كبير المفاوضين الحوثيين لـ«الشرق الأوسط»: لقاؤنا مع «الإخوة» في السعودية عالج عقبات خريطة الطريق

الجماعة متمسكة بفصل البحر عن السلام... وعدّت تلميحات تهديد الحل الداخلي الغربية «محاولة» ضغط

وزير الدفاع السعودي خلال لقائه وفد صنعاء بالرياض في سبتمبر 2023 (واس)
وزير الدفاع السعودي خلال لقائه وفد صنعاء بالرياض في سبتمبر 2023 (واس)
TT

كبير المفاوضين الحوثيين لـ«الشرق الأوسط»: لقاؤنا مع «الإخوة» في السعودية عالج عقبات خريطة الطريق

وزير الدفاع السعودي خلال لقائه وفد صنعاء بالرياض في سبتمبر 2023 (واس)
وزير الدفاع السعودي خلال لقائه وفد صنعاء بالرياض في سبتمبر 2023 (واس)

يقول محمد عبد السلام، كبير المفاوضين الحوثيين المتحدث باسم الجماعة إن لقاء وفد صنعاء مع قيادات سعودية «نتج منه تجاوز لأهم العقبات التي كانت تواجه خريطة الطريق»، وهي الالتزامات التي يحاول إنجاحها المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ ليرسم من خلالها حلاً للأزمة اليمنية.

سبق لكبير المفاوضين الحوثيين أن سمّى المسؤولين السعوديين «الأشقاء»، في تصريح لـ«الشرق الأوسط» خلال يناير (كانون الثاني)، واليوم يسمي المسؤولين السعوديين «الإخوة»، وذلك خلال حوار موسع طرحت خلاله «الشرق الأوسط» جملة أسئلة مكتوبة حول السلم والبحر، وعلاقات الجماعة الإقليمية والدولية.

السفير السعودي محمد آل جابر خلال زيارته صنعاء في أبريل 2023 (الشرق الأوسط)

تشهد الأزمة اليمنية تحديين كبيرين هذه الأيام. خريطة السلام الأممية، وهجمات البحر الأحمر. في التحدي الأول يسعى المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ لإنجاح رسم الخريطة ومراحلها، في حين يخوض الحوثيون معركة بحرية مع القوى الغربية. وفي الثاني، يعلن الحوثيون أنهم ينتصرون لغزة عبر منع السفن الإسرائيلية من المرور عبر باب المندب، ولاحقاً باتت تستهدف السفن البريطانية والأميركية في أعقاب عمليات إحباط هجمات في البحر، وضربات شنّتها الدولتان داخل اليمن لردع الحوثيين عن ما تقول لندن وواشنطن إنه حماية للملاحة.

اليمن والسلام

أثبتت الدبلوماسية السعودية وجهود الوساطة التي بذلتها الرياض نجاحها في خلق فرصة غير مسبوقة لبدء نهاية الأزمة. يقول الدكتور هشام الغنّام، المشرف العام على مركز البحوث الأمنية وبرامج الأمن الوطني في جامعة نايف العربية للعلوم الأمنية، لـ«الشرق الأوسط» إن الحوثيين وصلوا إلى قناعة بالوساطة السعودية لأنها أيضاً لمصلحتهم كجماعة وفي مصلحة اليمنيين، وفي الوقت نفسه تم وضع الكرة في ملعبهم. بمعنى، جرت إعادة القضية إلى أصلها؛ كونها يمنية - يمنية وليست سعودية - يمنية. وهو ما مهّد الطريق أمام المبعوث الأممي لليمن هانس غروندبرغ للبدء في طرح خريطة طريق مفصلة لحوار اليمنيين أنفسهم.

ويعتقد كبير المفاوضين الحوثيين، أن مشهد السلام في اليمن «يسير بشكل جيد، سواء منذ بدء الهدنة الأممية في أبريل (نيسان) 2022 الموافق لشهر رمضان آنذاك، وكذلك من خلال النقاشات مع الجانب السعودي برعاية عمانية وهي تسير بشكل جيد حتى الآن. «ولكن هل أنتم مستعدون للبدء في مفاوضات سياسية تشمل مشاركة الحكم والانتخابات والتصويت على الدستور واستكمال العملية السياسية؟ وما هي أبرز الشروط؟» يجيب عبد السلام قائلاً «‏خريطة الطريق تضمنت مخاوف الجميع، وأكدت على الملف الإنساني الملح الذي يعاني منه الشعب اليمني في شمالي وجنوبه ووسطه وشرقه وغربه؛ كون الملف الإنساني سينعكس إيجاباً بشكل كبير على بقية الملفات وفي مقدمتها الحوار السياسي وخريطة الطريق تضمنت حواراً سياسياً وبدأت بالملف الإنساني وما يتضمنه من فتح الطرقات والمطارات والموانئ والإفراج عن المعتقلين، وكذلك استكمال الملف الإنساني ثم الملف العسكري ثم الملفين الاقتصادي والسياسي»، مضيفا «في الجانب السياسي، تترك للمتفاوضين في تلك المرحلة لا نستطيع أن نتنبأ بتفاصيل الوضع السياسي الآن، وهذا بديهي».

