هل استعادت انتخابات العراق جدل «الهويات» بعد إعلان النتائج؟

كركوك «على المحك» بين العرب والكرد... ونزاع في ديالى لتحديد «الأكثرية»

رئيس البرلمان المقال حقق نتائج قياسية في انتخابات بغداد والأنبار (إعلام حزب تقدم)
رئيس البرلمان المقال حقق نتائج قياسية في انتخابات بغداد والأنبار (إعلام حزب تقدم)
TT

هل استعادت انتخابات العراق جدل «الهويات» بعد إعلان النتائج؟

رئيس البرلمان المقال حقق نتائج قياسية في انتخابات بغداد والأنبار (إعلام حزب تقدم)
رئيس البرلمان المقال حقق نتائج قياسية في انتخابات بغداد والأنبار (إعلام حزب تقدم)

استعادت الانتخابات المحلية الأخيرة جدل «الهوية» بعد متغيرات وتحولات في موازين القوى التي ستفرض نفسها عندما تتفاوض القوى السياسية لتشكيل مجالس المحافظات.

وأعلنت السلطات العراقية، الثلاثاء، نتائج أولية لانتخابات شارك فيها أكثر من 6 ملايين عراقي لاختيار ممثليهم في مجالس المحافظات، وشهدت بعض المدن نتائج متقاربة بين قوى تمثل التنوع الاجتماعي والديني والقومي فيها.

وكان من المفترض أن تعتمد الحملات الدعائية للمرشحين على معايير الخدمات العامة، التي ستكون الحكومات المحلية مسؤولة عن توفيرها للسكان، لكن الاستقطاب على قضايا إشكالية فرض نفسه على التنافس، منها «هوية المكونات» المحلية.

وشهدت كركوك ونينوى وديالى تنافساً انتخابياً بين أحزاب شيعية وسنية، وبين قوى عربية وأخرى كردية وتركمانية للظفر بمقاعد في مجلس المحافظة، وبحسب النتائج فإن تشكيل الحكومات المحلية هناك لن يكون يسيراً على الفائزين.

خلال الحملة الانتخابية، أدلى زعيم تحالف «السيادة» خميس الخنجر بتصريح أثار جدلاً واسعاً وردود فعل متباينة، وقال إن «هوية محافظة نينوى ستبقى سُنية».

وحينها، قال خصوم الخنجر، وبعضهم منافسون له في الانتخابات المحلية، إنه كان يحاول «ابتكار دافع مختلف للناخبين يتعلق باستنفار مشاعر المكون»، لكن كثيرين كانوا يعتقدون أن «تياراً من الناخبين كان يخشى توسع نفوذ الفصائل المسلحة التي نشطت في المدينة منذ انتهاء المعارك ضد تنظيم داعش».

«هوية» نينوى

في محافظة نينوى ومركزها مدينة الموصل، وإن كانت تضم عرباً وأكراداً ومسيحيين لا سيما في سهل نينوى، لكن غالبية السكان هم من العرب السنة، وطوال العقدين الماضيين، كان النواب السنة يشكلون الغالبية في مجلس المحافظة والبرلمان، وهم مَن يرجحون كفة المحافظ.

وتمكنت قائمة المحافظ المستقيل نجم الجبوري من حصد أعلى الأصوات في المحافظة، جاءت من بعده قوائم عربية وكردية من المفترض أن تشكّل تحالفاتها لاختيار المحافظ الجديد.

بعد أيام من الرفض الذي قوبلت به تصريحات الخنجر بشأن هوية الموصل (نينوى) سرعان ما تفجر جدل هوياتي جديد لكن هذه المرة في بغداد.

وتضم العاصمة العراقية، إلى جانب مرقد الإمام موسى الكاظم في جانب الكرخ الذي تصنف هويته على أنها سُنية، مرقد الإمام أبي حنيفة النعمان في مدينة الأعظمية في جانب الرصافة من بغداد الذي تصنف هويته على أنها شيعية.

كلا المرقدين يربط بينهما نهر دجلة ويتم العبور بينهما عبر جسر يسمى جسر الأئمة الذي جرى تفجيره أيام العنف الطائفي في العراق عام 2005 وراح ضحيته أكثر من 1200 زائر شيعي.

