تحذير دولي بنفاد المياه الجوفية في اليمن خلال 6 أعوام

80 %‎ من النزاعات المجتمعية تدور حول الماء

يجد غالبية من اليمنيين صعوبات كبيرة في الحصول على مياه صالحة للشرب (إ.ب.أ)
يجد غالبية من اليمنيين صعوبات كبيرة في الحصول على مياه صالحة للشرب (إ.ب.أ)
TT

تحذير دولي بنفاد المياه الجوفية في اليمن خلال 6 أعوام

يجد غالبية من اليمنيين صعوبات كبيرة في الحصول على مياه صالحة للشرب (إ.ب.أ)
يجد غالبية من اليمنيين صعوبات كبيرة في الحصول على مياه صالحة للشرب (إ.ب.أ)

حذرت منظمة الأمم المتحدة للأغذية والزراعة (فاو) من نفاد مخزون المياه الجوفية في اليمن خلال 6 أعوام، وقالت إن أغلب النزاعات تدور حول المياه في بلد هو أفقر دولة في العالم من حيث الموارد المائية.

ووفق تقرير حديث للمنظمة بعنوان «الاستفادة من المياه من أجل السلام»، فإن اليمن بحاجة ماسة إلى فهم كامل لأنظمة إدارة المياه، وكيفية استخراج الموارد واستخدامها وتقاسمها وتجديدها.

يتم استنزاف المياه الجوفية في اليمن بمعدل ضعفي معدل تجديدها (إعلام محلي)

وأوضح التقرير أن تجربة المنظمة في اليمن أظهرت فجوات صارخة بين السياسة والاستخدام النهائي للسلعة الثمينة، وأن هناك فجوة أخرى تتمثل في محدودية التمويل اللازم لتكرار أفضل ممارسات إدارة المياه التي تمت تجربتها وأثبتت فاعليتها.

وأشارت المنظمة المعنية بالأغذية والزراعة إلى تهديد هذه الفجوات على الأمن الغذائي وصحة الإنسان وأمنه، وقالت إنه، وفي بعض الأحيان، تفقد أرواح بشرية عندما تتقاتل المجتمعات على الموارد، حيث إن ما بين 70 في المائة إلى 80 في المائة من النزاعات في اليمن تدور حول المياه.

وحسب التقرير، فإن اليمن لديه وضع مائي لا يُحسد عليه، وهو أفقر دولة في العالم من حيث الموارد المائية، إذ يبلغ نصيب الفرد السنوي من المياه 83 متراً مكعباً سنوياً مقارنة بالحد المطلق البالغ 500 متر مكعب.

ويستهلك القطاع الزراعي حوالي 90 في المائة من استخدامات المياه، ويذهب معظمها لزراعة نبتة «القات» في جميع أنحاء البلاد، ويتم استنزاف المياه الجوفية بمعدل ضعفي معدل تجديدها.

زادت نسبة التصحر في اليمن بنسبة 5 في المائة نتيجة الجفاف (إعلام محلي)

وأكدت «فاو» أنه يتم استخدام موارد المياه الجوفية بشكل عشوائي في اليمن، وقالت: «إذا استمر استخراج المياه الجوفية بالمعدل الحالي، فإنه وبحلول عام 2030، سيتم استنفاد أحواض المياه».

وفي حين سيكون هذا كارثياً بالنسبة لبلد، 70 في المائة من المجتمع الريفي فيه يمارس الزراعة، نبهت المنظمة إلى أن ذلك سوف يؤدي إلى ضياع أجندة التحول في مجال الغذاء والزراعة مع استنفاد الموارد المائية.

وبينت المنظمة أن تغير المناخ والنمو السكاني السريع أديا إلى فرض ضغوط إضافية على موارد المياه المحدودة في هذا البلد، إذ لا يحصل حوالي 14.5 مليون شخص من سكانه على مياه الشرب الآمنة ومرافق الصرف الصحي الموثوقة.

