الحوثيون يتملّصون من مبادرة حكومية لفتح طريق مأرب وصنعاء

رغم المطالب الشعبية لإنهاء معاناة المسافرين بين المحافظات اليمنية

سكان في محافظة الضالع يسلكون طرقاً جبلية وعرة للتنقل بين مديريتين متجاورتين (إ.ب.أ)
سكان في محافظة الضالع يسلكون طرقاً جبلية وعرة للتنقل بين مديريتين متجاورتين (إ.ب.أ)
TT

الحوثيون يتملّصون من مبادرة حكومية لفتح طريق مأرب وصنعاء

سكان في محافظة الضالع يسلكون طرقاً جبلية وعرة للتنقل بين مديريتين متجاورتين (إ.ب.أ)
سكان في محافظة الضالع يسلكون طرقاً جبلية وعرة للتنقل بين مديريتين متجاورتين (إ.ب.أ)

تحت ضغط المطالب الشعبية لإنهاء معاناة المسافرين بين المحافظات اليمنية، أعلنت الحكومة الشرعية تفاعلها الإيجابي بفتح الطريق الرئيسية الرابطة بين مدينتي مأرب وصنعاء من جانب واحد، بينما أظهرت الجماعة الحوثية تملصها من الردّ بالمثل، مشترطة فتح جميع الطرق، وهي الطرق المغلقة من قبل الجماعة نفسها.

وفي سياق التهرب من المبادرة الحكومية، أعلن القيادي في الجماعة الحوثية علي محمد طعيمان، الذي ينتحل صفة محافظ مأرب، عن فتح طريق أخرى فرعية بين المدينتين تمر عبر تضاريس جبلية وعرة، وتمتلئ بقطّاع الطرق، ويستغرق قطع المسافة خلالها أكثر من 7 ساعات بعكس الطريق الرئيسية التي يمكنها قطع مسافتها خلال أقل من نصف تلك المدة.

عضو مجلس القيادة الرئاسي اليمني سلطان العرادة خلال زيارته طريق مأرب صنعاء (سبأ)

وقررت الحكومة اليمنية، الخميس الماضي، فتح الطريق الرابطة بين مدينتي مأرب التي تحاول الجماعة الحوثية السيطرة عليها بهجمات عسكرية متوالية منذ سنوات، وصنعاء العاصمة التي تختطفها الجماعة منذ ما يقارب العقد.

وتربط الطريق التي أعلنت الحكومة فتحها من جهتها، بين مدينة مأرب (شرق العاصمة صنعاء) والخاضعة لإدارتها، ومدينة صنعاء الخاضعة لسيطرة الجماعة الحوثية، وهي طريق يبلغ طولها 172 كيلومتراً، وأُغْلِقت منذ سعي الجماعة للسيطرة على مدينة مأرب في عام 2015.

وأعلن عضو مجلس القيادة الرئاسي سلطان العرادة عن فتح الطريق الرابطة بين مدينتي مأرب وصنعاء، معرباً عن أمله أن تحذو الجماعة الحوثية حذو الحكومة الشرعية بخطوة مماثلة لتسهيل تنقلات المواطنين.

وخلال زيارة له إلى الطريق التي أعلن فتحها، كشف العرادة عن أن هذا القرار جاء بالتشاور مع القيادة السياسية والعسكرية، مشدداً على أهمية فتح جميع الطرقات المغلقة في اليمن، وعلى رأسها طرق محافظة تعز (جنوبي غرب)، داعياً الجميع للتعاون في فتح جميع الطرقات الرئيسية في كل المدن اليمنية من أجل مصلحة الشعب اليمني، بعيداً عن حسابات الحرب والسلام والمفاوضات.

ارتباك حوثي وتنبيه حكومي

جددت الحكومة اليمنية اتهامها للجماعة الحوثية بإغلاق الطرق الرئيسية بين المحافظات، وإعاقة أي خطوات لرفع المعاناة عن كاهل السكان.

