ردود فعل باهتة لزيارة غروندبرغ إلى تعز

في ظل جمود السلام واستمرار حصار المدينة

بحث المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مع السلطة المحلية في تعز الأوضاع والمعاناة الإنسانية بالمحافظة (الأمم المتحدة)
بحث المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مع السلطة المحلية في تعز الأوضاع والمعاناة الإنسانية بالمحافظة (الأمم المتحدة)
TT

ردود فعل باهتة لزيارة غروندبرغ إلى تعز

بحث المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مع السلطة المحلية في تعز الأوضاع والمعاناة الإنسانية بالمحافظة (الأمم المتحدة)
بحث المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة مع السلطة المحلية في تعز الأوضاع والمعاناة الإنسانية بالمحافظة (الأمم المتحدة)

لم تحظ الزيارة الثانية للمبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ إلى مدينة تعز، باهتمام كبير في الأوساط السياسية والمجتمعية، كما كانت الحال في زيارته الأولى، حيث بدأ يخيم على السكان اليأس من ماراثون المساعي التي لم تفك الحصار المضروب على مدينتهم للسنة التاسعة.

وجاءت زيارة المبعوث، هذا الأسبوع إلى مدينة تعز، بعد زيارة عدن العاصمة المؤقتة للبلاد، ثم مدينة المخا الساحلية الغربية، القريبة من مسرح التوترات في البحر الأحمر وباب المندب.

وكرر غروندبرغ الإعراب عن قلقه من تصعيد الجماعة الحوثية في البحر الأحمر خلال زيارته إلى مدينة تعز ولقائه سلطاتها المحلية، مؤكداً أن هذا التصعيد يؤثر على الأوضاع في المحافظة المحاصرة، وعلى الجهود المبذولة لتحقيق السلام وبناء خريطة طريق وإعاقتها بعد تحقيق خطوات متقدمة مع جميع الأطراف.

وفيما يسعى إلى إعادة إحياء مسار جهود السلام التي يقودها، وسط المخاوف من أن تتسبب هجمات الجماعة الحوثية على خطوط الملاحة في البحر الأحمر في نسفها، أتت زيارته إلى المدينة ضمن جولة شملت عواصم إقليمية، تحضيراً لإحاطته أمام مجلس الأمن.

وطالب المبعوث الأممي باستمرار العمل لضمان عدم العودة للعمل العسكري والتركيز على خفض التصعيد في البحر الأحمر والعمل لتجاوز كل التحديات للوصول إلى خريطة طريق تتضمن الاستعداد للانخراط في عملية سياسية، وصولاً إلى تحقيق السلام الشامل الذي ينشده اليمنيون.

حديث الطرقات المغلقة

أعلنت السلطات المحلية في محافظة تعز أن المحافظ نبيل شمسان، بحث مع المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة إلى اليمن هانس غروندبرغ، الأوضاع والمعاناة الإنسانية في المحافظة، وجهود تحقيق السلام، حيث ركز على أهمية فتح الطرقات الرئيسية لتخفيف المعاناة الإنسانية المتزايدة جراء التطورات في البحر الأحمر وانعكاساتها على مضاعفة تكلفة النقل للسلع والبضائع بجانب ارتفاع تكاليف النقل الناتجة عن الحصار واستمرار الاعتداءات والتصعيد المستمر في الجبهات.

تعيش مدينة تعز حصاراً حوثياً تسبب في إغلاق طرقاتها الرئيسية وأجبر سكانها على سلوك طرق نائية ووعرة (أ.ف.ب)

كما طالب شمسان باستيعاب الاحتياجات الإنسانية والتنموية لسكان المحافظة وتخفيف معاناتهم، وأن تحظى المحافظة وأبناؤها بشكل حقيقي وفاعل ومكانة مهمة في خريطة الطريق والملفات السياسية والاقتصادية، والمساعي المبذولة لعملية تحقيق السلام.

ويرى مصدر حكومي يمني أن المبعوث الأممي يحاول من خلال جولته الأخيرة، وزيارته إلى مدينة تعز، إنعاش مساعيه قبيل التجديد المرتقب لولايته واستمراره في مهمته التي لم تحقق أي منجز يطوي الصراع باستثناء التهدئة الهشة.

وفي ديسمبر (كانون الأول) الماضي كشف المبعوث الأممي عن قرب التوصل إلى تدابير تتضمن الانخراط في استعدادات لاستئناف عملية سياسية جامعة تحت رعاية الأمم المتحدة، وأن يجري الاتفاق عليها مطلع العام الحالي.

خلق أحداث جديدة

يرجح المصدر الحكومي اليمني الذي فضّل عدم ذكر اسمه في حديثه لـ«الشرق الأوسط»، أن غروندبرغ سعى لإيصال رسالة تهديد إلى الجماعة الحوثية، حيث إن زيارته إلى مدينتي المخا وتعز، وما تمثلانه من أهمية استراتيجية ومحورية في الأزمة اليمنية، وقربهما من البحر الأحمر الذي يشهد التصعيد الحوثي، للإيحاء بحدوث تغير في الموقف الدولي من الأزمة اليمنية والحلول المقترحة لها.

