تأييد يمني لمساعي تجديد الهدنة وإطلاق عملية سياسية شاملة

تعيين قادة عسكريين... وتشديد على الإصلاحات الاقتصادية

وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مجتمعاً في الرياض مع مجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)
وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مجتمعاً في الرياض مع مجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)
TT

تأييد يمني لمساعي تجديد الهدنة وإطلاق عملية سياسية شاملة

وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مجتمعاً في الرياض مع مجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)
وزير الدفاع السعودي الأمير خالد بن سلمان مجتمعاً في الرياض مع مجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

فيما يترقب اليمنيون أن تفضي الجهود الإقليمية والدولية والأممية إلى حدوث اختراق قريب في جدار الأزمة المستمرة منذ تسع سنوات، أعلن مجلس القيادة الرئاسي دعمه الكامل للمساعي السعودية في هذا الاتجاه.

إعلان «الرئاسي اليمني» التأييد لتجديد الهدنة وإطلاق عملية سياسية شاملة، تزامن مع صدور قرارات رئاسية نصت على تعيين عدد من القادة العسكريين في مناصب رفيعة، من بينها منصب قائد المنطقة العسكرية الثانية ومقرها في مدينة المكلا كبرى مدن محافظة حضرموت.

يدعم مجلس القيادة الرئاسي اليمني مساعي السلام في مقابل تعنت الحوثيين (سبأ)

وذكر الإعلام الرسمي أن مجلس القيادة الرئاسي عقد في الرياض اجتماعا برئاسة رشاد العليمي، رئيس المجلس، وبحضور أعضائه، عيدروس الزبيدي، وعبد الرحمن المحرمي، والدكتور عبد الله العليمي، وعثمان مجلي، وفرج البحسني، بينما غاب بعذر عضوا المجلس، سلطان العرادة، وطارق صالح.

وطبقا لما أوردته وكالة «سبأ» ناقش الاجتماع تطورات الأوضاع المحلية والإقليمية، وفي المقدمة مستجدات الوساطة التي تقودها السعودية لوقف إطلاق النار، واستئناف عملية سياسية شاملة تحت إشراف الأمم المتحدة. كما ناقش الاجتماع مؤشرات الاقتصاد الوطني، والمتغيرات السعرية في العملة المحلية والسلع الأساسية، والتداعيات المحتملة للتصعيد الإسرائيلي الغاشم في الأراضي الفلسطينية المحتلة على أمن واستقرار المنطقة والسلم والأمن الدوليين.

مجلس الحكم اليمني، أكد في اجتماعه، بحسب الإعلام الحكومي، «دعمه الكامل للمساعي السعودية من أجل تجديد الهدنة، وتخفيف معاناة الشعب، وإطلاق عملية سياسية شاملة تضمن استعادة مؤسسات الدولة، والأمن والاستقرار، والتنمية في البلاد».

يتهم سياسيون يمنيون الجماعة الحوثية بالاستعداد لجولة جديدة من الحرب (أ.ف.ب)

وفي الوقت الذي تتصاعد فيه الأزمة المالية جراء توقف تصدير النفط بسبب الهجمات الحوثية على موانئ التصدير وتراجع الموارد، ذكرت المصادر أن اجتماع «الرئاسي اليمني» أقر عدداً من المعالجات للتسريع بمصفوفة الإصلاحات الاقتصادية والمالية والخدمية، وتعزيز الإجراءات الحكومية لتحسين الموارد، والحد من التداعيات المستمرة للهجمات الحوثية الإرهابية على المنشآت النفطية، وتهديداتها لحركة الملاحة وخطوط التجارة الدولية.

وكانت الأسابيع الماضية شهدت تحركاً دبلوماسياً للدفع نحو إنجاز اتفاق يمني بين المجلس الرئاسي والحوثيين، رافق هذا التحرك عودة المبعوث الأميركي إلى اليمن تيم ليندركينغ، في جولة جديدة إلى المنطقة، إلى جانب اللقاءات التي أجراها المبعوث الأممي هانس غروندبرغ، ولقاء مجلس القيادة الرئاسي مع وزير الدفاع السعودي سمو الأمير خالد بن سلمان.