وقالت الحكومة على لسان وزير الإعلام معمر الإرياني إن الجماعة الحوثية أفشلت طيلة السنوات الماضية عشرات المبادرات الحكومية، والوساطات المحلية، والاتفاقات التي أبرمت برعاية أممية لفتح الطرق بين المحافظات، وأهمها اتفاق استوكهولم 2018، الذي نص على رفع الحصار الجائر عن محافظة تعز، وفتح الطرق الرابطة بين محافظة الحديدة والمحافظات المجاورة.

منذ سنوات ينادي سكان مدينة تعز برفع الحصار عن مدينتهم وفتح الطرقات (أ.ف.ب)

ومنذ أسابيع بدأت حملة المطالبة بفتح الطرقات عبر دعوات من ناشطين ومنظمات لتتصاعد بشكل يومي، حيث ينضم إليها الآلاف من رواد مواقع التواصل الاجتماعي، خصوصاً مع اقتراب شهر رمضان الذي تزيد فيه حركة اليمنيين وتنقلاتهم بين المدن والأرياف، وسفرهم لزيارة أقاربهم خلال الأعياد.

ويصف فياض النعمان وكيل وزارة الإعلام اليمنية حال الجماعة الحوثية بالمرتبك إزاء إعلان الحكومة الشرعية فتح الطريق بين مأرب وصنعاء من طرف واحد، لكونها لم تتوقع استجابة الحكومة للحملات الشعبية والمطالب الإنسانية التي أطلقها السكان المتضررون من استمرار إغلاق الطرقات وحصار المدن.

ويتابع في حديث لـ«الشرق الأوسط»: «أصبحت شعارات الميليشيات الحوثية الزائفة مفضوحة وهي تحاول التدليس على اليمنيين الواقعين تحت سيطرتها بقوة السلاح»، حيث بات اليمنيون يدركون «أن الإنسانية الحوثية مجرد يافطة تستخدمها لاستمرار القتل والتنكيل والحرب، وأداة لخدمة مشروعها الطائفي وليس لإعادة الحياة إلى المناطق التي تسيطر عليها، وهي التي تغلق الطرقات لدوافع عسكرية وسياسية».

وبرأي النعمان فإنه «عند متابعة مواقف قادة الميليشيات الحوثية حول فتح الطرقات من طرف الحكومة الشرعية في مأرب وتعز والساحل الغربي من طرف واحد، يلجأون إلى إيجاد مبررات للاستهلاك الإعلامي».

ولفت إلى أن الجماعة تدعي أنها تنتصر للقضية الفلسطينية ومعاناة أهالي غزة عبر الإرهاب والقرصنة في البحر الأحمر، بينما هي لا تريد فتح طريق واحدة لإنهاء معاناة اليمنيين، ما يثبت أنها مجرد أداة لأطراف تريد استغلال الوضع القائم في اليمن والمنطقة لتحقيق مكاسب لمصالحهم لا غير.

الطرق بوصفها مواقع عسكرية

عند الحديث عن فتح الطرقات، تبرز محافظة تعز (جنوبي غرب) بوصفها أكثر المحافظات اليمنية تضرراً من المأساة الإنسانية التي ضربت البلاد بفعل الانقلاب والحرب، وهي المحافظة الكبرى من حيث عدد السكان، والذين تضرروا من إغلاق الطرق، حيث تفرض الجماعة الحوثية حصاراً خانقاً عليها من مارس (آذار) 2015 عندما كانت تحتل أجزاءً من عاصمتها.

القيادي الحوثي علي محمد طعيمان في الطريق التي أعلنت الجماعة الحوثية عن فتحها (إعلام حوثي)

ويحدد الصحافي اليمني باسم منصور شرطاً للمصداقية في فتح الطرقات بفك الحصار المفروض على مدينة تعز، وإنهاء معاناة سكانها بوصفها المحافظة الأكثر تضرراً، ونظراً لما سيبديه فتح طرقاتها من حسن نيات أي طرف يرفع شعارات الإنسانية.

ويذهب منصور في إفادته لـ«الشرق الأوسط» إلى أن حصار محافظة تعز وقطع الطريق الرابطة بين صنعاء وعدن في منطقة دمت التابعة لمحافظة الضالع، جعلا غالبية اليمنيين يعيشون مأساة إنسانية مضاعفة، وعطلا حياتهم بكثير من المشقة والتكاليف والمخاطر.