وأضافت أن النساء تتحمل وطأة هذا الوضع المائي الذي لا يؤثر فقط على إنتاجهن من المحاصيل والثروة الحيوانية، بل يستلزم المزيد من العمل واستخدام الوقت للسفر لجمع المياه وتخزينها وتوزيعها.

الاستجابة والتكيف

وكجزء من تحسين الإدارة المتكاملة للموارد المائية، تعمل منظمة الأغذية والزراعة مع المجتمعات المحلية لإعادة تأهيل البنية التحتية للمياه، وتشارك المجتمعات من خلال برامج النقد مقابل العمل، حيث انخرط ما يقرب من 20 ألف أسرة في هذه الأنشطة منذ عام 2020.

ووفق ما ذكرته المنظمة، فإن تدخلات النقد مقابل العمل تخدم غرضاً مزدوجاً، فمن ناحية تخلق فرصاً للدخل للأسر المشاركة، بينما من ناحية أخرى، فإنها تمكن من ترميم وإعادة تأهيل وإنشاء الأصول المجتمعية مثل قنوات المياه والسدود وأنظمة الري. وبالإضافة إلى ذلك، تدعم «فاو» جمعيات مستخدمي المياه لتحقيق الإدارة المثلى للموارد الطبيعية على مستوى الحوض.

أثرت التغيرات المناخية بشكل كبير على الزراعة في اليمن (الأمم المتحدة)

وتتكون جمعيات مستخدمي المياه من ممثلين عن المزارعين والمجتمعات المحلية وأصحاب المصلحة الآخرين المشاركين في إدارة موارد المياه. وتستخدم نهجاً تشاركياً بمشاركة النساء والشباب أيضاً.

وقالت المنظمة إنه ومنذ عام 2020، تم تشكيل 62 جمعية لمستخدمي المياه في صنعاء ولحج وحضر موت وأبين، حيث تلعب جمعيات مستخدمي المياه دوراً حيوياً في تشكيل وتكوين ومهام اللجان الإقليمية ولجان إدارة مياه الأحواض.

وتتولى جمعيات مستخدمي المياه، حسب التقرير، الإدارة اللامركزية لموارد المياه وسبل العيش الريفية المستدامة على مستوى الأحواض الفرعية، وتمثل حلقةً حيويةً في عملية استخراج المياه واستخدامها العادل، ويتولى أعضاؤها المسؤولية عن إدارة توزيع المياه، وصيانة البنية التحتية للري، وحل النزاعات بين المستخدمين، وضمان الاستخدام المستدام للموارد المائية.

آليات مساعدة

أكدت المنظمة الأممية «فاو» أنه يتم تدريب قادة المجتمع في اليمن على آلية حل النزاعات للمساعدة في حل أي توترات ناشئة، كما تقوم الجمعيات بجمع الرسوم من المستخدمين لتمويل الصيانة وأنشطة التشغيل، وتتلقى الدعم والتوجيه من الوكالات الحكومية، خصوصاً الهيئة الوطنية للموارد المائية، حيث إن عملياتها تخضع لإشراف الوكالة.

وأوضحت أن جمعية مستخدمي المياه أداة مهمة لتعزيز التعايش السلمي وتقاسم الموارد المائية، مشيرة إلى أن إشراك المرأة في حل النزاعات على الموارد المائية واستدامتها أمر أساسي حتى لا تنهار تحت وطأة العبء الذي تتحمله، وقد تبين تأثير ذلك في حوض صنعاء، حيث ولأول مرة في تاريخ إحدى القرى شاركت النساء بفاعلية في الاجتماعات مع الوجهاء المحليين.

تتحمل النساء اليمنيات عبئاً كبيراً في تأمين حاجة عائلاتهن من المياه (إ.ب.أ)

وينصب تركيز المنظمة الأممية حالياً على تقديم الدعم الفني في مجال الإدارة المتكاملة للموارد المائية، وتطوير استراتيجيات وسياسات وخطط استثمارية لإدارة المياه المستدامة، التي تعالج تحديات المياه في اليمن.

