شكاوى من تصاعد جرائم العنف الأسري ضد الأطفال في إب اليمنية

طالبتان يمنيتان في مدينة إب لحظة انتظارهما حافلة تقلهما من المدرسة إلى المنزل (الشرق الأوسط)
طالبتان يمنيتان في مدينة إب لحظة انتظارهما حافلة تقلهما من المدرسة إلى المنزل (الشرق الأوسط)
TT

شكاوى من تصاعد جرائم العنف الأسري ضد الأطفال في إب اليمنية

طالبتان يمنيتان في مدينة إب لحظة انتظارهما حافلة تقلهما من المدرسة إلى المنزل (الشرق الأوسط)
طالبتان يمنيتان في مدينة إب لحظة انتظارهما حافلة تقلهما من المدرسة إلى المنزل (الشرق الأوسط)

بلغت جرائم العنف الأسري، في محافظة إب اليمنية، مستويات عالية خلال الآونة الأخيرة، خصوصا تلك الموجهة ضد الأطفال، وكان آخر ضحاياها ثلاثة منهم، تعرضوا للتعنيف على يد زوجة والدهم في مركز المحافظة الواقعة على بعد 192 كلم جنوب العاصمة صنعاء.

وذكرت مصادر مطلعة في المحافظة لـ«الشرق الأوسط» أن طفلاً وشقيقتيه من أهالي مديرية الظهار وسط مدينة إب، تعرضوا للكي بالنار والضرب العنيف ما تسبب في إصابات مختلفة في أنحاء متفرقة من أجسامهم، دون أن تحرك أجهزة أمن الجماعة الحوثية في المحافظة ساكنا.

وسبق تلك الحادثة بيوم تعرض طفل يدعى أسامة، ويبلغ 14 عاما من عمره، لسوء معاملة على يد والده في إحدى القرى التابعة لمديرية العدين شمال غربي المحافظة.

يجد كثير من الأطفال اليمنيين أنفسهم بسبب الحرب خارج أسوار المدارس (الشرق الأوسط)

وقال شهود عيان لـ«الشرق الأوسط» إن مواطنا ضرب أحد أبنائه بطريقة وحشية تسببت بوقوع إصابات متفاوتة في مناطق متفرقة من جسمه، بعد أن حاول مراراً إجباره على ترك المدرسة والانتقال إلى المدينة للعمل، الأمر الذي أحدث خلافاً شديداً مع زوجته، ودفعه إلى الانتقام منها بتعنيف ابنهما.

وأرجعت المصادر الحقوقية أسباب هذه الحوادث إلى الظروف النفسية والأوضاع الاقتصادية والأمنية المتردية جراء الصراع المستمر منذ 9 أعوام في البلاد.

ويشكو سكان المحافظة من تصاعد، وصفوه بـ«المقلق»، لجرائم العنف الأسري ضد الأطفال والفتيات والتي توسعت أخيرا لتشمل مناطق متفرقة من المحافظة، وباتت بحسب شكاواهم تشكل قلقا حقيقيا لهم ولبقية أفراد المجتمع.

ويعزو السكان في أحاديثهم لـ«الشرق الأوسط» أسباب هذه الحوادث إلى الظروف النفسية والمادية والمعيشية القاسية التي يكابدونها ضمن ملايين اليمنيين في مختلف المحافظات جراء الصراع المشتعل منذ عام 2015، والذي خلف أوضاعا مأساوية زادت من تصاعد منسوب الجرائم بمختلف أشكالها.

طفلتان يمنيتان برفقة أختهما الأكبر يحملن قنينات فارغة بحثاً عن مياه نظيفة وسط مدينة إب (الشرق الأوسط)

يؤكد أحد المختصين النفسيين في إب أن تصاعد أعمال العنف ضد الأطفال يعد إحدى أكبر المشكلات التي تواجه المجتمع هناك، كون هذه الشريحة العمرية لا تزال في طور البناء والتشكيل من الناحية العقلية والنفسية والاجتماعية، وهي بحاجة ماسة في هذه المرحلة لتوفير متطلباتها الأساسية، وليس إلى التعنيف الذي يعيق نموها على النحو الصحيح.

