الحوثيون يتموضعون في المرتفعات الجبلية للاحتماء من الضربات

كثفوا هجماتهم نحو خليج عدن مستغلين مواقعهم المطلة

من أعلى المرتفعات الشاهقة على حدود محافظة البيضاء يستهدف الحوثيون الملاحة في خليج عدن (إعلام محلي)
من أعلى المرتفعات الشاهقة على حدود محافظة البيضاء يستهدف الحوثيون الملاحة في خليج عدن (إعلام محلي)
TT

الحوثيون يتموضعون في المرتفعات الجبلية للاحتماء من الضربات

من أعلى المرتفعات الشاهقة على حدود محافظة البيضاء يستهدف الحوثيون الملاحة في خليج عدن (إعلام محلي)
من أعلى المرتفعات الشاهقة على حدود محافظة البيضاء يستهدف الحوثيون الملاحة في خليج عدن (إعلام محلي)

بعد أن ضيقت قوات التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة الخناق على هجمات الحوثيين في البحر الأحمر بسبب تمركزهم بالقرب من سواحله، واختيار عدد من شركات الملاحة طريقاً أخرى، تسعى الجماعة حالياً لإعادة التموضع في المرتفعات الجبلية المطلة على محافظة الحديدة مع تكثيف الهجمات على السفن التجارية في خليج عدن مستغلة سيطرتها على سلسلة من المرتفعات المطلة.

وذكرت مصادر محلية وأفراد سابقون في الجيش اليمني لـ«الشرق الأوسط» أن قرب مواقع الحوثيين في الشريط الساحلي للبحر الأحمر جعلا تحركاتهم تحت مجهر ومرمى القوات الأميركية والبريطانية.

يعمل الحوثيون على التمركز في جبال ريمة ليتمكنوا من المناورة عسكرياً (إعلام محلي)

كما أن مواقعهم هذه لم تمكنهم - بحسب المصادر - من المناورة وإخفاء الصواريخ والمسيرات التي كانت تستهدف السفن في جنوب البحر الأحمر، إضافة إلى القدرة الكبيرة التي أظهرتها قوات التحالف في اعتراض وتدمير كل الصواريخ والمسيرات التي تطلق باتجاه الممر المائي الحيوي، حيث جعلتهم عاجزين عن الاستمرار في استخدام الأسلوب نفسه الذي بدأوا به هجماتهم.

تكتيك جديد

وفق المصادر اليمنية فقد استطاعت الولايات المتحدة حتى الآن إفشال التكتيك الذي أعلن عنه زعيم الجماعة عبد الملك الحوثي الشهر الماضي والذي يعتمد على استنزاف واشنطن من خلال إطلاق مسيّرة لا تزيد تكلفتها على ثلاثة آلاف دولار - على حد زعمه - في حين أن تكلفة اعتراضها من قبل القوات الأميركية سيكون بصاروخ قيمته مليون دولار.

وأكدت المصادر أن الحوثيين يعيدون تموضع قواتهم في السلسلة الجبلية لمحافظة ريمة المطلة على مدينة وميناء الحديدة، وفي الهضاب الواقعة في مديرية اللحية الساحلية وفي وسط المزارع الكثيفة في مديريتي ميدي وعبس المطلتين على البحر الأحمر.

حيّدت الضربات الأميركية حتى الآن قدرات الحوثيين في الحديدة (إعلام محلي)

وإلى ذلك، اتجهت الجماعة المدعومة من إيران نحو تكثيف هجماتها على السفن في خليج عدن مستغلة سيطرتها على سلسلة المرتفعات الجبلية بين محافظتي أبين والبيضاء المطلة على خليج عدن.