ويتمثل الدعم في التدخلات المبتكرة مثل أنظمة الري الحديثة (الري بالتنقيط والري المحوري)، وتحسين تقنيات حصاد المياه من خلال إعادة تأهيل وبناء مصاطب جديدة، وإعادة تأهيل مرافق تخزين المياه من أجل الري التكميلي للمدرجات، وجمع المياه من خلال الصهاريج الجوفية وحفر الوادي المفتوحة، والحفاظ على التربة ومنع تآكلها، وإعادة تأهيل الآبار الضحلة والينابيع.

وأكدت المنظمة فاعلية التدابير التي اتّبعت حتى الآن، حيث أصبح المزارعون قادرين على زراعة مجموعة متنوعة من المحاصيل بشكل مستدام باستخدام الأراضي الصغيرة لاستهلاكهم الخاص وبيع الفائض، وقالت إن إنهاء الحرب التي طال أمدها في اليمن سيساعد في إنهاء الحفر العشوائي والاستنزاف الجائر للمياه الجوفية.


مقالات ذات صلة

اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

العالم العربي عناصر «المجلس الانتقالي الجنوبي» متهمون بارتكاب المئات من الانتهاكات في حضرموت (أ.ف.ب)

اتهامات لقوات «الانتقالي» بارتكاب مئات الانتهاكات في حضرموت

تقارير حقوقية توثق 614 انتهاكاً لقوات «الانتقالي» في حضرموت وتهجير 5 آلاف أسرة، في حين رحّب وزير الدفاع اليمني برسالة نظيره السعودي الداعية لسحب هذه القوات.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي مسلحون حوثيون يسيرون في أحد شوارع العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء (إ.ب.أ)

الحوثيون يصعّدون اقتصادياً ضد الحكومة اليمنية

واصلت الجماعة الحوثية فرض قيود مشددة على حركة الاستيراد في اليمن، عبر منع دخول البضائع القادمة من المنافذ البحرية والبرية الواقعة تحت سيطرة الحكومة اليمنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أشخاص متجمعون أمام لوحة إعلانية رقمية في صنعاء تحمل صورة زعيم الحوثيين (إ.ب.أ)

لماذا يرى الحوثيون اعتراف إسرائيل بـ«أرض الصومال» تهديداً مباشراً؟

أدخل الحوثيون ملف «أرض الصومال» على خط المواجهة مع إسرائيل، محذرين من أن أي وجود إسرائيلي في الإقليم الانفصالي سيكون هدفاً عسكرياً لقواتهم.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي «البنك المركزي اليمني» تمكّن من تحسين وضع العملة المحلية بعد إجراءات مشددة (رويترز)

اقتصاد اليمن: تعافٍ هش وأزمات تعززها الحرب والانقسامات

يُظهر الاقتصاد اليمني تحسناً نقدياً محدوداً، وتستمر أزماته بفعل الصراع والانقسام النقدي وتراجع الإيرادات، واقتصاد الظلّ الذي لا تعكسه التقارير الدولية

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي عناصر حوثيون يستمعون إلى زعيمهم عبد الملك الحوثي بقاعة في صنعاء عبر البث التلفزيوني (أ.ف.ب) play-circle

الحوثي: أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال يُعتبر «هدفاً عسكرياً»

حذر زعيم جماعة «الحوثي» عبد الملك الحوثي من أن أي وجود إسرائيلي في أرض الصومال سيكون «هدفا عسكريا»، في آخر إدانة للتحرّك الإسرائيلي للاعتراف بالإقليم الانفصالي.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
TT

«التحالف» ينفذ ضربة «محدودة» على معدات عسكرية وصلت ميناء المكلا اليمني

لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)
لقطة من شريط فيديو نشره التحالف توثق المعدات العسكرية التي استهدفتها الضربة المحدودة (التحالف)

أعلنت قيادة القوات المشتركة لتحالف دعم الشرعية في اليمن تنفيذ ضربة جوية «محدودة» استهدفت دعما عسكريا خارجيا بميناء المكلا.

