واشنطن ولندن تتوعدان بتحجيم قدرات الحوثيين إثر ثاني ضرباتهما المشتركة

ضرب 8 أهداف في 4 محافظات يمنية... والجماعة تهدد بالانتقام... وإيران تحذر

أدت الضربات إلى مقتل 15 حوثياً منذ بدء التصعيد في البحر الأحمر (أ.ب)
أدت الضربات إلى مقتل 15 حوثياً منذ بدء التصعيد في البحر الأحمر (أ.ب)
TT

واشنطن ولندن تتوعدان بتحجيم قدرات الحوثيين إثر ثاني ضرباتهما المشتركة

أدت الضربات إلى مقتل 15 حوثياً منذ بدء التصعيد في البحر الأحمر (أ.ب)
أدت الضربات إلى مقتل 15 حوثياً منذ بدء التصعيد في البحر الأحمر (أ.ب)

توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا، الثلاثاء، بتحجيم قدرات الحوثيين على تهديد الملاحة البحرية، عقب ضربات مشتركة هي الثانية لهما معا، استهدفت منتصف ليل الاثنين - الثلاثاء، بتوقيت صنعاء أهدافاً للجماعة الموالية لإيران في العاصمة اليمنية ومحيطها، وثلاث محافظات أخرى، وسط تهديد قادة الجماعة بالانتقام.

وتعد ضربات واشنطن ولندن هي الثامنة ضد مواقع الحوثيين منذ 12 يناير (كانون الثاني)، والثانية التي جاءت بمشاركة بريطانية، منذ تصاعد الهجمات على سفن الشحن في البحر الأحمر وخليج عدن.

شاركت لندن للمرة الثانية مع واشنطن في توجيه ضربات للحوثيين (رويترز)

وزعم الحوثيون، الاثنين، أنهم استهدفوا سفينة شحن عسكرية أميركية في خليج عدن بصواريخ مناسبة، وهو ما كذبته البحرية الأميركية، عشية الضربات الجديدة التي استهدفت مستودعات ورادارات وبنية تحتية للجماعة، التي تزعم أنها تشن هجماتها نصرة للفلسطينيين في غزة.

وفيما توعدت واشنطن ولندن باستمرار الضربات، شنت الجماعة المدعومة من إيران نحو 30 هجوماً على سفن الشحن منذ 19 نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي، بما في ذلك الاستيلاء على السفينة «غالاكسي ليدر»، واحتجاز طاقمها وتحويلها إلى مزار سياحي لأتباعها.

وصرّح وزير الخارجية الإيراني، الثلاثاء، أن بلاده تحذر واشنطن من خطر الضربات على الحوثيين، فيما تقول الحكومة اليمنية إن الهجمات في البحر الأحمر وخليج عدن تتم عبر أسلحة وخبراء من إيران.

ومنذ بدء التصعيد الحوثي بحرياً وإطلاق الضربات الأميركية والبريطانية قُتل 15 مسلحاً حوثياً، وأصيب ستة غيرهم؛ وفق اعتراف الجماعة، 10 منهم قتلوا في البحر عند محاولتهم في 31 ديسمبر (كانون الأول) الماضي قرصنة سفينة شحن جنوب البحر الأحمر.

يشكك باحثون يمنيون في فاعلية ضربات واشنطن ولندن للجماعة الحوثية (إ.ب.أ)

وعقب التهديدات الحوثية للملاحة أعلنت واشنطن الشهر الماضي تشكيل تحالف متعدد الجنسيات أطلقت عليه «حارس الازدهار» لحماية سفن الشحن في المياه الإقليمية اليمنية، وأخيراً صنفت الجماعة بشكل خاص على قوائم الإرهاب.

تدمير 8 أهداف حوثية

القيادة المركزية الأميركية أكدت في بيان مشترك مع حلفائها أنها استهدفت في الضربات الأخيرة ثمانية أهداف حوثية، وهو ما يعد جزءا من الجهود الدولية المستمرة للرد على الأنشطة الحوثية المتزايدة المزعزعة للاستقرار والأنشطة غير القانونية في المنطقة.

