موجة غلاء وجبايات في اليمن تضرب مناطق سيطرة الانقلابيين

توقعات دولية بضغوط تصاعدية على أسعار السلع الأساسية

زادت أسعار الفواكه والخضراوات في اليمن أخيراً مع قرب شهر رمضان (رويترز)
زادت أسعار الفواكه والخضراوات في اليمن أخيراً مع قرب شهر رمضان (رويترز)
TT

موجة غلاء وجبايات في اليمن تضرب مناطق سيطرة الانقلابيين

زادت أسعار الفواكه والخضراوات في اليمن أخيراً مع قرب شهر رمضان (رويترز)
زادت أسعار الفواكه والخضراوات في اليمن أخيراً مع قرب شهر رمضان (رويترز)

يسابق اليمنيون الزمن لشراء احتياجاتهم لشهر رمضان قبل ارتفاع الأسعار، في وقت بدأت فيه موجة غلاء جديدة خصوصاً في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية، مدفوعة بعوامل عديدة على رأسها حملات جباية وإجراءات تعسفية ضد التجار، وسط توقعات دولية، بارتفاع الأسعار على المدى القصير في تلك المناطق.

وتزعم الجماعة أن الأسواق في مناطق سيطرتها تشهد استقراراً تموينياً وسعرياً، كما تزعم أنها في مواجهة التوقعات الدولية بحدوث تأثيرات عميقة للتوترات في البحر الأحمر على الأمن الغذائي؛ ستمارس رقابة مستمرة على حركة الأسواق والأسعار ومخزون السلع.

مع قرب قدوم شهر رمضان يزيد الطلب في اليمن على السلع الاستهلاكية ومعها تزيد الجبايات فترتفع الأسعار (رويترز)

وعلى الرغم من ذلك، فإن السكان في العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء أبدوا استياءهم من الأسعار الجديدة للخضراوات والفواكه التي أعلنت عنها الإدارة العامة للتسويق والتجارة الزراعية التابعة للجماعة الحوثية، في حين يشكو التجار والباعة من إجراءات تعسفية وحملات للجباية وفرض الإتاوات تارة، وتارة أخرى لفرض الغرامات بحجة مخالفة القوائم السعرية.

وتفيد مصادر تجارية في صنعاء بأن حالة من التذمر الواسع تسيطر على ملاك وعاملي المخابز والأفران وباعة الخبز بسبب إجراءات المصادرة والابتزاز المفروضة عليهم بحجة مخالفتهم الأسعار المقرة من طرف الجماعة الحوثية، وهي الإجراءات التي لا تراعي ارتفاع أسعار الدقيق والقمح المطحون والوقود.

ويشتكي هؤلاء، بحسب المصادر، من ارتفاع أسعار المواد الأولية والمواد الداخلة في صناعة وإعداد الخبز، وهو ما يجعل الأسعار المفروضة عليهم غير عادلة؛ إذ تجبرهم لجان التفتيش التابعة للجماعة الحوثية على بيع الكيلوغرام الواحد من الخبز بمبلغ 400 ريال يمني، في حين يصل سعر كيس الدقيق الذي يزن 50 كيلوغراماً إلى 16 ألف ريال (الدولار يساوي 530 ريالاً يمنياً).

مخبز في صنعاء يستخدم الحطب بدلاً من الوقود الذي يتسبب غلاؤه بزيادة تكاليف صناعة الخبز (رويترز)

ووفقاً للمصادر؛ فإن ملاك المخابز وقعوا بين خيارين كلاهما أصعب من الآخر، فإجراءات اللجان التابعة للجماعة تزيد من تكاليف صناعة الخبز، وتتسبب بتراجع أرباحهم وإلحاق الخسائر بهم، وبدأ بعضهم يفكرون بإيقاف نشاطهم والتحول إلى أنشطة أخرى، إلا أنهم يواجهون تهديدات بمصادرة معداتهم وفرض غرامات كبيرة عليهم، بحجة الإضرار بالمصالح العامة.

رقابة وجبايات

زادت أسعار الخضراوات والفواكه أخيراً بفوارق ملحوظة عن تلك التي كانت عليها خلال الأيام الماضية، رغم أن الأسعار التي تباع بها لدى التجار والمحلات وحتى الباعة المتجولين أعلى بكثير من الأسعار التي تعلنها الجماعة الحوثية عبر إدارة التسويق والتجارة الزراعية.

ويبين باحث يمني مختص بالشأن الاقتصادي أن تلك الزيادات بسبب الإتاوات المتجددة المفروضة على المزارعين وتجار المنتجات الزراعية على عدة مستويات، بدءاً من المزارع، مروراً بنقاط التفتيش في الطرقات ومداخل المدن، ووصولاً إلى الأسواق ذاتها، وإلى جانب ذلك فإن الجماعة الحوثية لا تمارس رقابة صارمة على أسعار الخضراوات والفواكه، مثلما تفعل مع تجار المواد الأساسية الأخرى كالخبز والدقيق والقمح.

