مدمرة أميركية تسقط 14 مسيّرة حوثية... والجماعة تهدد بمرحلة إغراق

شركات شحن تقاطع البحر الأحمر

ناقلة نرويجية تعرضت لهجوم حوثي صاروخي جنوب البحر الأحمر (أ.ف.ب)
ناقلة نرويجية تعرضت لهجوم حوثي صاروخي جنوب البحر الأحمر (أ.ف.ب)
TT

مدمرة أميركية تسقط 14 مسيّرة حوثية... والجماعة تهدد بمرحلة إغراق

ناقلة نرويجية تعرضت لهجوم حوثي صاروخي جنوب البحر الأحمر (أ.ف.ب)
ناقلة نرويجية تعرضت لهجوم حوثي صاروخي جنوب البحر الأحمر (أ.ف.ب)

توعّد الحوثيون في اليمن بتصعيد هجماتهم ضد السفن الدولية في البحر الأحمر، وصولاً إلى مرحلة الإغراق، كما أعلنوا، السبت، تبنيهم هجمات جوية جديدة بواسطة طائرات مسيرة باتجاه إسرائيل، حيث تزعم الجماعة أنها تناصر الفلسطينيين في غزة.

جاء ذلك في وقت أعلنت فيه كل من بريطانيا ومصر إسقاط مسيرتين، إحداهما كانت تستهدف السفن في البحر الأحمر، والأخرى كانت في الأجواء المصرية المحاذية لإسرائيل، كما أعلنت شركات شحن تجنب المياه الدولية قبالة اليمن وسلوك طريق رأس الرجاء الصالح.

وجد الحوثيون في الحرب الإسرائيلية على غزة فرصة لتبييض جرائمهم واستقطاب الأتباع (إ.ب.أ)

وقالت القيادة المركزية الأميركية، في بيان، إن مدمرة أميركية مزودة بصواريخ موجهة أسقطت 14 طائرة مسيرة أطلقتها جماعة الحوثي باليمن في البحر الأحمر.

وذكر البيان، اليوم السبت، «في ساعات الصباح الباكر من يوم 16 ديسمبر (كانون الثاني) (بتوقيت صنعاء)، نجحت مدمرة الصواريخ الموجهة الأميركية يو.إس.إس كارني من فئة أرلي بيرك، التي تعمل في البحر الأحمر، في الاشتباك مع 14 نظاما جويا مسيرا تم إطلاقها كموجة طائرات مسيرة من مناطق سيطرة الحوثيين باليمن».

وأضاف: «تم تقييم الأنظمة الجوية على أنها طائرات مسيرة هجومية انتحارية، وجرى إسقاطها دون أن يلحق أي ضرر بالسفن في المنطقة أو الإبلاغ عن إصابات. وتم تنبيه الشركاء الإقليميين في البحر الأحمر إلى التهديد»، وفقا لوكالة «رويترز».

وأكدت الجماعة الحوثية، في بيان، أنها أطلقت دفعة من الطائرات المسيرة لاستهداف ميناء إيلات الإسرائيلي، بناء على توجيهات زعيمها عبد الملك الحوثي، متوعدة باستمرار هجماتها التصعيدية، بما في ذلك استهداف كافة السفن المتجهة من إسرائيل أو إليها.

وتهديداً بمرحلة جديدة من التصعيد، نقل الإعلام الحوثي عن القيادي في الجماعة محمد القادري المعين في منصب قائد لواء الدفاع الساحلي قوله إن جماعته تمتلك أسلحة تتمكن من إغراق السفن، وليس مجرد ردعها من عدم التعامل مع الموانئ الإسرائيلية، زاعماً أن الهجمات السابقة استهدفت السفن التي لم تستجب للنداءات.

وزعم القيادي الحوثي أن التهديدات بتشكيل تحالف دولي لا تخيف جماعته التي قال إنها تقوم بمراقبة تحركات القوات الأميركية ومستعدة للمواجهة.

تصعيد الجماعة الحوثية المدعومة من إيران يأتي في وقت تقترب فيه واشنطن من تشكيل تحالف دولي لتأمين الملاحة في البحر، حيث أدت الهجمات الحوثية إلى إجبار بعض شركات الشحن الدولي إلى تجنب الإبحار في البحر الأحمر ومضيق باب المندب.

وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن (أ.ب)

وأكد وزير الخارجية الأميركي أنتوني بلينكن، في اتصال مع نظيرته الألمانية أنالينا بيربوك، على أهمية الجهود الدولية لإيقاف هجمات الحوثيين على سفن تجارية في البحر الأحمر وضمان أمن الملاحة.