وحذّر المختص في حديثه لـ«الشرق الأوسط» من نتائج كارثية نفسية واجتماعية في حال استمرت وتيرة ارتكاب جرائم العنف الجسدي واللفظي ضد الأطفال وتعنيفهم.

وتعد محافظة إب أكبر المحافظات اليمنية من حيث كثافة السكان، وتعاني من تدهور الأوضاع المعيشية وانقطاع الخدمات واتساع رقعة البطالة وتضاؤل فرص العمل وانتشار الجرائم.

وتشير المصادر الحقوقية إلى استمرار تصدر محافظة إب خلال الثلاثة أعوام الماضية، قائمة المدن اليمنية في انتشار جرائم العنف الأسري، بما فيها القتل والإصابة.

طفلة يمنية تتلقى جرعة من اللقاح الروتيني (الأمم المتحدة)

وشهدت عدة مديريات في المحافظة خلال الثلاثة أشهر الأولى من العام الحالي، ما يزيد على 8 جرائم على صلة بالعنف الأسري، بعض ضحاياها من الأطفال والنساء.

وتسببت الحرب في تفكيك النسيج الاجتماعي، وانهيار العلاقات الأسرية، وفق ما يقوله باحثون اجتماعيون.

وكانت الأمم المتحدة ومنظمات حقوقية معنية بالأطفال أكدت في تقارير لها أن صغار اليمن هم من أبرز ضحايا الصراع المتواصل منذ تسعة أعوام، حيث يعاني الملايين من الأطفال اليمنيين من سوء التغذية، بينما وجد أطفال آخرون أنفسهم خارج أسوار المدارس.

وطبقا للتقارير، أجبرت الحرب المستعرة ملايين اليمنيين على ترك منازلهم والنزوح إلى مناطق أكثر أمانا.

وتقول «اليونيسيف» في أحد بياناتها إن عشرات الأطفال اليمنيين يموتون يومياً لأسباب يمكن تجنبها لولا الحرب التي دمرت البنية التحتية للبلاد. وحسب الأمم المتحدة؛ فإن من بين نحو 29 مليون يمني؛ يحتاج 22 مليوناً إلى شكل من أشكال المساعدة الإنسانية، و18 مليونا تقريبا منهم يعانون من الجوع، بينما يعاني 8.4 مليون من الجوع الشديد، وغالبية هؤلاء الضحايا من الأطفال والنساء.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
TT

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)
تدريب للشباب على مختلف التخصصات المهنية ووسائل تحسين الدخل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

يواصل «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» تقديم المشاريع والمبادرات التنموية في التمكين الاقتصادي للمرأة والشباب والمجتمعات، والاستثمار في رأس المال البشري، ودعم سبل العيش والمعيشة.

وذكر تقرير حديث عن البرنامج أن البرامج والمبادرات التنموية التي يقدمها البرنامج السعودي ركزت في المساهمة على بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد، من خلال برنامج «بناء المستقبل للشباب اليمني» الذي يساهم في ربط الشباب اليمني بسوق العمل عبر تدريبهم وتمكينهم بالأدوات والممكنات المهارية.

ويساعد البرنامج الشباب اليمنيين على خلق مشاريع تتلاءم مع الاحتياجات، ويركّز على طلاب الجامعات في سنواتهم الدراسية الأخيرة، ورواد الأعمال الطموحين، وكان من أبرز مخرجاته تخريج 678 شاباً وشابةً في عدد من التخصصات المهنية، وربط المستفيدين بفرص العمل، وتمكينهم من البدء بمشاريعهم الخاصة.

وشملت المشاريع والمبادرات برامج التمكين الاقتصادي للسيدات، بهدف تعزيز دور المرأة اليمنية وتمكينها اقتصادياً.

