البحر الأحمر... خروقات متصاعدة تنذر بالتحول إلى «صندوق بريد» إقليمي

تحركات دولية تتجاوز حدود «حرب غزة»

ناقلة المواد الكيميائية «MT Strinda» التي أعلن الحوثيون باليمن مسؤوليتهم عن هجوم صاروخي عليها قبل أسبوع (أ.ف.ب)
ناقلة المواد الكيميائية «MT Strinda» التي أعلن الحوثيون باليمن مسؤوليتهم عن هجوم صاروخي عليها قبل أسبوع (أ.ف.ب)
TT

البحر الأحمر... خروقات متصاعدة تنذر بالتحول إلى «صندوق بريد» إقليمي

ناقلة المواد الكيميائية «MT Strinda» التي أعلن الحوثيون باليمن مسؤوليتهم عن هجوم صاروخي عليها قبل أسبوع (أ.ف.ب)
ناقلة المواد الكيميائية «MT Strinda» التي أعلن الحوثيون باليمن مسؤوليتهم عن هجوم صاروخي عليها قبل أسبوع (أ.ف.ب)

تتسارع وتيرة التصعيد في البحر الأحمر من ساعة إلى أخرى، على خلفية قيام جماعة «الحوثي» باستهداف قطع بحرية في منطقة مضيق «باب المندب»، ما استدعى تحركات سياسية وأمنية دولية لحماية الملاحة في البحر الأحمر، الذي يمثل ممراً استراتيجياً عالمياً.

وأعلنت خطوط ملاحية وشركات شحن وطاقة عالمية تعليق أعمالها بالمنطقة، أو توجيه سفنها إلى مسارات أخرى حيث «المياه الآمنة»، في ظل مخاوف من خروج التهديدات في المنطقة عن السيطرة وتحولها إلى «صندوق بريد» إقليمي تتبادل فيه دول وقوى عدة الرسائل.

وقالت شركة شحن الحاويات التايوانية «إيفرغرين»، الاثنين، إنها قررت التوقف مؤقتاً عن قبول البضائع الإسرائيلية بأثر فوري، وأصدرت تعليمات لسفن الحاويات التابعة لها بتعليق الملاحة عبر البحر الأحمر حتى إشعار آخر. وأضافت أن السفن الموجودة في الخدمات الإقليمية لموانئ البحر الأحمر ستبحر إلى المياه الآمنة القريبة، وتنتظر إشعاراً آخر، بينما سيعاد توجيه سفن الحاويات التي من المقرر أن تمر عبر البحر الأحمر حول رأس الرجاء الصالح لمواصلة رحلاتها إلى الموانئ.

وانضمت الشركة التايوانية، بذلك لشركة «بريتش بتروليوم»، التي أعلنت، الاثنين، أنها قررت تعليق جميع عمليات النقل عبر البحر الأحمر مؤقتاً، كما سبقتهما شركات وخطوط شحن دولية عدة منها مجموعة الشحن الفرنسية «سي إم إيه - سي جي إم»، وشركة شحن الحاويات الألمانية «هاباغ لويد»، وشركة «إيه بي مولر - ميرسك» الدنماركية، إلى تعليق جميع شحنات الحاويات عبر البحر الأحمر في أعقاب الهجمات على سفن تجارية في المنطقة.

وتأتي تلك التحركات في أعقاب تصاعد هجمات مليشيات الحوثيين التي تستهدف سفناً تجارية تمر عبر مضيق باب المندب، بإطلاق صواريخ ومُسيّرات، مبررين أفعالهم، بأنها من أجل الضغط على إسرائيل والولايات المتحدة، ورداً على الانتهاكات الإسرائيلية في قطاع غزة.

أهمية استراتيجية

ويُعد مضيق باب المندب أحد أهم الممرات الملاحية في العالم لشحنات السلع العالمية المنقولة بحراً، خصوصاً النفط الخام والوقود من الخليج المتجه إلى البحر المتوسط عبر قناة السويس أو خط أنابيب «سوميد»، بالإضافة إلى السلع المتجهة إلى آسيا.