وقال البيان إن قوات القيادة المركزية شاركت إلى جانب القوات المسلحة البريطانية، وبدعم من أستراليا والبحرين وكندا وهولندا في تنفيذ ضربات على ثمانية أهداف للحوثيين في المناطق التي يسيطرون عليها من اليمن.

واستهدفت هذه الضربات، حسب البيان، التي شنها التحالف متعدد الأطراف المناطق التي يسيطر عليها الحوثيون، والتي استخدمت لمهاجمة السفن التجارية الدولية وسفن البحرية الأميركية في المنطقة، وشملت الأهداف أنظمة صواريخ، ومنصات إطلاق، وأنظمة دفاع جوي، ورادارات، ومنشآت تخزين أسلحة مدفونة بعمق.

وجهت واشنطن ضربة ثامنة للحوثيين رداً على هجماتهم ضد سفن الشحن (إ.ب.أ)

وتهدف الضربات، وفق البيان، إلى إضعاف قدرة الحوثيين على مواصلة هجماتهم المتهورة وغير القانونية على السفن الأميركية والبريطانية، وكذلك الشحن التجاري الدولي في البحر الأحمر ومضيق باب المندب وخليج عدن.

كما أكد البيان أن هذه الضربات منفصلة ولا علاقة لها بإجراءات حرية الملاحة المتعددة الجنسيات، التي يتم تنفيذها في إطار عملية «حارس الازدهار».

من جهته، قال وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون، الثلاثاء، إن الحملة الرامية إلى إضعاف القدرات العسكرية للحوثيين في اليمن ستستمر بعدما شنت الولايات المتحدة وبريطانيا سلسلة جديدة من الهجمات.

وقال كاميرون لمحطات تلفزيونية: «ما فعلناه مجدداً هو إرسال أبلغ رسالة ممكنة بأننا سنواصل الحد من قدرتهم على تنفيذ هذه الهجمات»؛ وفق ما نقلته «رويترز».

تصريحات كاميرون جاءت في وقت، أفادت فيه هيئة العمليات البحرية البريطانية بأنها، تلقت الثلاثاء، تقارير عن نشاط نظام جوي غير مأهول على بعد 46 ميلاً بحرياً جنوب المخا اليمنية، وقالت إن السلطات تقوم بالتحقيق، ونصحت السفن بالعبور بحذر، والإبلاغ عن أي نشاط مشبوه.

تهديدات متبادلة

في السياق نفسه، اعترفت الجماعة الحوثية بالضربات الجديدة، ولم تتحدث عن سقوط قتلى أو جرحى وهددت بالانتقام، وفق بيان للمتحدث العسكري باسمها يحيى سريع.

وقال المتحدث الحوثي إن الطيران الأميركي والبريطاني شن 18 غارة جوية، توزعت بين 12 غارة على صنعاء ومحيطها، وثلاث غارات على محافظة الحديدة، وغارتين على محافظة تعز، وغارة على محافظة البيضاء. وتوعد بالقول: «هذه الاعتداءات لن تمر دون رد وعقاب».

وكان المتحدث الحوثي زعم في بيان، الاثنين، أن جماعته استهدفت سفينة شحن عسكرية أميركية تدعى «أوشن جاز» في خليج عدن. وهو ما نفاه الجيش الأميركي.

انفجار إثر ضربة أميركية لأحد المواقع الحوثية في اليمن (رويترز)

وقالت القيادة المركزية للقوات البحرية الأميركية في بيان إن «تقرير الإرهابيين الحوثيين المدعومين من إيران عن هجوم ناجح مزعوم على سفينة (أوشن جاز) محض افتراء»، وإن السفينة واصلت عبورها بشكل آمن.

ومنذ التصعيد الحوثي، أصابت الهجمات أربع سفن على الأقل، منها سفينتان أميركيتان وثالثة نرويجية ورابعة يونانية، وسط مخاوف من أن يؤدي التصعيد إلى اتساع رقعة الصراع في البحر الأحمر.