المفارقة اللافتة الأخرى في تركيبة بغداد، أنه في الوقت الذي يضم جانب الرصافة أيضاً مرقد الصوفي الكبير عبد القادر الكيلاني، فإن جانب الكرخ يضم مرقد الصوفي معروف الكرخي الذي كان أحد تلاميذ الإمام الكاظم.

وفي الانتخابات الأخيرة، ظهر متغير بارز في النتائج الأولية، تمثل في حزب «تقدم» الذي يتزعمه محمد الحلبوسي بالمرتبة الأولى في بغداد في الانتخابات المحلية، قالباً الطاولة على أكبر تحالفين شيعيين؛ «دولة القانون» بزعامة نوري المالكي و«نبني» بزعامة هادي العامري.

وفجر فوز الحلبوسي المفاجئ الجدل من جديد بشأن هوية بغداد، حتى مع احتمالية أن ينجح الإطار التنسيقي في زيادة مقاعده بعد احتساب أصوات التصويت الخاص، لكنّ المراقبين انتبهوا أخيراً إلى نشاط انتخابي لافت للناخبين السُّنة في العاصمة بغداد.

موظفون يفرزون أصوات الناخبين داخل مركز انتخابي في بغداد 18 نوفمبر (أ.ف.ب)

عُقدتان في كركوك وديالى

الأمر لم يقتصر على نينوى وبغداد، بل امتد إلى محافظتين كان الجدل قائماً حول هويتهما العرقية في كركوك، والمذهبية في ديالى.

وتعد كركوك، وهي أبرز المحافظات المتنازع عليها بموجب المادة 140 من الدستور العراقي، من مدن التنوع والتعدد العرقي والديني، لكنها تجولت بسبب إشكالات اجتماعية وسياسية تاريخية إلى بؤرة للتوتر طوال السنوات الماضية.

ولم تتمكن الحكومات المتعاقبة منذ عام 2005 من إجراء انتخابات مجلس المحافظة بسبب النزاع السياسي، إلى جانب تعثر الحياة العامة خلال المعارك ضد تنظيم «داعش».

وفي الانتخابات الأخيرة، حصل حزب الاتحاد الوطني الكردستاني على المرتبة الأولى، الأمر الذي يزيد من تعقيدات المدينة نتيجة النزاع مع الحزب الديمقراطي الكردستاني، وهو الأمر الذي قد يدفع القوى العربية والتركمانية إلى تشكيل تحالف داخل مجلس المحافظة يمكنه الظفر بمنصب المحافظ.

الأمر في ديالى مختلف نسبياً، فهذه المحافظة التي تضم أقلية كردية، يتنازع فيها كل من السنة والشيعة على الأكثرية.

وكانت المدينة المحاذية للحدود مع إيران مسرحاً لنزاع طائفي عنيف، تفاقم لاحقاً حين اندلعت معارك شرسة ضد التنظيمات الإرهابية من «القاعدة» و«داعش».

وبحسب النتائج الأولية للانتخابات الأخيرة، فإن تحالف «ديالتنا الوطني» حلَّ في المرتبة الأولى بأربعة مقاعد، بينما حل حزب الحلبوسي ثانياً بثلاثة مقاعد، مثلها ذهب إلى كتلة «السيادة» السنية.

اقرأ أيضاً


مقالات ذات صلة

جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

المشرق العربي ‏العميد الركن غياث دلا قائد قوات الغيث (الثالث إلى من اليمين) من بين الحضور في أداء القسم الرئاسي صيف 2021

جنرالات هاربون يخططون لتمرد في سوريا من المنافي

تعكف بعض هذه القيادات السابقة على بناء حركة تمرد مسلح من المنفى، ويدعم أحدهم مجموعة تقف وراء حملة ضغط (لوبي) في واشنطن، تقدر تكلفتها بملايين الدولارات.

«الشرق الأوسط» (نيويورك - واشنطن)
المشرق العربي قوى «الإطار التنسيقي» خلال أحد اجتماعاتها بحضور رئيس الحكومة محمد شياع السوداني (أرشيفية - واع)

سباق مع الوقت لحسم الرئاسات العراقية الثلاث

تتسابق القوى السياسية العراقية مع الوقت لحسم اختيار الرئاسات الثلاث، وسط انسداد سياسي وتعدد المرشحين.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي السوداني قال خلال قداس الميلاد إن التطبيع أمر مرفوض في العراق (رويترز)

جدل في العراق بعد كلمة لساكو تضمنت مصطلح «التطبيع»

أثارت كلمة لبطريرك الكلدان الكاثوليك في العراق لويس روفائيل ساكو، خلال قداس عيد الميلاد في بغداد، جدلاً سياسياً واسعاً، بعد استخدامه مفردة «التطبيع».