محمد عبد السلام كبير المفاوضين الحوثيين (إكس)

«قلتم لـ(الشرق الأوسط) في تصريح سابق إن عمليات البحر الأحمر لن تؤثر على السلام، لكن يبدو أن الرسائل الغربية تذهب إلى عكس ذلك، فهل لكم أن تفسروا كيف قرأتم الرسائل الغربية؟». يجيب عبد السلام بالقول إن عمليات البحر الأحمر منفصلة، هدفها واضح، وجاءت ضرورة للاستجابة للوضع الفلسطيني الملحّ الذي يمثل حالة خطيرة على الأمن الإقليمي والعربي والإسلامي ويؤثر علينا في اليمن إذا هيمنت إسرائيل أو قضت كما تتصور أو أضعفت الشعب الفلسطيني ومقاومته؛ فإن هذا سينعكس سلباً على الجميع، فضلاً عن الموقف الديني والأخلاقي تجاه هذه القضية. ولهذا؛ نعدّها منفصلة وما زالت منفصلة حتى الآن، ونعتقد أن التصريحات الغربية تأتي في إطار محاولة الضغط علينا للتراجع عن موقفنا».

متى تتوقف الهجمات؟

«طالت فترة الهجمات في البحر الأحمر. وهناك من يخشى أنكم لن تتوقفوا حتى لو انتهت حرب غزة؟ بماذا تردون على ذلك؟»، سألت «الشرق الأوسط» وأجاب عبد السلام بالقول إن «‏العمليات العسكرية في البحر الأحمر التي تستهدف السفن الإسرائيلية والمتجهة إلى إسرائيل مستمرة وستبقى مستمرة حتى انتهاء العدوان على قطاع غزة، وكذلك إنهاء الحصار بإدخال المساعدات الغذائية إلى القطاع في شماله وجنوبه. وموقفنا هو مساندة الشعب الفلسطيني المظلوم فإذا توقف الظلم والحصار عن الشعب الفلسطيني فإن العمليات المساندة بلا شك سوف تتوقف. تعتقد الحكومة اليمنية الشرعية أن العمليات الدفاعية ليست حلاً ناجحاً للتعامل مع الحوثيين، ووفقاً لما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية، قال رئيس مجلس القيادة الرئاسي الدكتور رشاد العليمي، الأسبوع الماضي إن الحل يتمثل في القضاء على قدرات الحوثيين العسكرية، والشراكة مع الحكومة الشرعية للسيطرة على المناطق واستعادة مؤسسات الدولة. وبسؤاله «هل لديكم أي نوايا لفتح حوار مع الأطراف الغربية للتفاهم حول البحر الأحمر؟»، يقول كبير المفاوضين الحوثيين «‏نحن نتبادل وجهات النظر مع المجتمع الدولي برعاية الأشقاء في سلطنة عُمان وما زال موقفنا هو الموقف المعلن بخصوص مساندة الشعب الفلسطيني، وهناك تباين في الموقف الدولي من دولة إلى أخرى، ولكن الموقف الأغلب لدى دول العالم هو حرصهم على سلامة الحفاظ على سفنهم و الاطمئنان عليها حتى لا تتعرض لأذى؛ لأن هناك من يثير مخاوف أن هناك معلومات قد تكون غير صحيحة أو يحصل خطأ غير مقصود، وهذا نوضحه دائماً للمجتمع الدولي».

الفرقاطة الألمانية «هيسين» تتجه ضمن مهمة أوروبية إلى البحر الأحمر (رويترز)

وترى هانا بورتر، وهي باحثة في «إيه آر كي» وهي مؤسسة دولية تعنى بالتنمية والأبحاث، أنه لا يزال من غير الواضح كيف ومتى ستتوقف هجمات الحوثيين في البحر الأحمر. ومن غير المرجح أن تؤدي الضربات الجوية التي تنفذها الولايات المتحدة والمملكة المتحدة إلى إضعاف قدرات الحوثيين بما يكفي لوقف هذه الهجمات بشكل كامل. وتضيف لـ«الشرق الأوسط» بالقول «حتى لو تضاءلت قدرتهم على استهداف السفن بدقة، فإن مجرد قيام الحوثيين بإطلاق صواريخ وطائرات من دون طيار على السفن سيشكل تهديداً للشحن البحري في البحر الأحمر في المستقبل المنظور».