وقالت إدارة معلومات الطاقة الأميركية، وهي وكالة فيدرالية مسؤولة عن جمع وتحليل ونشر المعلومات عن الطاقة، إن 12 في المائة من إجمالي النفط المنقول بحراً في النصف الأول من 2023، وكذلك 8 في المائة من تجارة الغاز الطبيعي المسال مرت من باب المندب وخط أنابيب «سوميد» وقناة السويس.

وعبر مضيق باب المندب نحو 7.8 مليون برميل يومياً من شحنات النفط الخام والوقود في أول 11 شهراً من 2023، ارتفاعاً من 6.60 مليون برميل يومياً طوال 2022، وفقاً لشركة تحليلات النفط «فورتيكسا».

والأحد، قال الفريق أسامة ربيع رئيس هيئة قناة السويس، إن هيئة القناة تتابع من كثب التوترات الجارية في البحر الأحمر، وتدرس مدى تأثيرها على حركة الملاحة بالقناة في ظل إعلان بعض الخطوط الملاحية عن تحويل رحلاتها بشكل مؤقت إلى طريق «رأس الرجاء الصالح». وأفاد ربيع بتحول 55 سفينة للعبور عبر طريق رأس الرجاء الصالح خلال الفترة من 19 نوفمبر (تشرين الثاني)، لكنه أكد أنها تظل «نسبة ضئيلة»، مقارنة بعبور 2128 سفينة خلال تلك الفترة، وفق تقديره.

توتر مؤقت

ويرى اللواء نصر سالم المستشار بالأكاديمية العسكرية للدراسات الاستراتيجية، ورئيس جهاز الاستطلاع بالجيش المصري سابقاً، أن ما يجري حالياً في مضيق المندب هو «توتر مؤقت»، معرباً عن توقعه بألا تكون له تأثيرات كبيرة إلا إذا طال أمد ذلك التوتر.

وأضاف سالم لـ«الشرق الأوسط» أن السبب الرئيسي لهجمات «الحوثيين» يرتبط بالعدوان الإسرائيلي على قطاع غزة، ومن ثم فإن على الولايات المتحدة أن تسعى لإزالة سبب التوتر بدلاً من تصعيد وتوسيع نطاق المواجهات.

وأوضح رئيس جهاز الاستطلاع بالجيش المصري سابقاً أن توسيع حدة ووتيرة التحركات الأميركية ومن جانب دول غربية، رغم وجود قوات كافية لتأمين حركة الملاحة بالمنطقة: «قد يحمل أهدافاً تتعلق بالضغط على قوى إقليمية، أو بإيعاز من إسرائيل لتكريس حماية دولية لها عبر التحركات الأميركية، التي ستستغل الموقف لتعزيز مصالحها، ولتوفير مزيد من الضمانات لحماية أمن إسرائيل».

وسبق أن صرح المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ، منتصف الشهر الحالي، بأن الولايات المتحدة تريد تشكيل «أوسع تحالف بحري ممكن» لحماية السفن في البحر الأحمر وإرسال «إشارة مهمة» إلى الحوثيين بأنه لن يجري التسامح مع مزيد من الهجمات. كما قال مستشار الأمن القومي بالبيت الأبيض جيك سوليفان للصحافيين، الأسبوع الماضي، إن واشنطن تجري محادثات مع دول أخرى بشأن قوة عمل بحرية «تضمن المرور الآمن للسفن في البحر الأحمر»، دون ذكر مزيد من التفاصيل. وحذرت إيران، الخميس، من أن مثل هذه القوة ستواجه «مشكلات استثنائية».

