السيسي يعول على «صلابة المصريين» في تحمل «الضغوط»

السيسي يشهد احتفالية «عيد الشرطة» الثاني والسبعين (الرئاسة المصرية)
السيسي يشهد احتفالية «عيد الشرطة» الثاني والسبعين (الرئاسة المصرية)
TT

السيسي يعول على «صلابة المصريين» في تحمل «الضغوط»

السيسي يشهد احتفالية «عيد الشرطة» الثاني والسبعين (الرئاسة المصرية)
السيسي يشهد احتفالية «عيد الشرطة» الثاني والسبعين (الرئاسة المصرية)

يعول الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي على ما وصفه بـ«صلابة المصريين» في تحمل «الضغوط الاقتصادية» التي تعاني منها بلاده، مقراً بـ«صعوبات وغلاء» تواجه مصر، أكبر دول عربية من حيث عدد السكان.

وقال السيسي، في كلمة ارتجالية خلال الاحتفال بذكرى «عيد الشرطة»، الأربعاء، إنه «يدرك حجم المعاناة والضغوط الاقتصادية» في مصر، محملاً الشعب مسؤولية الحفاظ على «أمن واستقرار مصر» إلى جانب السلطة، قائلاً: «استقرار الدول والحفاظ على أمنها ومستقبلها لا تتحملهما القيادة أو الحكومة فقط، وإنما يتحملهما كل أفراد الشعب». وأضاف: «أقدر حجم المعاناة والضغوط الاقتصادية الموجودة في مصر... وأقدر أكثر صلابة المصريين... هذا ليس كلاماً معنوياً... أنا على علم بأن الحياة صعبة والظروف صعبة والأسعار غالية».

وتعاني مصر من أزمة حادة في ظل تضخم قياسي لأسعار السلع والخدمات، مع تراجع قيمة الجنيه مقابل الدولار، ونقص العملة الأجنبية، فضلاً عن ارتفاع مستويات الاقتراض الخارجي في السنوات الأخيرة.

وعزا السيسي جزءاً كبيراً من الأزمة الحالية إلى الحرب الإسرائيلية في غزة، قائلاً: «مصر تواجه ظروفاً على حدودها الغربية والشرقية والجنوبية». وأضاف: «يجب أن نعلم أن تلك الأمور لا تمر من دون أي تأثير علينا أو على اقتصادنا، فكل حدث له تداعياته».

وفاقمت الحرب الإسرائيلية على غزة، التي اندلعت في السابع من أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، من الأزمة الاقتصادية بمصر؛ حيث تراجعت توقعات السياحة، وانخفضت إيرادات قناة السويس بنحو 40 في المائة على أساس سنوي في النصف الأول من يناير (كانون الثاني) بعد هجمات شنها الحوثيون في اليمن، على سفن تجارية في البحر الأحمر.

السيسي يجتمع مع أعضاء المجلس الأعلى للشرطة (الرئاسة المصرية)

ووجه السيسي رسالة للمصريين قائلاً: «من الضروري أن يكون الشعب المصري صفاً واحداً وكتلة واحدة في مواجهة أي تحديات أو صعوبات»، مذكراً بانتفاضة «25 يناير» 2011 وما تلاها من أحداث. وقال: «هل تعلمون معنى أن نخسر أكثر من 450 مليار دولار في أحداث 2011 و2012 و2013؟».

وقدر السيسي تكاليف مواجهة مصر لـ«الإرهاب» خلال السنوات الماضية، بـ«120 مليار جنيه»، مؤكداً أن «موارد الدولة المحدودة لم تكن تتحمل ذلك»، مضيفاً: «الدولة لم يكن لها خيار سوى مواجهة الإرهاب وتحمل الكلفة وإلا ساءت الأوضاع وعاشت البلاد حالة من عدم الاستقرار».

وأشار إلى أن «كل هذه التكاليف أثرت بالتأكيد على الاقتصاد المصري»، مضيفاً أن «الحوار الوطني الذي بدأ العام الماضي سيستمر، ومناقشة الأوضاع الاقتصادية من خلال الحوار الوطني ستتم بشكل أعمق وأشمل للعمل على مواجهة التحديات».

