مشاريع دولية لتنمية الزراعة في اليمن وتعزيز الأمن الغذائي

يهدف التمويل الدولي لدعم صغار المزارعين وتدريبهم وتزويدهم بالموارد والوصول إلى الأسواق للتقليل من خطر المجاعة (الأمم المتحدة)
يهدف التمويل الدولي لدعم صغار المزارعين وتدريبهم وتزويدهم بالموارد والوصول إلى الأسواق للتقليل من خطر المجاعة (الأمم المتحدة)
TT

مشاريع دولية لتنمية الزراعة في اليمن وتعزيز الأمن الغذائي

يهدف التمويل الدولي لدعم صغار المزارعين وتدريبهم وتزويدهم بالموارد والوصول إلى الأسواق للتقليل من خطر المجاعة (الأمم المتحدة)
يهدف التمويل الدولي لدعم صغار المزارعين وتدريبهم وتزويدهم بالموارد والوصول إلى الأسواق للتقليل من خطر المجاعة (الأمم المتحدة)

تقدم منظمات دولية دعماً للمزارعين اليمنيين لمواجهة انعدام الأمن الغذائي، وتوجيه المجتمعات المحلية إلى الاعتماد على نفسها في توفير متطلباتها المعيشية، وفي مقابل ذلك تتسبب ممارسات الجماعة الحوثية في إلحاق الضرر بالفلاحين وتكبيدهم خسائر كبيرة.

ويذكر البنك الدولي أنه يقدم مساعدات للمزارعين اليمنيين من أجل ابتكار طرق لإنتاج الغذاء لأنفسهم ولمجتمعاتهم، على الرغم من العقبات الكثيرة التي تواجههم في إطار المشروع الطارئ لتعزيز الحماية الاجتماعية، مثل نظام الري بالتنقيط الذي يستخدم كميات أقل من المياه، وشبكات المظلات لحماية المحاصيل، ومولدات كهربائية، وأسمدة.

صورة لمزارعين يمنيين استفادا من المشاريع الدولية للصمود ضد الجوع (الأمم المتحدة)

وإلى جانب المستلزمات الضرورية التي يقدمها البنك الدولي من أجل أن يتكيف المزارعون مع الظروف المناخية المتغيرة؛ يقدم البنك الدولي تدريبات على الممارسات الزراعية السليمة أثرت، كما جاء على موقعه أخيراً، بشكل كبير على زيادة إنتاجية المحاصيل وسُبل الرزق.

وعدّ جهود المزارعين اليمنيين بالغة الأهمية، حيث يواجه ملايين الناس الجوع على نحو مستمر، ويتضمن نهج البنك الدولي في اليمن، تقديم يد العون والمساعدة على الفور للسكان، مثل التحويلات النقدية والمساعدات الغذائية، فضلاً عن الاستثمارات الأطول أجلاً لبناء خدمات وأنظمة قادرة على الصمود.

ووفقاً للبنك، فإن مساعداته منذ عام 2016 تزيد على 3.7 مليار دولار، في شكل منح من المؤسسة الدولية للتنمية، للمساعدة في تحسين الأحوال المعيشية للسكان في اليمن، في إطار شراكات مع وكالات الأمم المتحدة والمؤسسات المحلية.

الربط بين سلاسل الإنتاج

يعاني 17.4 مليون يمني من انعدام الأمن الغذائي، وتظل معدلات سوء التغذية بين النساء والأطفال في اليمن من بين أعلى المعدلات على مستوى العالم، حيث يحتاج 1.3 مليون امرأة ذات حمل أو كانت مرضعة و2.2 مليون طفل دون الخامسة إلى العلاج من سوء التغذية الحاد؛ وفقاً لبيانات برنامج الغذاء العالمي.

من اللقاءات بين موظفي مشروع تعزيز الحماية الاجتماعية والمستفيدات من المشروع (الأمم المتحدة)

ويرى برنامج الأمم المتحدة الإنمائي أنه وفي ظل هذه الظروف، «يمكن للتغييرات الصغيرة أن تحدث فرقاً كبيراً، وتمنح للناس القدرة على توفير الغذاء لأسرهم» بالشراكة معه والمؤسسة الدولية للتنمية التابعة للبنك الدولي، حيث عملت وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر على دعم مربي الماشية أصحاب الحيازات الصغيرة.

وبدأت وكالة تنمية المنشآت الصغيرة والأصغر بنهج جديد للجمع بين أطراف سلسلة القيمـة الغذائية مـن مربي الماشية إلى الأطباء البيطريين، ومن الوسطاء إلى المصنع، في محاولة لتقديم مزيد مـن الدعم لمن هم في أمـسّ الحاجة إليه، في مشروع تعزيز الحماية الاجتماعية في حالات الطوارئ ومواجهة فيروس «كورونا» كما جاء في وثيقة صدرت عن البرنامج الأممي.

ووفقاً للبرنامج، يتمحور هذا المشروع حول تحسين أصول الإنتاج والاستثمار في منتجي الأغذية المحليين عن طريق دعم سلال التوريد والموردين، والأنشطة ذات القيمة المضافة لمعالجة انعدام الأمن الغذائي وسوء التغذية في اليمن، ولا يقتصر عمل المشروع على دعم الأفراد فحسب؛ بل يتضمن إنشاء سلاسل غذائية مستدامة ومرنة تفيد المجتمع والاقتصاد.