حالة من الضبابية

بدوره، قال الدكتور طارق فهمي أستاذ العلاقات الدولية، ورئيس وحدة الدراسات الإسرائيلية بالمركز القومي لدراسات الشرق الأوسط، إن الأزمة الحالية في البحر الأحمر: «دخلت سياق الترتيبات الأمنية الإقليمية»، مشيراً إلى أن الأقوال الأميركية في هذا الشأن «بدأت تتحول إلى أفعال».

وأوضح فهمي لـ«الشرق الأوسط» أن وجود وزير الدفاع الأميركي لويد أوستن في المنطقة قد يحمل طرح مقاربة من جانب واشنطن لمواجهة تصاعد استهداف السفن التجارية بمدخل البحر الأحمر، مشيراً إلى وجود كثير من أطر التعاون العسكري البحري الموجودة في المنطقة ومنها القوة المركزية الأميركية التي تضم في عضويتها دولاً عربية إلى جانب إسرائيل، وهو ما يجعل من فكرة بناء تحالفات أمنية جديدة «مضيعة للوقت»، على حد تعبيره.

ولفت أستاذ العلاقات الدولية إلى وجود حالة من الضبابية في الطرح الأميركي الحالي بشأن الموقف في البحر الأحمر، سواء فيما يتعلق بالأدوار أو الأهداف، وهل الهدف هو تنظيم عمليات تفتيش بحري وتأمين للسفن العابرة أم سيتضمن عمليات برية كذلك، كما تثار تساؤلات حول ما إذا كان الأمر سيمتد إلى دول أخرى مثل إيران التي لم يتضح إذا ما كانت ستدخل ضمن الترتيبات الجارية، أم سيمثل الأمر «استفزازاً لها»، وهو يدفع باتجاه احتمالات كثيرة قد تتضمن تصعيداً يتجاوز نطاق السعي لتأمين إسرائيل ومنع استهداف ميناء إيلات، خصوصاً أن إسرائيل أرسلت بالفعل قطع بحرية عدة إلى منطقة باب المندب دون أن توضح إن كان ذلك قراراً منفرداً أم ضمن الترتيبات التي تسعى الولايات المتحدة لبنائها.

وكان موقع «سيمافور» الأميركي قد نقل عن مسؤولين أميركيين قولهم إن «البنتاغون» بدأ بالفعل مناقشة إمكانية شن ضربات مباشرة على أهداف عسكرية حوثية. كما حذّرت وزيرة الخارجية الفرنسية من أن الهجمات في البحر الأحمر لا يمكنها أن تبقى من دون رد.

يُشار إلى أن الفريق مهاب مميش مستشار الرئيس المصري للموانئ، ورئيس هيئة قناة السويس السابق، طالب في تصريحات متلفزة، الأحد، بضرورة توفير قوة تأمين مصرية بهدف مصاحبة قوافل السفن المتجهة إلى قناة السويس والمارة بمضيق باب المندب، مؤكداً أن مضيق باب المندب في الجنوب ومضيق جبل طارق في الشمال «يمثّلان مداخل المسرح الاستراتيجي لمصر».


مقالات ذات صلة

مقتل سائح وإصابة آخر في هجوم لسمكة قرش بمصر

شمال افريقيا علماء الأحياء البحرية وجدوا أن لدى أسماك القرش مستويات عالية من الكوكايين في عضلاتها وكبدها (أرشيفية - رويترز)

مقتل سائح وإصابة آخر في هجوم لسمكة قرش بمصر

قالت وزارة البيئة المصرية إن سائحاً لقي حتفه وأُصيب آخر في هجوم سمكة قرش بمنتجع مرسى علم المطل على البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
العالم العربي وزير الخارجية المصري بدر عبد العاطي يلتقي نظيره الصومالي أحمد معلم فقي بالقاهرة (الخارجية المصرية)

مصر ترفض وجود أي طرف «غير مشاطئ» بالبحر الأحمر

تزامناً مع تأكيد دعمها وحدة الصومال وسيادته، أعلنت القاهرة رفضها وجود أي طرف «غير مشاطئ» في البحر الأحمر.