وتضيف الباحثة المتخصصة في اليمن، أن الحوثيين كان مطلبهم في البداية إنهاء الهجوم الإسرائيلي على غزة. «والآن يطالبون أيضاً بإنهاء الضربات الأمريكية والبريطانية في اليمن، ويتعهدون بمواصلة استهداف السفن المرتبطة بإسرائيل والولايات المتحدة والمملكة المتحدة حتى تتم تلبية هذه المطالب. كلما زاد التصعيد الذي نراه، قلّ احتمال قيام الحوثيين بوقف هذه الهجمات. وعلى الرغم من أن المسؤولين الأميركيين والبريطانيين يقولون إنهم لا يريدون المزيد من التصعيد، فمن الصعب رؤية مخرج في هذه المرحلة». «عندما ينتهي الهجوم الإسرائيلي على غزة، أتوقع أن يُنسب الفضل إلى الحوثيين في ذلك».

تضيف هانا «من غير المرجح أن تؤثر أعمال الحوثيين أو ستشكل عملية صنع القرار الإسرائيلية في غزة، لكن الحوثيين سيكونون حريصين على القول إن هجماتهم على البحر الأحمر كانت السبب وراء توقف إسرائيل عن قصف غزة أو السماح بإيصال المساعدات الإنسانية». وبسؤاله «كيف يستطيع اليمنيون تجاوز أزمة البحر الأحمر والتركيز على خريطة الطريق الأممية للسلام، في الوقت الذي يلوّح فيه الغرب بأن عمليات البحر (تهدد) السلام بينما يقول الحوثيون إنها ماضية ولا تهدده». يقول إبراهيم جلال الباحث بمعهد الشرق الأوسط للدراسات الاستراتيجية ومقره واشنطن إن أزمة البحر الأحمر أعادت الهواجس الأمنية والعسكرية إلى الواجهة على الصعيد الدولي؛ الأمر الذي يتطلب من الحوثيين إرسال رسائل تطمينية تجاه الحكومة والشعب اليمني والمجتمع الدولي عبر إجراءات بناء ثقة مرتبطة بالخريطة وسلك مسار خفض التصعيد. يضيف إبراهيم جلال إن محاولة خلط الأوراق أو عزل أزمة البحر الأحمر عن عملية السلام في اليمن تارة وعن ديناميكيات المنطقة تارة أخرى لا تستوعب أبعاد التصعيد وتداعياته على المدى الطويل.


مقالات ذات صلة

إسرائيل ستستثمر خلال العقد المقبل 110 مليارات دولار في تصنيع الأسلحة

شؤون إقليمية رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

إسرائيل ستستثمر خلال العقد المقبل 110 مليارات دولار في تصنيع الأسلحة

قال رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الأربعاء إن بلاده ستستثمر 350 مليار شيقل (أي ما يوازي 110 مليارات دولار) على مدى السنوات العشر المقبلة.

«الشرق الأوسط» (القدس)
الخليج أسرى يلوِّحون بأيديهم لدى وصولهم إلى مطار صنعاء في عملية تبادل سابقة (أرشيفية- رويترز)

أطراف النزاع في اليمن يتفقون على تبادل 2900 محتجز

أكد مكتب المبعوث الأممي إلى اليمن، هانس غروندبرغ، أن أطراف النزاع في اليمن اختتمت، الثلاثاء، اجتماعاً استمر 11 يوماً في سلطنة عمان.

«الشرق الأوسط» (مسقط)
العالم العربي جانب من اجتماعات سابقة لقيادات جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في صنعاء (إعلام محلي)

جناح «المؤتمر الشعبي» في صنعاء يستكمل خضوعه للحوثيين

استكمل جناح حزب «المؤتمر الشعبي» في مناطق سيطرة الحوثيين مسارَ الرضوخ لإملاءات الجماعة، وذلك بفصل الأمين العام للحزب، غازي علي الأحول.

محمد ناصر (تعز)
شمال افريقيا باخرة شحن تعبر قناة السويس (أرشيفية - أ.ب)

ما خطط شركات الشحن البحري للعودة إلى قناة السويس؟

تضع شركات الشحن الكبرى استراتيجيات للعودة المحتملة إلى قناة السويس بعد عامين من التعثر بسبب الأخطار الأمنية في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (لندن)
العالم العربي الحوثيون يُرهِبون المجتمع اليمني بالاعتقالات وتلفيق تهم التجسس (إ.ب.أ)

موجة اعتقالات حوثية إضافية تطول 10 موظفين أمميين

صعّدت الجماعة الحوثية من حملتها ضد الأمم المتحدة ووكالاتها، باحتجازها عشرة من موظفي المنظمة اليمنيين ليرتفع العدد في معتقلات الجماعة إلى 69 موظفاً

«الشرق الأوسط» (عدن)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.