وخلال ثلاثة أيام فقط الأسبوع الماضي استهدف الحوثيون بالصواريخ والمسيّرات حوالي ثلاث سفن تجارية في خليج عدن من خلال إطلاق الصواريخ المتطورة التي حصلوا عليها من مواقع تمركزهم في مديرية مكيراس على حدود محافظة أبين مع محافظة البيضاء، ومن مواقع أخرى في أطراف محافظة البيضاء مع محافظة الضالع، وهي المنطقة التي تطل على خليج عدن.

وتوقعت المصادر استئناف الحوثيين هجماتهم على السفن في البحر الأحمر بعد استكمال تموضعهم في المرتفعات والهضاب الجبلية حتى يكونوا بعيداً عن الاستهداف المباشر من القوات الأميركية والبريطانية، ذلك لأن وجودهم في المرتفعات الجبلية المطلة على خليج عدن، وبُعد المسافة بين البحر وتلك المواقع، واتساع الخليج، وكثرة السفن العابرة منه سهلت على الجماعة تنفيذ عدد من الهجمات وإن لم تكن دقيقة في كثير من الأحيان.

مخاوف حكومية

من جهته، أكد مسؤول حكومي يمني أن وقف كثير من خطوط الملاحة المرور عبر البحر الأحمر جعل الحوثيين يكثفون هجماتهم باتجاه خليج عدن، ونبه إلى أن ذلك ستكون له أضرار بالغة على حركة التجارة المتجهة إلى موانئ عدن والشحر والمكلا والتي لا تزال تكلفة الشحن إليها أقل بكثير من الرسوم المفروضة على السفن المتجهة إلى موانئ البحر الأحمر.

انفجار في أعقاب هجوم أميركي على أهداف للحوثيين في اليمن (رويترز)

لكن عبد الله بن عامر نائب مدير التوجيه المعنوي في قوات الحوثيين يقول إن «المعركة الأوسع والأهم في البحر الأحمر لم تحدث بعد»، وأضاف أن الأميركيين وبعد فشلهم في إخضاع الحوثيين بالتهديدات والعمل العسكري يدرسون «خيارات توسيع عملياتهم العدوانية»، ولهذا فإن المحتمل التوجه لمزيد من التصعيد، وأكد أن الأميركيين لم يشاهدوا من جماعته إلا المقدمات فقط.

وكانت القوات الأميركية استهدفت عدة مواقع للحوثيين في محافظتي أبين والبيضاء بعد أن هاجموا نحو ثلاث سفن في خليج عدن، بينها السفينة «كيم رينغر»، وهي سفينة ناقلة ترفع علم جزر مارشال وتملكها الولايات المتحدة وتديرها اليونان.

وفي وقت سابق، كشفت 4 مصادر إقليمية ومصدران إيرانيان لـ«رويترز» أن قادة من «الحرس الثوري» الإيراني و«حزب الله» اللبناني موجودون في اليمن للمساعدة في توجيه هجمات الحوثيين على الملاحة في البحر الأحمر، والإشراف عليها.

وذكرت المصادر الإقليمية الأربعة أن إيران التي سلَّحت ودرَّبت وموَّلت الحوثيين، كثفت إمداداتها من الأسلحة للجماعة في أعقاب اندلاع الحرب في غزة، بعد أن هاجمت «حركة حماس» المدعومة من إيران إسرائيل في السابع من أكتوبر (تشرين الأول).

المدمرة البحرية البريطانية «دانكن» تطلق نظام الدفاع الجوي «سي فايبر» (صفحة البحرية البريطانية على فيسبوك)

وأضافت المصادر، لـ«رويترز» أن طهران قدمت طائرات مسيّرة متطورة وصواريخ «كروز» مضادة للسفن وصواريخ باليستية يمكنها إصابة أهدافها بدقة وصواريخ متوسطة المدى للحوثيين الذين بدأوا استهداف السفن التجارية في نوفمبر (تشرين الثاني)، تضامناً مع الفلسطينيين في غزة.