«الشرق الأوسط» (القاهرة)
يوميات الشرق وجوه من فيلم «السادسة صباحاً» (غيتي)

من طهران إلى كابل... حكايات نساء يتحدّيْن الظلم في «البحر الأحمر»

«السادسة صباحاً» و«أغنية سيما» أكثر من مجرّد فيلمين تنافسيَّيْن؛ هما دعوة إلى التأمُّل في الكفاح المستمرّ للنساء من أجل الحرّية والمساواة.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق رئيسة «مؤسّسة البحر الأحمر السينمائي» جمانا الراشد فخورة بما يتحقّق (غيتي)

ختام استثنائي لـ«البحر الأحمر»... وفيولا ديفيس وبريانكا شوبرا مُكرَّمتان

يتطلّع مهرجان «البحر الأحمر السينمائي» لمواصلة رحلته في دعم الأصوات الإبداعية وإبراز المملكة وجهةً سينمائيةً عالميةً. بهذا الإصرار، ختم فعالياته.

أسماء الغابري (جدة)
يوميات الشرق الفيلم يتناول مخاطرة صحافيين بحياتهم لتغطية «سياسات المخدّرات» في المكسيك (الشرق الأوسط)

«حالة من الصمت» يحصد «جائزة الشرق الوثائقية»

فاز الفيلم الوثائقي «حالة من الصمت» للمخرج سانتياغو مازا بالنسخة الثانية من جائزة «الشرق الوثائقية».

«الشرق الأوسط» (جدة)

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
TT

هل يتحول فيروس «الميتانيمو» البشري إلى وباء عالمي؟

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)
تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

أثارت تقارير عن تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري (HMPV) في الصين قلقاً متزايداً بشأن إمكانية تحوله إلى وباء عالمي، وذلك بعد 5 سنوات من أول تنبيه عالمي حول ظهور فيروس كورونا المستجد في ووهان بالصين، الذي تحول لاحقاً إلى جائحة عالمية أسفرت عن وفاة 7 ملايين شخص.

وأظهرت صور وفيديوهات انتشرت عبر منصات التواصل الاجتماعي في الصين أفراداً يرتدون الكمامات في المستشفيات، حيث وصفت تقارير محلية الوضع على أنه مشابه للظهور الأول لفيروس كورونا.

وفي الوقت الذي تتخذ فيه السلطات الصحية تدابير طارئة لمراقبة انتشار الفيروس، أصدر المركز الصيني للسيطرة على الأمراض والوقاية منها بياناً، يوضح فيه معدل الوفيات الناتج عن الفيروس.

وقال المركز، الجمعة، إن «الأطفال، والأشخاص الذين يعانون من ضعف في جهاز المناعة، وكبار السن، هم الفئات الأكثر تعرضاً لهذا الفيروس، وقد يكونون أكثر عرضة للإصابة بعدوى مشتركة مع فيروسات تنفسية أخرى».

وأشار إلى أن الفيروس في الغالب يسبب أعراض نزلات البرد مثل السعال، والحمى، واحتقان الأنف، وضيق التنفس، لكن في بعض الحالات قد يتسبب في التهاب الشعب الهوائية والالتهاب الرئوي في الحالات الشديدة.

وحاولت الحكومة الصينية التقليل من تطور الأحداث، مؤكدة أن هذا التفشي يتكرر بشكل موسمي في فصل الشتاء.

وقالت المتحدثة باسم وزارة الخارجية الصينية، ماو نينغ، الجمعة: «تعد العدوى التنفسية شائعة في موسم الشتاء»، مضيفةً أن الأمراض هذا العام تبدو أقل حدة وانتشاراً مقارنة بالعام الماضي. كما طمأنت المواطنين والسياح، مؤكدة: «أستطيع أن أؤكد لكم أن الحكومة الصينية تهتم بصحة المواطنين الصينيين والأجانب القادمين إلى الصين»، مشيرة إلى أن «السفر إلى الصين آمن».

