مظاهر إثراء الفاسدين في صنعاء عُرضة للانتقاد والتهكم

الأوضاع المعيشية الصعبة ووقف الرواتب فاقما معاناة السكان

مسيرة راجلة لمجاميع حوثية إلى صعدة (معقل الجماعة) تبنتها ودعمتها سابقاً قيادات حوثية للضغط على زعيمهم للإطاحة بقيادات أخرى (إكس)
مسيرة راجلة لمجاميع حوثية إلى صعدة (معقل الجماعة) تبنتها ودعمتها سابقاً قيادات حوثية للضغط على زعيمهم للإطاحة بقيادات أخرى (إكس)
TT

مظاهر إثراء الفاسدين في صنعاء عُرضة للانتقاد والتهكم

مسيرة راجلة لمجاميع حوثية إلى صعدة (معقل الجماعة) تبنتها ودعمتها سابقاً قيادات حوثية للضغط على زعيمهم للإطاحة بقيادات أخرى (إكس)
مسيرة راجلة لمجاميع حوثية إلى صعدة (معقل الجماعة) تبنتها ودعمتها سابقاً قيادات حوثية للضغط على زعيمهم للإطاحة بقيادات أخرى (إكس)

هاجم برلمانيون وناشطون سياسيون وإعلاميون وأطباء يمنيون، خلال الأيام الماضية، قادة الجماعة الحوثية التي يصفونها بسلطة الأمر الواقع، متهمين إياهم بالإغراق في الفساد والتنصل من الاستجابة لسد جوع الناس رغم السبل المتاحة.

ورصدت «الشرق الأوسط» على مواقع التواصل الاجتماعي ردود فعل غاضبة على ما خلفه الانقلاب والحرب وما لحقه من عبث وفساد منظم ومستشر في قطاعات الدولة اليمنية المغتصبة، تنوعت بين الاستنكار والتنديد والأسف على ما وصلت إليه حال البلد والسكان على حد سواء خلال أكثر من تسعة أعوام.

يؤكد ناشط سياسي يمني أن مشاهد الفساد في حكومة جماعة الحوثي باتت واضحة على مواكب سيارات المسؤولين وارتيادهم المطاعم الفخمة وشراء أغلى أنواع نبتة «القات».

منذ الانقلاب في 2014 يعيش أغلب اليمنيين على المساعدات الدولية (أ.ف.ب)

ونشر الناشط طه حسن صورة تُظهِر موكب رئيس ما يسمى «المجلس السياسي الأعلى» للجماعة مهدي المشاط، مطالباً بالبحث عن الفاسدين من أتباع الجماعة في أفخم المطاعم وعند شراء أغلى أنواع «القات»، وعدّ وجودهم في تلك المطاعم والأسواق مشاهد فساد واضحة لا تحتاج لتحقيق أو تنقيب ودفع تكاليف باهظة.

وقال النائب في برلمان صنعاء غير الشرعي، أحمد سيف حاشد، إن ملايين اليمنيين لا يزالون يتضورون جوعاً بلا مرتبات وبلا وظائف ومن دون عمل يبحثون عن المواطنة والعدالة والإنصاف، محذراً الجماعة من أن هذا الوضع لن يستمر، وستتحقق للناس المواطنة المتساوية ودولة تحمي كل الشعب.

وأضاف حاشد مخاطباً سلطة الحوثيين، والله ما دامت «لكم وما زالت في عروقنا قطرة دم واحدة»، و«شعبنا بات بين فقير ومعدم ومنكوب ويصارع من أجل لقمة العيش، وأنتم تتعاملون معنا بوصفنا غنيمة حرب».

وتوالت ردود الفعل المنددة والرافضة للفساد والنهب، إذ سخر الإعلامي اليمني خليل العمري مما أسماها نصائح التقشف التي يطلقها مسؤولو سلطة جماعة الحوثي في صنعاء، مشبهاً إياهم بمدربي التنمية البشرية.

وذكر العمري أن قادة الجماعة عندما يرى الواحد منهم أي مواطن يمني جائع، يقول له: «ابتسم»، داعيا القادة الحوثيين إلى التنازل عن تناول الطعام في المطاعم الفخمة والغالية والاتحاد المطلق مع الجوعى من الناس.

وينفي الصحافي مجلي الصمدي أن تتحول الجماعة إلى دولة، مشيراً إلى تنصلها لكونها تتنصل عن مسؤولياتها وترميها على الآخرين.