تعيينات عسكرية

وسط سعي مجلس القيادة الرئاسي إلى تنفيذ الإصلاحات على شتى الأصعدة بما في ذلك الجانب العسكري، أصدر رئيس المجلس رشاد العليمي عدداً من القرارات، تضمنت تعيين العميد الركن طالب سعيد عبد الله بارجاش قائداً للمنطقة العسكرية الثانية وترقيته إلى رتبة لواء.

وشملت القرارات تعيين اللواء فائز منصور سعيد قحطان، وهو القائد السابق للمنطقة، مستشاراً لوزير الدفاع، كما شملت تعيين العقيد فاروق عبد القوي قائد صالح ناصر قائداً للواء الأول للدفاع الساحلي، وترقيته إلى رتبة عميد.

يقول الجيش اليمني إنه مستعد لكل الاحتمالات في حال أصر الحوثيون على التصعيد (سبأ)

وقضت القرارات الرئاسية اليمنية بتعيين العقيد سعيد عبد الله أحمد يسلم باقعود قائداً للواء الثاني للدفاع الساحلي وترقيته إلى رتبة عميد، وتعيين المقدم سعيد فرج سعيد محيمدان باضاوي رئيساً لأركان حرب اللواء الثاني للدفاع الساحلي وترقيته إلى رتبة عقيد. وتعيين العميد دكتور صالح بن ناصر التميمي مديراً لكلية الشرطة.

ويأمل الشارع اليمني أن تقود الجهود السعودية والإقليمية والأممية إلى إقناع الجماعة الحوثية بالتخلي عن خيار العنف وتغليب مصلحة اليمنيين، وصولاً إلى تجديد الهدنة وإطلاق مسار شامل للسلام يطوي صفحة الحرب المستمرة منذ اقتحام صنعاء أواخر 2014.


مقالات ذات صلة

«أسبيدس» الأوروبية متأهبة لحماية إنقاذ ناقلة النفط «سونيون»

العالم العربي صورة حديثة لاستمرار الحرائق على متن ناقلة النفط «سونيون» في البحر الأحمر (المهمة الأوروبية «أسبيدس»)

«أسبيدس» الأوروبية متأهبة لحماية إنقاذ ناقلة النفط «سونيون»

أكدت المهمة الأوروبية «أسبيدس» أن قواتها متأهبة لحماية عملية إنقاذ ناقلة النفط اليونانية «سونيون» المشتعلة بسبب هجمات الحوثيين، داعية للتكاتف لتجنب كارثة بيئية.

علي ربيع (عدن)
العالم العربي جانب من مسيرة طلابية نظّمها الحوثيون تجوب أحد شوارع حجة (إعلام حوثي)

طلاب المدارس تحت طائلة التطييف والاستقطاب الحوثي

أرغمت الجماعة الحوثية طلبة المدارس في صنعاء ومدن أخرى تحت سيطرتها على تنظيم مسيرات تجوب الشوارع، وتهتف بشعارات الجماعة ذات المنحى الطائفي.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي السيول في اليمن جرفت الطرق والمزارع وأثرت على نحو نصف مليون شخص (أ.ف.ب)

أضرار جسيمة في القطاع الزراعي جراء السيول في اليمن

أحصت الأمم المتحدة تضرر نحو 100 ألف هكتار من الأراضي الزراعية، و279 ألف رأس من الماشية في اليمن جراء الأمطار الغزيرة والسيول الناجمة عنها الشهر الماضي.

«الشرق الأوسط» (تعز)
العالم العربي مسلحون حوثيون خلال مظاهرة في صنعاء دعا إليها زعيمهم لاستعراض القوة (أ.ف.ب)

انقلابيو اليمن يفتحون جبهة مواجهة مع تجار الملابس

فتحت الجماعة الحوثية، التي تختطف العاصمة اليمنية صنعاء، جبهة مواجهة مع تجار الملابس برفع الرسوم الجمركية بنسبة 100 في المائة، بحجة حماية الإنتاج المحلي.

محمد ناصر (تعز)
العالم العربي المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ (الأمم المتحدة)

غروندبرغ: خفض التصعيد الاقتصادي تفادى أزمة حادة

اعترف المبعوث الأممي إلى اليمن هانس غروندبرغ بتعثر جهود السلام التي يقودها بين الحكومة اليمنية والحوثيين بسبب الحرب في غزة والتصعيد الإقليمي المرتبط بها.