«الشرق الأوسط» (بغداد)
المشرق العربي قادة «الإطار التنسيقي» وقّعوا على بيان لإعلانهم «الكتلة الأكثر عدداً» في البرلمان العراقي الجديد (واع)

مواقف عراقية متضاربة حول مرشح تسوية لرئاسة الحكومة

قال قيادي في تحالف «الإطار التنسيقي» بالعراق إن القوى الشيعية قطعت مراحل مهمة في التوافق على اختيار رئيس الوزراء المقبل، مع اقتراب انعقاد جلسة البرلمان.

حمزة مصطفى (بغداد)
المشرق العربي صورة منشورة على وسائل التواصل لعراقي يبلغ من العمر 24 عاماً فقدت عائلته الاتصال به بعد سفره إلى روسيا للانضمام إلى قواتها المسلحة (أ.ف.ب)

قضاء العراق «يجرم» المتورطين في الحرب الروسية - الأوكرانية

توعد القضاء العراقي من أسماهم المتورطين في حرب أوكرانيا بالسجن، مشدداً على مكافحة تجنيدهم للقتال على أراضٍ أجنبية.

فاضل النشمي (بغداد)

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
TT

رئيس هيئة الاستعلامات المصرية: نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق غزة

رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو (رويترز)

قال رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية، ضياء رشوان، اليوم الخميس، إن رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو يعمل على عرقلة المرحلة الثانية من اتفاق وقف إطلاق النار في غزة.

وأضاف رشوان في تصريحات لقناة تلفزيون «القاهرة الإخبارية» أن نتنياهو يعمل وفق اعتبارات انتخابية لصياغة تحالف جديد.

وتابع أن نتنياهو يسعى لإشعال المنطقة، ويحاول جذب انتباه ترمب إلى قضايا أخرى، بعيداً عن القطاع، لكنه أشار إلى أن الشواهد كلها تدل على أن الإدارة الأميركية حسمت أمرها بشأن المرحلة الثانية من اتفاق غزة.

وحذر رئيس الهيئة العامة للاستعلامات المصرية من أن نتنياهو يريد أن تؤدي قوة حفظ الاستقرار في غزة أدواراً لا تتعلق بها.

وفي وقت سابق اليوم، نقل موقع «واي نت» الإخباري الإسرائيلي عن مصدر عسكري قوله إن نتنياهو سيُطلع ترمب على معلومات استخباراتية عن خطر الصواريخ الباليستية الإيرانية خلال اجتماعهما المرتقب قبل نهاية العام الحالي.

وأكد المصدر الإسرائيلي أن بلاده قد تضطر لمواجهة إيران إذا لم تتوصل أميركا لاتفاق يكبح جماح برنامج الصواريخ الباليستية الإيرانية.


الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
TT

الصوماليون يصوتون في أول انتخابات محلية بنظام الصوت الواحد منذ 1969

حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)
حملات حزبية في شوارع العاصمة الصومالية مقديشو لتشجيع الناخبين على المشاركة في الانتخابات (إ.ب.أ)

أدلى الناخبون في الصومال، الخميس، بأصواتهم في انتخابات محلية مثيرة للجدل، تُعدّ الأولى التي تُجرى بنظام الصوت الواحد منذ عام 1969. ويقول محللون إن هذه الانتخابات تُمثل خروجاً عن نظام مفاوضات تقاسم السلطة القائم على أساس قبلي.

وقد نظمت الحكومة الاتحادية في البلاد التصويت لاختيار أعضاء المجالس المحلية، في أنحاء المناطق الـ16 في مقديشو، ولكنه قوبل برفض من جانب أحزاب المعارضة التي وصفت الانتخابات بالمعيبة والمنحازة.

يذكر أن الصومال انتخب لعقود أعضاء المجالس المحلية والبرلمانيين من خلال المفاوضات القائمة على أساس قبلي، وبعد ذلك يختار المنتخبون الرئيس.

يُشار إلى أنه منذ عام 2016 تعهّدت الإدارات المتعاقبة بإعادة تطبيق نظام الصوت الواحد، غير أن انعدام الأمن والخلافات الداخلية بين الحكومة والمعارضة حالا دون تنفيذ هذا النظام.