وقال المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي إنه «في يومي السبت والأحد الماضيين، رصد دخول سفينتين قادمتين من ميناء الفجيرة إلى ميناء المكلا دون الحصول على التصاريح الرسمية من قيادة القوات المشتركة للتحالف، حيث قام طاقم السفينتين بتعطيل أنظمة التتبع الخاصة بالسفينتين وإنزال كمية كبيرة من الأسلحة والعربات القتالية لدعم قوات المجلس الانتقالي الجنوبي بالمحافظات الشرقية لليمن (حضرموت، المهرة) بهدف تأجيج الصراع، ما يعد مخالفة صريحة لفرض التهدئة والوصول لحلٍ سلمي، وكذلك انتهاكًا لقرار مجلس الأمن الدولي رقم 2216».

وأوضح اللواء المالكي أنه «استنادًا لطلب فخامة رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني لقوات التحالف باتخاذ كافة التدابير العسكرية اللازمة لحماية المدنيين بمحافظتي (حضرموت والمهرة)، ولما تشكله هذه الأسلحة من خطورة وتصعيد يهدد الأمن والاستقرار، فقد قامت قوات التحالف الجوية صباح اليوم بتنفيذ عملية عسكرية (محدودة) استهدفت أسلحة وعربات قتالية أفرغت من السفينتين بميناء المكلا، بعد توثيق ذلك ومن ثم تنفيذ العملية العسكرية بما يتوافق مع القانون الدولي الإنساني وقواعده العرفية وبما يكفل عدم حدوث أضرار جانبية».

وأكد اللواء المالكي «استمرار قيادة التحالف في خفض التصعيد وفرض التهدئة في محافظتي (حضرموت والمهرة) ومنع وصول أي دعم عسكري من أي دولة كانت لأي مكون يمني دون التنسيق مع الحكومة اليمنية الشرعية والتحالف بهدف انجاح جهود المملكة والتحالف لتحقيق الأمن والاستقرار ومنع اتساع دائرة الصراع».


«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
TT

«التحالف» يطلب إخلاء ميناء المكلا اليمني استعداد لتنفيذ عملية عسكرية

لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)
لقطة عامة لميناء المكلا اليمني (أرشيفية)

دعا تحالف دعم الشرعية في اليمن، اليوم، جميع المدنيين إلى الإخلاء الفوري لميناء المكلا في محافظة حضرموت حتى إشعار آخر، مؤكدًا أن هذا الإجراء يأتي في إطار الحرص على سلامتهم.

وأوضح التحالف أن طلب الإخلاء يهدف إلى حماية الأرواح والممتلكات، وذلك بالتزامن مع الاستعداد لتنفيذ عملية عسكرية في محيط الميناء، داعيًا الجميع إلى الالتزام بالتعليمات الصادرة والتعاون لضمان أمنهم وسلامتهم.

وكان المتحدث الرسمي باسم قوات التحالف اللواء الركن تركي المالكي، قد صرح السبت الماضي، أنه استجابة للطلب المُقدم من رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني الدكتور رشاد العليمي بشأن اتخاذ إجراءات فورية لحماية المدنيين بمحافظة (حضرموت) نتيجة للانتهاكات الإنسانية الجسيمة والمروّعة بحقهم من قبل العناصر المسلّحة التابعة للمجلس الانتقالي الجنوبي، واستمرارًا للجهود الدؤوبة والمشتركة للمملكة العربية السعودية ودولة الإمارات العربية المتحدة في خفض التصعيد وخروج قوات الانتقالي وتسليم المعسكرات لقوات درع الوطن وتمكين السلطة المحلية من ممارسة مسؤولياتها فإن قوات التحالف تؤكد أن أي تحركات عسكرية تخالف هذه الجهود سيتم التعامل المباشر معها في حينه بهدف حماية أرواح المدنيين وانجاح الجهود السعودية الإماراتية.