ويطالب مراقبون بتجميد المشروعات الإنشائية، التي تقوم بها الحكومة حالياً في المدن الجديدة، مثل العاصمة الإدارية، كحل للأزمة الاقتصادية. ورد السيسي قائلاً إن «هذه الرؤى من منظور اقتصادي جيدة... لكن وقف تلك المشروعات يعني وقفاً لنحو 5 أو 6 ملايين مواطن يعملون بها... وفي حال صرف مبلغ يقدر بألف جنيه مصري لكل عامل في الشهر (منحة بديلة) يعني ذلك تكلفة على الدولة من 5 إلى 6 مليارات جنيه في الشهر، بما يقدر بـ60 مليار جنيه سنوياً». وأضاف: «الدنيا غالية بس قادرين نعيش... لو نستحمل أكتر هنعيش ونكبر ونتجاوز هذه المشكلة».

وبشأن شح العملة الأجنبية، قال السيسي «الدولار دائماً ما يمثل مشكلة كل كام سنة في مصر، وهذا يرجع لأن الدولة تقدم الخدمات الأساسية للمواطن مقابل الجنيه في حين أنها تقوم باستيراد هذه الخدمات بالدولار»، مشيراً إلى أن «الدولة المصرية تحتاج إلى ما يقارب من 3 مليارات دولار لتوفير السلع الأساسية لكل مواطن بشكل شهري من قمح وذرة وزيت وفول صويا ووقود وكهرباء».

وأضاف: «محطات الكهرباء تحتاج إلى غاز بما يعادل مليار دولار تقريباً شهرياً، وتلك الاحتياجات الأساسية للمواطن المصري لا يمكن التقصير فيها وعدم توفيرها... وإذا لم تعمل الدولة المصرية بكل ما فيها على زيادة مواردها من الدولار لتصبح أكثر أو تعادل الإنفاق من الدولار فستستمر هذه المشكلة».

وللدولار الأميركي سعران في مصر، أحدهما رسمي يقدر بـ30.9 جنيه للدولار، والآخر في السوق السوداء ويقدر بأكثر من 60 جنيهاً، وفق وسائل إعلام محلية.

وسجل معدل التضخم السنوي في مصر، الذي بلغ 33.7 في المائة في ديسمبر (كانون الأول) الماضي، مستويات قياسية منذ يونيو (حزيران) الماضي.

وأقر الرئيس المصري بأهمية ضبط الأسعار في الأسواق، وقال: «المواطنون معهم كامل الحق، وأؤكد بنفسي على هذا الأمر للحكومة أيضاً»، مطالباً التجار في الوقت نفسه بـ«أن يكتفوا بالمكسب المناسب»، مشدداً على أن «الأزمة التي نمر بها حالياً لها حلول ولكن تعتمد علينا جميعاً».

وتابع: «كنا نستورد سيارات بـ4.5 مليار دولار في العام، وهواتف محمولة بقيمة ملياري دولار أو أكثر، ونحن نتحدث في دولة أصبحت 106 ملايين نسمة ومطلوب أن يتوفر لها كل شيء».

وعاد السيسي إلى التذكير بالأوضاع الصعبة في غزة، داعياً المصريين إلى أخذها في الاعتبار، قائلاً: «نحن نأكل ونشرب... المنتجات غالية أو بعضها غير متوفر مفيش مشكلة، لكن ربنا أعطانا مثالاً حيا لناس لا نستطيع إدخال أساسيات الطعام إليهم سواء القمح أو الدقيق أو الزيت... حجم الناقلات التي كانت تدخل إلى غزة يومياً يقدر بنحو 600 شاحنة، لكن لم يتم خلال هذه الأزمة إدخال أكثر من 220 شاحنة إلا خلال اليومين الماضيين».


مقالات ذات صلة

65 % ارتفاعاً في تحويلات المصريين بالخارج خلال أغسطس

الاقتصاد مقر البنك المركزي المصري في العاصمة القاهرة (رويترز)

65 % ارتفاعاً في تحويلات المصريين بالخارج خلال أغسطس

قال البنك المركزي المصري إن تحويلات المصريين العاملين بالخارج ارتفعت للشهر السادس على التوالي خلال أغسطس الماضي بنسبة زيادة 65.5 في المائة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
شمال افريقيا مصريون يسيرون أمام مكتب صرافة في القاهرة (أ.ب)

الدولار… صداع مزمن يقض مضاجع المصريين

تنعكس أي زيادة في سعر صرف الدولار أمام الجنيه المصري بصورة مباشرة على زيادة أسعار السلع والخدمات، في ظل اعتماد مصر على مواد مستورَدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد عمليات تطوير وإنشاء مبانٍ حديثة بوسط القاهرة (تصوير: عبد الفتاح فرج)