أعضاء «العدالة والتضامن» في شوارع مقديشو قبيل الانتخابات المحلية وسط انتشار أمني واسع (إ.ب.أ)

وجدير بالذكر أنه لن يتم انتخاب عمدة مقديشو، الذي يشغل أيضاً منصب حاكم إقليم بانادير المركزي، إذ لا يزال شاغل هذا المنصب يُعيَّن، في ظل عدم التوصل إلى حل للوضع الدستوري للعاصمة، وهو أمر يتطلب توافقاً وطنياً. غير أن هذا الاحتمال يبدو بعيداً في ظل تفاقم الخلافات السياسية بين الرئيس حسن شيخ محمود وقادة ولايتي جوبالاند وبونتلاند بشأن الإصلاحات الدستورية.

ووفق مفوضية الانتخابات، هناك في المنطقة الوسطى أكثر من 900 ناخب مسجل في 523 مركز اقتراع.

ويواجه الصومال تحديات أمنية، حيث كثيراً ما تنفذ جماعة «الشباب» المرتبطة بتنظيم «القاعدة» هجمات دموية في العاصمة، وجرى تشديد إجراءات الأمن قبيل الانتخابات المحلية.

وذكر محللون أن تصويت مقديشو يمثل أقوى محاولة ملموسة حتى الآن لتغيير نظام مشاركة السلطة المعتمد على القبائل والقائم منذ أمد طويل في الصومال.

وقال محمد حسين جاس، المدير المؤسس لمعهد «راد» لأبحاث السلام: «لقد أظهرت مقديشو أن الانتخابات المحلية ممكنة من الناحية التقنية».


اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
TT

اجتماعات في مصر وتركيا... مساعٍ لتفكيك عقبات «اتفاق غزة»

فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)
فلسطينيون يسيرون وسط الملاجئ في مخيم النصيرات للنازحين بقطاع غزة (أ.ف.ب)

توالت اجتماعات الوسطاء لدفع اتفاق وقف إطلاق النار في قطاع غزة، المتعثر حالياً، واستضافت القاهرة وأنقرة اجتماعين بشأن تنفيذ بنود الاتفاق، بعد لقاء موسع في مدينة ميامي الأميركية قبل نحو أسبوع بحثاً عن تحقيق اختراق جديد.

تلك الاجتماعات الجديدة في مصر وتركيا، يراها خبراء تحدثوا لـ«الشرق الأوسط» أنها بمثابة مساعٍ لتفكيك عقبات الاتفاق المتعثر، وشددوا على أن إسرائيل قد لا تمانع للذهاب للمرحلة الثانية تحت ضغوط أميركية؛ لكنها ستعطل مسار التنفيذ بمفاوضات تتلوها مفاوضات بشأن الانسحابات وما شابه.

وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، في بيان: «بتوجيه من رئيس الوزراء، غادر منسق شؤون الأسرى والمفقودين، العميد غال هيرش، على رأس وفد ضم مسؤولين من الجيش وجهاز الأمن العام (الشاباك)، والموساد إلى القاهرة».

والتقى الوفد الإسرائيلي مسؤولين كباراً وممثلي الدول الوسيطة، وركزت الاجتماعات على الجهود وتفاصيل عمليات استعادة جثة الرقيب أول ران غوئيلي.

وسلمت الفصائل الفلسطينية منذ بدء المرحلة الأولى لوقف إطلاق النار في 10 أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، 20 أسيراً إسرائيلياً أحياء ورفات 27 آخرين، فيما تبقى رفات ران غوئيلي الذي تواصل «حماس» البحث عن رفاته، وتقول إن الأمر سيستغرق وقتاً نظراً للدمار الهائل في غزة، فيما ترهن إسرائيل بدء التفاوض لتدشين المرحلة الثانية من الاتفاق بتسلمها تلك الجثة.

وبالتزامن، أعلنت حركة «حماس»، في بيان، أن وفداً قيادياً منها برئاسة رئيس الحركة في قطاع غزة خليل الحية، قد التقى في أنقرة مع وزير الخارجية التركي، هاكان فيدان، في لقاء بحث «مجريات تطبيق اتفاق إنهاء الحرب على غزة والتطورات السياسية والميدانية».