علي ربيع (عدن)

«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
TT

«اجتماع مدريد»... مساعٍ جديدة لدعم جهود الوسطاء نحو «هدنة غزة»

فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يتفقدون مدرسة تؤوي نازحين بعد تعرّضها لضربة إسرائيلية في النصيرات وسط قطاع غزة (رويترز)

بعد محادثات في الدوحة مع «حماس»، عدّها الوسطاء «بادرة أمل»، تعالت مطالب مشاركين في اجتماع وزاري عربي - إسلامي - أوروبي في مدريد، بأهمية «وقف إطلاق النار بغزة»، قبيل اجتماعات أممية تخشى إسرائيل من أنها ستدعم الحقوق الفلسطينية.

«اجتماع مدريد» الذي عدّته القاهرة «فرصة مهمة»، ضمن جهود أممية لوقف الحرب في غزة، يراه خبراء -تحدّثوا لـ«الشرق الأوسط»- «مساعي جديدة ومهمة خصوصاً أنه يأتي في توقيت تقف فيه المفاوضات في ظرف حرج وتحتاج إلى دفعة، وقد يشكّل الاجتماع ضغطاً دولياً على رئيس الوزراء الإسرائيلي، بنيامين نتنياهو».

«اجتماع مدريد» يهدف إلى «التنسيق حول الأوضاع في غزة وخطوات تنفيذ حل الدولتين، والتحضير للحدث رفيع المستوى في هذا الشأن على هامش أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها الـ79»، وفق إفادة وزارة الخارجية السعودية، الجمعة. ويشارك في الاجتماع «أعضاء اللجنة الوزارية المكلفة من القمة العربية الإسلامية الاستثنائية المشتركة (التي أُقيمت في الرياض خلال نوفمبر/تشرين الثاني 2023)».

وعدّت وزارة الخارجية المصرية، الجمعة، «اجتماع مدريد» الذي يشارك فيه وزيرها بدر عبد العاطي بأنه «سيمثّل فرصة مهمة للتشاور حول سبل دفع جهود وقف إطلاق النار في قطاع غزة، وإعادة إحياء عملية السلام في الشرق الأوسط، وتنفيذ حل الدولتين».

وبحضور وزاري عربي - أوروبي، بينهم وزراء خارجية المملكة العربية السعودية، ومصر، والأردن، وفلسطين، قال وزير الخارجية الإسباني، خوسيه مانويل ألباريس، في مؤتمر صحافي: «نأمل أن يُسهم الاجتماع في دفع سبل إنهاء الحرب على غزة (...) نحن نفتح جهوداً جديدة لدعم مستقبل للفلسطينيين وسلام دائم وحل الدولتين، ونجتمع لإيصال صوت موحد عربي وإسلامي وأوروبي في هذا الصدد، وللتنسيق للاجتماعات المقبلة».

وشدد الوزير الإسباني على «دعم جهود قطر ومصر والولايات المتحدة، لوقف إطلاق النار والإفراج عن الرهائن»، مؤكداً أنه «يجب أن تقف الحرب الآن، ولا داعي لذرائع لتمديد معاناة الملايين».

تلك المطالب سينضم إليها تصويت أممي محتمل، الأربعاء المقبل، في أروقة الجمعية العامة للأمم المتحدة، على مشروع قرار فلسطيني يطالب إسرائيل بإنهاء «وجودها غير القانوني في الأراضي الفلسطينية المحتلة خلال 6 أشهر»، في حين دعا السفير الإسرائيلي لدى الأمم المتحدة، داني دانون، الجمعية العامة إلى «رفض هذا القرار الشائن بشكل قاطع».

آثار القصف الإسرائيلي على مباني شمال قطاع غزة (رويترز)

ومع ذلك الحراك الجديد، يرى مساعد وزير الخارجية المصري الأسبق، السفير محمد حجازي، أننا أمام «مشهد جديد» تحاول فيه الأسرة الدولية حتى في غياب الولايات المتحدة، تأكيد أن أسس عملية مدريد (التي قادت لعملية سلام في 1991) باقية، وأن أسس الحل واحدة، لافتاً إلى أن «اجتماع مدريد» «سيكون مخصصاً لدعم الأمور العاجلة، وعلى رأسها وقف إطلاق النار بغزة وتعزيز جهود الوسطاء»، وهذا ما أكده وزير الخارجية الإسباني.