ونقلت وكالة الجمهورية الإسلامية الإيرانية للأنباء (إرنا)، الثلاثاء، عن وزير الخارجية حسين أمير عبداللهيان قوله إن «إيران وجهت رسالة وتحذير للأميركيين بأن ما يقومون به بالاشتراك مع بريطانيا في البحر الأحمر وضد اليمن یعد تهديداً للسلام والأمن وخطأً استراتيجياً»، وأضاف عبداللهيان أنه «في الوقت الذي شنت فيه أميركا وبريطانيا هجمات على اليمن أظهرت صور الأقمار الاصطناعية وجود حوالي 230 سفينة تجارية ونفطية في البحر الأحمر، ما يعني أنهم تلقوا رسالة اليمنيين جيداً بأن السفن المتجهة إلى موانئ إسرائيل فقط هي التي يوقفها اليمنيون».

في المقابل، أكّد رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك الثلاثاء أن لندن ستواصل الردّ على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر في حال استمرّت.

رئيس الوزراء البريطاني ريشي سوناك يتوعد الحوثيين (أ.ف.ب)

وقال سوناك للبرلمان: «نحن لا نسعى إلى المواجهة»، مضيفاً «لكن في حال الضرورة، لن تتردد المملكة المتحدة في الردّ في إطار الدفاع عن النفس». وتابع «لا يمكننا أن نقف مكتوفي الأيدي ونسمح لهذه الهجمات بالمرور دون رد». ودعا سوناك «الحوثيين ومن يدعمهم إلى وقف هذه الهجمات غير القانونية وغير المقبولة»؛ وفق ما نقلته عنه «وكالة الصحافة الفرنسية».

وأعلن سوناك أن وزير الخارجية البريطاني ديفيد كاميرون سيزور منطقة البحر الأحمر «في الأيام المقبلة». وتعهد بفرض عقوبات على الحوثيين، قائلًا: «سنستخدم أكثر الوسائل فاعلية التي تتاح لنا لقطع الموارد المالية عن الحوثيين»، وأضاف سوناك «نعتزم الإعلان عن عقوبات جديدة في الأيام المقبلة بالتعاون مع الولايات المتحدة».

وتقول الحكومة اليمنية إن «العالم أدار ظهره طيلة سنوات للنداءات، والتحذيرات الحكومية من مخاطر التدخلات الإيرانية المزعزعة لأمن واستقرار اليمن والمنطقة، التي دفع اليمنيون ودول وشعوب المنطقة ثمنها فادحاً، ليجد نفسه في مواجهة مباشرة مع الإرهاب الإيراني وأداته الحوثية وجهاً لوجه في البحر الأحمر، ومضيق باب المندب وخليج عدن»؛ وفق تعبير وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني.

توعدت الولايات المتحدة وبريطانيا باستمرار الضربات حتى يوقف الحوثيون الهجمات (إ.ب.أ)

وقال الإرياني في تصريحات رسمية، إن الحكومة في بلاده «أكدت مراراً وتكراراً في مختلف الأحداث التي شهدتها البلاد منذ الانقلاب 2014، وجود مستشارين وخبراء ومقاتلين من (الحرس الثوري) الإيراني و(حزب الله) اللبناني في المناطق الخاضعة بالقوة لسيطرة ميليشيا الحوثي الإرهابية، لإدارة غرف العمليات، ووضع الخطط العسكرية، وتقديم الدعم الاستخباراتي واللوجيستي، وإعادة تجميع الصواريخ الباليستية والطائرات المسيرة المُهربة من إيران».

وطالب الوزير اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والاتحاد الأوروبي ومجلس الأمن الدولي بالتحرك الحازم لوضع حد لما وصفه بـ«الإرهاب المنظم» الذي يمارسه نظام طهران، وأدواته في المنطقة، وفي المقدمة الحوثيون.


