«الحوار الوطني» المصري ينطلق في نسخته الثانية بـ«صبغة اقتصادية»

يناقش أزمة غلاء الأسعار والدين العام

جانب من جلسة الغلاء (الصفحة الرسمية للحوار الوطني المصري)
جانب من جلسة الغلاء (الصفحة الرسمية للحوار الوطني المصري)
TT

«الحوار الوطني» المصري ينطلق في نسخته الثانية بـ«صبغة اقتصادية»

جانب من جلسة الغلاء (الصفحة الرسمية للحوار الوطني المصري)
جانب من جلسة الغلاء (الصفحة الرسمية للحوار الوطني المصري)

فرضت الأزمة الاقتصادية التي تشهدها مصر، نفسها على النسخة الثانية من جلسات «الحوار الوطني» المصري، التي انطلقت، الاثنين، وسط تطلعات لتقديم حلول عاجلة إزاء قضايا «الغلاء والتضخم والدين العام».

وبدأت جلسات المحور الاقتصادي «المغلقة»، بمشاركة مسؤولين حكوميين، وتستمر لمدة 4 أيام، حيث شهد اليوم الأول، 3 جلسات لمناقشة قضايا غلاء الأسعار، وفقدان السيطرة على الأسواق، وارتفاع معدلات التضخم، وخصصت الجلسة الثانية لمناقشة المعوقات التي تواجه الإنتاج والتصدير (الزراعة والصناعة والسياحة)، فيما ناقشت الجلسة الثالثة قضية «السياسات النقدية ونقص الدولار والنقد الأجنبي».

ووفق بيان لمجلس أمناء «الحوار الوطني»، فإن النقاشات تستمر حتى الخميس المقبل، تحت عناوين متنوعة تتناول جوانب مختلفة من الأزمة الاقتصادية، منها الدين العام وعجز الموازنة، وأولويات الاستثمارات العامة وسياسة ملكية الدولة، والعدالة الاجتماعية.

وقال مجلس الأمناء في بيان صحافي، الاثنين: إن «الجلسة استعرضت مقترحات عدة مختلفة ضمن الإطار التنفيذي والتشريعي، للخروج بتوصيات للتخفيف عن المواطنين، في ظل التحديات الراهنة».

وبحسب عضو مجلس أمناء «الحوار الوطني» المفكر الاقتصادي الدكتور جودة عبد الخالق، فإن الجلسات تهدف في جانب منها إلى «وضع حلول للجوانب العاجلة للأزمة الاقتصادية التي تمس الجماهير وخاصة الغلاء»، مضيفاً لـ«الشرق الأوسط»: «أولى جلسات اليوم توصلت إلى توصيات عاجلة محددة، منها أن تلتزم الحكومة بإعلان بعض السلع كسلع (استراتيجية) وتقوم بإتاحتها لفترة محددة بالأسواق بأسعار معقولة، مع تحديد سعر ملزم لكل التجار الذين يتعاملون مع هذه السلع في السوق بشكل عام، ليتم تحديد سعر يناسب تكلفة الإنتاج مع هامش ربح معقول».

وتعاني مصر أزمة اقتصادية حادة، في ظل تضخم قياسي لأسعار السلع والخدمات، مع تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار، ونقص العملة الأجنبية، فضلاً عن ارتفاع مستويات الاقتراض الخارجي في السنوات الأخيرة.

ومن بين التوصيات أيضاً، وفق عبد الخالق، أن «تقوم الحكومة بتطبيق إعفاء كامل للسلع الغذائية الأساسية من كل أنواع الرسوم والضرائب حتى انتهاء أزمة الغلاء، كما يجب أن تلتزم الحكومة بتحديد سعر عادل للخدمات التي تقدمها للمواطنين دون مغالاة، مثل الكهرباء والمياه وغيرها»، ومن بين التوصيات «تنمية قدرات جهازي حماية المستهلك، وحماية المنافسة ومنع الممارسات الاحتكارية، عن طريق تعيين عناصر شبابية لتفعيل الرقابة على الأسواق».