ويفيد الباحث الذي طلب التحفظ على بياناته، بأن الكثير من السلع الأساسية يبقى بعيداً عن رقابة اللجان الحوثية؛ وذلك لأن الشكوى من ارتفاع أسعارها لا تقارن بالشكوى من ارتفاع أسعار الخبز الذي تمارس الجماعة الرقابة على أوزانه وأسعاره للإيحاء باهتمامها باحتياجات السكان الضرورية.

وينبه الباحث إلى أن الكثير من السلع مثل الفواكه والخضراوات يخضع أسعارها لحجم الإقبال عليها، فهي ضرورية لبعض المستهلكين وغير ضرورية لمستهلكين آخرين، كما أنها قد تباع من قبل باعة متجولين أو في الطرقات العامة، وقد يتسبب قرب تلفها في خفض أسعارها بشدة وبيعها بأسعار زهيدة.

يشكو ملاك المخابز في صنعاء ومناطق سيطرة الجماعة الحوثية من إجراءات تعسفية تلحق بهم الخسائر (إعلام حوثي)

وفي غضون ذلك، تتوقع شبكة نظام الإنذار المبكر بالمجاعة، ارتفاعاً في أسعار المواد الغذائية والوقود على المدى القصير، في عموم اليمن، ولا سيما المناطق الخاضعة لسيطرة الحوثيين، بسبب تأثيرات أحداث المواجهات المتعلقة بالهجمات الحوثية في البحر الأحمر.

وذكرت الشبكة في تحليل لها صدر أخيراً أن ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين جراء الهجمات الحوثية على سفن الشحن التجارية في البحر الأحمر، سيفرض ضغوطاً تصاعدية على أسعار المواد الغذائية الأساسية والوقود والسلع المستوردة الأخرى، مبينة أن الأسعار لم ترتفع بشكل خطير خلال الفترة الماضية بسبب وجود مخزون كافٍ.

وحذّرت من أن الأسعار ستبدأ في الارتفاع على المدى القصير ما بين شهر إلى ثلاثة أشهر، خصوصاً مع زيادة الطلب على المواد الغذائية التي يسببها اقتراب شهر رمضان، والذي من المرجح أن يدفع بسرعة إلى نفاد المخزون، وبالتالي ارتفاع الأسعار.

رسوم مضاعفة

فرضت الجماعة الحوثية أخيراً زيادة على رسوم الصرف الصحي بنسبة تتجاوز 300 في المائة، في خطوة وصفها مراقبون محليون بأنها خطوة جبائية جديدة من شأنها جعل خدمة الصرف الصحي في مناطق سيطرة الجماعة من أغلى الخدمات على مستوى العالم، في حين أفاد سكان بأنه جرى تهديدهم بإيقاف الخدمة عنهم إذا امتنعوا عن السداد.

وتداول رواد مواقع التواصل الاجتماعي صوراً لفواتير المياه الجديدة في العاصمة المختطفة صنعاء تحتوي على الرسوم الجديدة للاشتراك في خدمة الصرف الصحي، والتي لم تكن تتجاوز 300 ريال (نحو نصف دولار) عن كل منزل مكون من طابقين قبل الانقلاب الحوثي؛ إذ أصبحت بعد الزيادة الأخيرة بآلاف الريالات عن كل شقة سكنية تحتوي على مطبخ وحمام.

تتوقع جهات دولية أن تؤدي التوترات في البحر الأحمر إلى زيادة كبيرة في أسعار المواد الأساسية في اليمن (أ.ف.ب)

وأوضح عدد من السكان أنه جرى إبلاغهم بأن رسوم خدمة الصرف الصحي تتفاوت حسب استهلاك المياه في المنازل، إلا أن غالبية الأهالي لا يعتمدون على شبكة المياه العمومية نظراً لشحة وندرة وصول المياه إلى منازلهم، ويلجأون إلى شراء المياه من صهاريج مياه متنقلة تسمى «الوايتات»، ويتم تعبئتها في خزانات على الأسطح دون أن تمر بالعدادات.

ورغم ذلك وصلت إليهم فواتير المياه متضمنة مبالغ كبيرة في خانة خدمة اشتراك الصرف الصحي، مع تنبيهات بسرعة السداد قبل اتخاذ إجراءات لوقف الخدمة عنهم.


