الحوثيون يهربون من أزماتهم الداخلية إلى التصعيد بحرياً

17 مليون يمني يعانون من انعدام الأمن الغذائي

يتخوف اليمنيون من اشتداد القمع الحوثي عقب الضربات الأميركية (رويترز)
يتخوف اليمنيون من اشتداد القمع الحوثي عقب الضربات الأميركية (رويترز)
TT

الحوثيون يهربون من أزماتهم الداخلية إلى التصعيد بحرياً

يتخوف اليمنيون من اشتداد القمع الحوثي عقب الضربات الأميركية (رويترز)
يتخوف اليمنيون من اشتداد القمع الحوثي عقب الضربات الأميركية (رويترز)

فيما يعاني أكثر من 17 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال هذا العام، يعتقد قطاع عريض من السكان في المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون أن الجماعة تهرب من مواجهة التزاماتها تجاه صرف رواتبهم المقطوعة منذ ثمانية أعوام وتحسين مستوى معيشتهم، بتصعيد هجماتها على السفن في جنوب البحر الأحمر.

وكان اليمنيون ينتظرون التوقيع على خريطة الطريق للسلام التي أعلن عنها مبعوث الأمم المتحدة هانس غروندبرغ والتي من ضمن بنودها صرف رواتب الموظفين وفتح الطرقات وما سيترتب على ذلك من تحسن في الأوضاع المعيشية والتخفيف من قاعدة الفقر التي طالت 80 في المائة من السكان.

يعيش اليمنيون وخاصة في مناطق سيطرة الحوثيين أوضاعا معيشية بائسة (الأمم المتحدة)

غير أن الهجمات التي شنها الحوثيون على السفن في جنوب البحر الأحمر والرد الأميركي والبريطاني عليها، جاءت لتزيد من مخاوف إفشال جهود السلام، كما اتخذتها الجماعة وسيلة للتهرب من التزاماتها وقمع المطالبين برواتبهم.

ومع تزايد حدة التصعيد وتوجيه الولايات المتحدة وبريطانيا ضربات جوية على عدد من معسكرات الحوثيين، تراجع صوت احتجاجات المعلمين الذين قادوا انتفاضة المطالبين بصرف رواتبهم، واعتقل قادة ناديهم واتسعت دائرة القمع لتشمل كل من ينتقد إدخال الحوثيين اليمن في أتون صراع دولي لا طائل منه.

بطون خاوية

يؤكد أنيس وهو موظف حكومي في صنعاء أنه من المعيب أن تحدث جائعا عن البطولات والمعجزات الوهمية، لأنه لا قيمة لهذا الخطاب لدى البطون الخاوية، ويقول إنه لا يمكن لأي جهة تحكم أن تدعي تحقيق منجز في مجتمع الجوعى، لأن أهم المنجزات هو تمكينهم وأسرهم من الحصول على الطعام، ويضيف أنه لا مجال لأي شعارات وطنية أو قومية في مجتمع يعيش وسط الجهل والفقر والبطالة وتحاصره الأمراض والأوبئة.

احتجاجات المعلمين أربكت الحوثيين فذهبوا نحو التصعيد في البحر الأحمر (إكس)

ويرى عبد القادر وهو موظف آخر في مناطق سيطرة الحوثيين أن الجماعة ستتخذ من التصعيد في جنوب البحر الأحمر والضربات الأميركية وسيلة لقمع كل من يطالب برواتبه أو تحسين معيشته، أو من ينتقد فساد مسؤوليها، حيث إن تهمة الخيانة والعمالة توجه لكل من لا يتفق مع توجه الحوثيين.

ويجزم الرجل أن الجماعة وجدت في الحرب الإسرائيلية على غزة وسيلة للهروب من الاحتجاجات الشعبية المطالبة بصرف رواتب الموظفين أسوة بمسؤولي الحوثيين ومقاتليهم.

