الكوارث المناخية تحدّ من حصول اليمنيات على الرعاية الصحية

مخاطر إضافية خلال الحمل والولادة في مخيمات النزوح

حالات الحمل والولادة محفوفة بمخاطر إضافية في مخيمات النزوح في اليمن (الأمم المتحدة)
حالات الحمل والولادة محفوفة بمخاطر إضافية في مخيمات النزوح في اليمن (الأمم المتحدة)
TT

الكوارث المناخية تحدّ من حصول اليمنيات على الرعاية الصحية

حالات الحمل والولادة محفوفة بمخاطر إضافية في مخيمات النزوح في اليمن (الأمم المتحدة)
حالات الحمل والولادة محفوفة بمخاطر إضافية في مخيمات النزوح في اليمن (الأمم المتحدة)

في أحد الأيام، أثناء عودة اليمنية مهرة من جلب الماء، انهارت على الطريق، حيث كان عليها الفرار من الحرب، فغادرت قريتها إلى أحد مخيمات النزوح، لكنها كانت تنزف بشدة لدرجة شعرت معها بأنها ستفقد طفلها، وفق ما ذكره تقرير أممي.

حين نزحت مهرة كان عمرها 31 سنة، وكانت حاملاً في شهرها الخامس، لكن المرأة التي بلغت من العمر الآن 38 عاماً، تقول إنهم كانوا يأملون في العثور على شيء من السلام والأمان في مخيم النزوح، ولكنهم لم يجدوا شيئاً، وكان عليهم القتال من أجل كل قطرة ماء، وكل لقمة طعام، وكل نفس هواء، إذ كان عليهم السير أميالاً لإحضار الماء، وكان الأمر شديد الصعوبة.

تفتقر المخيمات في اليمن للرعاية الصحية أو المياه النظيفة أو الغذاء الكافي (الأمم المتحدة)

كان لدى المرأة أربعة أطفال تعتني بهم مع أنها ضعيفة وتعاني من سوء التغذية، ولهذا عانت من مضاعفات الحمل بسبب نقص الرعاية والتغذية المناسبة في مخيم النزوح، وبعد أن انهارت تم نقلها إلى عدن لتلقي العلاج في مستشفى الصداقة، الذي يبعد ثلاث ساعات عن موقع سكنها في مخيم النزوح، حيث أُنقذت حياتها وصحتها الجسدية، ولكن فقدانها الحمل سبّب تدهور صحتها النفسية.

بعد أن غادرت مهرة المستشفى عادت إلى المخيم، واضطرت إلى استئناف مهام عملها، فلم يكن لديها أي خيار، وكان عليها إحضار الماء والطبخ والتنظيف والعناية بأطفالها والقليل مما تبقى من أغنامها، وتحمّلت الألم والحزن والخوف واليأس.

تأثير تطرف المناخ

يظهر بحث جديد لصندوق الأمم المتحدة للسكان أن الظواهر المناخية المتطرفة والكوارث لها تأثير غير متناسب على الصحة النفسية والجسدية للنساء والفتيات وحديثي الولادة، بما في ذلك القلق، واضطرابات ارتفاع ضغط الدم، والولادات المبكرة، وانخفاض الوزن.

ووفق بيانات الأمم المتحدة فإن اليمن من بين البلدان الـ14 الأكثر عُرضة لتغير المناخ، وأنه وعلى مدار العقد الماضي ازدادت وتيرة وشراسة الأحداث المناخية المتطرفة التي تتراوح من الأعاصير إلى الجفاف إلى الفيضانات المفاجئة.

وأدت الكوارث المناخية خلال عام 2023 إلى نزوح أكثر من 200 ألف شخص، اضطر كثير منهم إلى التنقل عدة مرات، وفقدوا مصدر رزقهم إلى جانب أي فرصة للحصول على الرعاية الصحية الأساسية. وأكد الصندوق الأممي أنه بالنسبة للنساء والفتيات، كانت التداعيات واسعة النطاق ومهددة لحياتهن.