القطاع الخاص المصري يواصل الانكماش رغم ارتفاعه في أكتوبر

واصل أداء القطاع الخاص غير النفطي في مصر تراجعه في أكتوبر، وذلك في وقت تسببت ضغوط التكلفة المرتفعة في كبح أحجام الطلبيات الجديدة.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي خلال لقائه مديرة صندوق النقد الدولي كريستالينا غورغييفا والوفد المرافق (رئاسة الجمهورية)

مصر: المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد تبدأ الثلاثاء

قال رئيس الوزراء المصري مصطفى مدبولي، اليوم (الأحد)، إن المراجعة الرابعة لبرنامج صندوق النقد الدولي مع البلاد ستبدأ يوم الثلاثاء.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
الاقتصاد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي وكريستالينا غورغييفا مديرة صندوق النقد (أرشيفية - رويترز)

السيسي يدعو مديرة صندوق النقد إلى «مراعاة التحديات»

أعرب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي عن تطلع بلاده لاستكمال التعاون مع صندوق النقد الدولي، والبناء على ما تَحقَّق «بهدف تعزيز استقرار الأوضاع الاقتصادية».

«الشرق الأوسط» (القاهرة)

يمنيان يقضيان تحت التعذيب في معتقلات الحوثيين

الحوثيون متهمون بتعذيب المختطفين وقتل العشرات منهم (إ.ب.أ)
الحوثيون متهمون بتعذيب المختطفين وقتل العشرات منهم (إ.ب.أ)
TT

يمنيان يقضيان تحت التعذيب في معتقلات الحوثيين

الحوثيون متهمون بتعذيب المختطفين وقتل العشرات منهم (إ.ب.أ)
الحوثيون متهمون بتعذيب المختطفين وقتل العشرات منهم (إ.ب.أ)

في حين لا يزال عشرات المدنيين اليمنيين مغيبين في سجون الجماعة الحوثية منذ شهور بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى إطاحة حكم أسلاف الجماعة، فقد أعلنت مصادر حقوقية عن وفاة جندي تحت التعذيب بأحد المعتقلات، وذلك بعد أيام من وفاة أحد المختطَفين في ظروف غامضة، والكشف عن انتهاكات وُصفت بالمروعة ونُسبت إلى قيادي حوثي بمحافظة حجة.

وأفادت منظمة «مساواة للحقوق والحريات» (منظمة يمنية) بأن الجندي في الجيش اليمني محمد سليمان (36 عاماً) فارق الحياة نتيجة تعرضه للتعذيب في سجن الأمن المركزي بصنعاء، بعد 4 أعوام من وقوعه في الأسر خلال المواجهات بين القوات الحكومية والحوثيين على جبهة صرواح بمحافظة مأرب (شرق صنعاء).

جندي يمني فارق الحياة تحت التعذيب في معتقل حوثي (إعلام محلي)

ووفقاً لما ذكرته المنظمة، فإن سليمان تعرض لـ«أبشع أنواع التعذيب النفسي والجسدي»، مما أدى إلى تدهور حالته الصحية وفقدانه الوعي بشكل متكرر، تاركاً خلفه أسرة مكونة من زوجة و4 أطفال.

وطلبت المنظمة من المجتمع الدولي التحرك العاجل لحماية الأسرى والمعتقلين في سجون الحوثيين، «خصوصاً مع ازدياد أعداد الوفيات في صفوف المعتقلين؛ إما بسبب التعذيب، وإما لسوء الأوضاع المعيشية والصحية في الزنازين».

وفي سياق انتهاكات الجماعة الحوثية ضد المحتجزين في السجون، ذكرت مصادر حقوقية يمنية أن الشاب مسعود البكيلي توفي متأثراً بالتعذيب الذي تعرض له في أحد سجون الجماعة بصنعاء، عقب احتجازه لمدة عام.

وذكرت المصادر أن الجماعة الحوثية تعمدت نقل الضحية بين عدد من سجونها، قبل أن تبلغ أسرته بوفاته، قائلة إنه تأثر بإصابته بوباء الكوليرا، لكن المصادر بينت أنه وُجدت على جثته آثار كدمات شديدة نتيجة الضرب المبرح الذي تعرض له، ويرجح أنه كان سبب وفاته. وعدّت المصادر حديث الحوثيين عن وفاته نتيجة إصابته بوباء «الكوليرا» محاولة للتغطية على الجريمة.