ويعتقد الموظف الحكومي أن الإضراب الذي قاده المعلمون والمعلمات للمطالبة بصرف رواتبهم وتضامن النقابات العمالية معهم «حشر سلطة الحوثيين في زاوية ضيقة» بعد أن تبين للناس أنهم ينفقون عائدات الدولة لصالح قادتهم وأعضاء الحكومة التي لا يعترف بها أحد و أعضاء ما يسمى مجلسي النواب والشورى وكذا مقاتليهم، فيما يعيش ثلثا السكان في أوضاع شبيهه بالمجاعة.

تأجيل النقمة

يؤكد الصحافي والمحلل السياسي اليمني غمدان اليوسفي أن هروب الحوثي من التزاماته تجاه الناس الذين يحكمهم بالقوة صوب شماعة إسرائيل «مجرد محاولة لتأجيل النقمة في مناطقه»، ويرى أن تهربه من دفع رواتب الناس وتوفير مستلزمات الحياة للسكان في تلك المناطق الذين أنهكهم بالجبايات والمشرفين اللصوص والسجون والإخفاء القسري والتعذيب حتى الموت، لن يجنبه المواجهة.

يستخدم الحوثيون الضربات الأميركية والبريطانية وسيلة لقمع المطالبين برواتبهم (فيسبوك)

وتوقع اليوسفي أن تعيد الأيام الحوثي إلى مربع الواقع، وتعمده كمسؤول عن موت الناس جوعا وسجنا وقتلا وحصارا.

أما الباحث اليمني صادق الوصابي فيرى أن ‫الحوثي سيحول اليمن إلى معسكر كبير، للتجنيد والتجييش والتطييف، ويبين أن حملات التعبئة التي كان يقوم بها لترغيب الأهالي لتجنيد أطفالهم وأبنائهم ستتحول إلى حملات ترهيب لإجبار الأهالي للزج بأبنائهم في الجبهات تحت مبرر «مواجهة العدوان الأميركي والبريطاني»، فيما أعين الحوثي متجهة صوب مأرب وتعز والساحل الغربي وشبوة وغيرها من المحافظات.

ووفق ما يراه الوصابي فإن الحوثي سيجعل اليمن، وليس غيره، محرقة كبيرة وسيقحمه في حروب دموية لا طاقة لهم بها، والضحية في الأخير هو الشعب اليمني الذي عانى الويلات من «حماقات» الحوثي التي لا تنتهي. ‏

ويقر القيادي الحوثي عبد القادر المرتضى بأن تصعيد جماعته في البحر الأحمر سيلحق بهم خسائر مادية وبشرية، ‏ويقول إنهم سيعرضون اليمن للخطر وللقصف، لكنه يبرر ذلك بأنه ليس لديهم طريقة أخرى للقيام بما أسماه واجبهم تجاه فلسطين، من دون أن يلحق بهم أي أضرار، ‏لأن «الشجب والتنديد والإدانة الجوفاء التي لا يرافقها أي تحرك جدي وفاعل، ليست في قواميسهم» بحسب زعمه.

انعدام الغذاء

بحسب بيانات الأمم المتحدة فإن نحو 17.3 مليون شخص في اليمن يعانون من مستويات عالية من انعدام الأمن الغذائي الحاد خلال العام الحالي وأن أكثر من 227.228 طفلا أدخلوا العام المنتهي إلى مراكز التغذية العلاجية وهم يعانون من الهزال، في حين أن 50 في المائة فقط من المرافق الصحية تعمل، وذلك يترك 20.3 مليون شخص دون الحصول على الرعاية الصحية الكافية.

يموت عشرات الآلاف من الأطفال سنويا بسبب أمراض يمكن الوقاية منها (يونيسيف)

البيانات الأممية أكدت أن اليمن لا يزال عرضة لتفشي الأمراض، إذ إنه وخلال الفترة من يناير (كانون الثاني) إلى سبتمبر (أيلول) 2023، تم الإبلاغ عن 42452 حالة يشتبه بإصابتها بالحصبة والحصبة الألمانية و514 حالة وفاة مرتبطة بها، بالإضافة إلى 1772 حالة مؤكدة مختبريا.