طفل يجلب الماء لعائلته على كرسي متحرك يخص أحد معاقي الحرب في مدينة تعز (أ.ف.ب)

وتابع المصدر «غالباً يبدو أن تحركات المبعوث الأممي الأخيرة جاءت بدوافع شخصية لمحاولة الإيحاء بحدوث هذا التغير المفترض، ودفع الجماعة الحوثية للعودة إلى مسار المشاورات والكف عن تعاليها بعد أن وفرت لها الحرب الإسرائيلية في غزة وهجماتها في البحر الأحمر فرصة جديدة للتنصل من جميع الالتزامات، والتهرب من الضغوط الدولية لأجل الانخراط الجاد في مسار السلام».

أما الكاتب والباحث اليمني مصطفى الجبزي فيذهب إلى أن زيارة غروندبرغ إلى تعز توحي أن الجميع يتعامل مع هذه المدينة بوصفها ملف إنقاذ لأي فشل، حيث إن اختياره زيارتها في هذا التوقيت يعكس رغبته في رفع رصيده بوصفه يهتم بأكثر الملفات حساسية، وأن جهوده يمكن أن تلامس هموم الناس.

ويشير الجبزي في حديثه لـ«الشرق الأوسط» إلى أن تدخلات الحوثي في البحر الأحمر وخليج عدن أغرقت سفن المبعوث المحملة بعملية السلام، فتأتي تحركاته الأخيرة لإنقاذ ما يمكن إنقاذه.

ومن جهته، ينتقد الكاتب اليمني باسم منصور زيارة غروندبرغ الأخيرة إلى تعز بوصفها لا تحقق للمدينة أي شيء، بقدر ما تمثل له فرصة لاستعادة دوره ومساعيه، ومحاولة لخلق أحداث تزاحم أحداث البحر الأحمر، التي صرفت الأنظار عن خريطة السلام المزمعة، والتي كان ينتظر منها أن تحقق بعض النجاح لمهمته، وأملاً لليمنيين بإنهاء معاناتهم.

تفتقر مدينة تعز للمياه بسبب الحصار الحوثي ويضطر سكانها لجلب الماء بالطرق البدائية (أ.ف.ب)

واستغرب منصور في إفادته لـ«الشرق الأوسط» من أن الزيارة جاءت فجأة وعلى عجل، ولم يخصص المبعوث الأممي خلالها وقتاً لتلمس معاناة سكان المدينة المحاصرة، وما يواجهونه من مخاطر على حياتهم وأمنهم وسلامتهم من الميليشيات الحوثية، واكتفى بدلاً عن ذلك بلقاء مشاهير وسائل التواصل الاجتماعي والإعلاميين وبعض المسؤولين قبل أن يغادر سريعاً.

وسبق للمبعوث الأممي غروندبرغ زيارة مدينة تعز، قبل أكثر من عامين، لمناقشة الشأن السياسي، والأضرار التي لحقت بها نتيجة الحصار الحوثي، وعقد لقاءات مع مسؤولي السلطة المحلية والقيادات العسكرية وقيادات الأحزاب السياسية، والمنظمات الإنسانية.


مقالات ذات صلة

اتفاق مرتقب بين اليمن وصندوق النقد العربي لجدولة الديون

الاقتصاد حديث لوزير المالية اليمني على هامش اليوم التمهيدي للقمة العالمية للحكومات (الشرق الأوسط)

اتفاق مرتقب بين اليمن وصندوق النقد العربي لجدولة الديون

قال سالم بن بريك، وزير المالية اليمني، إن بلاده تستعد لتوقيع اتفاقية مع صندوق النقد العربي لإعادة جدولة الديون.

«الشرق الأوسط» (دبي)
العالم العربي «هيئة الزكاة» الحوثية تنفق مليارات الريالات سنوياً لدعم عناصر الجماعة (إعلام حوثي)

انقلابيو اليمن ينفذون حملة إحلال جديدة في الوظائف النسائية

امتدّت حملة الإحلال الوظيفي التي تنفذها الجماعة الحوثية في اليمن إلى القطاع النسائي، حيث شرعت في استبعاد عشرات العاملات بالقطاعات الإيرادية.

