اليمن يتراجع بشكل كبير في مؤشرات التنمية والمرونة الاقتصادية

تدهور ترتيبه 26 مركزاً مقارنة بالعقد الماضي

هجمات الحوثيين على السفن ستزيد من التحديات الاقتصادية (إعلام حكومي)
هجمات الحوثيين على السفن ستزيد من التحديات الاقتصادية (إعلام حكومي)
TT

اليمن يتراجع بشكل كبير في مؤشرات التنمية والمرونة الاقتصادية

هجمات الحوثيين على السفن ستزيد من التحديات الاقتصادية (إعلام حكومي)
هجمات الحوثيين على السفن ستزيد من التحديات الاقتصادية (إعلام حكومي)

أظهرت بيانات جديدة وزعتها لجنة الأمم المتحدة الاقتصادية والاجتماعية لغرب آسيا تراجع اليمن بشكل كبير في مؤشرات التنمية وعدم المساواة والمرونة الاقتصادية، حيث احتل هذا البلد المرتبة الثانية من بين 159 دولة من حيث التحديات التنموية وعدم المساواة، والمرتبة 125 من بين 131 دولة من حيث المرونة الاقتصادية.

وكشفت دراسة جديدة عن الوضع التنموي في اليمن، بناء على نتائج ثلاثة مؤشرات اقترحتها «الإسكوا» لقياس تحديات التنمية، عن اتجاهات «مثيرة للقلق»، ناجمة بشكل رئيسي عن الصراعات التي أسهمت في تدهور الوضع التنموي «السيئ بالفعل».

اليمن من الدول العربية الست التي تنتمي إلى فئة الدول الأقل نمواً (البنك الدولي)

ووفق ما ذكرته «الإسكوا» فإن تحديات الحوكمة وأوجه عدم المساواة تشكل النصيب الأكبر من مؤشر تحديات التنمية ومؤشر عدم المساواة في التنمية، على التوالي، كما أن القدرة على مواجهة الصدمات المستقبلية هي القضية الأكثر إلحاحاً في الجانب الاقتصادي.

وخلصت الدراسة إلى أن القدرة على الصمود في الاقتصاد «أدى إلى تحويل الصدمات القصيرة الأجل إلى أزمات طويلة»، والذي بدوره أدى إلى «الفقر المزمن والنزوح وفقدان سبل العيش».

وقالت إنه ولمعالجة هذه القضايا، من الضروري وضع سياسات اقتصادية معقولة لإعطاء الأولوية لخلق فرص عمل لائقة وتوليد المعرفة والابتكار. وشددت «الإسكوا» على أن الدعم الدولي لتحقيق الاستقرار السياسي وبناء السلام، وآليات المساعدة المالية لخطط إعادة الإعمار والإصلاح، أمر ضروري، واقترحت وضع خطة عمل شاملة لبناء السلام.

الإصلاح المؤسسي

اللجنة الاقتصادية والاجتماعية الأممية أكدت أن إصلاحات الحكم والإصلاح المؤسسي في اليمن «ضروري لضمان استدامة خطط البناء وإعادة الإعمار»، وللحفاظ على التحسينات التنموية، وذكرت أن اليمن من الدول العربية الست التي تنتمي إلى فئة «الدول الأقل نموا».

يمثل تقلب المناخ عائقاً أمام التنمية في اليمن (إ.ب.أ)

وتعد هذه الدول من بين أفقر وأضعف شرائح المجتمع، حيث تمثل أقل من 2 في المائة من الناتج المحلي الإجمالي في العالم وحوالي 1 في المائة من التجارة العالمية من السلع، وتشكل مجتمعة حوالي 12 في المائة من سكان العالم.

ويواجه اليمن طبقا لبيانات «الإسكوا» مثل غيرها من البلدان الأقل نموا، انخفاضا في التنمية الاجتماعية والاقتصادية، وضعف القدرة التنموية، وعدم المساواة في الدخل، ونقص الموارد المالية المحلية.