وذكرت وزارة الخارجية الأميركية، في بيان، السبت، أن الوزيرين ناقشا أيضاً ضرورة تلبية الاحتياجات الإنسانية في غزة وحماية المدنيين، وضرورة بذل الجهود لمنع اتساع نطاق الصراع في الشرق الأوسط.

هجمات متصاعدة

في سياق التصدي الدولي للهجمات الحوثية، أعلنت المملكة المتحدة، السبت، أن إحدى مدمّراتها أسقطت ليل الجمعة - السبت ما يُعتقد بأنها «مسيّرة هجومية كانت تستهدف الملاحة التجارية في البحر الأحمر»، في وقت تشهد المنطقة هجمات يشنّها الحوثيون في اليمن على خلفية الحرب في غزة. وفق ما نقلته وكالة الصحافة الفرنسية.

وكتب وزير الدفاع البريطاني، غرانت شابس، على منصة «إكس» خلال الليل: «أسقطت (إتش إم إس دياموند) ما يعتقد بأنها طائرة مسيّرة هجومية كانت تستهدف الملاحة التجارية في البحر الأحمر»، مشيراً إلى أن السفينة العسكرية أطلقت صاروخاً تمكن من «تدمير الهدف بنجاح».

إلى ذلك، نقلت «رويترز» عن مصدرين أمنيين قولها إن الدفاعات الجوية المصرية أسقطت طائرة يشتبه أنها من دون طيار قبالة ساحل البحر الأحمر بالقرب من منتجع «دهب» على ساحل سيناء الشرقي في مصر.

تستغل الجماعة الحوثية الحرب في غزة لحشد مزيد من المجندين وجمع التبرعات (أ.ف.ب)

وقالت المصادر الأمنية إن مصدر الطائرة من دون طيار غير معروف. فيما قال شهود عيان في «دهب» إنهم رأوا جسماً يسقط في الماء، وإنهم رأوا جسماً طائراً آخر يسقط في الجبال القريبة.

وتقول الحكومة اليمنية إن الحوثيين يتاجرون بالأحداث في فلسطين ويقومون بالهجمات نيابة عن إيران، وإن من شأن سلوك الجماعة أن يؤثر على الأوضاع الإنسانية مع التوجه الدولي إلى عسكرة البحر الأحمر.

وعلى إثر تصاعد تهديد الملاحة في البحر الأحمر، قالت شركة الشحن العملاقة «MSC Mediterranean Shipping Co SA»، في بيان لها، نقلته «رويترز»، إنها لن تعبر قناة السويس شرقاً وغرباً بعد هجوم على إحدى سفن الحاويات التابعة لها في 15 ديسمبر (كانون الأول).

وتعرضت سفينة الحاويات «MSC PALATIUM III» للهجوم أثناء عبورها البحر الأحمر بموجب عقد فرعي لخط ميسينا، وأوضح بيان الشركة أنه لم يتم الإبلاغ عن وقوع إصابات، لكن السفينة تعرضت لبعض الأضرار الناجمة عن الحريق، وتم إخراجها من الخدمة، وأنه سيتم إعادة توجيه بعض الخدمات لتمر عبر رأس الرجاء الصالح.

ورغم التحذيرات الدولية واليمنية من مغبة استمرار هذه الهجمات وخطرها المهدد للأمن الغذائي في اليمن مع ارتفاع تكاليف الشحن والتأمين، فإن الجماعة قالت إنها مستمرة في مهاجمة السفن التي تزعم أنها متجهة من الموانئ الإسرائيلية أو إليها بغضّ النظر عن جنسيتها.

مدمرة أميركية في البحر الأحمر تستجيب لنداءات الاستغاثة من سفن الشحن (أ.ب)

وتعرضت عدة ناقلات في الأيام الأخيرة إلى هجمات صاروخية، وأصيب بعضها بأضرار، فيما تمكنت البحرية الأميركية والبريطانية والفرنسية من التصدي لبعض الهجمات والاستجابة لنداءات الاستغاثة من السفن في جنوب البحر الأحمر.

ولا تزال الجماعة الموالية لإيران تحتجز الناقلة الدولية «غالاكسي ليدر» منذ نوفمبر (تشرين الثاني) الماضي بعد قرصنتها واحتجاز طاقمها وتحويلها إلى مزار لأتباعها.

اليمن يستنكر تصريحات إيرانية

رداً على التصريحات الإيرانية المحذرة من تشكيل تحالف دولي لحماية الملاحة في البحر الأحمر، باعتباره منطقة خاضعة لنفوذ طهران، استنكر وزير الإعلام اليمني معمر الإرياني «بأشد العبارات» التصريحات الخطيرة والاستفزازية الصادرة عن وزير الدفاع الإيراني العميد محمد رضا آشتياني.