مقالات ذات صلة

مركز «الملك سلمان للإغاثة» يمول بناء أكثر من 200 وحدة سكنية بمحافظة حجة اليمنية

الخليج جانب من توقيع مركز «الملك سلمان للإغاثة» اتفاقية لبناء 232 وحدة سكنية اقتصادية في حجة غرب اليمن (سبأ)

مركز «الملك سلمان للإغاثة» يمول بناء أكثر من 200 وحدة سكنية بمحافظة حجة اليمنية

وقّع مركز «الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقية تعاون مشترك مع إحدى مؤسسات المجتمع المدني في اليمن، لإنشاء مجمع سكني للنازحين داخلياً مع مرافقه…

«الشرق الأوسط» (الرياض)
شؤون إقليمية إطلاق سابق لصواريخ دفاع جوي من نظام القبة الحديدية الإسرائيلي (أرشيفية - د.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ أطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الأحد)، إنه اعترض صاروخاً أطلق من اليمن قبل أن يعبر إلى الأراضي الإسرائيلية.

«الشرق الأوسط» (بيروت)
المشرق العربي التطرفات المناخية باليمن أسهمت إلى جانب الانقلاب والحرب في مضاعفة معاناة اليمنيين (أ.ف.ب)

استراتيجية يمنية لتمويل المناخ وبرنامج أممي يحمي الأسماك

تعتزم الحكومة اليمنية بدء حملة للحصول على تمويلات تساعدها في مواجهة تطرفات المناخ بينما ينفذ برنامج أممي مشروعاً لحماية البيئة والثروة السمكية.

وضاح الجليل (عدن)
المشرق العربي طفلة تعاني من سوء التغذية وتنتظر العلاج في أحد مستشفيات العاصمة صنعاء (رويترز)

الكوليرا والحصبة تفتكان بمئات آلاف اليمنيين

تتزايد أعداد المصابين بالكوليرا والحصبة وأمراض أخرى في اليمن، بموازاة تفاقم سوء التغذية الذي تعتزم الحكومة مواجهته بالتعاون مع الأمم المتحدة بمناطق غرب البلاد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي مركز الملك سلمان وقع اتفاقية تعاون لتنفيذ مشروع العودة إلى المدارس في اليمن (واس)

«مركز الملك سلمان» يوقع اتفاقيات لتعزيز التعليم والصحة في اليمن

وقع «مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية»، اتفاقيات متنوعة لتعزيز القطاع التعليمي والطبي في محافظات يمنية عدة يستفيد منها ما يزيد على 13 ألف فرد.

«الشرق الأوسط» (الرياض)

«فتح» و«حماس» في القاهرة... جولة جديدة بشأن مستقبل «إدارة غزة»

فلسطينيون يقودون سياراتهم بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية بخان يونس (إ.ب.أ)
فلسطينيون يقودون سياراتهم بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية بخان يونس (إ.ب.أ)
TT

«فتح» و«حماس» في القاهرة... جولة جديدة بشأن مستقبل «إدارة غزة»

فلسطينيون يقودون سياراتهم بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية بخان يونس (إ.ب.أ)
فلسطينيون يقودون سياراتهم بين أنقاض المنازل المدمرة في أعقاب عملية عسكرية إسرائيلية بخان يونس (إ.ب.أ)

جولة جديدة في القاهرة بين حركتي «فتح» و«حماس» الفلسطينيتين؛ لبحث مستقبل إدارة قطاع غزة عبر لجنة مساندة، في ظل حراك مصري وأميركي لإبرام هدنة بالقطاع تحاكي نظيرتها في لبنان التي تمت قبل أيام، وتمتد لنحو 60 يوماً.

تلك الجولة تُعد الثالثة في نحو شهرين، والتي تستضيفها مصر، وفق معلومات تحدثت بها مصادر فلسطينية لـ«الشرق الأوسط» أقرب لحسم اتفاق بين الحركتين، في ظل تفاهمات تنتظر إقرار حل لموظفي «حماس» الذين لن يكونوا بالإدارة الجديدة، متوقعين أن تجري معه بالتوازي مشاورات بشأن الهدنة في غزة قبل وصول الرئيس الأميركي دونالد ترمب للسلطة في 20 يناير (كانون الثاني) المقبل.