كما أن اليمن معرّض للتأثر بشروط التجارة الخارجية ويواجه قيودا إنمائية، ولا سيما عدم كفاية تعبئة الموارد المحلية، وانخفاض القدرة على الإدارة الاقتصادية، وضعف تصميم البرامج وتنفيذها، والعجز الخارجي المزمن، وارتفاع أعباء الديون، والاعتماد الشديد على التمويل الخارجي.

ولاحظت الدراسة «تدهور ترتيب اليمن بمقدار 26 مركزا مقارنة بعام 2000». وقالت إنه وبالإضافة إلى حصوله على درجات أعلى بكثير من المتوسط العالمي ومتوسطات المنطقة العربية، وغيرها من البلدان الأقل نموا، بينت أن الاتجاهات مع مرور الوقت تظهر تغيرات مثيرة للقلق في اليمن.

لا تقدم الحكومة في اليمن خدمات عامة عالية الجودة (الأمم المتحدة)

وتذكر الدراسة أنه وفي حين أن جميع البلدان التي تم تحليلها تظهر انخفاضا في مستويات التحدي، فقد شهد اليمن زيادة بنسبة 12 في المائة في درجة مؤشر التصنيف العالمي خلال الفترة من عام 2010 إلى عام 2021، مقارنة ببعض الانخفاض خلال العقد الذي سبقه.

آثار الحرب

وأكدت الدراسة الأممية أنه لو حافظ اليمن على متوسط معدل التغير السنوي نفسه الذي كان عليه لكان قد انتقل من فئة «التحدي الكبير للغاية» إلى فئة «التحدي الكبير»، وأعادت أسباب هذا الاتجاه «التنموي المعكوس» على مدى العقد الماضي إلى الحرب وآثارها الاجتماعية والاقتصادية والإنسانية المدمرة.

وقالت مع أنه ليس من المستغرب أن الحكم لديه أعلى نسبة من الدخل المباشر في مجموعات البلدان الأقل نموا، فإن هذه الحصة هي الأعلى بالنسبة لليمن «بالنظر إلى الدور المحدود للحكومة المركزية»، وعدم قدرتها على تقديم خدمات عامة عالية الجودة.

وبحسب الدراسة فإنه وعلى غرار أداء بلدان أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى وغيرها من البلدان التي تواجه تحديات كبيرة للغاية (مثل أفغانستان في جنوب آسيا، وهايتي في شرق آسيا والمحيط الهادي)، يبدو اليمن «بوصفه حالة ناشزة» فوق خط الانحدار في الحالات الثلاث، مما يعني مستوى أعلى من التحديات مقارنة بالدول الأخرى التي لديها درجات مماثلة في العوامل المؤثرة.

أدّت الحرب التي أشعلها الحوثيون إلى تقليص سبل العيش في اليمن (إ.ب.أ)

ورأت «الإسكوا» في ذلك إشارة إلى ضرورة إعادة النظر في كيفية استخدام الموارد والقدرات المتاحة بشكل أفضل، وأن تلعب المؤسسات اليمنية دوراً كبيراً في تقديم الخدمات والسياسات الاقتصادية التي يمكنها تحسين الوضع الراهن للتنمية البشرية.

وتحدد مكونات التنمية البشرية مقابل العوامل المؤثرة المقابلة لها، وهي عدد الأطباء وعدد أسرّة المستشفيات لكل 1000 شخص، ونسبة التلاميذ إلى المعلمين بالنسبة للتعليم، والتعقيد الاقتصادي بالنسبة للدخل، لأنها تقدم لمحة عامة عن نقاط الضعف الهيكلية المرتبطة بنتائج التنمية الضعيفة.


مقالات ذات صلة

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

المشرق العربي مجموعة من الشبان اليمنيين المجندين في معسكر تدريب روسي يرفعون العلم اليمني (إكس)

شبكة حوثية لتجنيد مئات اليمنيين للقتال في أوكرانيا

تنشط شبكة حوثية لتجنيد شبان يمنيين للقتال ضمن الجيش الروسي في أوكرانيا، من خلال إغرائهم بالعمل في شركات أمن روسية برواتب مجزية وتتقاضى آلاف الدولارات عن كل شاب.