فيروس «الميتانيمو» البشري

يُعد «الميتانيمو» البشري (HMPV) من الفيروسات التي تسبب التهابات الجهاز التنفسي، ويؤثر على الأشخاص من جميع الأعمار، ويسبب أعراضاً مشابهة للزكام والإنفلونزا. والفيروس ليس جديداً؛ إذ اكتُشف لأول مرة عام 2001، ويُعد من مسببات الأمراض التنفسية الشائعة.

ويشير أستاذ اقتصاديات الصحة وعلم انتشار الأوبئة بجامعة «مصر الدولية»، الدكتور إسلام عنان، إلى أن نسبة انتشاره تتراوح بين 1 و10 في المائة من الأمراض التنفسية الحادة، مع كون الأطفال دون سن الخامسة الأكثر عرضة للإصابة، خاصة في الحالات المرضية الشديدة. ورغم ندرة الوفيات، قد يؤدي الفيروس إلى مضاعفات خطيرة لدى كبار السن وذوي المناعة الضعيفة.

أفراد في الصين يرتدون الكمامات لتجنب الإصابة بالفيروسات (رويترز)

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الفيروس ينتشر على مدار العام، لكنه يظهر بشكل أكبر في فصلي الخريف والشتاء، ويمكن أن يُصاب الأشخاص به أكثر من مرة خلال حياتهم، مع تزايد احتمالية الإصابة الشديدة لدى الفئات الأكثر ضعفاً.

وأوضح أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي الناتج عن السعال أو العطس، أو من خلال ملامسة الأسطح الملوثة ثم لمس الفم أو الأنف أو العينين. وتشمل أعراضه السعال واحتقان الأنف والعطس والحمى وصعوبة التنفس (في الحالات الشديدة)، وتُعد الأعراض مختلفة عن فيروس كورونا، خاصة مع وجود احتقان الأنف والعطس.

هل يتحول لجائحة؟

كشفت التقارير الواردة من الصين عن أن الارتفاع الحالي في الإصابات بالفيروس تزامن مع الطقس البارد الذي أسهم في انتشار الفيروسات التنفسية، كما أن هذه الزيادة تتماشى مع الاتجاهات الموسمية.

وحتى الآن، لم تصنف منظمة الصحة العالمية الوضع على أنه حالة طوارئ صحية عالمية، لكن ارتفاع الحالات دفع السلطات الصينية لتعزيز أنظمة المراقبة.

في الهند المجاورة، طمأن الدكتور أتول غويل، المدير العام لخدمات الصحة في الهند، الجمهور قائلاً إنه لا داعي للقلق بشأن الوضع الحالي، داعياً الناس إلى اتخاذ الاحتياطات العامة، وفقاً لصحيفة «إيكونوميك تايمز» الهندية.

وأضاف أن الفيروس يشبه أي فيروس تنفسي آخر يسبب نزلات البرد، وقد يسبب أعراضاً مشابهة للإنفلونزا في كبار السن والأطفال.

وتابع قائلاً: «لقد قمنا بتحليل بيانات تفشي الأمراض التنفسية في البلاد، ولم نلاحظ زيادة كبيرة في بيانات عام 2024».

وأضاف: «البيانات من الفترة بين 16 و22 ديسمبر 2024 تشير إلى زيادة حديثة في التهابات الجهاز التنفسي الحادة، بما في ذلك الإنفلونزا الموسمية، وفيروسات الأنف، وفيروس الجهاز التنفسي المخلوي (RSV)، و(HMPV). ومع ذلك، فإن حجم وشدة الأمراض التنفسية المعدية في الصين هذا العام أقل من العام الماضي».