وذلك المسار أقرب للحدوث في تقديرات خبراء تحدثوا مع «الشرق الأوسط»، في ظل تسريبات في الإعلام الإسرائيلي عن محادثات بشأن فتح معبر رفح المُغلق من الجانب الفلسطيني منذ مايو (أيار) الماضي، عقب سيطرة إسرائيلية، مرجحين «الذهاب لتهدئة قريباً بالقطاع، وإبرام صفقة تبادل للأسرى والرهائن، وبدء تدفق إغاثي للقطاع عبر المعبر الحدودي مع مصر»، خصوصاً مع تحضيرات القاهرة لمؤتمر إغاثي، الاثنين المقبل.

وسبق أن عقدت «فتح» و«حماس»، اجتماعين مماثلين بالقاهرة أوائل أكتوبر (تشرين الأول)، ونوفمبر (تشرين الثاني)، وشهدت الاجتماعات السابقة محادثات بشأن «إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) معنية لإدارة شؤون قطاع غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة».

فلسطينيون يبحثون عن ضحايا في موقع غارة جوية إسرائيلية على منزل في غزة (رويترز)

والمقترح المطروح على الطاولة، منذ بداية محادثات الحركتين، حسب مصادر فلسطينية تحدثت سابقاً لـ«الشرق الأوسط»، مرتبط بتشكيل «هيئة إدارية» لقطاع غزة، يُطلق عليها اسم «اللجنة المجتمعية لمساندة أهالي قطاع غزة»، تتبع السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس، وتتولّى مهمة إدارة الشؤون المدنية، وتوفير المساعدات الإنسانية للفلسطينيين، وتوزيعها في القطاع، وإعادة تشغيل معبر رفح الحدودي مع مصر، والشروع في إعادة إعمار ما دمّرته الحرب الإسرائيلية.

ولم يحسم الجانبان المقترح في الجولة الأولى، ولم تصدر نتائج بشأنه، وتُرك المجال لهما للعودة إلى قياداتهم، وفق المصادر ذاتها، قبل أن يكشف مصدر أمني مصري لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، عقب انطلاق الجولة الثانية أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي)».

وتحدّث إعلام فلسطيني عن أن وفدي الحركتين يصلان، السبت، العاصمة المصرية القاهرة، لبدء لقاءات مع مسؤولين مصريين استكمالاً لنظيرتها السابقة بشأن المصالحة الفلسطينية، وترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، في حين نقلت «وكالة الصحافة الفرنسية» عن قيادي في «حماس» -لم تذكر هويته- أن «لقاءات ستتم بين الحركة مع مسؤولين مصريين لمناقشة الأفكار المتعلقة بوقف لإطلاق النار».

ووفق معلومات القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، فإن «الاجتماعات المنتظرة ستشهد في الجولة الثالثة استكمال التوافق بشأن لجنة إدارة غزة، بجانب تشكيل جهاز أمني يتبع السلطة ومنح موظفي (حماس)، الذين سيحالون للتقاعد، رواتب تقاعدية»، متوقعاً أن «تكون هذه الجولة مهمة وأكثر اقتراباً من الخروج باتفاق في القاهرة بعد تجاوز كل العقبات، خصوصاً بشأن كيفية تشكيلها والتوافق على تبعيتها للسلطة».

ووفق الرقب، فإن «القاهرة معنية أكثر حاليّاً بالتوصل لاتفاق بشأن إدارة غزة، ضمن حراكها الدائم للتوصل لهدنة تُحاكي ما حدث في لبنان ولو بشكل جزئي»، متوقعاً أن «تناقش (حماس) مع القاهرة تفاصيل مقترح هدنة متدرجة تمتد لنحو 45 يوماً، تشمل تبادلاً للأسرى وتشغيل معبر رفح تحت إشراف لجنة المساندة، وخروج عدد من الجرحى الفلسطينيين للعلاج، وإدخال كميات كبيرة إغاثية للقطاع».