نصف المرافق الصحية في اليمن توقفت عن العمل بسبب الحرب (الأمم المتحدة)

ويذكر الصندوق أنه ومع استمرار الصراع ساد الجفاف الشديد مختلف مناطق البلاد، مما أدى إلى تفاقم الوضع بالنسبة لملايين الأشخاص الذين فروا بالفعل للنجاة بحياتهم. وفي ظل الأزمات الإنسانية، تواجه النساء والفتيات سلسلة من المخاطر، بدءاً من ارتفاع مخاطر العنف والاستغلال المبنيين على النوع الاجتماعي، وصولاً إلى الزواج القسري، وزواج الأطفال، والأمراض، وسوء التغذية.

وبحسب الصندوق الأممي فإن الافتقار إلى الغذاء والماء والرعاية الصحية، بالإضافة إلى الإجهاد المفرط وارتفاع مستويات التوتر، يعني أن حالات الحمل والولادة محفوفة هي الأخرى بمخاطر إضافية.

أوضاع صعبة

تواجه النساء في اليمن أوضاعاً معيشية صعبة جداً، وفق التقرير الأممي، فعلى سبيل المثال فإنه ومن أجل إحضار الماء والحطب، يضطررن إلى المشي لساعات، وغالباً دون مرافق، تحت أشعة الشمس الحارقة، وفوق أرض غادرة، وفي وسط غابة وفي قلب الصراع الحي. ومع ذلك تفاقم الصراع بشدة بسبب أزمة المناخ، ونزح أكثر من 4.5 مليون شخص داخل البلاد، ويحتاج أكثر من 21 مليون شخص إلى مساعدات إنسانية عاجلة.

وتؤكد الأمم المتحدة أن آثار تغير المناخ المتتالية بالنسبة للكثيرين، ممن هم على غرار هذه المرأة (مهرة)، إذ إنها قدمت من عائلة كبيرة من المزارعين والرعاة الذين عاشوا على الأرض لأجيال، وكان لديهم كثير من الأغنام والأبقار والمحاصيل والأعلاف، وبئر مياه نظيفة، ولكن تغيّر كل شيء، شحت الأمطار، ولم يعد توقيت الزراعة أو الحصاد كما كان.

تعرض المجاعة مليوني يمنية من الحوامل والمرضعات لخطر الموت (الأمم المتحدة)

ونتيجة لهذه التغيرات، وحسب الأمم المتحدة جفت المحاصيل، وآبار المياه، وماتت الحيوانات جوعاً، وتفاقمت هذه الكارثة بسبب الحرب، التي خلقت، على مدى ثماني سنوات، انعدام الأمن واضطراباً اقتصادياً. ومع ذلك، فإن الكوارث المزدوجة من هذا النوع ليست غير شائعة.

وتشير اتفاقية الأمم المتحدة الإطارية بشأن تغير المناخ، إلى أن الأدلة على مساهمة تغير المناخ في زيادة الصراع واضحة، حيث شاهد المزارعون مصدر رزقهم يختفي، ولم يواجهوا صعوبات كهذه من قبل، إذ أصبحت الأرض قاحلة والناس يائسين، ومن ناحية أخرى تشدد أزمة المناخ قبضتها، وتظل حياة الملايين وسبل عيشهم معلقة في توازن هش على نحو متزايد.


مقالات ذات صلة

حديث حوثي عن غارة غربية في تعز وإسقاط «درون» في صعدة

العالم العربي مقاتلة أميركية تقلع من على متن حاملة طائرات في البحر الأحمر (أرشيفية - أ.ف.ب)

حديث حوثي عن غارة غربية في تعز وإسقاط «درون» في صعدة

تحدثت الجماعة الحوثية، المدعومة من إيران، (الثلاثاء)، عن إسقاط مسيّرة أميركية في صعدة، كما أقرّت بتلقي ضربة في محافظة تعز قرب مدرسة؛ ما أدى إلى مقتل طالبتين.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي يمنيات في ريف صنعاء يشاركن في فعاليات حوثية ذات طابع تعبوي (إعلام حوثي)

ضغوط انقلابية لدفع اليمنيات للتبرع بالأموال والحلي

وسَّعت جماعة الحوثيين في الأيام الأخيرة من حجم ابتزازها المالي للتجار والسكان وصغار الباعة، وصولاً إلى استهداف النساء والفتيات اليمنيات في صنعاء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مُسن وطفلة داخل مأوى للنازحين دمرته الرياح (الأمم المتحدة)