في السياق ذاته، يشير عنان إلى أن الفيروس من الصعب للغاية أن يتحول إلى وباء عالمي، فالفيروس قديم، وتحدث منه موجات سنوية. ويضيف أن الفيروس لا يحمل المقومات اللازمة لأن يصبح وباءً عالمياً، مثل الانتشار السريع على المستوى العالمي، وتفاقم الإصابات ودخول المستشفيات بكثرة نتيجة الإصابة، وعدم إمكانية العلاج، أو عدم وجود لقاح. ورغم عدم توافر لقاح للفيروس، فإن معظم الحالات تتعافى بمجرد معالجة الأعراض.

ووافقه الرأي الدكتور مجدي بدران، عضو «الجمعية المصرية للحساسية والمناعة» و«الجمعية العالمية للحساسية»، مؤكداً أن زيادة حالات الإصابة بالفيروس في بعض المناطق الصينية مرتبطة بذروة نشاط فيروسات الجهاز التنفسي في فصل الشتاء.

وأضاف لـ«الشرق الأوسط» أن الصين تشهد بفضل تعدادها السكاني الكبير ومناطقها المزدحمة ارتفاعاً في الإصابات، إلا أن ذلك لا يعني بالضرورة تحول الفيروس إلى تهديد عالمي. وحتى الآن، تظل الإصابات محلية ومحدودة التأثير مقارنة بفيروسات أخرى.

وأوضح بدران أن معظم حالات فيروس «الميتانيمو» تكون خفيفة، ولكن 5 إلى 16 في المائة من الأطفال قد يصابون بعدوى تنفسية سفلى مثل الالتهاب الرئوي.

تفشي فيروس «الميتانيمو» البشري في الصين يثير قلقاً متزايداً (رويترز)

وأكد أنه لا توجد تقارير عن تفشٍّ واسع النطاق للفيروس داخل الصين أو خارجها حتى الآن، مشيراً إلى أن الفيروس ينتقل عبر الرذاذ التنفسي والاتصال المباشر، لكنه أقل قدرة على الانتشار السريع عالمياً مقارنة بكوفيد-19، ولتحوله إلى جائحة، يتطلب ذلك تحورات تزيد من قدرته على الانتشار أو التسبب في أعراض شديدة.

ومع ذلك، شدّد على أن الفيروس يظل مصدر قلق صحي محلي أو موسمي، خاصة بين الفئات الأكثر عرضة للخطر.

طرق الوقاية والعلاج

لا يوجد علاج محدد لـ«الميتانيمو» البشري، كما هو الحال مع فيروسات أخرى مثل الإنفلونزا والفيروس المخلوي التنفسي، حيث يركز العلاج بشكل أساسي على تخفيف الأعراض المصاحبة للعدوى، وفق عنان. وأضاف أنه في الحالات الخفيفة، يُوصى باستخدام مسكنات الألم لتخفيف الأوجاع العامة وخافضات الحرارة لمعالجة الحمى. أما في الحالات الشديدة، فقد يتطلب الأمر تقديم دعم تنفسي لمساعدة المرضى على التنفس، بالإضافة إلى توفير الرعاية الطبية داخل المستشفى عند تفاقم الأعراض.

وأضاف أنه من المهم التركيز على الوقاية وتقليل فرص العدوى باعتبارها الخيار الأمثل في ظل غياب علاج أو لقاح مخصص لهذا الفيروس.

ولتجنب حدوث جائحة، ينصح بدران بتعزيز الوعي بالوقاية من خلال غسل اليدين بانتظام وبطريقة صحيحة، وارتداء الكمامات في الأماكن المزدحمة أو عند ظهور أعراض تنفسية، بالإضافة إلى تجنب الاتصال المباشر مع المصابين. كما يتعين تعزيز الأبحاث لتطوير لقاحات أو علاجات فعّالة للفيروس، إلى جانب متابعة تحورات الفيروس ورصد أي تغييرات قد تزيد من قدرته على الانتشار أو تسبب أعراضاً أشد.