ويرى عضو مجلس أمناء الحوار، الدكتور طلعت عبد القوي، أن «اختيار عناوين للجلسات مثل الأسعار وفقدان السيطرة على الأسواق، يحمل دلالات مهمة»، ويضيف لـ«الشرق الأوسط» إن «هذه العناوين تعكس الرغبة في التعبير عن نبض الشارع وهموم الناس، فالكل يعاني الغلاء والتضخم؛ لذلك نريد التعبير عن هذا الواقع دون تجميل».

وبحسب عبد القوي، فإن «مشاركة وزراء ومسؤولين حكوميين في الجلسات سوف يزيد فرص التوافق حول مقترحات محددة عاجلة وقابلة للتنفيذ كي يمكن تخطي الأزمة».

كان رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي استقبل، مساء الأحد، أعضاء مجلس أمناء «الحوار الوطني»، مؤكداً «أهمية ما يتم عقده من جلسات نقاشية عامة ومتخصصة في إطار الحوار الوطني، في رسم خريطة أولويات العمل الوطني خلال المرحلة المقبلة»، ولفت إلى «ما يلقاه هذا المحفل من اهتمام كبير من قِبل الرئيس عبد الفتاح السيسي».

وقال مدبولي إنه «تم تشكيل مجموعة عمل من المكتب الفني التابع لرئيس مجلس الوزراء، وكذا مركز المعلومات ودعم اتخاذ القرار التابع لرئاسة مجلس الوزراء؛ بهدف متابعة تنفيذ هذه المخرجات مع الوزارات المعنية».

وقبل نحو عامين، دعا الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، إلى «حوار وطني» يضم القوى السياسية كافة من التيارات كلها - باستثناء جماعة «الإخوان» المحظورة - لمناقشة أولويات العمل في البلاد. وفي مايو (أيار) العام الماضي، انطلقت الجولة الأولى من فعالياته، وبعد نحو 3 أشهر تم رفع توصيات الجولة الأولى إلى الرئيس.


مقالات ذات صلة

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

الاقتصاد أبراج وشركات وبنوك على نيل القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

تقرير أممي يحذّر من تضخم الدين العام في المنطقة العربية

حذّر تقرير أممي من زيادة نسبة خدمة الدين الخارجي في البلدان العربية، بعد أن تضخّم الدين العام المستحق من عام 2010 إلى 2023، بمقدار 880 مليار دولار في المنطقة.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري بالعاصمة الإدارية الجديدة (رويترز)

تحويلات المصريين بالخارج زادت بأكثر من 100 % في سبتمبر

أظهرت بيانات البنك المركزي المصري، اليوم الاثنين، أن تحويلات المصريين بالخارج ارتفعت لأكثر من مثليها على أساس سنوي في سبتمبر (أيلول) الماضي.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد وزير البترول المصري كريم بدوي خلال حديثه في مؤتمر مؤسسة «إيجيبت أويل آند غاز» (وزارة البترول المصرية)

مصر: أعمال البحث عن الغاز الطبيعي بالبحر المتوسط «مبشرة للغاية»

قال وزير البترول المصري كريم بدوي إن أعمال البحث والاستكشاف للغاز الطبيعي في البحر المتوسط مع الشركات العالمية «مبشرة للغاية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد ناقلة غاز طبيعي مسال تمر بجانب قوارب صغيرة (رويترز)

مصر تُجري محادثات لإبرام اتفاقيات طويلة الأجل لاستيراد الغاز المسال

تجري مصر محادثات مع شركات أميركية وأجنبية أخرى لشراء كميات من الغاز الطبيعي المسال عبر اتفاقيات طويلة الأجل، في تحول من الاعتماد على السوق الفورية الأكثر تكلفة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد سيدة تتسوق في إحدى أسواق القاهرة (رويترز)

«المركزي المصري» يجتمع الخميس والتضخم أمامه وخفض الفائدة الأميركية خلفه

بينما خفض الفيدرالي الأميركي أسعار الفائدة للمرة الثانية على التوالي يدخل البنك المركزي المصري اجتماعه قبل الأخير في العام الحالي والأنظار تتجه نحو التضخم

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.