نداء أممي لإنقاذ أرواح 50 ألف عائلة يمنية عقب الفيضانات

أطلقت وكالة أممية نداءً لجمع 13.3 مليون دولار لتقديم مساعدات عاجلة منقذة للأرواح في اليمن بعد الفيضانات الشديدة التي أثرت على أكثر من نصف مليون شخص.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي نقاشات مستمرة لإنشاء كيان حكومي يمني للحد من مخاطر الكوارث (إعلام حكومي)

اليمن بصدد إنشاء آلية وطنية للحد من مخاطر الكوارث

بدأت الحكومة اليمنية مناقشة مشروع إنشاء آلية وطنية للحد من مخاطر الكوارث؛ إذ تحتل البلاد المرتبة السابعة ضمن الدول الأكثر تضرراً من تطرف المناخ.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مقاتلة من طراز «إف 22» في منطقة القيادة المركزية الأميركية (الجيش الأميركي)

انقلابيو اليمن يعترفون بتلقي ضربة أميركية في الحديدة

تلقت الجماعة الحوثية في اليمن ضربة أميركية استهدفت موقعاً في الحديدة، الاثنين، وذلك غداة 3 ضربات دمرت 3 مسيّرات ومنظومتي صواريخ شرق مدينة إب.

علي ربيع (عدن)

وزير الخارجية الهندي: علاقاتنا مع الصين تمر بمرحلة صعبة... وروسيا شريك قديم

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع في الكرملين في موسكو بروسيا في 9 يوليو 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع في الكرملين في موسكو بروسيا في 9 يوليو 2024 (رويترز)
TT

وزير الخارجية الهندي: علاقاتنا مع الصين تمر بمرحلة صعبة... وروسيا شريك قديم

الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع في الكرملين في موسكو بروسيا في 9 يوليو 2024 (رويترز)
الرئيس الروسي فلاديمير بوتين يصافح رئيس الوزراء الهندي ناريندرا مودي خلال اجتماع في الكرملين في موسكو بروسيا في 9 يوليو 2024 (رويترز)

قال وزير الخارجية الهندي، الدكتور سوبرامانيام جيشانكار، إن علاقات بلاده مع الصين تمر بمرحلة صعبة بسبب الوضع الحدودي، وإن روسيا شريك قديم والتعاون الاقتصادي معها يتوسع بشكل مطرد، فيما رأى أن علاقات بلاده مع الولايات المتحدة تجاوزت ترددات التاريخ و«أنشأنا شراكة استراتيجية قوية». وشدد الوزير على أهمية توسيع عضوية مجموعة «بريكس»، متوقعاً أن يسهم ذلك بشكل فعال في نشوء عالم متعدد الأقطاب، مستبعداً أن يُفرز انضمام الهند إلى «منظمة شنغهاي للتعاون»، حساسية في التأثير على العلاقات الهندية - الأميركية، معتقداً أن النظام العالمي يتجه نحو عصر التعددية القطبية.

وقال جيشانكار، في حديث إلى «الشرق الأوسط» بعد مشاركته في الاجتماع الوزاري المشترك للحوار الاستراتيجي بين مجلس التعاون الخليجي والهند الذي عُقد في الرياض، الاثنين، إن علاقات بلاده مع السعودية تتمتع بالقوة والمرونة في ظل التوجه إلى تعميق التعاون الثنائي في مجالات الدفاع والطاقة والتكنولوجيا. وذكر الوزير أنه جرى اتفاق مع دول مجلس التعاون الخليجي، على خطة عمل مشتركة (JAP)، تشمل التعاون في مجموعة من القطاعات بما في ذلك التجارة والصحة والنقل والزراعة والتعليم. وفي الموضوع الفلسطيني، شدد جيشانكار على ضرورة إيصال المساعدات الإنسانية إلى الفلسطينيين، ووقف الحرب والعمل على حلّ الدولتين... فإلى تفاصيل الحوار:

وزير الخارجية السعودي خلال اجتماعه مع نظيره الهندي (واس)

* تشهد العلاقات السعودية - الهندية نمواً مطرداً خلال السنوات الأخيرة، فهل وصلت إلى شراكة واسعة في كل المجالات؟