مقالات ذات صلة

دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

العالم العربي عملية دفن جماعي لجثث في صعدة زَعَم الحوثيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)

دفن جماعي لجثث مجهولة في معقل الحوثيين الرئيسي

أقرت الجماعة الحوثية بدفن دفعة جديدة من الجثث مجهولة الهوية في محافظة صعدة (معقلها الرئيسي) وسط تجدد الشكوك حول حدوث تصفيات داخل المعتقلات.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي انقلاب الحوثيين أدى إلى تدهور أوضاع المعلمين والطلاب على حد سواء (إعلام محلي)

​المعلمون اليمنيون بين سجون الحوثيين والحرمان من الرواتب

يحتفل العالم في الخامس من أكتوبر باليوم العالمي للمعلم فيما يعاني المعلمون في اليمن من ويلات الحرب التي أشعلها الحوثيون وتوقف الرواتب والاعتقالات.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي غارات أميركية استهدفت معسكراً للحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

الجيش الأميركي يتبنى قصف 15 هدفاً حوثياً

غداة سلسلة من الغارات التي ضربت 4 محافظات يمنية خاضعة للجماعة الحوثية المدعومة من إيران، أعلن الجيش الأميركي تبني هذه الضربات التي قال إنها طالت 15 هدفاً.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي الحوثيون يجبرون طلاب المدارس على المشاركة في أنشطة تعبوية (إعلام حوثي)

جانب من استهداف حوثي لطلبة المدارس في ضواحي صنعاء (فيسبوك)

المدارس الأهلية في صنعاء تحت وطأة الاستقطاب والتجنيد

كثف الحوثيون من استهداف قطاع التعليم الأهلي في صنعاء من خلال إجبار الطلبة والمعلمين في عدد من المدارس على المشاركة في دورات قتالية

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي ضربات غربية استهدفت معسكر الصيانة الخاضع للحوثيين في صنعاء (رويترز)

اتهامات حوثية لواشنطن ولندن بضربات جوية طالت 4 محافظات يمنية

استهدفت ضربات جوية غربية مواقع للجماعة الحوثية شملت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء وثلاث محافظات أخرى ضمن مساعي واشنطن لإضعاف قدرة الجماعة على مهاجمة السفن

علي ربيع (عدن)

اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدعو إلى تخفيف المعاناة في الشرق الأوسط

آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
TT

اللجنة الدولية للصليب الأحمر تدعو إلى تخفيف المعاناة في الشرق الأوسط

آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)
آثار الدمار الذي سبّبته غارة إسرائيلية جنوب صيدا في لبنان (إ.ب.أ)

دعت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، اليوم الأحد، إلى اتخاذ إجراءات عاجلة لتخفيف المعاناة في الشرق الأوسط، عشية الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق الذي شنّته حركة المقاومة الإسلامية «حماس» على إسرائيل.

ووفق «وكالة الصحافة الفرنسية»، قالت اللجنة الدولية للصليب الأحمر، في بيان: «خلال العام الماضي، شهدت المنطقة دماراً واسع النطاق وتجريداً للأشخاص من صفتهم البشرية»، داعية جميع الأطراف إلى «احترام كرامة كل شخص متضرّر من هذا النزاع... وتحمُّل مسؤولياتهم، بموجب القانون الإنساني الذي يوفّر إطاراً للحد من المعاناة أثناء النزاع».

وأضافت: «أصبح المدنيون مجرّد أعداد، إذ طغت الخطابات المتضاربة بشأن النزاع على طابعهم الفريد، لكنّ وراء هذه الأرقام أفراداً، أطفالاً وآباء وأشقاء وأصدقاء يكافحون الآن من أجل البقاء على قيد الحياة، ويواجهون، كل يوم، الحزن والخوف وعدم اليقين بشأن مستقبلهم».

وتابعت: «شهد هذا العام قلوباً محطَّمة وأسئلة بلا إجابات»، لافتة إلى أن «شمل العائلات تشتّت، ولا يزال كثير من أحبائها محتجَزين، رغم إرادتهم. وقُتل عشرات الآلاف، ونزح الملايين في جميع أنحاء المنطقة».

ويصادف الاثنين الذكرى السنوية الأولى للهجوم غير المسبوق الذي نفذته حركة «حماس» على الأراضي الإسرائيلية، والذي أدى إلى اندلاع حرب بين الحركة والدولة العبرية في قطاع غزة امتدّت إلى لبنان، حيث تشنّ إسرائيل حرباً ضد «حزب الله».

وقالت اللجنة الدولة للصليب الأحمر: «بينما نقترب من مُضي عام على الهجمات، التي وقعت في 7 أكتوبر (تشرين الأول) 2023، والتصعيد واسع النطاق للأعمال العدائية الذي أعقب ذلك، لا يزال الناس في المنطقة يعانون وطأة الألم والمعاناة والخسارة التي لا تُطاق وتتجاوز الحدود».

وكرّرت دعوتها جميع الأطراف إلى «تحمل مسؤولياتهم، بموجب القانون الدولي الإنساني»، مؤكدة أنّه من خلال الالتزام بهذا القانون «يمكن للأطراف المتحاربين أن يخفّفوا المعاناة الإنسانية، ويمهدوا لمستقبل أكثر استقراراً وسلاماً».