أحكمت الجماعة الحوثية في اليمن قبضتها المذهبية على بقية المراكز الدينية في محافظة ذمار، من خلال الاستيلاء على مركز «العياني» والمسجد التابع له، استكمالاً للسيطرة على المراكز المخالفة لنهج الجماعة وأفكارها ذات الصبغة الطائفية.
وأفادت مصادر محلية في محافظة ذمار (100 كيلومتر جنوب صنعاء) بأن عناصر الجماعة الحوثية داهموا مركز «العياني»، والمسجد التابع له، الذي يديره أحد المشايخ السلفيين ويدعى الشيخ علي راشد الوصابي، وباشروا بإغلاقه بوجه المصلين والطلبة الراغبين في تلقي العلوم الشرعية.
وشرعت الجماعة، في أعقاب إغلاق المسجد الذي يعد أحد أكبر المساجد بمدينة ذمار وطرد القائمين عليه، بإعادة فتحه في اليوم التالي بعد أن قامت بتنصيب معممين تابعين لها عليه، كما استقدمت إليه شباناً وأطفالاً من مناطق متفرقة بذمار، حيث تواصل إخضاعهم لتلقي دروس وبرامج تعبوية.
ويرتفع عدد المراكز والمساجد في ذمار وعدد من مديرياتها التي طاولها الدهم والمصادرة والإغلاق على يد الحوثيين إلى أكثر من 6 مراكز دينية ومساجد تابعة لها (بعضها تتبع الجماعة السلفية)، خلال 3 سنوات منها مركز «العلوم الشرعية» للسلفيين بمدينة معبر، ومركز «الخير» للعلوم الشرعية في عتمة، إضافة إلى مراكز «الإمام الشوكاني» و«الصباري» و«الرحمن» في مدينة ذمار.
وجاء الاقتحام الحوثي الأخير لمسجد «العياني» بذمار والاستيلاء عليه عقب سلسلة طويلة من الاستهدافات بحقه والقائمين عليه، حيث تعرض إمام المسجد والمعلمون ومجموعة الطلبة الدارسين فيه مرات عدة للتعسف والمضايقات والاختطاف.
وعزت المصادر المحلية الأسباب التي تقف خلف استهداف مركز «العياني» والمسجد التابع له بذمار، لكونه أكثر المساجد التي تشهد تجمعاً للمصلين والطلبة القادمين إليه من مناطق عدة لتلقي العلوم الشرعية، إضافة إلى رفض القائمين عليه، غير مرة، الترويج في خطب الجمعة للمشروعات الحوثية.
تطييف قسري
كانت الجماعة الحوثية شنّت في منتصف ديسمبر (كانون الأول) من العام الماضي حملة استهداف وُصفت بـ«الشعواء»، طاولت بالتعسف والإغلاق نحو 9 مدارس لتحفيظ القرآن الكريم بمناطق وأحياء متفرقة من مدينة ذمار ومديريات تابعة لها، بحجة عملها بعيداً عن إشراف وتوجهات قادة الجماعة، وعدم اعتمادها رسمياً من قبلهم.
وسبق أن أبلغ مشرفون حوثيون في ذمار القائمين على إدارات العشرات من مدارس وحلقات تحفيظ القرآن والتجويد والحديث النبوي وغيرها من العلوم الشرعية بوجود تعليمات صادرة لهم من قيادات في الجماعة في صنعاء تقضي بمنع التدريس، وإيقاف كل المراكز والمدارس التي تصفها بـ«المخالفة».
وذكر معلمون في مراكز تحفيظ في ذمار لـ«الشرق الأوسط»، أن مشرفي الجماعة اشترطوا على إدارات ومعلمي تلك المراكز والمدارس للسماح لهم بالاستمرار في التدريس، إدراجَ «مَلازم» مؤسس الجماعة حسين الحوثي، وبرامج ومقررات تعليمية أخرى ضمن الحصص اليومية، إلى جانب تلقين الطلبة والطالبات دروساً تعبوية وفكرية تحرض على العنف، وتحض الطلبة على الالتحاق بجبهات القتال.
وعلى صعيد الانتهاكات ضد السكان في ذمار وضواحيها، اختطفت حملة عسكرية حوثية، يتصدرها القيادي في الجماعة أبو حمزة البخيتي، نحو 10 مدنيين من مختلف الأعمار من قرية المصاقرة بمديرية الحدا في ذمار، وزجّت بهم في سجونها بحجة رفضهم الحضور والمشاركة في تلقي محاضرات وبرامج فكرية تقيمها الجماعة تباعاً في المسجد الرئيسي التابع للقرية.
وسبق للجماعة أن داهمت القرية ذاتها أكثر من مرة، وأطلقت الرصاص الحي، متسببة بوقوع إصابات في أوساط الأهالي، كما اعتقلت العشرات منهم، على خلفية المخالفة الفكرية والمذهبية.