- دعني أقُلْ لك إن العلاقات بين الهند والسعودية في أفضل حالاتها على الإطلاق اليوم، وخلقت زيارة دولة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي، للسعودية في عامي 2016م و2019، زخماً تسارع بشكل مطّرد. وبالمثل، شهدت زيارة الأمير محمد بن سلمان، ولي العهد، رئيس مجلس الوزراء السعودي في عام 2019، مبادرات جديدة وأبعاداً إضافية في تعاوننا، وعكس إنشاء مجلس الشراكة الاستراتيجي في عام 2019 هذه المرحلة الجديدة من علاقاتنا.

وفي العام الماضي، كنا سعداء باستقبال الأمير محمد بن سلمان في شهر سبتمبر (أيلول) للمشاركة في قمة قادة مجموعة العشرين ولرئاسة الاجتماع الأول لقادة مجلس الشراكة الاستراتيجي بين الهند والسعودية مع دولة رئيس الوزراء، ناريندرا مودي. وخلال الزيارة، تم التوقيع على 8 مذكرات تفاهم واتفاقيات من الجانبين في عديد من المجالات. وشكَّلت الزيارة علامة بارزة وعززت الشراكة الاستراتيجية بين البلدين الشقيقين.

وحقيقة اغتنمت الفرصة لمزيد من الزخم مع نظيري السعودي، الأمير فيصل بن فرحان وزير الخارجية السعودي في مناسبات عديدة. وساعد تبادل وجهات نظرنا بشكل منتظم في بناء فهم للتطورات المهمة في منطقتنا. وعلاوة على ذلك، فإنه في كل قطاع تقريباً، نشهد زيارات ومشاركات رفيعة المستوى. وعلى مدار العام الماضي، كان هناك نحو 24 زيارة وزارية بين البلدين. ومن بين المجالات ذات الأولوية الدفاع والمشاركات الاقتصادية، حيث شهدنا توسعاً كبيراً في علاقاتنا بشكل مستمر.

وعلى الصعيد الاقتصادي، من المشجع أن نرى أن «رؤية السعودية 2030» توفر فرصاً جديدة في مجالات مثل الطاقة المتجددة، والصحة، والسياحة، والأمن الغذائي، والخدمات اللوجيستية، وتنمية المهارات، والفضاء، وتكنولوجيا المعلومات والاتصالات، وما إلى ذلك. ويستفيد عدد من الشركات الهندية من هذه الفرص. وهناك إمكانات كبيرة للاستثمارات السعودية في الهند في مختلف القطاعات.

وفيما يتعلق بالعلاقات الدفاعية، شهدنا العديد من الإنجازات التي تعد الأولى من نوعها على مدى السنوات القليلة الماضية، بما في ذلك أول تمارين بحرية بين القوات البحرية في البلدين، وأول تمارين برية على الإطلاق، والزيارة الأولى لرئيس أركان البحرية في السعودية إلى الهند، والمشاركة الهندية النشطة في معرض الدفاع العالمي السعودي في وقت سابق من هذا العام. كما قمنا بالتوقيع على الاتفاقية الأولى لتصدير الذخائر الهندية إلى السعودية... نحن نتقدم بشكل جيد، وهناك كثير من الإمكانات لتعزيز علاقتنا.

وزراء الخارجية بدول مجلس التعاون الخليجي مع نظيرهم الهندي عقب الاجتماع المشترك (مجلس التعاون)

* هل تمت مناقشة مواضيع سياسية أو طغى الجانب الاقتصادي على الاجتماع الوزاري الخليجي - الهندي الأول؟

- العلاقة بين الهند ودول الخليج متجذرة في نسيج غنيٍّ من التاريخ والثقافة والقيم المشتركة، إذ تمتد لقرون، وفي الأعوام الأخيرة تطورت العلاقة إلى شراكة حديثة تمتد عبر مجموعة واسعة من القطاعات؛ الاقتصاد والطاقة والدفاع والتكنولوجيا والتعليم والعلاقات بين الناس وغيرها، وتستند الشراكة إلى أساس الثقة والاحترام المتبادل والرؤية المشتركة للمستقبل.

