دفن دفعة من الجثامين المجهولة يزيد الشكوك حول تصفيات حوثية

تقارير تتهم الجماعة بخطف ألف مدني خلال عامين سابقين

عملية دفن جماعي في صنعاء لجثث زعم الانقلابيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)
عملية دفن جماعي في صنعاء لجثث زعم الانقلابيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)
TT

دفن دفعة من الجثامين المجهولة يزيد الشكوك حول تصفيات حوثية

عملية دفن جماعي في صنعاء لجثث زعم الانقلابيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)
عملية دفن جماعي في صنعاء لجثث زعم الانقلابيون أنها لمجهولي الهوية (إعلام حوثي)

بالتوازي مع تصعيد الجماعة الحوثية لجرائم الخطف والإخفاء القسري للمدنيين في مناطق سيطرتها، أعلنت الجماعة دفن دفعة جديدة من الجثث مجهولة الهوية في محافظة الحديدة حديثاً، وسط شكوك حول أعمال تصفية وإعدامات تقوم بها الجماعة بحق المعتقلين في سجونها.

وسائل إعلام حوثية كشفت تنفيذ عملية دفن شملت 88 جثة في الحديدة، وادّعت النيابة الخاضعة لها أن عملية الدفن الجماعية تمت بالتنسيق مع اللجنة الدولية للصليب الأحمر؛ إذ كانت هذه الجثث متحفظاً عليها في ثلاجة مستشفى الثورة العام بالمحافظة.

قبر جماعي لمتوفين يمنيين يزعم الحوثيون أنهم مجهولو الهوية (إعلام حوثي)

ورجح محامون وحقوقيون في صنعاء أن تكون تلك الجثث التي تم دفنها على يد الجماعة تعود لمختطفين تمت تصفيتهم داخل سجون ومعتقلات الجماعة.

وكانت الجماعة الحوثية أعلنت عن دفنها منذ مطلع هذا العام لما يربو على 104 جثث لمجهولي الهوية، منها 53 جثة مجهولة في صنعاء بمنتصف مارس (آذار) 2023، و89 جثة أخرى في الحديدة وذمار تم الإعلان عن دفنها بأواخر مايو (أيار) 2023.

وعوضاً عن تسليم الجماعة جثامين بعض المخطوفين والمعتقلين ممن قضوا تحت التعذيب في سجونها إلى عائلاتهم خوفاً من المطالبة بإخضاعهم للتشريح الجنائي لمعرفة الأسباب الحقيقية وراء مقتلهم، تلجأ في كل مرة إلى القيام بعمليات دفن جماعي للجثث بزعم أنها لأشخاص مجهولي الهوية.

وتفيد مصادر مطلعة في صنعاء لـ«الشرق الأوسط»، بأن مواصلة الانقلابيين عمليات الدفن بمناطق سيطرتهم للجثث التي يزعمون أنها لمجهولين، تأتي من أجل إفراغ ثلاجات الموتى بالمستشفيات الحكومية في المحافظات التي هي تحت سيطرتهم لعناصرهم الذين يُقتلون أثناء المواجهات المتقطعة مع القوات الحكومية عند خطوط التماس.

يتهم حقوقيون يمنيون الجماعة الحوثية بتصفية معتقلين في السجون (إعلام حوثي)

وأثارت عملية الدفن الأخيرة للجثث المجهولة في محافظة الحديدة تساؤلات بعض الناشطين على مواقع التواصل الاجتماعي وفي أوساط المنظمات المعنية بحقوق الإنسان؛ إذ أكد الناشطون أن تكرار دفن العشرات من تلك الجثث المجهولة في مناطق تحت سيطرة الجماعة يُعدّ انتهاكاً صارخاً لحقوق الضحايا ولأسرهم الذين لا يعرفون شيئاً عن مصيرهم.

واتهم الناشطون جماعة الحوثي بمواصلتها محو آثار جرائمها ضد مئات المعتقلين الذين توفوا جراء التعذيب في سجونها، وقيامها بحفر قبور جماعية للعشرات منهم في مناطق تحت سيطرتها.