وفي اعتقاد الرقب، فإن «(حماس) قد توافق في هذه المرحلة على انسحاب جزئي لقوات الاحتلال؛ استعداداً لنقاش أوسع لخروج القوات الإسرائيلية كليّاً بعد ذلك، مع تأكيد موافقة الحركة على عدم وجودها في مشهد الحكم، في ظل الظروف الراهنة واستعداداً لانتخابات تالية دون أن يكون لذلك تأثير على قواتها العسكرية، التي لا تزال موجودة في القطاع رغم الضربات التي تلقتها».

فلسطيني يقوم بإجلاء طفل جريح بعد غارة إسرائيلية وسط قطاع غزة (أ.ب)

ويتوقع الأكاديمي المُتخصص في الشؤون الإسرائيلية، الدكتور أحمد فؤاد أنور، أن الاجتماع بين «حماس» و«فتح»، «سيبحث تفاصيل اليوم التالي من الحرب في غزة، وإعلان إنشاء لجنة المساندة لإمكانية تجاوز أي فراغ أو عراقيل، في ظل فرص حقيقية لإحياء التفاوض بشأن الهدنة».

ويرى أن هناك رغبة أميركية للتعجيل باتفاق هدنة، خصوصاً مع تسريبات بشأن مناقشات لفتح معبر رفح متزامنة مع حراك مصري على مختلف الجبهات لإدخال المساعدات الإنسانية، وإبرام اتفاق مصالحة فلسطينية وتشكيل لجنة لإدارة غزة.

اجتماع للفصائل الفلسطينية بالصين انتهى بتوقيع إعلان بكين لإنهاء الانقسام وتعزيز الوحدة الفلسطينية يوليو الماضي (رويترز)

وأعلن البيت الأبيض، الأربعاء، أن الولايات المتحدة تبذل جهوداً دبلوماسية جديدة، بهدف التوصل إلى وقف لإطلاق النار، والاتفاق على إطلاق الرهائن المحتجزين في قطاع غزة، بمساعدة تركيا وقطر ومصر.

وبالتزامن، قال السيناتور الجمهوري، ليندسي غراهام، في مقابلة مع «أكسيوس» الأميركي، إن ترمب يريد أن يرى وقف إطلاق النار وصفقة الأسرى في غزة قبل توليه منصبه، وسط تقديرات أنه لا يزال هناك 101 أسير في غزة من قِبَل «حماس»، بمن في ذلك 7 مواطنين أميركيين.

وسيكون تجاوز عراقيل أي صفقة للرهائن أولوية في لقاء وفد «حماس» مع المسؤولين المصريين، لبحث سبل التوصل لها قريباً، وفق تقدير الخبير الاستراتيجي والعسكري المصري، اللواء سمير فرج، مشيراً إلى مطالب من الحركة بوجود ضمانات لعدم عودة إسرائيل للحرب بعد تسلُّم الرهائن.

وتُشير تلك المساعي المصرية والأميركية، وفق أيمن الرقب، إلى أن «هناك ضغوطاً أميركية تأتي من جانب الرئيس الأميركي جو بايدن لاستكمال ما أنجزه في لبنان باتفاق مشابه في غزة»، متوقعاً أن «يجري بحث وجود قوات دولية خلال تنفيذ المرحلة الأولى من أي اتفاق قريب لتبادل الأسرى للفصل بين الجانبين، وتمكين لجنة غزة من إدارة القطاع».

ويُعزز احتمال التوصل لاتفاق قريب بغزة، وحسب الرقب، حراك مصري واسع من استضافة مؤتمر إغاثي لغزة، وحديث مقترح مصري يجري بحثه مع إسرائيل وفق تسريبات إعلامية إسرائيلية نهاية الأسبوع، فضلاً عن محادثات بين «فتح» و«حماس» بالقاهرة.