ويعتقد حجازي أن الاجتماع بكل تأكيد «هو بلورة للموقف الدولي نحو الهدنة»، ونوع من الضغوط على الإدارة الأميركية، ويقدّم إليها الآلية التي يمكن من خلالها النفاذ إلى جهود الحل «إذا ما رغبت في ذلك».

نتائج «اجتماع مدريد»، بالإضافة إلى التصويت الأممي، يراها المحلل السياسي الفلسطيني، أيمن الرقب، «مساعي جديدة من باب الضغط الدبلوماسي وترتيب الأوراق مع الأصدقاء الأوروبيين، وقد تُسهم في تحريك ملف الهدنة»، مضيفاً: «لكن رغم أهمية الحراك، مَن يمتلك الضغط الحقيقي على نتنياهو، الولايات المتحدة غير المشاركة في الاجتماع، وعليها دور كبير في وقف ما يحدث بغزة لو تحركت بجدية».

في المقابل، ذكرت صحيفة «يسرائيل هيوم» اليمينية، الخميس، أن هناك «استعدادات في إسرائيل ونيويورك لإدارة معركة لمواجهة الخطوات الدراماتيكية التي تعمل عليها السلطة الفلسطينية ضد إسرائيل في الأمم المتحدة»، في حين أعلن الجيش الإسرائيلي «هزيمة لواء رفح» التابع لـ«حماس»، وعدم العثور على أي أنفاق «نشطة» في الحدود مع مصر، وفق ما نقلته صحيفة «تايمز أوف إسرائيل» عن مسؤولين عسكريين، الخميس.

صورة اُلتقطت في جنوب إسرائيل بالقرب من الحدود مع قطاع غزة تُظهر الدخان يتصاعد عقب قصف إسرائيلي (أ.ف.ب)

ويسيطر الجيش الإسرائيلي حالياً على رفح الفلسطينية، والمنطقة الحدودية مع مصر، التي تشمل «محور فيلادلفيا» منذ مايو (أيار) الماضي، ولا يزال رفض نتنياهو مغادرتها عقبة رئيسية في المفاوضات؛ إذ يتذرع بأن الأنفاق تشهد تهريباً للسلاح إلى «حماس»، وهو ما نفته مصر، وطالبته بالانسحاب الفوري منه مراراً.

ووسط تأزم بالمفاوضات بسبب تلك العقبات، قال مصدر مصري رفيع المستوى، الأربعاء، في تصريحات لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، إن اجتماعاً حضرته «حماس» بالدوحة مع الوسطاء «يشكّل بادرة أمل» نحو عقد اتفاق.

ولا يرى حجازي أن «هناك بادرة لأن يغيّر نتنياهو مسار العنف الذي يتبناه ما لم تغيّر الولايات المتحدة أسلوبها تجاهه بشكل صارم وجاد»، ويستدرك: «أشك في ذلك، لذا سيبقى الوضع على ما هو عليه لما بعد الانتخابات الأميركية». وعوّل على «استمرار الجهود الدولية لدعم التوصل لاتفاق بوصفه أملاً وحيداً متبقياً لإنهاء التصعيد في المنطقة».

ووفق الرقب فإن العقبات التي لا تزال موجودة أمام إبرام اتفاق لا تتوقف على «محور فيلادلفيا» فقط، فهناك خلافات بشأن عدد الأسرى والمطالبات الإسرائيلية بـ«فيتو» على بعض الأسماء الفلسطينية، والوجود في الجانب الفلسطيني من معبر رفح، وعودة النازحين بحرية دون تفتيش. ولفت إلى أن الحديث الإسرائيلي عن عدم وجود أنشطة بالأنفاق تأكيد على أحاديث القاهرة المتكررة، لكن على أرض الواقع هناك أبراج مراقبة وتوسعات تنشئها إسرائيل تؤكد أن نتنياهو لا يريد أي حل لهذه العقبة في هذا المحور.