ألف مدني مختطف

أفادت تقارير حكومية سابقة بمقتل مئات المختطَفين والمخفيين قسراً تحت التعذيب في سجون الجماعة الحوثية طيلة تسع سنوات منصرمة، في حين وثقت تقارير حقوقية أخرى تعرّض ما يزيد على ألف مدني بينهم نساء وأطفال للاعتقال والخطف على يد مشرفي الجماعة في العامين الماضيين.

ورصدت رابطة «أمهات المختطفين» في تقريرها السنوي تعرّض أكثر من 442 مدنياً للاختطاف والاعتقال كان أغلبهم على يد جماعة الحوثي خلال العام الماضي في ثماني محافظات تحت سيطرتها هي: صنعاء، وتعز، والحديدة، وذمار، وإب، وحجة، وعمران، وصعدة.

كما وثق تقرير آخر سابق للرابطة نفسها تعرّض قرابة 586 مدنياً للاختطاف والاعتقال العام قبل الماضي، منهم 422 أقدمت الجماعة عبر حملات مداهمة على اختطافهم، بينهم نساء وأطفال من مناطق متفرقة تخضع لسيطرتها.

مكتب النائب العام الخاضع لسيطرة الحوثيين في العاصمة المختطفة صنعاء (فيسبوك)

وسبق للجماعة الحوثية أن أقرّت، العام قبل الماضي، بوجود 715 جثة مجهولة الهوية في عدد من المشافي الحكومية في مناطق تحت سيطرتها.

ونفذت الجماعة في عام 2020 ثلاث مراحل دفن لأكثر من 232 جثة، من أصل 715 جثة في صنعاء ومحافظتي الحديدة وذمار، وادّعت أنها لأشخاص مجهولي الهوية.

واتهمت منظمة «إرادة لمناهضة التعذيب والإخفاء القسري» الجماعة الحوثية بقتل المختطفين تحت التعذيب وإخفاء جثثهم.

وطالبت المنظمة بتحقيق دولي في دفن الجماعة مئات الجثث مجهولة الهوية.


مقالات ذات صلة

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

العالم العربي الجماعة الحوثية تعتزم فرض ضرائب دخل على مشاهير مواقع التواصل الاجتماعي (فيسبوك)

الحوثيون ينشئون آلية للجبايات تحت مزاعم دعم القضاء

يتجه الحوثيون إلى توسيع دائرة مواردهم من خلال ابتكار آليات ووسائل جديدة للجبايات بالتزامن مع مساعيهم إلى إعادة هيكلة المؤسسات الحكومية في مناطق سيطرتهم.

وضاح الجليل (عدن)
يوميات الشرق وزير الإعلام اليمني وعدد من سفراء الدول العربية والأجنبية لدى اليمن خلال انطلاق «ليالٍ يمنية» في الرياض (متداولة)

أنغام الطرب اليمني الأصيل تُعانق رقصات الفلكلور في قلب الرياض

على إيقاع الطرب اليمني الأصيل، وتناغم رقصات الفلكلور التراثي العريق، انطلقت مساء الأحد في قلب العاصمة السعودية الرياض، فعاليات «ليالٍ يمنية» التي تستمر 3 أيام.

عبد الهادي حبتور (الرياض)
العالم العربي اليمنيون يشتكون من بطء الإنترنت رغم مزاعم تدشين خدمة الجيل الرابع (إكس)

إرغام محال الإنترنت بصنعاء على المشاركة في التعبئة الحوثية

شنَّت الجماعة الحوثية في الأيام الأخيرة حملات ضد مُلاك مَحال وشبكات الإنترنت في العاصمة المختطفة صنعاء، بغية ابتزازهم وإجبارهم على الترويج لأفكار الجماعة.

«الشرق الأوسط» (صنعاء)
العالم العربي من اجتماع سابق لمجلس القيادة الرئاسي اليمني (سبأ)

«الرئاسي اليمني» يلتزم بدعم إصلاح الاقتصاد ومعركة استعادة الدولة

جدد مجلس القيادة الرئاسي اليمني التزامه بدعم مسار الإصلاحات الاقتصادية، والتركيز على القضية المصيرية المتمثلة في معركة استعادة الدولة وإنهاء انقلاب الحوثيين

«الشرق الأوسط» (عدن)
العالم العربي حضور فاعل لمركز الملك سلمان في كل الجوانب الإنسانية داخل اليمن (الأمم المتحدة)

185 ألف يمني يستفيدون من مشروع يموله مركز الملك سلمان

أطلقت المنظمة الدولية للهجرة، بالشراكة مع مركز الملك سلمان للإغاثة والأعمال الإنسانية، مشروعاً حيوياً بقيمة 2.25 مليون دولار لتحسين خدمات الصرف الصحي في مأرب.