تضاعفت أعداد الفقراء في اليمن ونزح كثير من السكان هرباً من الحرب والظروف المعيشية الصعبة (رويترز)

ويوضح الصمدي أن جماعة الحوثي لا تريد أن تتحمل شيئاً من المسؤولية، لا رواتب الموظفين ولا الخدمات ولا غير ذلك، بل تريد أن تظل سلطة بتلك الهلامية والبطولية، وينبه إلى أن قادة الجماعة يعيشون في مواقع التواصل ومعاركهم هناك، ولم يجربوا يوماً أن يعيشوا في الواقع مع الناس.

يشكك اليمنيون في صنعاء ومدن أخرى بمزاعم الجماعة بمكافحة الفساد وتشكيل حكومة تلبي التطلعات في ظل تدهور الأوضاع المعيشية وغياب الخدمات وانقطاع الرواتب واتساع رقعة الفقر والجوع والبطالة.

ويبدي طبيب يمني في صنعاء عدم اكتراثه بتشكيل الجماعة لما تسميه الحكومة الجديدة، ما دام أنها ستأخذ كل شيء ولن تقدم للمواطن أي شيء.

ويذهب الطبيب عبد الملك الحماطي إلى أنه يمكن الاكتفاء بالحكومة السابقة التي حرمت اليمنيين من رواتبهم وأجبرتهم على العمل ثماني سنوات متتالية مجاناً، متمنياً من قادتها وأتباعها كف أيديهم عن الناس وتركهم يحاولون الاستمتاع بحياتهم في هذا الوضع السيئ.

تحشد الجماعة الحوثية السكان بالترغيب والترهيب في كل مناسباتها (إ.ب.أ)

وتصاعدت خلال السنوات الماضية شكاوى اليمنيين من ممارسات القادة الحوثيين في ابتزاز اليمنيين من مختلف الفئات وقمعهم وإذلالهم حتى وإن كانوا من الموالين للجماعة، دون أن تطالهم أي عقوبة، وذلك ضمن التوجه لإرهاب السكان ومنعهم من انتقاد ممارسات الفساد.

ويأتي تصاعد الأصوات المنددة بالفساد الحوثي بالتوازي مع تأكيدات أممية جديدة باستمرار تفاقم الوضع الإنساني في اليمن نتيجة نقص المساعدات الإنسانية، حيث أعلن مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية «أوتشا» أن نحو 21.6 مليون يمني بحاجة إلى المساعدة الإنسانية أو الحماية.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
TT

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)
المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

على الرغم من مرور ستة عقود على قيام النظام الجمهوري في اليمن، وإنهاء نظام حكم الإمامة الذي كان يقوم على التمايز الطبقي، فإن نحو 3.5 مليون شخص من المهمشين لا يزالون من دون مستندات هوية وطنية حتى اليوم، وفق ما أفاد به تقرير دولي.

يأتي هذا فيما كشف برنامج الأغذية العالمي أنه طلب أكبر تمويل لعملياته الإنسانية في اليمن خلال العام المقبل من بين 86 دولة تواجه انعدام الأمن الغذائي.

لا يزال اليمن من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية في العالم (إعلام محلي)

وذكر المجلس النرويجي للاجئين في تقرير حديث أن عناصر المجتمع المهمش في اليمن يشكلون 10 في المائة من السكان (نحو 3.5 مليون شخص)، وأنه رغم أن لهم جذوراً تاريخية في البلاد، لكن معظمهم يفتقرون إلى أي شكل من أشكال الهوية القانونية أو إثبات جنسيتهم الوطنية، مع أنهم عاشوا في اليمن لأجيال عدة.

ويؤكد المجلس النرويجي أنه ومن دون الوثائق الأساسية، يُحرم هؤلاء من الوصول إلى الخدمات الأساسية، بما في ذلك الصحة، والتعليم، والمساعدات الحكومية، والمساعدات الإنسانية. ويواجهون تحديات في التحرك بحرية عبر نقاط التفتيش، ولا يمكنهم ممارسة الحقوق المدنية الأخرى، بما في ذلك تسجيل أعمالهم، وشراء وبيع وتأجير الممتلكات، والوصول إلى الأنظمة المالية والحوالات.

ووفق هذه البيانات، فقد أفاد 78 في المائة من المهمشين الذين شملهم استطلاع أجراه المجلس النرويجي للاجئين بأنهم لا يمتلكون بطاقة هوية وطنية، في حين يفتقر 42 في المائة من أطفال المهمشين إلى شهادة ميلاد.