وأكد اللواء المالكي استمرار موقف قيادة القوات المشتركة للتحالف الداعم والثابت للحكومة اليمنية الشرعية، كما أنها تهيب بالجميع تحمل المسؤولية الوطنية وضبط النفس والاستجابة لجهود الحلول السلمية لحفظ الأمن والاستقرار.


«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
TT

«أرض الصومال»... الاعتراف الإسرائيلي يؤجّج مخاوف «التهجير» و«القواعد العسكرية»

جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)
جانب من اجتماع مجلس جامعة الدول العربية على مستوى المندوبين الدائمين (الجامعة العربية)

زاد الاعتراف الإسرائيلي الأخير بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة» من مخاوف تهجير الفلسطينيين إلى الإقليم الانفصالي وإقامة قواعد عسكرية لإسرائيل بالمنطقة المطلة على ساحل البحر الأحمر.

وحذر رئيس وزراء الصومال، حمزة عبدي بري، من «إشعال الأوضاع في منطقة القرن الأفريقي، بسبب خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو في أرض الصومال»، وقال إن هذه الخطوة «ستكون لها تداعيات خطيرة على المنطقة من السودان والصومال وباقي البلدان».

وأعلن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو، الجمعة، الاعتراف بـ«أرض الصومال» كـ«دولة مستقلة ذات سيادة»، في اعتراف رسمي هو الأول بـ«الإقليم الانفصالي» داخل الصومال، في خطوة اعتبر رئيس إقليم أرض الصومال، عبد الرحمن محمد عبد الله عرو، أنها «لحظة تاريخية».

ولاقى الاعتراف الإسرائيلي إدانات عربية وإسلامية وأفريقية، وأصدرت دول عربية وإسلامية، والجامعة العربية، ومجلس التعاون الخليجي، ومفوضية الاتحاد الأفريقي، بيانات أكدوا فيها رفضهم التام للخطوة الإسرائيلية.

وربط رئيس الوزراء الصومالي بين الاعتراف الإسرائيلي وتهجير الفلسطينيين من قطاع غزة، وقال في تصريحات متلفزة لقناة «القاهرة الإخبارية»، الأحد، إن «كل المؤشرات تؤكد أن نتنياهو يريد تهجير الغزيين إلى أرض الصومال»، وأكد أن «بلاده لن تقبل بهذا الأمر»، مشيراً إلى أن «الشعب الفلسطيني من حقه أن يعيش على أرضه، وأن تكون له دولته المستقلة».

ويرى بري أن الاعتراف الإسرائيلي بـ«أرض الصومال» هو «جزء من خطة رئيس الوزراء الإسرائيلي لإقامة ما يسمى بـ(إسرائيل الكبرى)»، وأشار إلى أن «إسرائيل تسعى لاستغلال الظروف السياسية والإقليمية الراهنة، معتبرة أن وجودها في شمال الصومال قد يتيح لها التحكم في البحر الأحمر ومضيق باب المندب، مع إمكانية إنشاء قواعد عسكرية في المنطقة».

وشددت الحكومة الصومالية، في بيان لها الجمعة، على «الرفض القاطع للاحتلال والتهجير القسري للفلسطينيين»، وأكدت أنها «لن تقبل أبداً بجعل الشعب الفلسطيني بلا جنسية»، كما أكدت «عدم السماح بإنشاء أي قواعد عسكرية أجنبية أو ترتيبات على أراضيها من شأنها جرّ الصومال إلى صراعات بالوكالة، أو استيراد العداوات الإقليمية والدولية».

اجتماع الحكومة الصومالية الجمعة بعد الخطوة الإسرائيلية (وكالة أنباء الصومال)

ويعتقد الباحث والمحلل السياسي من إقليم أرض الصومال، نعمان حسن، أن «حكومة الإقليم لن تقبل بتهجير الفلسطينيين إليه»، وقال إن «السلطة في (أرض الصومال) أعلنت بوضوح رفضها التهجير، باعتبار أنه سيعرقل أي حلول سياسية أمام استكمال الاعتراف بالإقليم كدولة مستقلة»، منوهاً بأن «هناك رفضاً شعبياً أيضاً لهذا الطرح».