وقائع مروعة

في محافظة حجة اليمنية (شمالي غرب) رصد ناشطون وقائع تعذيب وُصفت بالمروعة يقف خلفها القيادي الحوثي سليمان الهدوي، المشرف الحوثي في مديرية عبس التي تعدّ كبرى مديريات المحافظة، وتؤوي آلاف النازحين جراء الحرب التي أشعلها الحوثيون بانقلابهم على السلطة الشرعية.

ووفق ما نقله ناشطون عن أهالي الضحايا في المديرية من شهادات وصفوها بالبشعة، فقد اتهموا الرجل المنحدر من محافظة صعدة ويُكنى «أبو فردوس» بارتكاب انتهاكات غير مسبوقة عبر إدارته سَجْنَين بالمديرية التي لها امتداد على ساحل البحر الأحمر.

المشرف الحوثي في مديرية عبس متهم بارتكاب انتهاكات مروعة (إعلام محلي)

واتهم الناشطون القيادي الحوثي بارتكاب جرائم تعذيب بحق فتيات وتلفيق تهم أخلاقية لهن، وقالوا إنه يتعامل مع السكان على أنهم «عبيد»، ووصفوه بأنه أشد بشاعة من القيادي الحوثي سلطان زابن الذي أدرجه «مجلس الأمن الدولي» على قائمة العقوبات بعد ثبوت تورطه في تعذيب معتقلات واستغلالهن جنسياً بالمعتقلات السرية التي كان يديرها.

ووفق تلك الشهادات، فإن الهدوي يعدّ الحاكم المطلق في مديرية عبس، ويستمد سلطته من مكتب زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي، ويفرض على السكان دفع إتاوات، حتى عند مغادرة المنطقة إلى الخارج للبحث عن العمل؛ إذ يلزمهم بدفع نحو 200 دولار عن كل شخص مقابل الحصول على موافقة سفر، وإلا أُودع المعتقل.

ويقوم نظام حكم الحوثيين على وجود سلطتَين متوازيتين؛ الأولى شكلية وتتبع ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى»، وتشمل محافظي المحافظات والوزراء ومديري المديريات، والأخرى سلطة فعلية تسمى سلطة المشرفين الذين يُعيَّنون في الوزارات والمحافظات والمديريات، ويتبعون مباشرة مكتب زعيم الحوثيين، ويتمتعون بسلطة مطلقة، ولا يمتلك أحد غير مكتبه حق الاعتراض على قراراتهم أو ممارساتهم، أو تغييرهم.

تعذيب معلم

اتصالاً بانتهاكات الجماعة الحوثية، فقد ذكر ناشطون يمنيون أن المعلم صلاح البعوم نُقل إلى أحد مستشفيات مدينة إب، (193 كيلومتراً جنوب صنعاء) بعد تدهور حالته الصحية والنفسية إثر تعرضه للتعذيب المستمر في سجن حوثي.

وكان البعوم اختُطف بتهمة التحضير للاحتفال بذكرى «ثورة 26 سبتمبر (أيلول)»، التي أطاحت أسلاف الحوثيين في شمال اليمن عام 1962، ومعه عشرات الشبان والنشطاء بالمحافظة التي باتت تشكل بؤرة رئيسية لمعارضة حكم الجماعة. ولا يزال معظم هؤلاء مغيبين في السجون للشهر الثالث على التوالي.

حتى كبار السن لم يسلموا من الاختطاف والإخفاء القسري الحوثي (إعلام محلي)

وأكد عدد من الناشطين لـ«الشرق الأوسط» أن الحوثيين يواصلون إخفاء عشرات المدنيين الذين اتُهموا بالتحضير للاحتفال بـ«ثورة 26 سبتمبر»، وقالوا إن عدد الذين أُطلق سراحهم من سجون الجماعة لا يشكل ربع المختطفين، وإن أغلب من أُطلق سراحهم أُرغموا على التوقيع على تعهدات بألا يعودوا إلى الاحتفال مستقبلاً بهذه المناسبة أو انتقاد حكم الجماعة، وإلا فإنهم سيكونون عرضة للاعتقال، بل تجاوز الأمر ذلك إلى التهديد باعتقال أقاربهم أو أبنائهم إذا خالفوا التعهدات.

وشدد الناشطون على ضرورة فتح تحقيق دولي مستقل في الجرائم المتصاعدة بسجون الحوثيين، ومحاسبة المسؤولين عنها، وأكدوا على أن الانتهاكات التي تمارسها الجماعة الحوثية تعدّت المعتقلين إلى أسرهم، وأنها تستهدف سلامتهم النفسية والجسدية.