محمد ناصر (تعز)
المشرق العربي رئيس مجلس القيادة الرئاسي اليمني ونائبه خلال استقبال المبعوث الأميركي والسفير فاجن... الاثنين (سبأ)

جهود إقليمية ودولية لإطلاق عملية سياسية شاملة في اليمن برعاية أممية

شهدت العاصمة السعودية، الرياض، في اليومين الماضيين، حراكاً دبلوماسياً نشطاً بشأن الملف اليمني، ركَّز على الجهود الإقليمية والدولية لخفض التصعيد.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي المهمشون في اليمن يعيشون على هامش المدن والحياة الاقتصادية والسياسية منذ عقود (إعلام محلي)

3.5 مليون يمني من دون مستندات هوية وطنية

فيما طالبت الأمم المتحدة بأكبر تمويل إنساني في اليمن للعام المقبل أفاد تقرير دولي بوجود 3.5 مليون شخص من فئة المهمشين لا يمتلكون مستندات هوية وطنية

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي أمطار غزيرة بمحافظة لحج تلحق أضراراً بالطريق الوحيدة التي تخفف الحصار عن مدينة تعز (إكس)

«موسم أمطار غزيرة» و«انهيارات صخرية» يهددان حياة اليمنيين وأمنهم الغذائي

يشهد اليمن موسماً جديداً للأمطار الغزيرة التي تتسبب في أضرار كبيرة للسكان والبنية التحتية، في حين لا تزال البلاد وسكانها يعانون تأثيرات فيضانات الصيف الماضي.

وضاح الجليل (عدن)
العالم العربي تأهيل الطرقات وتحسين البنية التحتية التي تأثرت بالحرب والانقلاب  (موقع البرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن)

البرنامج السعودي لإعمار اليمن يعزز دعم سبل العيش

تقرير حديث للبرنامج السعودي لتنمية وإعمار اليمن حول مساهماته في بناء القدرات واستثمار طاقات الشباب اليمني لتحسين حياتهم وخدمة مجتمعهم وبناء مستقبل واعد.

«الشرق الأوسط» (عدن)

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
TT

حملة ابتزاز حوثية تستهدف كسارات وناقلات الحجارة

كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)
كسارة حجار أغلقها الحوثيون في إحدى مناطق سيطرتهم (فيسبوك)

فرضت الجماعة الحوثية خلال الأيام الماضية إتاوات جديدة على مُلاك مناجم الحجارة وسائقي ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة في العاصمة المختطفة صنعاء ومدن أخرى؛ ما تَسَبَّبَ أخيراً في ارتفاع أسعارها، وإلحاق أضرار في قطاع البناء والتشييد، وزيادة الأعباء على السكان.

وذكرت مصادر محلية في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، أن قيادات حوثية تُدير شؤون هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لسيطرة الجماعة، فرضت زيادة سعرية مفاجئة على ناقلات الحصى تتراوح ما بين 300 و330 دولاراً (ما بين 160 ألفاً و175 ألف ريال) لكل ناقلة.

ووصل إجمالي السعر الذي يُضطر مُلاك مناجم الحجارة وسائقو الناقلات إلى دفعه للجماعة إلى نحو 700 دولار (375 ألف ريال)، بعد أن كان يقدر سعرها سابقاً بنحو 375 دولاراً (200 ألف ريال)، حيث تفرض الجماعة سعراً ثابتاً للدولار بـ 530 ريالاً.

مالكو الكسارات في مناطق سيطرة الجماعة الحوثية يشتكون من الابتزاز والإتاوات (فيسبوك)

وتذهب الزيادة المفروضة، وفقاً للمصادر، لمصلحة أحد المشرفين الحوثيين، الذي يُكنى بـ«الجمل»، ويواصل منذ أيام شن مزيد من الحملات التعسفية ضد مُلاك كسارات وسائقي ناقلات بصنعاء وضواحيها، لإرغامهم تحت الضغط والترهيب على الالتزام بتعليمات الجماعة، وتسديد ما تقره عليهم من إتاوات.