يأتي ذلك، في حين لا يزال الحوثيون يحظرون التطعيمات في المحافظات الخاضعة لسيطرتهم، وهو ما تسبب في زيادة التردد في تلقي اللقاح بين السكان.

وبحسب بيانات المنظمة الأممية فإن 15.3 مليون شخص يفتقرون إلى إمكانية الوصول إلى المياه وخدمات المياه والصرف الصحي والنظافة الصحية الآمنة، بما في ذلك 7.8 مليون طفل.


مقالات ذات صلة

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

العالم العربي جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني رشاد العليمي (سبأ)

العليمي: الحوثيون تسببوا في دمار هائل للبنى التحتية باليمن

أكد رئيس مجلس القيادة الرئاسي في اليمن رشاد العليمي، أن انقلاب الجماعة الحوثية في بلاده تسبَّب في دمار هائل للبنى التحتية والاقتصاد الذي قد يخسر 657 مليار دولار

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

يتجه الحوثيون إلى توسيع دائرة مواردهم من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيهم إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتهم.

وضاح الجليل (عدن)
يوميات الشرق وزير الإعلام اليمني وعدد من سفراء الدول العربية والأجنبية لدى اليمن خلال انطلاق «ليالٍ يمنية» في الرياض (متداولة)

أنغام الطرب اليمني الأصيل تُعانق رقصات الفلكلور في قلب الرياض

على إيقاع الطرب اليمني الأصيل، وتناغم رقصات الفلكلور التراثي العريق، انطلقت مساء الأحد في قلب العاصمة السعودية الرياض، فعاليات «ليالٍ يمنية» التي تستمر 3 أيام.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)

إرغام محال الإنترنت بصنعاء على المشاركة في التعبئة الحوثية

شنَّت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة حملات ضد مُلاك مَحال وشبكات الإنترنت في العاصمة المختطفة صنعاء، بغية ابتزازهم وإجبارهم على الترويج لأفكار الجماعة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
TT

إشهار تكتل واسع للقوى اليمنية لمواجهة الانقلاب الحوثي

جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)
جانب من ممثلي القوى اليمنية المشاركين في بلورة التكتل الحزبي الجديد (إكس)

بهدف توحيد الصف اليمني ومساندة الشرعية في بسط نفوذها على التراب الوطني كله، أعلن 22 حزباً ومكوناً سياسياً يمنياً تشكيل تكتل سياسي جديد في البلاد، هدفه استعادة الدولة وتوحيد القوى ضد التمرد، وإنهاء الانقلاب، وحل القضية الجنوبية بوصفها قضيةً رئيسيةً، ووضع إطار خاص لها في الحل النهائي، والحفاظ على النظام الجمهوري في إطار دولة اتحادية.

إعلان التكتل واختيار نائب رئيس حزب «المؤتمر الشعبي» ورئيس مجلس الشورى أحمد عبيد بن دغر رئيساً له، كان حصيلة لقاءات عدة لمختلف الأحزاب والقوى السياسية - قبل مقاطعة المجلس الانتقالي الجنوبي - برعاية «المعهد الوطني الديمقراطي الأميركي»، حيث نصَّ الإعلان على قيام تكتل سياسي وطني طوعي للأحزاب والمكونات السياسية اليمنية، يسعى إلى تحقيق أهدافه الوطنية.

القوى السياسية الموقعة على التكتل اليمني الجديد الداعم للشرعية (إعلام محلي)

ووفق اللائحة التنظيمية للتكتل الوطني للأحزاب والمكونات السياسية، ستكون للمجلس قيادة عليا تُسمى «المجلس الأعلى للتكتل» تتبعه الهيئة التنفيذية وسكرتارية المجلس، على أن يكون المقر الرئيسي له في مدينة عدن، العاصمة المؤقتة للبلاد، وتكون له فروع في بقية المحافظات.

وبحسب اللائحة التنظيمية للتكتل، فإن الأسس والمبادئ التي سيقوم عليها هي الدستور والقوانين النافذة والمرجعيات المتفق عليها وطنياً وإقليمياً ودولياً، والتعددية السياسية، والتداول السلمي للسلطة، والعدالة، والمواطنة المتساوية، والتوافق والشراكة، والشفافية، والتسامح.