وحذر الوفد من «استمرار الاستهدافات والخروقات الإسرائيلية المتكررة في قطاع غزة»، معتبراً أنها تهدف إلى «عرقلة الانتقال إلى المرحلة الثانية من الاتفاق وتقويض التفاهمات القائمة».

وجاء اللقاءان بعد اجتماع قبل نحو أسبوعٍ، جمع وسطاء اتفاق وقف إطلاق النار في مدينة ميامي الأميركية، وأفاد بيان مشترك عقب الاجتماع بأنه جارٍ مناقشة سبل تنفيذ الاتفاق.

ويرى الخبير في الشؤون الإسرائيلية بـ«مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، الدكتور سعيد عكاشة، أن اجتماعي القاهرة وأنقرة يأتيان في توقيت مهم بهدف دفع تنفيذ الاتفاق وإنهاء العقبات بشكل حقيقي، والوصول لتفاهمات تدفع واشنطن لزيادة الضغط على إسرائيل للدخول للمرحلة الثانية المعطلة، مشيراً إلى أن مسألة الرفات الأخير تبدو أشبه بلعبة لتحقيق مكاسب من «حماس» وإسرائيل.

فالحركة تبدو، كما يتردد، تعلم مكانها ولا تريد تسليمها في ضوء أن تدخل المرحلة الثانية تحت ضغط الوسطاء والوقت وفي يدها ورقة تتحرك بها نظرياً، وإسرائيل تستفيد من ذلك بالاستمرار في المرحلة الأولى دون تنفيذ أي التزامات جديدة مرتبطة بالانسحابات، وفق عكاشة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني، الدكتور عبد المهدي مطاوع، أن هذه الاجتماعات تبحث كيفية سد الفجوات، خاصة أن الجثة تمثل عقبة حقيقية، مشيراً إلى أن لقاء «حماس» في تركيا يهدف لبحث ترتيبات نزع السلاح ودخول القوات الدولية، خاصة أن أنقرة تأمل أن يكون لها دور، وتعزز نفسها وعلاقاتها مع واشنطن.

صورة عامة للمنازل المدمرة في مخيم النصيرات بوسط قطاع غزة (أ.ف.ب)

ولا تزال إسرائيل تطرح مواقف تعرقل الاتفاق، وقال وزير الدفاع الإسرائيلي، إسرائيل كاتس، إن بلاده «لن تغادر غزة أبداً»، وإنها ستقيم شريطاً أمنياً داخل قطاع غزة لحماية المستوطنات، مشدداً على أنه يجب على «حماس» أن تتخلى عن السلاح، وإلا «فستقوم إسرائيل بهذه المهمة بنفسها»، وفق موقع «واي نت» العبري، الخميس.

فيما سعى رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو، مساء الثلاثاء، إلى تحميل حركة «حماس» المسؤولية عن إصابة ضابط بالجيش الإسرائيلي في ‌انفجار عبوة ناسفة ‍في رفح، وانتهاك اتفاق ‌وقف إطلاق النار، الذي دخل حيز التنفيذ في أكتوبر (تشرين الأول) الماضي، لكن الحركة الفلسطينية أكدت أن الانفجار وقع في منطقة تسيطر عليها إسرائيل بالكامل، ورجحت أن يكون الحادث ناجماً عن «مخلفات الحرب».

وجاء اتهام نتنياهو لـ«حماس» قبل أيام من لقائه المرتقب مع الرئيس الأميركي دونالد ترمب في الولايات المتحدة. ونقلت تقارير عبرية أن نتنياهو يريد إقناع ترمب بتثبيت «الخط الأصفر» حدوداً دائمة بين مناطق سيطرة إسرائيل و«حماس»؛ ما يعني احتلال إسرائيل لـ58 في المائة من مساحة القطاع.

ويتوقع عكاشة أن تعلن إسرائيل بعد لقاء ترمب أنها لا تمانع من دخول المرحلة الثانية، ولكن هذا سيظل كلاماً نظرياً، وعملياً ستطيل المفاوضات بجدولها وتنفيذ بنودها، ويبقي الضغط الأميركي هو الفيصل في ذلك.

ووفقاً لمطاوع، فإن إسرائيل ستواصل العراقيل وسط إدراك من ترمب أنه لن يحل كل المشاكل العالقة مرة واحدة، وأن هذه الاجتماعات المتواصلة تفكك العقبات، وسيراهن على بدء المرحلة الثانية في يناير (كانون الثاني) المقبل، تأكيداً لعدم انهيار الاتفاق.