ورغم تحرير الجزء الأكبر من مدينة تعز وعدد من المناطق الريفية، لا يزال الحصار مفروضاً على المدينة من 3 جهات، مسبباً افتقار المدينة وأرياف المحافظة لغالبية الخدمات، وصعوبة في حركة وتنقل السكان ونقل البضائع والسلع الأساسية.

وبالمثل؛ كان الانتقال بين مديريتي دمت وقعطبة في محافظة الضالع (214 كيلومتراً جنوب صنعاء)، لا يكلف سوى السير في الطريق الرابطة بينهما في مدة لا تتجاوز ربع ساعة بالسيارة، وبعض الأهالي يتنقلون بينهما على الأقدام، إلا أن إغلاق الجماعة الحوثية هذه الطريق جعل التنقل بين المديريتين يمر عبر 4 محافظات.

وإلى جانب ذلك، فإن إغلاق هذه الطريق تسبب في تحول السفر بين مدينتي صنعاء وعدن إلى طرق بعيدة وضيقة في محافظات أخرى، متسبباً في طول أوقات السفر وتكاليف باهظة في نقل البضائع والسلع، ومعاناة كبيرة في وصول المرضى الراغبين في السفر للعلاج إلى مطار عدن.

وينبه ضابط في الجيش اليمني إلى أن مبادرة الحكومة بفتح الطرقات تأتي التزاماً منها بواجباتها تجاه مواطنيها بتوفير الخدمات لهم، وتيسير تنقلاتهم وحركتهم ووصول الخدمات إليهم، أو وصولهم إليها، رغم أن ذلك يتعارض مع الخطط والضرورات العسكرية، وهو ما لا يمكن للميليشيات الحوثية تقديم تنازلات فيه، وفق رأيه.

تسببت الحرب بإغلاق عشرات الطرقات الرئيسية في اليمن ما أدى إلى مضاعفة معاناة السكان (إكس)

ووفقاً للضابط الذي فضل عدم ذكر اسمه، فإن الحرب تحول المنافذ والمعابر إلى مواقع عسكرية، والطرق تعطي تفوقاً عسكرياً لمن يسيطر عليها، الأمر الذي يجعل من الصعوبة التنازل عنها إلا بمقابل تنازلات من الطرف أو الأطراف الأخرى، أو في حال انتهاء الفائدة منها، وهو ما ينتفي تماماً في حال الميليشيات الحوثية.

ويضيف أن الحكومة اليمنية لم تغلق أي طريق تحت سيطرتها، بل جعلت الحركة فيها ممكنة بالقدر الذي توفره ظروف الحرب، وقدمت مبادرات لفتح الطرقات من جهتها في جميع المحافظات، ويسرت حركة السكان والسلع الأساسية، على عكس الميليشيات الحوثية التي استغلت الطرقات لصالحها عسكرياً وسياسياً واقتصادياً.

وختم الضابط حديثه بالتذكير بصعوبة تقديم الجماعة الحوثية أي تنازلات في هذا الشأن ما لم يكن ذلك مشروطاً بحصولها على مكاسب كبيرة، وضمان عدم وقوع تلك الطرق تحت سيطرة الحكومة الشرعية صاحبة الحق في السيادة عليها.


مقالات ذات صلة

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

العالم العربي واشنطن تقود تحالفاً لإضعاف قدرات الحوثيين على مهاجمة السفن (الجيش الأميركي)

غارات تستهدف الحوثيين... وغروندبرغ يطالبهم بإطلاق الموظفين الأمميين

بينما جدد المبعوث الأممي هانس غروندبرغ مطالبته للحوثيين بإطلاق سراح الموظفين الأمميين فوراً، تواصلت، الثلاثاء، الضربات الغربية لليوم الرابع على مواقع الجماعة.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون متهمون بتصعيد انتهاكاتهم ضد اليمنيين (إ.ب.أ)