ويصف المجلس الافتقار إلى المعلومات، وتكلفة الوثائق، والتمييز الاجتماعي بأنها العقبات الرئيسة التي تواجه هذه الفئة الاجتماعية، رغم عدم وجود أي قوانين تمييزية ضدهم أو معارضة الحكومة لدمجهم في المجتمع.

وقال إنه يدعم «الحصول على الهوية القانونية والوثائق المدنية بين المهمشين» في اليمن، بما يمكنهم من الحصول على أوراق الهوية، والحد من مخاطر الحماية، والمطالبة بفرص حياة مهمة في البلاد.

أكبر تمويل

طلبت الأمم المتحدة أعلى تمويل لعملياتها الإنسانية للعام المقبل لتغطية الاحتياجات الإنسانية لأكثر من 17 مليون شخص في اليمن يواجهون انعدام الأمن الغذائي الحاد، بمبلغ قدره مليار ونصف المليار دولار.

وأفاد برنامج الأغذية العالمي في أحدث تقرير له بأن التمويل المطلوب لليمن هو الأعلى على الإطلاق من بين 86 بلداً حول العالم، كما يُعادل نحو 31 في المائة من إجمالي المبلغ المطلوب لعمليات برنامج الغذاء العالمي في 15 بلداً ضمن منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا وشرق أوروبا، والبالغ 4.9 مليار دولار، خلال العام المقبل.

الحوثيون تسببوا في نزوح 4.5 مليون يمني (إعلام محلي)

وأكد البرنامج أنه سيخصص هذا التمويل لتقديم المساعدات الإنسانية المنقذة للحياة في اليمن، حيث خلّف الصراع المستمر والأزمات المتعددة والمتداخلة الناشئة عنه، إضافة إلى الصدمات المناخية، 17.1 مليون شخص يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد.

وأشار البرنامج إلى وجود 343 مليون شخص حول العالم يعانون من انعدام الأمن الغذائي الحاد، بزيادة قدرها 10 في المائة عن العام الماضي، وأقل بقليل من الرقم القياسي الذي سجل أثناء وباء «كورونا»، ومن بين هؤلاء «نحو 1.9 مليون شخص على شفا المجاعة، خصوصاً في غزة والسودان، وبعض الجيوب في جنوب السودان وهايتي ومالي».

أزمة مستمرة

أكدت مفوضية الأمم المتحدة لشؤون اللاجئين أن اليمن لا يزال واحداً من أسوأ البلاد التي تواجه الأزمات الإنسانية على مستوى العالم، حيث خلقت عشر سنوات من الصراع تقريباً نقاط ضعف، وزادت من تفاقمها، وتآكلت القدرة على الصمود والتكيف مع ذلك.

وذكرت المفوضية الأممية في تقرير حديث أن اليمن موطن لنحو 4.5 مليون نازح داخلياً، وأكثر من 60 ألف لاجئ وطالب لجوء. وهؤلاء الأفراد والأسر المتضررة من النزوح معرضون للخطر بشكل خاص، مع انخفاض القدرة على الوصول إلى الخدمات الأساسية وسبل العيش، ويواجهون كثيراً من مخاطر الحماية، غالباً يومياً.

التغيرات المناخية في اليمن ضاعفت من أزمة انعدام الأمن الغذائي (إعلام محلي)

ونبّه التقرير الأممي إلى أن كثيرين يلجأون إلى آليات التكيف الضارة للعيش، بما في ذلك تخطي الوجبات، والانقطاع عن الدراسة، وعمل الأطفال، والحصول على القروض، والانتقال إلى مأوى أقل جودة، والزواج المبكر.

وبيّنت المفوضية أن المساعدات النقدية هي من أكثر الطرق سرعة وكفاءة وفاعلية لدعم الأشخاص الضعفاء الذين أجبروا على الفرار من ديارهم وفي ظروف صعبة، لأنها تحترم استقلال الشخص وكرامته من خلال توفير شعور بالطبيعية والملكية، مما يسمح للأفراد والأسر المتضررة بتحديد ما يحتاجون إليه أكثر في ظروفهم.

وذكر التقرير أن أكثر من 90 في المائة من المستفيدين أكدوا أنهم يفضلون الدعم بالكامل أو جزئياً من خلال النقد، لأنه ومن خلال ذلك تستطيع الأسر شراء السلع والخدمات من الشركات المحلية، مما يعزز الاقتصاد المحلي.