ونصَّ الباب الثالث من اللائحة التنظيمية على أن «يسعى التكتل إلى الحفاظ على سيادة الجمهورية واستقلالها وسلامة أراضيها، والتوافق على رؤية مشتركة لعملية السلام، ودعم سلطات الدولة لتوحيد قرارها وبسط نفوذها على كافة التراب الوطني، وتعزيز علاقة اليمن بدول الجوار، ومحيطه العربي والمجتمع الدولي».

وكان المجلس الانتقالي الجنوبي، الشريك في السلطة الشرعية، شارك في اللقاء التأسيسي للتكتل الجديد، لكنه عاد وقاطعه. وأكد المتحدث الرسمي باسمه، سالم ثابت العولقي، أن المجلس الانتقالي الجنوبي يتابع نشاط التكتل الذي تعمل عليه مجموعة من الأطراف لإعلانه، ويؤكد عدم مشاركته في هذا التكتل أو الأنشطة الخاصة به، وأنه سيوضح لاحقاً موقفه من مخرجات هذا التكتل.

ومن المقرر أن يحل التكتل الجديد محل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تأسس منذ سنوات عدة؛ بهدف دعم الحكومة الشرعية في المعركة مع جماعة الحوثي الانقلابية.

ويختلف التكتل الجديد عن سابقه في عدد القوى والأطراف المكونة له، حيث انضم إليه «المكتب السياسي للمقاومة الوطنية» بقيادة العميد طارق صالح عضو مجلس القيادة الرئاسي، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وغيرهما من القوى التي لم تكن في إطار التحالف السابق.

ووقَّع على الإعلان كل من حزب «المؤتمر الشعبي العام»، وحزب «التجمع اليمني للإصلاح»، و«الحزب الاشتراكي اليمني»، و«التنظيم الناصري»، و«المكتب السياسي للمقاومة الوطنية»، و«الحراك الجنوبي السلمي»، وحزب «الرشاد اليمني»، وحزب «العدالة والبناء».

كما وقَّع عليه «الائتلاف الوطني الجنوبي»، و«حركة النهضة للتغيير السلمي»، وحزب «التضامن الوطني»، و«الحراك الثوري الجنوبي»، وحزب «التجمع الوحدوي»، و«اتحاد القوى الشعبية»، و«مؤتمر حضرموت الجامع»، وحزب «السلم والتنمية»، وحزب «البعث الاشتراكي»، وحزب «البعث القومي»، وحزب «الشعب الديمقراطي»، و«مجلس شبوة الوطني»، و«الحزب الجمهوري»، وحزب «جبهة التحرير».

وذكرت مصادر قيادية في التكتل اليمني الجديد أن قيادته ستكون بالتناوب بين ممثلي القوى السياسية المُشكِّلة للتكتل، كما ستُشكَّل هيئة تنفيذية من مختلف هذه القوى إلى جانب سكرتارية عامة؛ لمتابعة النشاط اليومي في المقر الرئيسي وفي بقية فروعه في المحافظات، على أن يتم تلافي القصور الذي صاحب عمل «تحالف الأحزاب الداعمة للشرعية»، الذي تحوَّل إلى إطار لا يؤثر في أي قرار، ويكتفي بإعلان مواقف في المناسبات فقط.

بن دغر مُطالَب بتقديم نموذج مختلف بعد إخفاق التحالفات اليمنية السابقة (إعلام حكومي)

ووفق مراقبين، فإن نجاح التكتل الجديد سيكون مرهوناً بقدرته على تجاوز مرحلة البيانات وإعلان المواقف، والعمل الفعلي على توحيد مواقف القوى السياسية اليمنية والانفتاح على المعارضين له، وتعزيز سلطة الحكومة الشرعية، ومكافحة الفساد، وتصحيح التقاسم الحزبي للمواقع والوظائف على حساب الكفاءات، والتوصل إلى رؤية موحدة بشأن عملية السلام مع الجماعة الحوثية.