تدريبات مهنية متنوعة لإعداد الشباب اليمني لسوق العمل (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وأشار التقرير إلى أن برنامج «سبأ» للتمكين الاقتصادي للسيدات، الذي أسهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب، وإكساب 60 سيدة للمهارات اللازمة لإطلاق مشاريعهن، وإطلاق 35 مشروعاً لتأهيل وتدريب قطاع الأعمال ودعم 35 مشروعاً عبر التمويل وبناء القدرات والخدمات الاستشارية، مع استفادة خمسة آلاف طالبة من الحملات التوعوية التي تم تنظيمها.

وإلى جانب ذلك تم تنظيم مبادرة «معمل حرفة» في محافظة سقطرى لدعم النساء في مجال الحرف اليدوية والخياطة، وتسخير الظروف والموارد المناسبة لتمكين المرأة اليمنية اقتصادياً.

وقدم «البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن» مشروع الوصول إلى التعليم في الريف، الذي يهدف إلى حصول 150 فتاة على شهادة الدبلوم العالي وتأهيلهن للتدريس في مدارس التعليم العام، في أربع محافظات يمنية هي: لحج، شبوة، حضرموت، والمهرة، بما يسهم في الحد من تسرب الفتيات في الريف من التعليم وزيادة معدل التحاقهن بالتعليم العام في المناطق المستهدفة.

وقدّم البرنامج مشروع «دعم سبل العيش للمجتمعات المتضررة»، الموجه للفئات المتضررة عبر طُرق مبتكرة لاستعادة سبل المعيشة الريفية وتعزيز صمود المجتمعات المحلية من خلال دعم قطاعات الأمن الغذائي، مثل الزراعة والثروة السمكية والثروة الحيوانية، لأهمية القطاعات الأكثر حساسية للصدمات البيئية والاقتصادية، موفراً أكثر من 13 ألف فرصة عمل للمستفيدين من المشروع.

البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن يساهم في إنشاء أول حاضنة أعمال للنساء في مأرب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

وضمن البرامج والمبادرات التنموية المستدامة، جاء مشروع استخدام الطاقة المتجددة لتحسين جودة الحياة في اليمن، بهدف توفير المياه باستخدام منظومات الطاقة الشمسية، وتوفير منظومات الري الزراعي بالطاقة المتجددة، وتوفير الطاقة للمرافق التعليمية والصحية، والمساهمة في زيادة الإنتاج الزراعي وتحسين الأمن الغذائي لليمنيين.

كما يهدف المشروع إلى حماية البيئة من خلال تقليل الانبعاثات الكربونية، وتوفير مصدر مستدام للطاقة، محققاً استفادة لأكثر من 62 ألف مستفيد في 5 محافظات يمنية.

وفي مساعيه لتعزيز الموارد المائية واستدامتها، أطلق البرنامج مشروع تعزيز الأمن المائي بالطاقة المتجددة في محافظتي عدن وحضرموت، لتحسين مستوى خدمات المياه والعمل على بناء قدرات العاملين في الحقول على استخدام وتشغيل منظومات الطاقة الشمسية.

تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

ومن خلال مشروع المسكن الملائم، يسعى البرنامج إلى المساهمة في تعزيز التنمية الحضرية وإيجاد حل مستدام للأسر ذات الدخل المحدود في المديريات ذات الأولوية في محافظة عدن من خلال إعادة تأهيل المساكن المتضررة، وقد ساهم المشروع في إعادة تأهيل 650 وحدة سكنية في عدن.

وتركّز البرامج التنموية على المساهمة في بناء قدرات الكوادر في القطاعات المختلفة، وقد صممت عدد من المبادرات في هذا الجانب، ومن ذلك مبادرات تدريب الكوادر في المطارات مركزة على رفع قدراتهم في استخدام وصيانة عربات الإطفاء، ورفع درجة الجاهزية للتجاوب مع حالات الطوارئ، والاستجابة السريعة في المطارات اليمنية، إضافة إلى ورش العمل للمساهمة في الارتقاء بمستوى الأداء وتذليل المعوقات أمام الكوادر العاملة في قطاعات المقاولات والزراعة.