ويعمل ويعيش في الدول الخليجية نحو 9 ملايين مواطن هندي، يعملون جسراً حياً بين الطرفين. ومن منظور الهند، تمثل منطقة الخليج «الجوار الممتد» للهند، والقريب جغرافياً، والمتقارب ثقافياً، والمتكامل اقتصادياً، ويمثل الطرفان معاً قوة ديناميكية وعظيمة.

وتوفر سوق الهند الشاسعة والمتنامية فرصاً هائلة للاستثمار، في حين تشكل المنطقة الخليجية مركزاً لموارد الطاقة والتجارة العالمية وجسراً لعديد من آفاق التعاون. ومن بين المجالات الجديدة، تقدم لنا الثورة الرقمية فرصاً غير مسبوقة للتعاون في مجال التكنولوجيا، كما أن التعليم وتنمية المهارات من المكونات الأساسية لشراكتنا. كما أن التواصل بين الناس والتواصل اللوجيستي يشكلان مجالاً آخر من مجالات التعاون المهمة بيننا، الذي يعود بفوائد استراتيجية واقتصادية واجتماعية متعددة على بلداننا. وفي هذا الصدد يجب ذكر IMEC بشكل خاص، حيث خلال اجتماع يوم الاثنين، أتيحت لي الفرصة، مع نظرائي في الخليج، لاستعراض علاقاتنا بشكل شامل، والتعمق في مجالات الاهتمام المشترك، والتعاون الجاري، والسبل المحتملة لمزيد من الشراكة.

هناك قدر كبير من التقارب، حيث تتقاسم بلداننا مصلحة في منطقة وعالم مستقرين وآمنين ومزدهرين. كما قمنا باتفاق على خطة العمل المشتركة «JAP» التي تغطي مجموعة من القطاعات بما في ذلك التجارة والصحة والنقل والزراعة والتعليم.

* ما أحدث التطورات في مشروع الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا «IMEC»؟ وإلى أي مدى يتنافس هذا المشروع مع طريق الحرير الصيني؟

- يعد الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا مبادرةً لإعادة تعريف نموذج الاتصال وربط ثلاثة مراكز اقتصادية مهمة. وأُعلن المشروع على هامش قمة مجموعة العشرين الأخيرة في نيودلهي.

وسيقود الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا إلى تكامل تحويلي بين آسيا وأوروبا والشرق الأوسط. ويتكون الممر من عدد من العناصر بما في ذلك السكك الحديدية وشبكة النقل من السفن إلى السكك الحديدية والاتصال الكهربائي والرقمي بالإضافة إلى الهيدروجين النظيف.

وقد سبق أن وقّعنا اتفاقية إطارية حكومية دولية مع دولة الإمارات، لتنفيذ الممر الاقتصادي بين الهند والشرق الأوسط وأوروبا، تشمل تطوير وإدارة منصة لوجيستية ونظام بيئي رقمي وتوفير خدمات سلسلة التوريد. وسينعكس التأثير الإيجابي على تيسير التجارة وسلاسل التوريد ونمو العمالة والاستدامة بشكل كبير.

* هل ما زالت الهند متمسكة بموقفها تجاه ما يحدث في غزة؟

- نعم، وموقف الهند من الصراع مبدئي وثابت، إذ قمنا بإدانة أعمال الإرهاب واحتجاز الرهائن. وفي نفس الوقت، نشعر بألم عميق بسبب استمرار وفاة المدنيين الأبرياء.

إن أي استجابة لا بد أن تأخذ في الاعتبار مبادئ القانون الإنساني. كما نؤيد بشدة جهود الإغاثة المستدامة لأولئك الذين هم في أشدّ الحاجة إليها، وهذا يتطلب وقف إطلاق النار في أسرع وقت ممكن.

وعلى صعيد القضية الأوسع نطاقاً، دافعنا باستمرار عن حل القضية الفلسطينية من خلال حل الدولتين، ولا بد من معالجة القضية القديمة المتمثلة في حقوق الفلسطينيين. كما أسهمنا في بناء المؤسسات والقدرات للفلسطينيين. وفيما يتعلق بالوضع الإنساني، قدمنا ​​الإغاثة وزدنا دعمنا لـ«أونروا».

