطقة البحرية جنوب لبنان.

ويقول: «لم يسمح الجيش لنا بعد بالخروج إلى البحر حفاظاً على سلامتنا» باعتبار المنطقة «حدودية» مع إسرائيل.

ويقول إسطنبولي: «نراقب الوضع... وننتظر»، مضيفاً: «نحن خرجنا من أزمة، لكن الناس سيعانون الآن من أزمات نفسية» بعد توقف الحرب.

ويقول أب لأربعة أطفال: «أحياناً وأنا أجلس عند البحر، أسمع صوت الموج وأجفل... يتهيّأ لي أن الطيران يقصف. نعاني من الصدمة».