وتلعب المرأة اليمنية دوراً محورياً في المجتمعات الريفية، كما يشير البرنامج، حيث تحافظ على الأمن الغذائي للحيلولة دون حصول مجاعات أو تفشي سوء التغذية، وتسهم النساء في بناء القدرة على الصمود في مواجهة الأزمات الغذائية من خلال إدارتهن للأراضي الزراعية، وتعلمهن أفضل الممارسات في استخدام الأسمدة والمبيدات الحشرية للاعتناء بمحاصيلهن.

تلعب النساء في الريف اليمني أدواراً رئيسية في بناء الأصول الزراعية لتحسين الأمن الغذائي لأسرهن ومجتمعاتهن (الأمم المتحدة)

كما تعتمد المجتمعات على النساء لتربية الماشية وإنتاج اللحوم والحليب والسمن والبيض والعسل مما يسهم في الحد من الفقر وخلق فرص العمل، وكل ذلك يساعد على ضمان توفر ما يكفي من الغذاء لأسرهن ومجتمعاتهن المحلية.

ويربط المشروع مربيات الماشية بالجهات الوسيطة التي تقدم دعماً إضافياً، مثل دورات التدريب على كيفية تربية الماشية ورعايتها وتسمينها وتهيئة الحظائر بشكل نموذجي، إلى جانب العلف، كما يركز على دعم الأطباء البيطريين المحليين كونهم يلعبون دوراً بالغ الأهمية في الحفاظ على المواشي، ورفع معدل إنتاجيتها من الحليب.

وتكفل المشروع بتقديم الدعم المالي اللازم لدعم أصول الإنتاج عبر منح تماثلية، مثل تقديم نصف تكلفة إنتاج الأعلاف للمصانع التي تتحمل باقي التكلفة، ما أدى إلى مضاعفة كميات العلف.

ممارسات إفقار حوثية

في موازاة ذلك تواصل الجماعة الحوثية فرض جبايات وإتاوات متعددة الأسماء على المزارعين اليمنيين في مناطق سيطرتها، واتخاذ إجراءات تتسبب في إرهاقهم وتكبيدهم خسائر كبيرة.

وأجبر قادة في الجماعة المزارعين في عدد من المديريات على التخلي عن كميات من محاصيلهم لصالح دعم المقاومة الفلسطينية، حسب مزاعم الجماعة، وأعلنت الجماعة عبر وسائل إعلامها تسيير قوافل مساعدات عينية إلى المقاومة في قطاع غزة، بينما تحدثت مصادر محلية عن استيلاء الجماعة عن كميات كبيرة من محصول الزبيب لتلك القوافل.

أجبر الحوثيون المزارعين على التبرع بكميات كبيرة من محاصيلهم لصالح الجبهات وأخيراً تحت اسم «دعم المقاومة الفلسطينية» (إعلام حوثي)

ومن جهة أخرى، اشتكى مزارعو التفاح في عدة مناطق من احتجاز الشاحنات المحملة بمحاصيلهم في منافذ عدد من الأسواق والمدن الرئيسية لأوقات طويلة ما تسبب بتلف المنتجات قبل وصولها إلى الأسواق.

ووفقاً لمصادر زراعية؛ احتجزت الجماعة الحوثية أكثر من ثلاثين شاحنة محملة بالتفاح قادمة من عدة محافظات، ولم يسمح إلا بدخول التفاح القادم من محافظة صعدة، وفي مقابل ذلك تمتلئ الأسواق بالتفاح الإيراني؛ حسب المصادر نفسها.

ومنعت الجماعة أواخر نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي المزارعين في سهل تهامة، غرب البلاد، من توسيع زراعة الموز وحظرت تصديره، في قرار تسبب في غضب المزارعين ومخاوفهم من تأثيره على مهنتهم وحياتهم المعيشية.

وإذ بررت الجماعة هذا القرار بأن الموز يستهلك كثيراً من المياه، ويستحوذ على مساحات زراعية كبيرة، وتتم زراعته على حساب محاصيل أخرى، يخشى مزارعو الموز أن يكون الغرض من ذلك إتاحة الفرصة لعدد من قادة الجماعة ورجال الأعمال الموالين لها لاستيراد وتسويق الموز من الخارج، ما قد يؤثر عليهم ويتسبب في إفقارهم.


مقالات ذات صلة

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي الحكومة اليمنية تراهن على قطاعي النفط والاتصالات لتحسين الإيرادات (إعلام محلي)

خطوات يمنية لمحاسبة مسؤولين متهمين بالفساد

أحال رئيس الحكومة اليمنية، أحمد بن مبارك، رئيس مؤسسة نفطية إلى النيابة للتحقيق معه، بعد أيام من إحالة مسؤولين في مصافي عدن إلى المحاكمة بتهمة الفساد.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي توقف تصدير النفط يتسبب في عجز الحكومة اليمنية عن تلبية احتياجات السكان (البنك الدولي)

الاقتصاد اليمني في مواجهة انهيارات كارثية وشيكة

تتزايد مخاطر انعدام الأمن الغذائي في اليمن بسبب تفاقم الأزمة الاقتصادية، في حين تتصاعد الدعوات لإجراء حلول عاجلة ودائمة تمكن الحكومة من السيادة على الموارد.

وضاح الجليل (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).