وزير الخارجية الهندي متحدثاً إلى «الشرق الأوسط»

* شهد البحر الأحمر عمليات تهديد من جانب جماعة الحوثي التي أثّرت بدورها على التجارة الدولية، هل أثر ذلك عليكم؟ وهل لدى الهند أي توجه لحماية سفنها التجارية؟

- تشكل الهجمات على السفن التجارية في البحر الأحمر، مصدرَ قلق للهند نظراً للحساسيات التي تنطوي عليها. ونظراً للعدد الكبير من المواطنين الهنود العاملين في مجال الشحن التجاري، ونظراً لحجم التجارة الكبير من الهند التي تمر عبر المنطقة، فإن الهجمات ربما تكون لها عواقب سلبية من الناحية الاقتصادية.

الهند تدعم مبدأ حرية الملاحة في البحر الأحمر، وأعربت عن قلقها إزاء حالات استهداف السفن التجارية التي تؤثر على الروابط التجارية وتعريض حياة البحارة للخطر.

تراقب الهند من كثب التطورات في المنطقة، بالإضافة إلى المشورة الأمنية لوكالات الشحن المختلفة للتعامل مع أي هجوم محتمل، حيث تحافظ القوات البحرية الهندية على وجود قوي في خليج عدن والمحيط الهندي لمساعدة السفن التجارية على المرور الآمن. تم نشر أكثر من 12 سفينة حربية في شرق البحر الأحمر لتوفير الأمن ضد القراصنة، فيما قام أفراد القوات البحرية الهندية بالتحقيق مع عديد من السفن والقوارب الصغيرة في الأشهر القليلة الماضية، كما نقوم بالتنسيق مع العديد من البلدان في المنطقة لتنسيق الاستجابات.

* ذكرتم أن عصر «الحوار المتواصل» مع باكستان انتهى ولكل عمل عواقب.. ما طبيعة العواقب التي توحي بها؟

- أوضحنا خلال العقد الماضي أن الهند لن تتسامح مع الإرهاب عبر الحدود. وسيستلزم استمرارها في ممارسة هذا النوع من الإرهاب ردود الفعل المناسبة. وفي الوقت نفسه، أوضحت مؤخراً أن الهند سترد على أي تطورات إيجابية أو سلبية.

مودي وشي لدى مشاركتهما في قمة «بريكس» 27 يوليو 2018 (رويترز)

* يلاحَظ أخيراً صعود الصين وروسيا... هل سنشهد تعددية قطبية أم محوراً جديداً؟ وأين ستكون الهند في علاقاتها مع أميركا؟

- تتَّبع الهند سياسة خارجية متعددة الأبعاد، وتشمل هذه السياسة التعامل مع القوى الكبرى كافة. ومن الطبيعي أن تعتمد جودة العلاقة على مدى التقارب بين مصالحنا. وعلى وجه التحديد، نمر بمرحلة صعبة في علاقاتنا مع الصين بسبب الوضع الحدودي. وروسيا شريك قديم ويتوسع تعاوننا الاقتصادي معه بشكل مطرد. ومع الولايات المتحدة، تجاوزنا ترددات التاريخ وأنشأنا شراكة استراتيجية قوية.

* يرى بعض المراقبين أن انضمام الهند إلى «منظمة شنغهاي للتعاون» يثير حساسية في العلاقات الهندية - الأميركية؟

- الهند تنتهج سياسة خارجية متعددة الاتجاهات. ونحن نعتقد أن النظام العالمي يتجه نحو عصر التعددية القطبية، وهذا يعني أن مختلف البلدان سيتعاون بعضها مع بعض، وفق ما تمليه مصالحها الوطنية، دون السعي إلى الحصرية.

روسيا ترحب برغبة تركيا في الانضمام إلى مجموعة «بريكس» (أ.ف.ب)

* هل أدى ذلك إلى توسيع عضوية «بريكس»؟

- دعني أقُلْ لك إنه في العام الماضي قررت مجموعة «بريكس BRICS» توسيع عضويتها، ومن بين دول المنطقة، تمت دعوة السعودية والإمارات وإيران ومصر للانضمام إلى هذا التحالف، ونحن نعتقد أن هذه الدول لديها مساهمة مهمة في نشوء عالم متعدد الأقطاب.