شبكة عاملات صحيات يواجهن نقص المراكز الطبية في اليمن

تقرير أممي: تواجه حملات التطعيم تحديات كبيرة بسبب القيود

3600 عاملة في 90 مديرية يمنية تمكنّ من تعويض النقص الشديد في الخدمات الطبية (الأمم المتحدة)
3600 عاملة في 90 مديرية يمنية تمكنّ من تعويض النقص الشديد في الخدمات الطبية (الأمم المتحدة)
TT

شبكة عاملات صحيات يواجهن نقص المراكز الطبية في اليمن

3600 عاملة في 90 مديرية يمنية تمكنّ من تعويض النقص الشديد في الخدمات الطبية (الأمم المتحدة)
3600 عاملة في 90 مديرية يمنية تمكنّ من تعويض النقص الشديد في الخدمات الطبية (الأمم المتحدة)

في الوقت الذي توقفت فيه نصف المنشآت الصحية في اليمن عن العمل بسبب الصراع واتساع رقعة الفقر وانتشار الأوبئة وسوء التغذية الحاد، لجأت المنظمات الدولية إلى تكوين شبكة من العاملات في مجال الصحة للتغلب على هذا النقص والتضاريس الصعبة التي تحول دون وصول النساء والأطفال إلى مراكز الرعاية الطبية في الوقت المناسب.

ووفق منظمة الأمم المتحدة للطفولة «يونيسيف» فإن سوء التغذية في اليمن وصل إلى مستويات غير مسبوقة، وهي من بين أعلى المعدلات في العالم، حيث يحتاج ما يقدر بنحو 18.2 مليون شخص إلى المساعدة الإنسانية وخدمات الحماية.

يواجه السكان في المناطق الريفية اليمنية انتشار المعلومات المغلوطة حول اللقاحات وأمراض سوء التغذية (الأمم المتحدة)

وفي الوقت الذي نزح فيه أكثر من 4.5 مليون شخص على مر السنين، يواجه - وفق المنظمة الأممية - ما يقرب من 17 مليون شخص انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأكدت «يونيسيف» أن النظام الصحي على حافة الانهيار، حيث تواجه حملات التطعيم تحديات كبيرة بسبب القيود المفروضة على الوصول، ما يؤدي إلى تفشي الأوبئة المتكررة والأمراض المعدية، بما في ذلك الحصبة وشلل الأطفال والكوليرا.

وقالت إنها دعمت بناء قدرات أكثر من 3600 من عاملات الصحة المجتمعية في 90 مديرية في المحافظات المختلفة، بالإضافة إلى تمكينهن عبر تغطية حوافزهن المالية، وإمدادهن باللوازم الطبية.

وأوضحت المنظمة أنه بعد وقت قصير من تبلور فكرة شبكة العاملين في مجال الصحة المجتمعية، دعمت إنشاءها بالشراكة مع وزارة الصحة العامة والسكان اليمنية، إذ أدركت الجهتان قدرة المبادرة على استعادة بنية النظام الصحي وتحسين الوضع لآلاف الأمهات والأطفال الذين يعيشون في مناطق يصعب الوصول إليها.

وأضافت أنه من خلال هذا الدعم حرص البرنامج على وضع خطة تضمن تنقل عاملات الصحة المجتمعية وإيصال الخدمات الصحية إلى المنازل، بحيث تكون كل عاملة صحة مجتمعية مسؤولة عن تقديم الخدمات الصحية لقرابة 1000 نسمة في منازلهم.

ثلثا اليمنيين بحاجة للمساعدة

بحسب ما جاء في تقرير «يونيسيف» فقد تركت 9 سنوات من النزاع في اليمن أكثر من ثُلثَي السكان في حاجة ماسة إلى المساعدة الإنسانية، وقد أدى الصراع وتدهور الوضع الاقتصادي وازدياد انعدام الأمن الغذائي والتفشي المتكرر للأمراض إلى قرب انهيار النظام الصحي في البلد.

وتشير النظرة العامة للاحتياجات الإنسانية في اليمن لهذا العام إلى أن 17.8 مليون فرد سيحتاجون إلى المساعدة الصحية. واستجابةً لهذه التحديات، خصوصاً فيما يتعلق بالوصول إلى الخدمات الصحية، جرى تطوير برنامج عاملات الصحة المجتمعية الذي يقدم حزمة خدمات الرعاية الصحية الأولية المتكاملة للأطفال والنساء الذين يفتقرون إلى خدمات المرافق الصحية في المجتمعات النائية.