وقال الإرياني، في بيان رسمي: «التصريحات الإيرانية كشفت الدوافع الحقيقية للهجمات التي تشنّها ميليشيا الحوثي، وأسقطت محاولاتها إيجاد غطاء سياسي وأخلاقي لتلك العمليات، وكسب تعاطف شعبي، عبر ربطها بالعدوان الإسرائيلي الغاشم على الشعب الفلسطيني، وأكدت أن تلك الادعاءات مجرد ذريعة لممارسة القرصنة، وتنفيذ الإملاءات الإيرانية في تهديد الأمن البحري وحركة التجارة العالمية».

ووصف الوزير اليمني تلك التصريحات الإيرانية بأنها «تؤكد وقوف النظام الإيراني توجيهاً وتخطيطاً وتمويلاً وتسليحاً خلف انقلاب ميليشيات الحوثي الإرهابية على الدولة اليمنية، وممارساتها الإجرامية طيلة السنوات الماضية، وهجماتها العابرة للحدود، ومساعي طهران اتخاذ جغرافيا اليمن منصة لزعزعة الأمن والاستقرار في المنطقة، وتهديد المصالح الدولية في البحر الأحمر وباب المندب، خدمة لأهدافها الخاصة».

زورق يتبع قوات خفر السواحل اليمنية قبالة سواحل المخا (أ.ف.ب)

وحذّر الإرياني من استمرار سيطرة الحوثيين - الذين وصفهم بأنهم «الأداة الإيرانية الأرخص» - على مؤسسات الدولة والعاصمة المختطفة صنعاء، ووجودهم في أجزاء من الشريط الساحلي وموانئ «الحديدة، الصليف، رأس عيسى»، في تجاوز صريح لاتفاق السويد، واتخاذ تلك الموانئ منطلقاً لعمليات القرصنة وتهديد السفن التجارية وناقلات النفط في خطوط الملاحة الدولية. وفق تعبيره.

وطالب وزير الإعلام اليمني المجتمع الدولي والأمم المتحدة والدول دائمة العضوية في مجلس الأمن القيام بمسؤولياتهم في التصدي لسياسات النظام الإيراني، التي قال إنها «تمثل انتهاكاً سافراً لمبادئ ميثاق الأمم المتحدة»، كما طالب بـ«الشروع الفوري في تصنيف ميليشيا الحوثي منظمة إرهابية وإدراجها في قوائم الإرهاب الدولية، وتجفيف منابعها المالية والسياسية والإعلامية».


مقالات ذات صلة

الحوثيون يصعّدون هجماتهم ضد إسرائيل دون أضرار

العالم العربي مجسم وهمي لطائرة دون طيار من صنع الحوثيين (إ.ب.أ)

الحوثيون يصعّدون هجماتهم ضد إسرائيل دون أضرار

صعّدت الجماعة الحوثية المدعومة من إيران هجماتها باتجاه إسرائيل في الذكرى الأولى لأحداث السابع من أكتوبر 2023 دون حدوث أي أضرار.

علي ربيع (عدن)
المشرق العربي نيران تشتعل في ناقلة نفط استهدفها الحوثيون بالبحر الأحمر مؤخراً (رويترز)

«مركز إنساني» أسسه الحوثيون يشرف على «حرب السفن»

أظهر تحقيق من منظمة غير حكومية سويسرية أن الهجمات البحرية التي يشنها الحوثيون قبالة سواحل اليمن يشرف عليها مركز لتنسيق العمليات الإنسانية أسسه الانقلابيون.

العالم العربي مسلحون حوثيون في صنعاء يرددون «الصرخة الخمينية» (أ.ف.ب)

تنديد يمني باستمرار اعتقال الحوثيين للمحتفلين بـ«26 سبتمبر»

جددت الحكومة اليمنية التنديد باستمرار الحوثيين في اعتقال الآلاف من المحتفلين بذكرى ثورة «26 سبتمبر» التي أطاحت أسلاف الجماعة الانقلابية عام 1962

علي ربيع (عدن)
شؤون إقليمية محاكاة طائرة بدون طيار خلال مظاهرة مناهضة لإسرائيل، في صنعاء، اليمن 7 أكتوبر 2024 (إ.ب.أ)

الجيش الإسرائيلي يعلن اعتراض صاروخ «أرض-أرض» أُطلق من اليمن

قال الجيش الإسرائيلي، اليوم (الاثنين)، إن صاروخ سطح-سطح أطلق من اليمن على وسط إسرائيل.