محمد ناصر (تعز)

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
TT

محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة إلى «مشاورات أوسع» بشأن «لجنة إدارة غزة»

فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)
فلسطينيون يشاهدون الدخان يتصاعد بعد الضربات الإسرائيلية في النصيرات بوسط قطاع غزة (رويترز)

مشاورات موسعة تتجه لها محادثات حركتي «حماس» و«فتح» بالقاهرة، بعد اتفاق أولي على تشكيل لجنة إدارة لقطاع غزة، واختلاف بشأن وضع إطار مؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية يشمل فصائل فلسطينية جديدة، ضمن مساعٍ مصرية جادة لترتيب البيت الداخلي الفلسطيني، وعقد اجتماع قريب للفصائل لحسم تفاصيل بشأن اللجنة ومسار ما بعد الانتخابات الأميركية المقررة الثلاثاء.

جاء ذلك بحسب مصادر تحدثت لـ«الشرق الأوسط»، كاشفة عن أن الرئيس الفلسطيني، محمود عباس المتواجد بالقاهرة لديه اعتراض على أي تغييرات حالية في منظمة التحرير الفلسطينية، تؤثر على أي مسار مستقبلي للقضية الفلسطينية، لافتين إلى أن اللجنة المؤقتة تم التوافق الأولي عليها خلال محادثات القاهرة، وتنتظر اجتماع الفصائل لحسم التفاصيل وإصدار مرسوم رئاسي.

واختتمت محادثات بين حركتي «حماس» و«فتح» يومها الثالث بالقاهرة، عقب الاستمرار في نقاش استمر بشأن ملفين اثنين، هما: تفاصيل إعلان اللجنة المجتمعية لإدارة قطاع غزة، ومساعي وضع إطار مؤقت لـ«منظمة التحرير الفلسطينية» يضمن مشاركة «حماس» و«الجهاد» وباقي الفصائل، وفق مصدر فلسطيني مطلع على مسار المباحثات تحدث إلى «الشرق الأوسط»، أكد أن المحادثات ستجدد بشكل موسع عقب الاتفاق الأولي على تشكيل اللجنة واختلاف بشأن الإطار لم يحسم بعد.

وكانت «اجتماعات حركتي (فتح) و(حماس) بالقاهرة انطلقت السبت، بشأن إنشاء (لجنة الإسناد المجتمعي) المعنية بإدارة شؤون غزة، والسعي لتحقيق الوحدة الفلسطينية، وعدم فصل الضفة الغربية عن قطاع غزة»، وفق مصدر أمني مصري، تحدث لقناة «القاهرة الإخبارية» الفضائية، لافتاً إلى أن «الحركتين لديهما نظرة إيجابية تجاه التحركات المصرية بشأن تشكيل (لجنة الإسناد المجتمعي) رغم التحديات التي تواجه القضية الفلسطينية».

ووفق المصدر الأمني «تتبع (لجنة الإسناد المجتمعي) السلطة الفلسطينية، وتتضمّن شخصيات مستقلة، وتصدر بمرسوم رئاسي من الرئيس محمود عباس وتتحمّل اللجنة إدارة قطاع غزة».

وبحسب تصريحات للقيادي في «حماس» أسامة حمدان، مساء الاثنين، فإن «أجواء اللقاء مع حركة (فتح) في القاهرة كانت إيجابية وصريحة»، لافتاً إلى أنه «تم النقاش مع (فتح) حول تشكيل هيئة لمتابعة أمور غزة واحتياجاتها»، دون تفاصيل أكثر.

وكشف القيادي في حركة «فتح»، أستاذ العلوم السياسية، الدكتور أيمن الرقب، في تصريحات لـ«الشرق الأوسط»، أن «المعلومات المتوفرة تشير إلى أن المحادثات انتهت في يومها الثالث دون غلق الباب أو إصدار نتائج لحين مشاورات موسعة ستجري وتشمل كل الفصائل في اجتماع قد يكون هذا الشهر بالقاهرة».