تقدم كل عاملة الخدمات الصحية لنحو 1000 فرد يمني في منازلهم (الأمم المتحدة)

ووفق ألفت سعيد (34 عاماً)، وهي عاملة صحية مجتمعية في قرية بيحان، بمديرية تبن بمحافظة لحج، فإنها تقوم بالزيارات المنزلية لفحص الأطفال وقياس محيط أعلى الذراع، بهدف الكشف المبكر عن حالات سوء التغذية وإحالة الحالات المعقدة منها إلى المركز الصحي. كذلك تقوم بفحص الحوامل والمرضعات، بالإضافة إلى القيام بجلسات التوعية والتثقيف حول تغذية الأطفال والتطعيم والرعاية قبل وبعد الولادة وعلامات الخطر للأمهات والأطفال وتغذية الأمهات.

وتبين العاملة الصحية أن المنطقة التي تعيش فيها نائية ومحرومة من الخدمات الصحية، وتنتشر فيها أمراض الالتهابات الرئوية والحصبة وسوء التغذية والإسهالات، حيث يواجه السكان في المناطق الريفية تحدياً آخر يتمثل في قلة الوعي الصحي وانتشار المعلومات المغلوطة حول اللقاحات وأمراض سوء التغذية.

وبفضل هذه الجهود، جرى الحد من إصابة حالات جديدة، والكشف عن مضاعفات الحمل والولادة، وجرت إحالة الأمهات اللاتي تظهر عليهن علامات الخطر إلى المرافق الصحية، كما تذكر برديس عبد الله (34 عاماً) العاملة في قرية الزِتان بمديرية جبل حبشي بمحافظة تعز.

إنقاذ الأرواح

تقول شاذية علوان، وهي من سكان قرية الزِتان في تعز (جنوبي غرب) إن العاملة المجتمعية تابعت حالتها أثناء الحمل، وقدمت لها الإرشادات الصحية، وزارتها بعد الولادة، واكتشفت إصابتها بحمى النفاس، وأحالتها إلى المستشفى في الوقت المناسب، وهذا الأمر أنقذ حياتها.

ومن جهتها، تبين سمية أحمد صلاح (40 عاماً) والتي تسكن في قرية الثعلب بمديرية تبن بمحافظة لحج (جنوب) أنها شاركت في برنامج تدريب العاملات الصحيات، وأن الوضع في المنطقة مُعقد للغاية، حيث يعاني الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات من سوء التغذية، وأنه من الممكن ألا يحصلوا على الخدمات اللازمة في الوقت المناسب.

يعاني الأطفال والنساء الحوامل والمرضعات في اليمن من سوء التغذية (الأمم المتحدة)

وفي السياق نفسه، تقول سُعدة أحمد، (23 عاماً) وهي عاملة صحية مجتمعية، في منطقة الشحر بحضرموت (شرق): «يعاني الناس في (منطقة العشوائي) من تدهور الوضع الصحي وانتشار الأمراض المعدية وحالات سوء التغذية، حيث لا يوجد مرفق صحي قريب في المنطقة». وتضيف: «البرنامج وفر لي فرصة التدريب والتأهيل لتقديم خدمات الرعاية الصحية والتغذية والإسعافات الأولية للأطفال والنساء».

وذكرت أن أعضاء الشبكة يقومون بعقد جلسات توعية وتثقيف حول أهمية تطعيم الأطفال ومخاطر سوء التغذية وتفشي الأمراض المعدية والأوبئة مثل شلل الأطفال، الحصبة، والكوليرا»، وأنه بفضل الزيارات المنزلية جرى اكتشاف حالات الإصابة بسوء التغذية، وجرت إحالتها للمركز الصحي للعلاج.

أما العاملة الصحية ريم صالح فتجزم بأنه بفضل البرنامج الأممي أصبحت قادرة على خدمة مجتمعها، ويمكنها اكتشاف حالات سوء التغذية، وتطعيم الأطفال، وقياس ضغط الدم للنساء الحوامل، وتقديم الإسعافات الأولية للأمهات والأطفال.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).