وقالت المصادر جميعها إن قادة ومستشارين من «الحرس الثوري» الإيراني يقدمون أيضاً دعماً من الخبرة والبيانات والمعلومات الاستخباراتية لتحديد أيّ من عشرات السفن التي تمر عبر البحر الأحمر يومياً تتجه إلى إسرائيل، وتشكِّل أهدافاً للحوثيين.


مقالات ذات صلة

أنقرة تدين هجوم الحوثيين على سفينة شحن تركية

شؤون إقليمية ناقلة نفط في البحر الأحمر (رويترز)

أنقرة تدين هجوم الحوثيين على سفينة شحن تركية

أدانت وزارة الخارجية التركية، اليوم (الأربعاء)، الهجوم الصاروخي الذي شنّه الحوثيون المتحالفون مع إيران على سفينة الشحن ذات الملكية التركية «أناضولو إس».

«الشرق الأوسط» (أنقرة )
العالم العربي خسائر بشرية بصفوف الحوثيين جراء استمرار خروقهم الميدانية (فيسبوك)

انقلابيو اليمن يشيّدون مقابر جديدة لقتلاهم ويوسّعون أخرى

خصصت الجماعة الحوثية مزيداً من الأموال لاستحداث مقابر جديدة لقتلاها، بالتزامن مع توسيعها لأخرى بعد امتلائها في عدد من مناطق العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي مسلحون حوثيون يشاركون في تظاهرة باليمن (د.ب.أ)

«الحوثيون» يعلنون مهاجمة سفينة في البحر الأحمر

أعلن المتمردون الحوثيون في اليمن، الثلاثاء، استهداف سفينة شحن في البحر الأحمر، غداة تقرير من «مركز المعلومات البحرية المشترك» عن انفجارين منفصلين.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
تحليل إخباري الجماعة الحوثية استقبلت انتخاب ترمب بوعيد باستمرار الهجمات في البحر الأحمر وضد إسرائيل (غيتي)

تحليل إخباري ماذا ينتظر اليمن في عهد ترمب؟

ينتظر اليمنيون حدوث تغييرات في السياسات الأميركية تجاه بلادهم في ولاية الرئيس المنتخب دونالد ترمب.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي طائرة حوثية من دون طيار في معرض أقامه الحوثيون في صنعاء بمناسبة الأسبوع السنوي لذكرى قتلاهم (رويترز)

الحوثيون يصعّدون ضد إسرائيل... ولا أضرار مؤثرة

واصل الحوثيون تصعيد هجماتهم باتجاه إسرائيل على الرغم من عدم الإعلان عن تسجيل أي خسائر لهذه العمليات، بالتوازي مع استمرار هجماتهم البحرية ضد السفن.

«الشرق الأوسط» (عدن)

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
TT

انتهاكات حوثية تستهدف قطاع التعليم ومنتسبيه

إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)
إجبار طلبة المدارس على المشاركة في فعاليات حوثية طائفية (إعلام حوثي)

ارتكبت جماعة الحوثيين في اليمن موجةً من الانتهاكات بحق قطاع التعليم ومنتسبيه شملت إطلاق حملات تجنيد إجبارية وإرغام المدارس على تخصيص أوقات لإحياء فعاليات تعبوية، وتنفيذ زيارات لمقابر القتلى، إلى جانب الاستيلاء على أموال صندوق دعم المعلمين.

وبالتوازي مع احتفال الجماعة بما تسميه الذكرى السنوية لقتلاها، أقرَّت قيادات حوثية تتحكم في العملية التعليمية بدء تنفيذ برنامج لإخضاع مئات الطلبة والعاملين التربويين في مدارس صنعاء ومدن أخرى للتعبئة الفكرية والعسكرية، بحسب ما ذكرته مصادر يمنية تربوية لـ«الشرق الأوسط».