محمد ناصر (تعز (اليمن))
العالم العربي تراجع كبير شهدته المساعدات في اليمن خصوصاً من قبل برنامج الغذاء العالمي (أ.ف.ب)

انقلابيو اليمن متهمون بالعبث بأموال الزكاة وفصل عشرات الموظفات

اتهمت مصادر يمنية في صنعاء قيادات رفيعة في الجماعة الحوثية بالعبث بأموال «هيئة الزكاة» وفصل عشرات الموظفات في الهيئة  بالتوازي مع تخصيص الأموال لأتباعها

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال تجمع في صنعاء دعا إليه زعيمهم (إ.ب.أ)

الحوثيون يحاكون إيران في تعدد الكيانات الاستخباراتية

استحدث الحوثيون أربعة أجهزة استخباراتية تحاكي النموذج الإيراني، وتتنافس فيما بينها على قمع المعارضين ومراقبة أنشطتهم وتأمين الجماعة من الاختراقات.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أسرة يمنية  نازحة داخلياً في موقع للنازحين بمحافظة الضالع (الأمم المتحدة)

اليمن أكبر المتضررين من وقف المساعدات الأميركية

يبرز اليمن كإحدى أكبر الدول المتضررة من وقف المساعدات السنوية الأميركية المقدمة عبر الوكالة الأميركية للتنمية في ظل ازدياد مستويات انعدام الأمن الغذائي

محمد ناصر (تعز)

مصر تستقبل مزيداً من الجرحى الفلسطينيين وتواصل إدخال المساعدات

سيارات إسعاف مصرية تنقل الجرحى والمرضى الفلسطينيين من معبر رفح (الشرق الأوسط)
سيارات إسعاف مصرية تنقل الجرحى والمرضى الفلسطينيين من معبر رفح (الشرق الأوسط)
TT

مصر تستقبل مزيداً من الجرحى الفلسطينيين وتواصل إدخال المساعدات

سيارات إسعاف مصرية تنقل الجرحى والمرضى الفلسطينيين من معبر رفح (الشرق الأوسط)
سيارات إسعاف مصرية تنقل الجرحى والمرضى الفلسطينيين من معبر رفح (الشرق الأوسط)

استقبلت مصر، الاثنين، دفعة تاسعة من الجرحى والمرضى القادمين من قطاع غزة عبر معبر رفح البري، بعدما تقرّر فتح جانبه الفلسطيني في أول أيام الشهر الحالي، لخروج المصابين.

وحسب إحصاء رسمي للهيئة العامة للاستعلامات بمصر، ضمت الدفعة التاسعة 44 مريضاً وجريحاً، و79 مرافقاً من ذويهم.

وأكد مصدر في محافظة شمال سيناء لـ«الشرق الأوسط» أن مصر استقبلت منذ إعادة فتح معبر رفح في جانبه الفلسطيني 363 مريضاً وجريحاً ونحو 450 مرافقاً لهم.

وحول المساعدات، ذكرت الهيئة العامة المصرية للاستعلامات، الاثنين، أن 308 شاحنات مساعدات تتضمّن 19 شاحنة وقود، دخلت غزة من مصر.

وحسب المصدر في محافظة شمال سيناء بلغ إجمالي الشاحنات التي دخلت من مصر إلى غزة منذ بدء تنفيذ وقف إطلاق النار في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، نحو 6 آلاف شاحنة، فضلاً عن الشاحنات التي تدخل من معبرَيْن في الشمال بإشراف أممي.

ونوه المصدر إلى أن نحو 90 في المائة من المساعدات التي دخلت من مصر إلى غزة من وقف إطلاق النار هي مساعدات مصرية، و10 في المائة تبرعات دولية.

المصدر أكد أنه لم يتم حتى الآن السماح بدخول شاحنات المساعدات مباشرة من معبر رفح إلى غزة؛ حيث لا تزال تدخل الشاحنات من معبرَي العوجة وكرم أبو سالم، وتخضع للتفتيش، ثم تدخل إلى قطاع غزة.

وينص اتفاق وقف إطلاق النار على إدخال 600 شاحنة مساعدات يومياً إلى غزة، بينها 50 شاحنة وقود، وتُخصّص 300 شاحنة منها لشمال القطاع.

تجدر الإشارة إلى أن «الخارجية» المصرية أدانت في بيان لها، الأحد، تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو التي أدلى بها لإحدى القنوات الإخبارية الأميركية، التي قال خلالها إن «مصر حوّلت قطاع غزة إلى سجن كبير وإنها تمنع الفلسطينيين من مغادرة القطاع».

ووصف البيان المصري تصريحات نتنياهو بأنها «ادّعاءات، وتضليل متعمّد ومرفوض يتنافى مع الجهود التي بذلتها وتبذلها مصر منذ بدء العدوان على غزة، وآخرها إدخال مساعدات بأكثر من 5000 شاحنة إلى القطاع منذ وقف إطلاق النار في 19 يناير (كانون الثاني) الماضي، وتسهيل عبور الجرحى والمصابين ومزدوجي الجنسية»، على حد وصف البيان.

ورأت مصر تصريحات نتنياهو أنها «تستهدف التغطية وتشتيت الانتباه عن الانتهاكات الصارخة التي ارتكبتها إسرائيل ضد المدنيين وتدمير المنشآت الحيوية الفلسطينية من مستشفيات ومؤسسات تعليمية ومحطات كهرباء ومياه الشرب، فضلاً عن استخدام الحصار والتجويع سلاحاً ضد المدنيين».