وفي الوقت ذاته، فإن حسن يرى، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «حكومة (أرض الصومال) لن تمانع إقامة قواعد عسكرية إسرائيلية على أرض الإقليم، شريطة ألا تضر بدول الجوار»، وقال إن «الإقليم يحتاج أن يكون جاهزاً لأي تدخل من الخارج، على وقع التطورات الأخيرة، خصوصاً مع الرفض العربي والإسلامي للاعتراف الإسرائيلي».

ويظل الاعتراف بالاستقلال «الهدف الأساسي الذي تسعى إليه حكومة (أرض الصومال)»، وفق نعمان حسن، الذي عدّ أن «هذه الخطوة لن تضر بمصالح أي دولة أخرى».

في حين يرى المحلل السياسي الصومالي، حسن محمد حاج، أن الاعتراف الإسرائيلي «يثير مخاوف من تأثيره على إعادة تشكيل الخريطة الديمغرافية للإقليم، من خلال فتح الباب أمام التهجير للسكان المحليين أو للفلسطينيين إلى أرض الإقليم، بذرائع مثل التنمية أو إقامة مناطق أمنية ومرافق سيادية».

وأشار حاج، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، إلى أن «المخاوف تتزايد من تحول الاعتراف إلى مدخل لإقامة قواعد عسكرية أو مرافق استخباراتية إسرائيلية على ساحل البحر الأحمر ومنطقة باب المندب»، عاداً أن ذلك «سيضع الإقليم في قلب صراع المحاور الدولية، ويحوله من قضية داخل الصومال إلى ساحة لتنافس إقليمي ودولي»، وأشار إلى أن «مخاطر سيناريوهات (التهجير والعسكرة) ستمتد أثرها للمحيط الإقليمي والأفريقي بتأجيج التوترات القبلية وإضعاف فرص الحلول السياسية الشاملة».

وينظر عضو المجلس المصري للشؤون الخارجية، والمستشار بـ«الأكاديمية العسكرية للدراسات العليا والاستراتيجية»، اللواء عادل العمدة، إلى تأثير ما يحدث في «أرض الصومال» باعتبار أنه «يرسخ لمفاهيم سلبية عن الانفصال لدى الحركات التي تشجع على ذلك، ما يعزز من مسألة التفتيت والتقسيم بين الدول الأفريقية»، وقال إن «تقسيم الصومال سيؤثر على الاستقرار الإقليمي والدولي؛ لارتباط هذه المنطقة بمصالح استراتيجية لغالبية دول العالم».

ويعتقد العمدة، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «إسرائيل تريد من خطوة الاعتراف بـ(أرض الصومال)، فتح جبهة جديدة من الصراع في المنطقة، للفت أنظار المجتمع الدولي عما يحدث في قطاع غزة»، وقال إن «الحفاظ على وحدة الصومال وسيادته جزء من الحفاظ على الأمن القومي العربي والمصري في منطقة البحر الأحمر».

ويعوّل الصومال على الدعم الإقليمي والعالمي لسيادته في مواجهة التحركات الإسرائيلية، وفق بري الذي قال في تصريحاته إن بلاده «تستخدم القنوات الدبلوماسية كخيار لمواجهة قرار نتنياهو»، إلى جانب «استخدام الإجراءات القانونية للدفاع عن وحدة» بلاده، لافتاً إلى أن «الدستور لا يسمح لـ(أرض الصومال) بالقيام بهذا الفعل».

ويعلن إقليم أرض الصومال انفصاله من جانب واحد عن جمهورية الصومال الفيدرالية منذ عام 1991، ولم يحظَ باعتراف دولي طوال هذه الفترة.