«الشرق الأوسط» (تل أبيب)
العالم العربي 4.2 مليون يمني يقيمون في مناطق معرّضة لخطر «تدهور الأمن الغذائي الأسوأ»... (إ.ب.أ)

مساعدات أممية نقدية لـ1.43 مليون عائلة يمنية

ذكرت «منظمة الأمم المتحدة للأمومة والطفولة (يونيسيف)» أن أكثر من 1.43 مليون أسرة تلقت مساعدات نقدية في إطار مشروع «الحوالات النقدية غير المشروطة».

وضاح الجليل (عدن)

الجزائر تدعو «الأوروبي» إلى «تجاوز منطق الربح التجاري» في علاقاتهما

وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)
وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)
TT

الجزائر تدعو «الأوروبي» إلى «تجاوز منطق الربح التجاري» في علاقاتهما

وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)
وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف (الخارجية الجزائرية)

قال وزير خارجية الجزائر أحمد عطاف، الثلاثاء، إن «اتفاق الشراكة» بين بلاده والاتحاد الأوروبي «ينبغي أن يتجاوز منطق الربح الفوري، ليأخذ تصوراً استراتيجياً يبنى على التنمية المستدامة بأتم معانيها».

وأفاد عطاف، خلال كلمة له بالعاصمة بمناسبة ذكرى انضمام الجزائر إلى الأمم المتحدة 8 أكتوبر (تشرين الأول) 1962، بأن الجزائر «تسعى وتبذل جهوداً من أجل إقامة شراكة متوازنة ونافعة، في جوارها المتوسطي ومع الاتحاد الأوروبي على وجه الخصوص»، عادّاً الشراكة التي يريدها المسؤولون الجزائريون «يجب أن تمتثل تمام الامتثال لمبدأ توازن مصالح الطرفين، وتضع نُصب أولوياتها دعم جهود التنمية الاقتصادية في بلادنا، دون أي قيود ولا أي شروط ولا أي عوائق».

وأشار عطاف إلى ما ذكره الرئيس عبد المجيد تبون بهذا الخصوص، السبت الماضي، في أثناء مقابلة بثها التلفزيون العمومي، حينما تحدث عن «تطلع بلاده إلى مراجعة اتفاق الشراكة، الذي يجمعها مع الاتحاد الأوروبي، في جو من الثقة والسلاسة والتفاهم، لإحداث التوازن المطلوب في هذا الاتفاق ولتمكينه من مسايرة الواقع الاقتصادي الجديد لبلادنا، وتأهيله كأداة ناجعة لتحقيق التنمية المستدامة المنشودة».

وأضاف عطاف: «في كل فضاءات الانتماء هذه وخارج هذه الفضاءات، ستواصل الدبلوماسية الجزائرية العمل من أجل تعزيز العلاقات التي تجمع الجزائر مع أشقائها وأصدقائها وشركائها، وضم جهودها معهم في سبيل رفع التحديات الكبرى التي ترمي بثقلها على المجموعة الدولية في المرحلة الراهنة».

وتابع: «إن هذه التحديات لها من الجسامة والخطورة والفداحة ما لا يحتمل التوجه نحو الانزواء أو الانطواء أو اللامبالاة. فالجميع متضرر ومطالب بالسعي للتغيير نحو الأفضل»، مشدداً على أن «الجزائر لن تكون إلا طرفاً فاعلاً في مسعى كهذا». وكانت المفوّضية الأوروبية أعلنت، في 14 يونيو (حزيران) الماضي، اعتراضها على قرارات بدأت الجزائر بتنفيذها عام 2021، تتعلق بتنظيم الواردات وتحفيز الإنتاج المحلي، شملت نظام تراخيص الاستيراد وحوافز لاستخدام المدخلات المحلية في قطاع السيارات، وتنظيم المشاركة الأجنبية في الشركات المستوردة.

ورأت المفوضية أن هذه الإجراءات «تقييدية» لصادراتها نحو الجزائر، وتخالف بنود «اتفاق الشراكة» الذي يجري العمل به منذ 19 سنة. ولوّحت باللجوء إلى التحكيم الدولي، الذي يتضمنه الاتفاق كآلية متاحة للطرفين في حال قدّر أحدهما أن شريكه أخلّ بتعهّداته التجارية. ويقول الجزائريون إن الإجراءات التي اتخذوها «تندرج في إطار خطة لتقليص فاتورة الواردات بهدف تنويع اقتصاد البلاد، وتقليل اعتماده على المحروقات وتعزيز التصنيع المحلي». ويتعاملون مع هذه القضية وفق منطق «سيادي»، لا يريدون للاتحاد الأوروبي أن يتدخل فيها.