وبحسب الرقب «تم تأجيل النقاش بشأن الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، وتم الاتفاق المبدئي على تشكيل لجنة الإسناد المجتمعي، وينتظر الأمر مرسوماً رئاسياً من الرئيس الفلسطيني واجتماع الفصائل المرتقب لبحث أسماء أعضاء اللجنة وتشكيلها وعملها»، لافتاً إلى أن «هذا التأجيل لا يقلل من مسار القاهرة، ولكنه مسعى لتعزيز الاتفاق على تشكيل اللجنة بعد اجتماع الفصائل».

وشهدت محادثات «حماس» و«فتح» بالقاهرة، تجاوز خلافات بشأن مرجعية عمل اللجنة هل تتبع الحكومة الفلسطينية أم لا، بـ«التوافق على أنها تتبع»، وفق معلومات الرقب، مستدركاً: «بالنسبة لملف الإطار المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية، فأبو مازن وحركة (فتح) رفضا ما كانت (حماس) تريد إنجازه بشأن وضع إطار مؤقت وتأجل لنقاشات لاحقة».

وأكد الخبير الاستراتيجي المصري، اللواء سمير فرج، أن الاجتماع أسفر عن «الاتفاق مبدئياً على تشكيل لجنة إدارة غزة بعد خروج إسرائيل، ولها 4 مهام، وهي أنها تدير الناحية الإدارية بغزة، ومسؤولة عن توزيع المعونات الإغاثية، وتعد خطة إعمار القطاع، وأن يصدر قرار رئاسي بشأنها من السلطة».

وهناك محاولات لتقريب وجهات النظر بشأن وضع الإطار المؤقت بشأن منظمة التحرير الفلسطينية، وخاصة المنظمة تعترف بحل الدولتين و«هناك اعتراضات من (حماس) على ذلك»، وفق فرج، مؤكداً أن مساعي مصر مستمرة في توحيد الموقف الفلسطيني ودعمه بشكل مطلق.

وفي هذا الصدد، أكد الرئيس المصري، عبد الفتاح السيسي، الاثنين، في لقاء بالقاهرة مع الرئيس الفلسطيني محمود عباس، «دعم مصر قيادة وشعباً للقضية الفلسطينية، ورفض كل أشكال التصعيد الإسرائيلي ضد الشعب الفلسطيني الشقيق في غزة أو الضفة الغربية، مع استمرار الجهود المصرية المكثفة، الهادفة للتهدئة ووقف إطلاق النار وإنفاذ المساعدات الإنسانية، والعمل، في الوقت ذاته، على حماية حق الشعب الفلسطيني المشروع في إقامة دولته المستقلة».

وشدد الرئيس المصري على «دعم مصر للسلطة الفلسطينية، وبذلها جهوداً كبيرة لمساعدة الأشقاء في الوصول لتفاهمات وتوافق في الرؤى بين جميع أطياف الشعب الفلسطيني، لضمان مواجهة التحديات الجسيمة والتهديدات التي تواجهها القضية الفلسطينية في هذا الظرف التاريخي الدقيق»، وفق بيان صحافي للرئاسة المصرية.

وهذا الموقف المصري هو استمرار لتأكيد دعم القضية الفلسطينية، بحسب اللواء سمير فرج، مؤكداً أن القاهرة يهمها بكل السبل وقف الحرب بغزة وترتيب البيت الفلسطيني وتوحيده ليكون قوياً أمام التحديات الموجودة.

ويعتقد المحلل السياسي الفلسطيني الدكتور أيمن الرقب، أن «مصر تستشرف الخطر وتريد ترتيب الأوراق الفلسطينية، خاصة مع اقتراب إعلان الفائز بانتخابات الرئاسة الأميركية، بما يسهم من تقوية موقفها التفاوضي والتوصل لحل جاد».ويتوقع أن تكون هناك عراقيل محتملة ستواجه اللجنة، منها الرفض الإسرائيلي، وعدم الاتفاق على ترتيبات بين الفصائل في أسرع وقت، مثمناً الجهود المصرية المتواصلة لإيجاد حلول سريعة وتحقق المزيد من الحقوق الفلسطينية.