انقلابيو اليمن متهمون بارتكاب انتهاكات ضد أقارب المغتربين

صعّدت جماعة الحوثيين في اليمن من وتيرة انتهاكاتها بحق أقارب المغتربين لا سيما المنتمون منهم إلى محافظتي إب والضالع، وذلك ضمن استهداف الجماعة الممنهج للسكان.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي الجماعة الحوثية وجدت في حرب غزة وسيلة إضافية لترهيب المعارضين لها (رويترز)

الحوثيون يرفضون إطلاق قيادات من «المؤتمر الشعبي»

بالتزامن مع الكشف عن وسائل تعذيب موحشة يتعرض لها المعتقلون بسجون مخابرات الجماعة الحوثية أكدت مصادر حقوقية استمرار الجماعة في رفض إطلاق قيادات «المؤتمر الشعبي»

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي دخان كثيف إثر استهداف مدينة الحديدة بغارات إسرائيلية رداً على هجوم صاروخي حوثي (إكس)

سفينة تبلغ عن انفجارات في محيطها قبالة الحديدة باليمن

قالت هيئة عمليات التجارة البحرية البريطانية إن سفينة على بعد 70 ميلاً بحرياً جنوب غربي الحديدة باليمن أبلغت عن عدة انفجارات في محيطها.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي ممرضة في مدينة المخا تقيس محيط أعلى ذراع طفل للتحقق من تحسن حالته الصحية بعد تلقيه علاجاً لسوء التغذية (الأمم المتحدة)

سوء التغذية والشتاء يتربصان بأطفال اليمن والنازحين

يشهد اليمن زيادة في أعداد الأطفال المصابين بسوء التغذية الحاد الوخيم، في حين ينتظر النازحون، بسبب الحرب وتطرفات المناخ، شتاء قاسياً في ظل التردي الاقتصادي.

وضاح الجليل (عدن)

الحوثيون: استهدفنا حاملة طائرات أميركية ومدمرتين

الحوثيون يستهدفون حاملة طائرات أميركية ومدمرتين أميركيتين أخريين بعدد من الصواريخ والطائرات المسيَّرة (أرشيفية - د.ب.أ)
الحوثيون يستهدفون حاملة طائرات أميركية ومدمرتين أميركيتين أخريين بعدد من الصواريخ والطائرات المسيَّرة (أرشيفية - د.ب.أ)
TT

الحوثيون: استهدفنا حاملة طائرات أميركية ومدمرتين

الحوثيون يستهدفون حاملة طائرات أميركية ومدمرتين أميركيتين أخريين بعدد من الصواريخ والطائرات المسيَّرة (أرشيفية - د.ب.أ)
الحوثيون يستهدفون حاملة طائرات أميركية ومدمرتين أميركيتين أخريين بعدد من الصواريخ والطائرات المسيَّرة (أرشيفية - د.ب.أ)

قال المتحدث العسكري باسم جماعة الحوثي في اليمن يحيى سريع، الثلاثاء، إن قوات الجماعة استهدفت حاملة الطائرات الأميركية (أبراهام لينكولن) في البحر العربي، ومدمرتين أميركيتين أخريين في البحر الأحمر بعدد من الصواريخ والطائرات المسيّرة.

وأضاف على منصة «إكس» أن القوة الصاروخية وسلاح الجو المسيّر للحوثيين استهدفا حاملة الطائرات «أثناء تحضير أميركا لتنفيذ عمليات معادية تستهدف بلدنا، وحققت العملية أهدافها بنجاح».

وتابع قائلاً: «في عملية أخرى تم استهداف مدمرتين أميركيتين في البحر الأحمر... استمرت العمليتان 8 ساعات».

ويقول الحوثيون إنهم يستهدفون السفن التابعة لإسرائيل أو المتجهة إلى موانئ إسرائيلية دعماً للفلسطينيين في قطاع غزة، ودفعت الهجمات الولايات المتحدة وبريطانيا إلى قصف أهداف تابعة للحوثيين في اليمن.

وتسببت هجمات الحوثيين في تعطيل التجارة الدولية عبر قناة السويس، أقصر طريق شحن بين أوروبا وآسيا، وأبدلت بعض شركات الشحن مسار سفنها إلى الدوران حول أفريقيا عبر طريق رأس الرجاء الصالح.