واشتكى مُلاك كسارات وسائقو ناقلات في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، من حملات الابتزاز الحوثي لفرض الزيادة المفاجئة في أسعار بيع ونقل الخرسانة المستخدمة في البناء والتشييد، ما يزيد من أعبائهم ومعاناتهم.

وقال بعضهم إن الجماعة لم تكتفِ بذلك، لكنها فرضت إتاوات أخرى عليهم تحت أسماء متعددة منها تمويل تنظيم الفعاليات بما تسمى ذكرى قتلاها في الحرب، ورسوم نظافة وتنمية مجتمعية وأجور مشرفين في الجماعة بذريعة تنفيذ الرقابة والمتابعة والإشراف على السلامة البيئية.

وتحدث مالك كسارة، اشترط إخفاء اسمه، عن لجوئه وآخرين يعملون في ذلك القطاع، لتقديم عدة شكاوى لسلطة الانقلاب للمطالبة بوقف الإجراءات التعسفية المفروضة عليهم، لكن دون جدوى، وعدّ ذلك الاستهداف لهم ضمن مخطط حوثي تم الإعداد له مسبقاً.

الإتاوات الجديدة على الكسارة وناقلات الحصى تهدد بإلحاق أضرار جديدة بقطاع البناء (فيسبوك)

ويتهم مالك الكسارة، المشرف الحوثي (الجمل) بمواصلة ابتزازهم وتهديدهم بالتعسف والإغلاق، عبر إرسال عناصره برفقة سيارات محملة بالمسلحين لإجبارهم بالقوة على القبول بالتسعيرة الجديدة، كاشفاً عن تعرُّض عدد من سائقي الناقلات خلال الأيام الماضية للاختطاف، وإغلاق نحو 6 كسارات لإنتاج الحصى في صنعاء وضواحيها.

ويطالب مُلاك الكسارات الجهات الحقوقية المحلية والدولية بالتدخل لوقف التعسف الحوثي المفروض على العاملين بذلك القطاع الحيوي والذي يهدد بالقضاء على ما تبقى من قطاع البناء والتشييد الذي يحتضن عشرات الآلاف من العمال اليمنيين.

وسبق للجماعة الحوثية، أواخر العام قبل الفائت، فتح مكاتب جديدة تتبع هيئة المساحة الجيولوجية والثروات المعدنية الخاضعة لها، في أغلبية مناطق سيطرتها بغية التضييق على مُلاك الكسارات وسائقي ناقلات الحصى، ونهب أموالهم.

وأغلقت الجماعة الحوثية عبر حملة استهداف سابقة نحو 40 كسارة في محافظات صنعاء وعمران وحجة وإب والحديدة وذمار، بحجة مخالفة قانون المناجم، رغم أنها كانت تعمل منذ عقود وفق القوانين واللوائح المنظِّمة لهذا القطاع.

إتاوات جديدة فرضتها الجماعة الحوثية على ناقلات الحصى المستخدم في الخرسانة المسلحة (فيسبوك)

وسبق أن فرضت الجماعة في ديسمبر (كانون الأول) من العام قبل الماضي، على مُلاك المناجم في صنعاء وبقية المناطق رسوماً تقدر بـ 17 دولاراً (8900 ريال) على المتر الواحد المستخرج من الحصى، والذي كان يباع سابقاً بـ5 دولارات ونصف الدولار (2900 ريال) فقط.

وتفيد المعلومات بإقدامها، أخيراً، على مضاعفة الرسوم المفروضة على سائقي ناقلات الحصى، إذ ارتفعت قيمة الرسوم على الناقلة بحجم 16 متراً، من 181 دولاراً (64 ألف ريال)، إلى 240 دولاراً (128 ألف ريال)، في حين ارتفع سعر الحمولة ليصل إلى 750 دولاراً، (400 ألف ريال).