طلبة خلال طابور الصباح في مدرسة بصنعاء (إ.ب.أ)

ومن بين الانتهاكات، إلزام المدارس في صنعاء وريفها ومدن أخرى بإحياء ما لا يقل عن 3 فعاليات تعبوية خلال الأسبوعين المقبلين، ضمن احتفالاتها الحالية بما يسمى «أسبوع الشهيد»، وهي مناسبة عادةً ما يحوّلها الحوثيون كل عام موسماً جبائياً لابتزاز وقمع اليمنيين ونهب أموالهم.

وطالبت جماعة الحوثيين المدارس المستهدفة بإلغاء الإذاعة الصباحية والحصة الدراسية الأولى وإقامة أنشطة وفقرات تحتفي بالمناسبة ذاتها.

وللأسبوع الثاني على التوالي استمرت الجماعة في تحشيد الكوادر التعليمية وطلبة المدارس لزيارة مقابر قتلاها، وإرغام الموظفين وطلبة الجامعات والمعاهد وسكان الأحياء على تنفيذ زيارات مماثلة إلى قبر رئيس مجلس حكمها السابق صالح الصماد بميدان السبعين بصنعاء.

وأفادت المصادر التربوية لـ«الشرق الأوسط»، بوجود ضغوط حوثية مُورِست منذ أسابيع بحق مديري المدارس لإرغامهم على تنظيم زيارات جماعية إلى مقابر القتلى.

وليست هذه المرة الأولى التي تحشد فيها الجماعة بالقوة المعلمين وطلبة المدارس وبقية الفئات لتنفيذ زيارات إلى مقابر قتلاها، فقد سبق أن نفَّذت خلال الأعياد الدينية ومناسباتها الطائفية عمليات تحشيد كبيرة إلى مقابر القتلى من قادتها ومسلحيها.

حلول جذرية

دعا المركز الأميركي للعدالة، وهو منظمة حقوقية يمنية، إلى سرعة إيجاد حلول جذرية لمعاناة المعلمين بمناطق سيطرة جماعة الحوثي، وذلك بالتزامن مع دعوات للإضراب.

وأبدى المركز، في بيان حديث، قلقه إزاء التدهور المستمر في أوضاع المعلمين في هذه المناطق، نتيجة توقف صرف رواتبهم منذ سنوات. لافتاً إلى أن الجماعة أوقفت منذ عام 2016 رواتب موظفي الدولة، بمن في ذلك المعلمون.

طفل يمني يزور مقبرة لقتلى الحوثيين في صنعاء (إ.ب.أ)

واستحدث الحوثيون ما يسمى «صندوق دعم المعلم» بزعم تقديم حوافز للمعلمين، بينما تواصل الجماعة - بحسب البيان - جني مزيد من المليارات شهرياً من الرسوم المفروضة على الطلبة تصل إلى 4 آلاف ريال يمني (نحو 7 دولارات)، إلى جانب ما تحصده من عائدات الجمارك، دون أن ينعكس ذلك بشكل إيجابي على المعلم.

واتهم البيان الحقوقي الحوثيين بتجاهل مطالب المعلمين المشروعة، بينما يخصصون تباعاً مبالغ ضخمة للموالين وقادتهم البارزين، وفقاً لتقارير حقوقية وإعلامية.

وأكد المركز الحقوقي أن الإضراب الحالي للمعلمين ليس الأول من نوعه، حيث شهدت العاصمة اليمنية المختطفة صنعاء إضرابات سابقة عدة قوبلت بحملات قمع واتهامات بالخيانة من قِبل الجماعة.

من جهته، أكد نادي المعلمين اليمنيين أن الأموال التي تجبيها جماعة الحوثي من المواطنين والمؤسسات الخدمية باسم صندوق دعم المعلم، لا يستفيد منها المعلمون المنقطعة رواتبهم منذ نحو 8 سنوات.

وطالب النادي خلال بيان له، الجهات المحلية بعدم دفع أي مبالغ تحت مسمى دعم صندوق المعلم؛ كون المستفيد الوحيد منها هم أتباع الجماعة الحوثية.